Site icon IMLebanon

تأخر الست لساعات يضع علامات استفهام حول جدية تهديدات نتانياهو

فيما تغرق دول الطوق الاسرائيلي بسلسلة من النزاعات والصراعات ادت الى اضعاف جيوش بعضها البعض واخراج اخرى من ساحة الصراع العربي الاسرائيلي كما حصل مع العراق، مقابل ظهور قوى اقليمية ومجموعات هزت توازن القوى الذي ارسته الدولة العبرية طوال ما بعد حرب 1973، قدمت الولايات المتحدة الاميركية مرة جديدة دليلا واضحا على العلاقة الاستراتيجية بين الطرفين وتاكيدا لالتزامها التاريخي بضمان امن اسرائيل، مهما بلغت الاختلافات، مع تسليم تل ابيب اول طائرتي «اف 35 اي».

الخطوة التي تعد الاكبر لبرنامج إف -35 الذي أطلق أوائل التسعينات، والأغلى ثمنا في التاريخ العسكري، اكتملت مع وصول الدفعة الاولى منها، وهي عبارة عن مقاتلتين، الثلاثاء بقيادة طيارين اميركيين الى قاعدة «نفاتيم» الجوية جنوب اسرائيل، متأخرة ست ساعات عن موعدها بسبب الاحوال الجوية، والتي اطلق عليها اسم «ادير» باللغة العبرية وتعني «العظيم»، حيث سلمت في احتفال حضره وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر ونظيره الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، على أن تبدأ بعدها في الانضمام للمهام التنفيذية خلال سنة، ما يضع سلاح الجو الاسرائيلي في مقدمة جبهة التكنولوجيا العالمية في هذا المجال.

سبق ذلك في حزيران الماضي حفل تسليم الطائرة ذاتها التي وصلت الى اسرائيل الاثنين في حفل اقيم في مصنع إنتاج الطائرات التابع لشركة «لوكهيد مارتين» في مدينة «بورت فورت»، في ولاية تكساس،من اصل 33 واحدة، قبل ان يتم التعاقد على 40 اخرى. وتعاقدت إسرائيل على شراء 50 مقاتلة من طراز الشبح على دفعات متتالية، وكان تعاقدها الأول هو شراء 19 مقاتلة من هذا الطراز في عام 2010، وفي فبراير 2015 تعاقدت على شراء 14 مقاتلة أخرى من ذات الطراز وتتفاوض على التعاقد الشرائي لعدد 17 مقاتلة جديدة بشروط تمويلية ميسرة خلال العام الجاري، لكن التسليم الفعلي سيكون اعتبارا من ديسمبر المقبل.

بالنسبة للاسرائيليين يعد وصول الطائرتين المقاتلتين حدثا مهما يؤمن للدولة العبرية الحفاظ على تفوقها العسكري في الشرق الأوسط، كما يؤكد متانة العلاقات بين واشنطن وتل ابيب ، في مشهد يدل على عمق العلاقات بين البلدين رغم الخلافات في السنوات الأخيرة بين حكومة نتانياهو وإدارة الرئيس باراك أوباما التي ستنتهي ولايتها الشهر المقبل.

ورغم علامات الاستفهام حول أدائها، تعتبر القيادة العسكرية الاسرائيلية ان طائرات «إف-35 » ستشكل بلا شك عنصرا إضافيا يسمح لها بالحفاظ على تفوقها الجوي في المنطقة ، ذلك ان «سلاحا جويا قويا هو مؤشر على جيش إسرائيلي قوي، وجيش إسرائيلي قوي مؤشر على قوة إسرائيل»، وفقا لوزير الدفاع افيغدور ليبرمان، فيما اطلقت القيادة السياسية تحذيرات وتهديدات وصلت الى حد حديث رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عن سحق كل من يهدد بازالة اسرائيل والدول التي اعتبرها ضعيفة اذا ما اقدمت على ضرب اسرائيل، بينما رأى الرئيس الاسرائيلي في الحدث تغييرا لقواعد اللعبة في المنطقة.

نتنياهو الذي كان استبق وصول الطائرتين بتهديده ايران، من خلال عدم نفيه امكانية توجيه ضربة عسكرية لمنع حصولها على قنبلة نووية، كانت القيادة العسكرية تفاخر بهذا الانجاز معبرة ان هدفها الوصول الى اسطول جوي يتشكل من 75 طائرة من هذا النوع، اصيبت بنكسة مع اعلان الرئيس المنتخب دونالد ترامب نيته اعادة الحسابات الاميركية حول تزويد اسرائيل بتلك الطائرات.

فبمقتضى الصفقة الإسرائيلية الأميركية ستحصل إسرائيل على 33 مقاتلة من هذا الطراز، على أن تصلها الدفعة الأولى من 7 مقاتلات، وسوف يصل باقي المقاتلات حتى العام 2021، على ان توزع على سربين مقاتلين، مهمتهما تنفيذ عمليات هجومية داخل «عمق العدو» دون أن تستطيع راداراته أيا كان نوعها من رصدها، حسب الاسرائيليين. علما ان بمقدور المقاتلة حمل 16 طنا من القنابل والصواريخ الموجهة وخزانات الوقود.

وتؤكد تقارير العدو أن غالبية التكنولوجيا المستخدمة في تلك المقاتلة معروفة نسبيا، لكن هناك جانب يحاط بسرية تامة، ويعتبر من الأسرار العليا، وهو ما تحرص إسرائيل على الاحتفاظ به ومنع تسريبه، مشيرة إلى أن أساليب علمية حديثة استخدمت حتى في طلاء جسد المقاتلة، بما يوفر لها التخفي التام عن الرادارات.حيث تتمتع المقاتلة بأنظمة حرب إلكترونية في غاية التقدم، وتجري نظم خاصة عمليات مسح مستمرة لكل جزء خارجي بالمقاتلة، وتصدر موجات إشعاعية تخدع الرادارات، بما يجعل اكتشافها أمرا صعبا للغاية. وتستطيع المقاتلة الأميركية الجديدة تنفيذ مهام بعيدة المدى على مسافات تصل إلى 1150 كيلومترا، وفي حال العمل على زيادة هذه المسافة بنسبة 30% عبر إضافة المزيد من خزانات الوقود، فإنها ستصبح قادرة على تنفيذ مهام على مسافة 1500 كيلومتر تقريبا.

من جهته أهّل سلاح الجو الإسرائيلي مجموعة من الطيارين لقيادة المقاتلات الجديدة كما تؤكد التقارير الاسرائيلية، بالتزامن مع مرحلة اختبار المقاتلة التي استمرت 75 يوما بالولايات المتحدة الأميركية، حيث كانت الشركة المنتجة قد زودت سلاح الجو الإسرائيلي أواخر العام الماضي بأجهزة محاكاة، وشاركت في تأهيل قاعدة «نفاتيم» الإسرائيلية، بحيث يمكنها استيعاب هذه المقاتلات… كما تم إنشاء 33 ممر هبوط وإقلاع تبادلي وفق مواصفات خاصة، كما تسعى إسرائيل للحصول على مزيد من المزايا المالية الأميركية الخاصة بذلك، حيث تنوي نشر سربين من مقاتلات الشبح على خط دفاعها العسكري الأول، كما تم تخصيص الوحدة «22 – صيانة جوية» للتعامل الفني مع المقاتلات «إف 35».

الـ«أف-35» تعد من أحدث طائرات الجيل الخامس، ولها القدرة على التخفي والإفلات من الرادار، صممت للمحافظة على السيطرة الأميركية على الأجواء، وهي تأتي ضمن مشروع يرمي إلى إبدال أكثر من عشرة أنواع مختلفة من الطائرات الحربية يستخدمها حاليا الجيش الأميركي وجيوش دول حليفة للولايات المتحدة، حيث تعتزم وزارة الدفاع الأميركية إنفاق قرابة 400 مليار دولار على تطوير وبناء 2457 طائرة من هذه المقاتلة في العقدين المقبلين لصالح الجيش الأميركي وحلفائه، وهي النموذج «إيه» التقليدي للإقلاع والهبوط، بينما يقوم نموذج «بي» بالإقلاع عبر مدرجات قصيرة والهبوط بشكل عمودي ونموذج «سي» لحاملات الطائرات.

ويأتي تسليم إسرائيل تلك المقاتلات على الرغم من التقارير التي نشرت في الآونة الأخيرة بشأن وجود الكثير من العيوب التي ظهرت خلال مرحلة الاختبارات، حيث تلقت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» تقارير عديدة في هذا الصدد، كادت أن تؤثر على تطوير المشروع الذي أنفقت عليه الولايات المتحدة قرابة 400 مليون دولار منذ مطلع العام 2000. كما ظهرت مشاكل أخرى تتعلق بالكلفة المالية المرتفعة، والتي بلغت في البداية قرابة 250 مليون دولار لكل مقاتلة، فيما تم بعد ذلك تقليص السعر ليصل بالنسبة للنسخة المعدة خصيصا لسلاح الجو الإسرائيلي إلى 90 مليون دولار، وتستهدف الشركة المنتجة أن يصل السعر إلى 85 مليون دولار للمقاتلة الواحدة. فيما تبلغ تكلفة ساعة الطيران الواحدة للمقاتلة من طراز (F-35) قرابة 35 ألف دولار، فيما يمكن مقارنة ذلك بالمقاتلة الأميركية من طراز (F-16) التي تبلغ كلفة ساعة الطيران بالنسبة لها 20 ألف دولار تقريبا، ويكمن السبب في طبيعة النظم القتالية الخاصة التي تحملها، ولا تتوافر في الأخيرة.

مع ذلك، تفيد التقارير الاسرائيلية أن المقاتلات المخصصة لإسرائيل تختلف عن تلك المخصصة لدول أخرى أو لصالح سلاح الجو الأميركي نفسه، وأن تعديلات كثيرة حدثت خلال مرحلة الاختبار، ربما تجعل من النسخة الإسرائيلية الأغلى سعرا، لو وضع في الاعتبار التكنولوجيا الإضافية التي طالبت إسرائيل بإدخالها، ولا سيما نظم الحرب الإلكترونية، ونوع الأسلحة التي ستحملها، مع الاشارة الى ان ما أعده موقع «وايرد» الأميركي اشار الى أن إسرائيل ستكون الدولة الوحيدة في العالم التي سيسمح لها بإدخال تعديلات على طائرة F-35، انطلاقا من حقيقة أن تل ابيب تعمل بشكل متواصل على الاستعداد لاندلاع حرب في أي لحظة في منطقة الشرق الأوسط التي يسودها توتر دائم، وبالتالي فهي تحتاج إلى قدر من الاستقلالية في تطوير أنظمتها وأسلحتها وبرامجها العسكرية.