IMLebanon

القوات والتيار… زكزكات وتحالف جنبا الى جنب

لا ينفكّ المسؤولون في كل من «التيّار الوطني الحُرّ» وحزب «القوّات اللبنانيّة» يؤكّدون أن لا خلافات بين الطرفين، وأنّ التحالف بين «القوات» و«التيّار» قائم على أسُس صلبة، في حين يشنّ خُصوم «القوات» بالتحديد حملة إعلاميّة شرسة لضرب هذا التحالف ولإسقاطه، بمُساعدة من المُتضرّرين الكُثر من هذا التحالف والموزّعين على جهات سياسيّة وطائفية منوّعة ومختلفة. فهل فعلاً «التحالف» الطريّ العود بين «القوات» و«التيّار» مُرشّح للسُقوط في المُستقبل القريب؟

أوساط «التيار الوطني الحُرّ» أكّدت أن ما يُحكى عن خلافات ستؤدّي إلى سقوط «تفاهم معراب» غير صحيح، مُذكّرة بأنّ كلاً من «التيار» و«القوات» هو حزب مُستقل له مواقفه وتكتيكاته واستراتيجيّته، ما يجعل من الطبيعي ظهور بعض التباين أو التمايز على مُستوى بعض المواقف والملفّات، إنطلاقًا من حريّة وديمقراطيّة العمل السياسي لكلّ منهما، لكن من دون أن يعني ذلك قرب إنهيار «التفاهم» القائم بين الطرفين. أمّا أوساط «القوات اللبنانيّة» فنفت من جهتها ما يُروّج من خلافات، مُدرجة الأمر في خانة الحملات  السياسيّة والإعلاميّة التي تهدف إلى ضرب «التحالف» الذي أزعج الكثيرين، كونه وضع المُمثّلين الفعليّين للمسيحيّين على سكّة إستعادة كل الحقوق، وعلى طريق العودة إلى مركز الثقل السابق الذي كان المسيحيّون في لبنان يتمتّعون به منذ ما قبل الإستقلال. وكان لافتًا إلتقاء أوساط «القوّات» و«التيّار» على أنّ كل الإحصاءات والدراسات التي أجريت منذ توقيع «تفاهم معراب» أظهرت أنّ نسبة ساحقة من المسيحيّين تُطالب ببقاء هذا التفاهم وبتعزيزه وبتوسيعه، الأمر الذي يُضاعف من المسؤولية المُشتركة للحفاظ عليه، ولعدم تخييب آمال المسيحيّين.

لكن وبعيدًا عن الأجواء الحبّية والمُسالمة التي يحرص كل من «التيّار» و«القوّات» على الإبقاء عليها، كشفت أوساط سياسيّة مُستقلّة أنّ الأسباب الفعليّة للزكزكات المُتبادلة الحاصلة بين الطرفين، تتجاوز التمايز السياسي بين حزبين مُستقلّين، لكنّها لا تزال بعيدة عن تهديد ديمومة «تفاهم معراب».

التململ «القُوّاتي»

وأوضحت أنّ «القوّات» عاتبة على «التيّار» لأنّه خفّف وتيرة التنسيق معها بعد تشكيل الحكومة والتي كان لحزب «القوّات» تنازلات مُهمّة عشيّة تشكيلها، إرتأت القيام بها لعدم عرقلة إنطلاق العهد الرئاسي الجديد. وأضافت هذه الأوساط المُطلعة أنّ «القوّات» تفهمّت على مَضض تولّي وزير الخارجية جبران باسيل ملف إقتراحات قانون الإنتخابات، وعدم إشراكها في المُفاوضات الرباعية السابقة، وكذلك في اللقاءات الثنائية والثلاثية التالية بين «التيار الوطني الحُرّ» من جهة وكل من «تيّار المُستقبل» وممثّلين عن «الثنائيّة الشيعيّة» من جهة أخرى، وإكتفت بما يُنقل إليها من معلومات بهذا الملفّ عبر مُوفدين من «التيار» و«المُستقبل». وتابعت المصادر عينها أنّه عند تفرّد «التيّار الوطني الحُرّ» في ملفّ التعيينات الأمنيّة، إرتفعت وتيرة إمتعاض «القوّات» ليس إعتراضًا على أسماء مُحدّدة، كما يُروّج، بل على مبدأ وقف التنسيق معها في قضايا حسّاسة ومصيريّة، كما كان يُفترض أن يتمّ. ولفتت إلى أنّ «القوّات» متخوّفة من أنّ يتمّ تكرار التصرّف نفسه في ملفّ التعيينات المقبلة، ومنها التعيينات القضائيّة، وكذلك من عدم منحها ما تستحقّ من مواقع في التعيينات الإداريّة.

وتابعت الأوساط السياسيّة المُستقلّة أنّ التعاطي التهكّمي من جانب «التيّار» مع الطرح «القوّاتي» الجِدّي لحل مُعضلة الكهرباء، أزعج «القوّات» التي كانت قد وضعت «خريطة طريق» مُتكاملة لإنهاء العجز في إنتاج الكهرباء ولإنهاء ظاهرتي التقنين وإزدواجيّة فواتير الكهرباء، وهي كانت تطمح لتنفيذ خطتها في ما لوّ جرى منحها وزارة الطاقة عند تشكيل الحكومة الحالية.

وأكّدت الأوساط نفسها أنّ «القوّات» تململت أيضًا من إعلان الوزير باسيل في مهرجان خُطابي ضرورة تمثيل جرد قضاء البترون، بينما هو يحجز مقعد ساحل القضاء، وكأنّه بذلك يُملي على «القوات» ما عليها أن تفعله، ومن عليها أن تُرشّح، ومن عليها أن تُسقط في الإنتخابات!

وأضافت الأوساط السياسيّة المُستقلّة أنّ «القوات» تململت كذلك الأمر من إصرار «التيّار» على تعيين شخصيّة محسوبة عليه في منصب مدير عام تلفزيون لبنان، علمًا أنّ هذا المنصب هو عرفيًا من صلاحيّات وزير الإعلام بالتنسيق مع باقي المسؤولين، الأمر الذي دفع الوزير ملحم رياشي إلى تجنّب الصدام بين «التيار» و«القوات» على هذا المنصب، عبر فتح المجال أمام اللبنانيّين من أصحاب الإختصاص والكفاءة  لتقديم طلباتهم لشغل مركز رئيس مجلس إدارة، مدير عام شركة تلفزيون لبنان. يُذكر أيضًا أنّ من بين المشاكل التي تُواجه هذا التعيين، وجود طلب مباشر من أعلى المرجعيّات الدينيّة الكاثوليكيّة بوجوب إبقاء هذا المنصب بيد شخصيّة كاثوليكيّة، حتى لا تشعر الطائفة بأنّها مُستهدفة بإبعاد السيّد طلال المقدسي.

المآخذ «العَونيّة»

ولفتت الأوساط السياسيّة المُستقلّة نفسها إلى أنّ «التيّار» يأخذ بدوره على «القوّات» تصرّفها بشكل دائم من موقع القادر على العودة إلى تحالفها السابق في أيّ وقت، وعلى خربطة كل التوازنات والمعادلات التي قامت في ضوء «تفاهم معراب». وأضافت أنّ «التيّار» إمتعض من إشعاره بشكل غير مُباشر من قبل «القوات» بأنّها قادرة على إسقاط رئيسه إنتخابيًا للمرّة الثالثة على التوالي وفي عقر داره، وبأنّها قادرة على إعادة نسج تحالفات سياسيّة تحفظ لها موقعها بمعزل تام عن أيّ تحالف مع «التيّار» الذي لن يكون عندها قادرًا على حصد أيّ مقاعد إضافية. وتابعت الأوساط نفسها أنّ «التيّار الوطني الحُر» تململ من تحريك «القوات» لملف الكهرباء من بين عشرات الملفّات التي يُمكن تحريكها، وكأنّها تُضيء عمدًا على فشل «التيار» في إدارة هذا الملف.

وختمت الأوساط السياسيّة المُستقلّة كلامها بالتأكيد أنّ الزكزكات قائمة بالتأكيد بين «التيار» و«القوات»، وهي مُرشّحة للتصاعد أو للتراجع تبعًا لمدى رضى كل طرف عن تصرّفات وتصريحات الطرف الآخر، لكنّها توقّعت أن يبقى «التفاهم» بينهما قائمًا، لأنّ مصلحتهما السياسيّة والإنتخابيّة المُشتركة تقضي بذلك، ولأنّ المصلحة العليا للمسيحيّين عُمومًا تفرض عليهما ذلك أيضًا، حيث أنّ كلاً من «التيار» و«القوات» حريصان على عدم إعادة عقارب الساعة إلى الوراء بالنسبة إلى موقع المسيحيّين في النظام السياسي اللبناني أيّا تكن العراقيل والصعوبات، ومهما تطلّب الأمر من تنازلات.