يحقّ لرئيس الجمهوريّة أن يتوجّه برسالة إلى المجلس النيابي، بل ليس رسالة واحدة، من حقّه الدّستوري أن «يبعت مراسيل»، السؤال الملحّ هنا، ما الذي سينقله فخامته للمجلس النيابي؟ هل ستنصّ رسالته بجرأة ـ ومن موقع مسؤوليته كمؤتمن على الدستور ـ بالإسم على المعطّل الحقيقي، أم أنّ التمويه وتضييع الإشارة إلى المتهم والمعرقل الرئيسي ستكون سيّدة «الرّسالة»؟ تعثّر التشكيل، نعم تعثّر، ولكن هل سيشير الرئيس إلى حجر العثرة الحقيقي في هذا المشهد، أم أننا سنظلّ عالقين في دوّامة «البلد والولد والعهد..فِدا السيّد حسن»؟!
«الرّسالة» حقّ دستوري لفخامة رئيس البلاد، ولكن مضمون الرّسالة هو ملك كلّ اللبنانيّين، الذين ينتظرون من فخامته أن يصارح الجميع بأنّ حزب الله وبامتناعه عن تسليم أسماء وزرائه لرئيس الحكومة المكلّف يعطّل وبإصرار شديد ومتعمّد وفظّ البلد والعهد أيضاً، وهنا علينا أن نذكّر الجميع أنّه ليس هناك «تعطيل بسمنة» و»تعطيل بزيت»، فقد عاشت البلاد اكثر من عامين ونصف العام من دون رئيس للجمهورية، مع العلم أن المادة 74 من الدستور واضحة وتنصّ على واجبات مجلس النواب الشروع فوراً بإنتخاب رئيس من دون إبطاء عند شغور المنصب، ولا يمارس المجلس اي عمل تشريعي آخر قبل إنتخاب الرئيس، ولكنّ نفس الفريق السياسي حزب الله وحليفه الاستراتيجي التيار الوطني الحرّ، عطّلوا البلاد لإيصال العماد ميشال عون إلى سُدّة الرئاسة، ولولا تفاهم معراب وتسوية بيت الوسط لربّما كانت البلاد من دون رئيس حتى اليوم، فالـ»تعطيل بسمنة» والـ»تعطيل بزيت» يبدو أنّه «شغلة وعملة» حزب الله وحليفه التيار الوطني الحرّ، في بلد محكوم بالإكراه لسطوة ترسانة صاروخية فوق الأرض وأنفاق «هانوي» تحت الأرض!
لم يعد مفيداً الإلتفاف على الدّستور والتحايل على الصلاحيّات، هذه كلّها لن تطمس الحقيقة، ولن تعفي أحداً أو تبرّأ أحداً من مسؤوليّته في تعطيل البلاد والعباد، سبعة أشهر أمضى منها رئيس الحكومة خمسة أشهر وهو يحاور مرّة تلو الأخرى رئيس التيّار الوطني الحرّ جبران باسيل الذي عطّل تشكيل الحكومة بتعنّت وتعسّف وتطاول على صلاحيات رئيس الحكومة وقد نجح في فرض «معياره» وفوقه حيازة الثلث المعطّل في الحكومة على الجميع الذين رضخوا رغبة في تسيير شؤون البلاد، بالكاد تنفّس اللبنانيّون الصعداء وترقّبوا إعلان تشكيل الحكومة وإذ تدخل حزب الله «معارضاً» ومانعاً إعلان التشكيلة الحكوميّة برفضه تسليم أسماء وزرائه في الحكومة، وتفرمل البلد!
في خلاصة ممارسة الرئيس حقّه الدستوري بمخاطبة المجلس النيابي، نقول: يبدو خيار الرّسالة بأنّه «لزوم ما لا يلزم»، على الأقل هذه الرسالة ستقول بغموض أن التشكيل تعثّر، ولكنّها ستداري وتغطّي على «المُعَثّر» الحقيقي، وهي ستؤدي بالأمور إلى تعقيد دستوري لأنّه لا رئيس الجمهوريّة يملك أي صلاحيّة في تكليف رئيس الحكومة لأن الاستشارات النيابيّة لتسمية الرئيس المكلّف ملزمة له، ولا رئيس المجلس النيابي ولا المجلس النيابي يملك أي صلاحيّة دستوريّة في التعدّي على الحقّ الدستوري للرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة لإلزامه بمهلة أو مدّة محدودة، وهنا نريد أن نقول للجميع وفي نقطة الاعتداء على صلاحيات رئيس الحكومة المكلّف «روحوا بلّطوا البحر» واستعينوا بخبرة حزب الله في التبليط فقد بات يملك خبرة وافية بعد حفر أنفاق إيرانيّة تحت الأرض اللبنانيّة!!