الاطلالة الرئاسية أعادت للموقع دوره وقوته: الأمر لي
تناغم وانسجام بين بعبدا وبيت الوسط: لا ثالث في التشكيل
بالقول والفعل، أثبت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في اطلالته لمناسبة الذكرى الثانية لانتخابه انه مستحق لقب «بيّ الكل». فموجة الارتياح العارم التي عمت مختلف الاوساط في اعقاب مواقفه الوطنية بامتياز، لم تترك مجالا للشكّ ان الرئيس القويّ يتمتع بكامل مواصفات القوة المنبثقة من الحس الوطني والاستقلالية التي تطبع ممارساته السياسية ومواقفه الثابتة، وحرصه على صون الوحدة الوطنية وقد اقسم اليمين الدستورية على حمايتها.
وليس أدلّ الى مناخات الارتياح الا «الغزل» السياسي الذي استبق واعقب الاطلالة الرئاسية بحيث سارع الرئيس المكلف سعد الحريري الى التغريد مشيدا بالقول «سنتان معا على طرق استعادة الثقة بالدولة ومعك لن نتراجع عن مسيرة النهوض بلبنان. نسأل الله ان ينعم عليك بالصحة لتبقى عنوانا لوحدة الجميع». وسريعا رد الرئيس عون عبر «تويتر» قائلا «بالتفاهم والتضامن نستطيع ان نحقق الكثير وسنبقى معا ما دمنا نخدم مصلحة لبنان ونحفظ وحدة اللبنانيين». ولم يكتف عون بتغريدته، فأطلق في اطلالته مواقف غير مسبوقة احيت لدى اللبنانيين فكرة الانسجام في الحكم بين رئيس البلاد ورئيس السلطة التنفيذية وهي الطريق الافعل لسلطة قوية وحكومة منتجة وفاعلة، بعدما كانت المناكفات السياسية بين الطرفين تحكم العلاقات بين بعبدا والسراي في احيان كثيرة بفعل سحب صلاحيات من الرئاسة الاولى ومنحها للثالثة في اتفاق الطائف. وفي سياق الحرص على توطيد العلاقة مع الحريري، اوضح الرئيس عون في الحوار «ان ما يهمنا ان يكون رئيس الحكومة قويا ولا نريد اضعافه لان المسؤولية الملقاة على عاتقه كبيرة ويجب عدم التسبب بهزات، لاننا لا نريد ثغرة في الوحدة الوطنية. واعتبر ان مطالبة نواب سنة المعارضة بوزير في الحكومة تكتكة سياسية تضرب استراتيجيتنا الكبيرة». وقد فاجأ كلام عون اوساط بيت الوسط حتى انها لم تخف دهشتها ازاء كمّ الدعم الذي ابداه للرئيس المكلف ازاء موقفه من «العقدة» السنيّة، بما يقطع الطريق على اي استغلال او توظيف لتباين سياسي او مذهبي، فأعاد الامور الى نصابها والبريق الى الرئاسة، وضخ جرعة دعم واطمئنان في نفوس اللبنانيين القلقين على المصير جراء الخلافات المستحكمة بالسلطة واركانها.
وقالت اوساط سياسية مراقبة في معرض قراءتها للمواقف الرئاسية انها اكدت على جملة مسلمات يتمسك بها رئيس الجمهورية:
– ان الموقع الرئاسي الاول في البلاد هو المحور في تشكيل الحكومة، لا يمكن لاحد تجاوزه او تخطيه او تجاهله بدليل ان بعض القوى السياسية وضع مفتاح حل عقد التشكيل في بعبدا، على غرار العقدة الدرزية فيما يسعى البعض الاخر لوضع مفتاح العقدة السنية لديها ايضا.
– التمسك بالتسوية الرئاسية وتعويمها بعدما تعرضت لسلسلة اهتزازات فاضطربت العلاقات بين بعبدا وبيت الوسط وبين بيت الوسط وميرنا الشالوحي. واظهر الرئيس عون من خلال حواره انه يترجم يمين الولاء والمحافظة على الوطن والدستور وتطبيق القوانين، ومن هنا جاء وصفه لتحريك «سنّة المعارضة» بالتكتكة السياسية التي تضرب الاستراتيجية التي يحافظ عليها العهد والقائمة على تحصين الوحدة الوطنية، فكان ان تولى بنفسه الرد على حزب الله من دون ان يسميه لانه يقف خلف هؤلاء، وذلك بهدف قطع الطريق على سجالات سنية- شيعية حول الموضوع في ضوء بروز ملامح تعبئة في الشارع السني ضد الحزب باعتباره ممثلا للطائفة الشيعية. فالتف عون على الحالة المذهبية بتأييد موقف الحريري الرافض تمثيل سنة 8 اذار وتبنى الطروحات التي قدمها المستقبل والدوافع الاعتراضية لعدم تمثيل هؤلاء، جازما ان لا طرف ثالثا يشارك في تشكيل الحكومة، خصوصا من سبق ان سلّفهم مواقف كانوا في امسّ الحاجة اليها فيما لم يبادلوه بالمثل حينما كان يأمل ان يحتفل بذكرى انتخابه بحكومة كاملة الاوصاف.
– امساك الرئاسة بالمفاصل السياسية الاساسية وقدرتها على معالجة الامور بعيدا من السياسات الانفعالية والتحدي، لحماية الوحدة الوطنية التي تتخطى كل الاعتبارات وغير مسموح لاي طرف مهما علا شأنه التهاون فيها او تعريضها للاهتزاز.
من جهة ثانية يقف التيار الوطني الحر متفرجا على العقدة الجديدة تستهلك من عمر العهد مزيدا من الوقت، غير أنه يبدي حرصا شديدا على تأكيد استمرار العلاقة «الطيبة» مع الحزب، على رغم بعض التباين في وجهات النظر. وفي السياق، تؤكد مصادر نيابية في تكتل لبنان القوي لـ «وكالة الأنباء المركزية» أن اختلاقا تكتيكيا من هذا النوع لا يمكن ولا يجوز أن يعكر صفو علاقة استراتيجية جمعت حليفين على مدى أكثر من عقد من الزمن».