IMLebanon

“من لا يريد المشاركة فليخرج منها”

 

عاد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى بيروت صباح امس، بعد ترؤسه وفد لبنان الى الامم المتحدة في دورتها الـ73 وإلقائه كلمة، واجرى سلسلة لقاءات مع رؤساء وزعماء عدد من الدول.

وعلى متن الطائرة التي اقلته الى بيروت، كانت للرئيس عون دردشة مع الصحافيين تناولت مختلف المواضيع. فتناول الحملة التي تستهدفه، واكد  انها «حملة شخصية ولكنها كاذبة لذلك لا أتأثر بها، وهناك من لديه شغف بالشائعات التي يحبها الانسان ويفضلها على الحقيقة، على الرغم من أن الحقيقة جميلة جدا، ولكن الانسان يمل منها لانها لا تحتمل الا وجها واحدا، بينما للشائعة وجوه عدة تتغير فيفضلها حتى ولو كانت بشعة. مع الاسف ان هذه العادة وصلت الى اناس كان من المتوقع منهم استنهاض الهمم عند وقوع الازمات».

 

سوريا

وعن الابقاء على ربط الحل السياسي في سوريا بعودة النازحين، شدد الرئيس عون على «وجود اصرار للابقاء على الموقف الدولي المؤيد لهذا الربط، خصوصا أن هناك خلفية معينة متعلقة بالاوجه الكثيرة للسياسة». وقال: «اعطينا امثلة على تأخر الاتفاق على حلول السياسية لأزمات كبيرة، ومنها القضية القبرصية التي قسمت الجزيرة بين الاتراك واليونانيين ولا يزال الحل السياسي متعذرا. وهناك ايضا القضية الفلسطينية التي لا يزال اللاجئون ينتظرون 70 سنة من اجل التوصل الى حل سياسي، فيما الامور تزداد سوءا وقد نشهد بين ليلة وضحاها غياب الوطن بالنسبة الى الفلسطينيين، بينما اوقفت الولايات المتحدة تمويل وكالة «الاونروا» لاغاثة اللاجئين رغم ان اسباب وجود هذه الوكالة لم تنتف بعد».

 

الحكومة

وعن موضوع الحكومة، اعتبر رئيس الجمهورية «ان هناك نوعين من الحكومات، حكومة اتحاد وطني ائتلافية او حكومة اكثرية، واذا لم نتمكن من تأليف حكومة ائتلافية، فلتؤلف عندها حكومة اكثرية وفقا للقواعد المعمول بها، ومن لا يريد المشاركة فليخرج منها».

وعما اذا كان هذا الخيار متاحا ويسهل تمريره في مجلس النواب، قال: «ان الامور لا تبدأ على هذا النحو، فمن يريد تأليف حكومة يستطيع تأليفها وفقا لقناعاته والمقاييس والمعايير المتماثلة لقانون النسبية. واذا استمر البعض في الرفض تارة والقبول طورا، فلتؤلف وفقا للقناعات واذا شاءت اطراف عدم المشاركة، فلتخرج منها. أنا رئيس للجمهورية ولا يمكنني الخروج من الحكومة، لكن قد تخرج الاحزاب التي تؤيدني منها». واوضح انه قبل سفره الى نيويورك «لم تكن هناك من حلحلة على خط التأليف»، قائلا: «بعد عودتي الى بيروت، اذا كانوا قد اعدوا صيغة حكومية سنطلع عليها وما اذا كانت تعتمد الوفاق لنقرر عندها ماذا سنفعل».

وعما اذا كان الامر متوقفا عند الرئيس المكلف، اجاب: «ما هو مؤسف لدى السياسيين، انه اذا ما اوحى رئيس الجمهورية بأمر ما، تصدر التحليلات والتصريحات عن رغبة الرئيس في تخطي صلاحياته وبأنه يريد تهميش الجميع. واذا لم يتدخل رئيس الجمهورية، يتساءلون اين هو الرئيس وماذا عن دوره ولماذا يقف متفرجا؟ إن الحل يتمثل بقيام احد بأخذ المبادرة، ولكن ليس انا من سيأخذها، ذلك اني لست في الجمهورية الاولى، فالكل يعيد التأكيد على جمهورية الطائف، حتى ان البعض نكر علي حقي في عدم قبولي تشكيلة حكومية، فيما الامر ينص عليه الدستور. فليشرحوا لي معنى الشراكة».

وفي ما خص اعتبار البعض ان المبادرة هي نوع من التنازل، قال: «لرئيس الحكومة الحق في المبادرة، رضي الافرقاء او لم يرضوا. كنت اتمنى لو تم تأليف الحكومة بعد 15 يوما من التكليف، وكل يوم اتمنى ان يحصل الامر في اليوم التالي».

وعما اذا كانت العقدة الخارجية لاتزال موجودة قال: «ان الامور مختلطة، والعقدة تكون احيانا خارجية لكن يعبر عنها محليا».

وعن الخطوات التي يمكن ان يتخذها اذا طاولت عملية التأليف، قال: «اذا اقدمنا على اتخاذ خيارات، فعندها تكون الامور قد وصلت الى مكان لم يعد من الممكن سوى اتخاذ مثل هذه الخيارات».

وعن احتمال فرض عقوبات اميركية على لبنان ومدى ارتباط ذلك بمنع عودة النازحين، قال الرئيس عون:» ليست هناك اليوم قواعد للتعاون، لا احد يعلم ماذا سيقرر الرئيس الاميركي».

 

الوضع الاقتصادي

وعن طمأنته ابناء الجالية اللبنانية في نيويورك بالامس الى الوضع الاقتصادي، وما اذا كانت تستند الى معطيات فعلية، اكد ان «لبنان وضع الخطة الاقتصادية التي سيعمل عليها وفقا لمقررات مؤتمر «سيدر»، ونحن في انتظار الحكومة، بحيث انه كان بامكاننا المباشرة بتنفيذ الخطة في شهر ايار الفائت»، لافتا الى انه «قد يكون هناك استياء اوروبي من التأخير». وتابع: «ان الازمة الاقتصادية صعبة ولكنها قابلة للحل ويمكننا القيام بالعديد من الامور في هذا المجال، وقد بدأنا بمحاربة الفساد بعدما حاربنا الارهاب، ويحب تنظيف الادارة واعتماد الاقتصاد الانتاجي بدل الريعي الذي يؤدي الى خسارة مؤكدة، والامثلة على الخسائر كثيرة».

 

المطار

وعن الاحداث الاخيرة في مطار بيروت، اجاب الرئيس عون: «لم لم تسألوني كيف أنزل الركاب من الطائرة؟». وقال:» انتم كنتم معي على متن الطائرة، الا تريدون ان تشهدوا؟ هل تغير شيء في الطريقة المعتادة؟» واعاد التأكيد على انه «من العار ان تبقى ادارة من هذا النوع في المطار وفي كل مكان يشهد فضيحة».

 

المقاومة

وسئل عن اعادة المقاومة الى الادبيات اللبنانية من على منبر الامم المتحدة، فأجاب: «لا يمكنني انكار تاريخنا، وقد ذكرت وقائع في خطابي»، وسأل عما فعله مجلس الامن بعد صدور القرار 425 الملزم؟ مؤكدا ان «الاحتلال الاسرائيلي هو الذي ادى الى قيام المقاومة المسلحة».

وسأل: هل من احد ينكر على المقاومة انها اخرجت الاسرائيلي؟ او ان ينكر الاعتداء الاسرائيلي في العام 1993 وعناقيد الغضب في العام 1996 او مقابر مئة طفل التي خلفتها؟ وكم من مرة انتقمت اسرائيل من لبنان، ان من خلال استهدافها معامل الكهرباء او عمليات الخطف العسكرية او غيرها من العمليات؟».

وأعاد الرئيس عون التأكيد أن «حزب الله تصدى لاول هجوم لمجموعات ارهابية على لبنان من القصير»، قائلا: «كلنا نحارب الارهاب في لبنان. ولست انا من احيي المقاومة، بل اتحدث عن تاريخ لبنان، ذلك ان المقاومة تعيش بقدراتها والازمة السورية جعلت حزب الله ضمن القضية الاقليمية. واذا كان المجتمع الدولي غير قادر على مساعدتنا لحل ازمة النازحين السوريين، فكيف يمكن لنا ان نعالج مسألة حزب الله وحدنا، وقد اصبحت لها ابعاد اقليمية ودولية، وقبل حل مشكلة الشرق الاوسط؟ فليتم ايجاد حل لازمة الشرق الاوسط، وبعدها حل سائر المسائل المتفرعة عنها».

 

روسيا اليوم

وفي حديث لروسيا اليوم لفت عون: الى وجود «خلاف في وجهات النظر مع الدول المعنية بعودة النازحين السوريين الى بلادهم»، مشيرا الى انه يعتبر ان «هؤلاء النازحين هربوا الى لبنان بسبب مخاطر الاوضاع الامنية والاقتصادية، وبالتالي هم لاجئون أمنيون وليسوا لاجئين سياسيين حتى يخافوا من العودة إلى أرضهم».

وشدد الرئيس عون على ان «نقطة الخلاف الاساسية مع الدول الغربية هي في تمسكها بالتلازم بين الحل السياسي في سوريا وحل قضية النازحين السوريين الى لبنان»، معتبرا ان «لبنان ليس طرفا في النزاع السياسي الحاصل في سوريا، انما كان طرفا في محاربة الارهابيين على الحدود اللبنانية – السورية». اضاف: «على الرغم من اننا لم نكن في قلب النزاع، الا انهم يحملوننا نتائج الحرب على سوريا، وليس هناك عدالة او انصاف في ذلك، خصوصا ان الدولة السورية قد دعت النازحين الى العودة الى بلدهم»، لافتا الى «تسييس ملف النازحين نتيجة ربطه بالحل السياسي»، مشيرا الى «عدم وجود قناعة دولية حاليا بهذه العودة، وهناك فقط قناعة روسية ترجمت عبر مبادرة تسعى الى تحقيق عودة النازحين، الى وجود اشكالات خارجية تعيق هذه المبادرة اضافة الى وجود محاولات لحلها».

 

حزب الله

وردا على سؤال حول تصريحات الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله التي اكد فيها ان الحزب لن يخرج من سوريا، رأى رئيس الجمهورية أن «هذه التصريحات هي نتيجة التعثر في الوصول الى حل»، معتبرا ان حزب الله هو جزء من الأزمة السورية، وهو كان في بدايتها يدافع عن الأراضي اللبنانية ضد الهجمات التي كان يشنها الارهابيون من القصير على منطقة البقاع».

واعتبر ان «ما يعرقل عودة العلاقة بين لبنان وسوريا الى طبيعتها هو السياسة الدولية وقسم من اللبنانيين الداعمين لهذه السياسة»، مشددا على «التزام لبنان في الوقت نفسه موقف النأي بالنفس عن الصراعات العربية كي لا يتحول طرفا فيها».

 

لا تصعيد

واستبعد رئيس الجمهورية ان «تؤدي التهديدات الاسرائيلية الاخيرة للبنان الى تصعيد على الجبهة اللبنانية». وإذ أكد اننا «سندافع عن لبنان بكل الوسائل المتوافرة لدينا»، اكد «نحن لن نبدأ باستعمال اي سلاح ضد اسرائيل ومتمسكون باتفاقية وقف الاعمال العدائية التي تشرف عليها الامم المتحدة، والخروج عنها لن يكون من جهتنا».

وعن موقف لبنان من المحادثات الاردنية – السورية الجارية لفتح معبر نصيب، اكد الرئيس عون دعمه «لفتح هذا المعبر، ونحن ننتظر نتائج هذه المحادثات لنتدخل ايضا في هذا الموضوع».

وعن موقع لبنان في الصراع السعودي الايراني على النفوذ في الشرق الاوسط، شدد الرئيس عون على ان «لبنان هو من اصغر الدول بين المتصارعين، وليس من مصلحتنا ان نقوم بأي عمل الى جانب اي طرف ضد الآخر»، مشيرا الى ان «للبنان ثقله السياسي الذي يساعدنا في اتخاذ خيارنا».

واوضح انه «لا يجب ان ننتظر ان يسعى فريقان متخاصمان لإقامة السلام»، لافتا الى ان «المشكلة ليست عندنا، وعلى الاطراف المعنية ان تلجأ الى التفاوض او ان يقوم طرف ثالث بالتفاوض بين الجهتين المتقابلتين فيبدأ بمحادثات من شأنها التوصل الى حل».

 

لا توطين

وعما يتم تداوله من كلام قوامه فرض توطين اللاجئين الفلسطينيين مقابل محو ديون لبنان بما بات يعرف بـ»صفقة القرن»، خصوصا مع كلام الامين العام للامم المتحدة في افتتاح الجمعية العمومية بأن «حل الدولتين بدأ يتضاءل»، اجاب رئيس الجمهورية: «ان هناك مرحلة سابقة قد تم التوصل فيها الى تقارب كبير في اتجاه حل الدولتين لكن الاحداث التي جرت في المنطقة لم تسمح للمحادثات بأن تتقدم اكثر مما تحقق»، وقال: «نحن مع حل الدولتين وقد عبرنا عن موقفنا تجاه هذا الامر، وذكرنا بموقفنا من القرارين الاساسيين الصادرين عن الامم المتحدة وهما القرار رقم 181 المتعلق بتقسيم فلسطين، والقرار رقم 194 الذي لم ينفذ وهو ينص على وجوب عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ارضهم».

واكد الرئيس عون ان «موضوع التوطين طرح بصورة غير رسمية، الا ان مجرى الاحداث والقرارات المتخذة تشير كلها الى التوطين. وفي بعض المناسبات كالجمعية العمومية للامم المتحدة العام الماضي، نادى الرئيس الاميركي دونالد ترامب بوجوب بقاء اللاجئين في اماكن لجوئهم، بالاضافة الى وقف المساهمة الاميركية في تمويل «الاونروا» والذي يعني الاتجاه الى نزع صفة اللاجئين عن الفلسطينيين عندنا واعطاءهم وضعا محليا، ما من شأنه ان يفقد الفلسطينيون هويتهم الاساسية ووطنهم».

وعما اذا كان باستطاعة الدول العربية، اذا ارادت ان تجمع مبلغا يوازي المبلغ الذي توقفت الولايات المتحدة عن دفعه في موازنة «الاونروا»، قال الرئيس عون: «عندما يتجرد البعض من مسؤوليته في مساعدة الفلسطينيين، لاسيما بعض الدول العربية التي هي اساسية في الصراع العربي – الاسرائيلي، يفكر الآخرون بوقف المساعدات»، متسائلا: «ما الذي دفع بالدول الى تقديم هذه المساعدات اصلا؟ اليس الضغط الذي حصل في السابق؟».

 

نهاية الجدل

وتناول رئيس الجمهورية الوضع اللبناني الداخلي، من زاوية التأخير في تشكيل الحكومة، فاجاب ردا على سؤال: «في لبنان، يقوم الوضع السياسي على الديموقراطية التوافقية، ونحن نحاول دائما التوصل الى الاجماع. وبما ان هناك اطرافا متعددة، فالأمر يستغرق احيانا بعض الوقت، لكني اعتقد اننا وصلنا الى نهاية الجدل حول هذا الموضوع. انني آمل بعد عودتي الى لبنان، ان نبلغ الحل».

وعن الاجراءات الدستورية التي يمكن لرئيس الجمهورية ان يقوم بها في حال لم يتبلور هذا الحل، واستمرار الفشل في تشكيل الحكومة، اجاب الرئيس عون: «العودة الى مجلس النواب».

وسئل عن الوضع الاقتصادي في لبنان وعما اذا كان كارثيا على حد ما يصفه البعض، فاجاب: «ان الازمة الاقتصادية لم تبدأ اليوم بل منذ بداية التسعينينات، وهي راحت تتضخم نتيجة سياسة اقتصادية خاطئة قامت على الاقتصاد الريعي الذي هو نوع من التجارة المالية فحسب، وليس على الانتاج. لكن يمكن حل هذه الازمة التي وصلنا اليها، على الرغم من صعوبتها. ونحن لن نسمح بأن يصل لبنان الى الانهيار الاقتصادي»، مشيرا الى ان «ذلك قد تم بالفعل من خلال انجاز الخطة الاقتصادية لكي يقوم الاقتصاد اللبناني على الانتاج ولا يعود رهينة الديون المتراكمة علينا».

 

القانون الدولي

وعن موقف لبنان من مسألة الصراع على الطاقة في شرق المتوسط، اكد رئيس الجمهورية «اننا بالتعاون مع الامم المتحدة، في طور التوصل الى تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة في البحر، وهناك قواعد دولية لذلك. واذا لم نصل الى التفاهم المباشر بشأنها فهناك قواعد للتحكيم بشأنها، فلا نعود امام خلاف بصدد استخراج النفط على الحدود. من هنا فأن الحل هو تحت القوانين الدولية لانتاج النفط بين مختلف الاطراف»، مشيرا الى «ان هذا الملف ليس في اساس الصراع مع اسرائيل الا انه انضم الى الصراع القائم، لكن يمكن حله وفق قواعد القانون الدولي، والحدود البحرية تتبع اصولا دولية معينة».

وعن تقييمه للعلاقة بين لبنان وروسيا، قال الرئيس عون: «نحن في علاقة صداقة مع روسيا التي هي بالنسبة الينا دولة صديقة، وتساعدنا على حل المشاكل التي نتعرض لها، ومنها مثلا المساعدة على حل الاشكال الذي تعرض له رئيس الحكومة في السعودية. كما انها دخلت ميدان التنقيب عن النفط والغاز في لبنان. واعتبر انه بالنسبة الى مساهمة روسيا في تسليح الجيش اللبناني، فإن المسألة مطروحة، لكن الظروف الدولية تؤخره قليلا، ونحن لا نريد القطيعة مع روسيا نتيجة ذلك».