داعش تهبط على ليبيا وتبسط سيطرتها والجيش الليبي ضعيف
دولة الخلافة الإسلامية ستعلن طرابلس عاصمتها وتدفق الأجانب بالآلاف من أوروبا
يبدو ان الدول الكبرى تخلت عن ليبيا وتركتها تحت سيطرة «داعش»، فعندما تقدمت مصر والاردن بطلب اتخاذ قرار دولي لمحاربة انصار الشريعة وداعش في ليبيا، لم يمر هذا القرار في مجلس الامن، بل تم تعطيله من قبل تونس والجزائر ومن قبل روسيا. وبالتالي ستصبح ليبيا تحت رحمة وسيطرة داعش التي حتى الان فرضت نفوذها في مدينتي سرت ودرنه وبدأت بدوريات كبيرة وبدأت تنتشر في السنجار في ليبيا لتعلن الدولة الاسلامية «داعش» على ابواب اوروبا وعلى مقربة ساعات من روما.
وما لم تحققه «داعش» في العراق وسوريا سوف تحققه في ليبيا بسرعة. ويبدو ان الجيش النظامي لا يملك اسلحة لمحاربة «داعش». ان مبدأ الخلافة الاسلامية مقبول جدا في ليبيا ومن الشعب الليبي الذي سوف يبايع الخلافة لخليفة ابو بكر البغدادي وينتظم في صفوف «داعش» وتكون اول دولة اسلامية فيها مركز للخلافة كبير هي ليبيا. واذا سيطرت «داعش» على ليبيا فان المدخول النفطي لليبيا هو بمليارات الدولارات. ان الدولة الاسلامية قد وضعت عواميد بنائها وستنطلق من هناك الى افريقيا والى بقية الدول العربية وخاصة الى تونس ومصر والجزائر والمغرب وستكون مدعومة من تركيا بقوة وستحصل على السلاح من الجيش الليبي الذي سينهار ويصبح تحت رحمة «داعش» وسيطرتها.
تنظيم الدولة الاسلامية «داعش» هو الاقوى على امتداد الاراضي الليبية، وتحديداً في العاصمة طرابلس ومدن بنغازي ومصراته وترهونه ودرنه وسرت، وهو الاكثر تنظيما ومقدرة على ادارة البلاد في ظل ضعف الجيش الليبي والقوى المناوئة للمنظمات الاسلامية المتطرفة التي تقودها «داعش». وكان لافتا «عرض القوة» الذي نظمه تنظيم الدولة في مدينة بنغازي منذ ايام.
تنظيم الدولة الاسلامية وصل الى ابواب اوروبا، وهذا ما حذرت منه الحكومة الايطالية التي تبذل جهوداً لانتزاع قرار دولي بالتدخل العسكري في ليبيا لضرب «داعش» القادرة على تصدير الارهابيين الى ايطاليا وهز الامن في ايطاليا وكل دول اوروبا. واللافت ان تنظيم الدولة الاسلامي عمل منذ سنوات على تركيز جهده على ليبيا، عبر استقدام المقاتلين اليها من الدول المجاورة، وتحديداً من تونس والجزائر والنيجر والتشاد والسودان ومصر، وفي هذه الدول يحظى تنظيم القاعدة بنفوذ كبير وبخلايا مدربة ومنظمة واسلحة متطورة وتحديداً في سيناء، حتى ان هذه القوى تحظى «ببيئة» حاضنة في دول المغرب العربي باعتراف رؤساء هذه الدول، فالحرب بين الجيش الجزائري والجماعات المسلحة مستمرة منذ سنوات، والرئيس التونسي طالب مؤخراً بدعم دولي لمحاربة «داعش» في بلاده، كما ان النشاط الاصولي في المغرب قوي جداً. وكذلك في التشاد، ويتم حاليا ارسال المقاتلين الى ليبيا من هذه الدول، بالاضافة الى دخول الاف المقاتلين من اوروبا الى ليبيا عبر الموانئ المنتشرة على البحر الابيض المتوسط من اجل السيطرة على ليبيا واعلان دولة الخلافة الاسلامية وعاصمتها طرابلس. وهذا هو حلم القوى الاسلامية.
وحسب المتابعين للاوضاع الليبية، فان تنظيم الدولة الاسلامية يركز جهوده منذ فترة على ليبيا، بعد الضربات التي وجهت له في العراق وسوريا و«كوباني» وهو نقل الكثير من المقاتلين من هذه المناطق الى ليبيا لادراكه ان ليبيا هي «الحلقة الاضعف» حاليا في ظل عدم وجود حكم مركزي في البلاد، بالاضافة الى الاف المسلحين المنضوين في تنظيمات اسلامية مختلفة وباستطاعة «داعش» تنظيمهم والسيطرة من خلالهم على كل البلاد دون خسائر كبيرة نتيجة ضعف الجيش الليبي، كما ان سيطرة «داعش» على ليبيا تؤمن للتنظيم مداخيل بمئات مليارات الدولارات، وبالتالي الاكتفاء ماديا، ودعم كل الحركات المتطرفة في معظم دول العالم.
الخطر الارهابي بات على حدود المغرب العربي وعلى ابواب اوروبا وسيبتلع افريقيا ايضا وتحديدا النيجر والصومال ونيجيريا حيث تتمتع القوى الاسلامية المتطرفة بنفوذ قوي تمثله «بوكو حرام» في هذه الدولة حيث ينفذ المسلحون مجازر ولم تتمكن جيوش هذه الدول من الحاق اي هزيمة بهم، وهم اعلنوا منذ فترة تحالفهم مع داعش وتشكل الارض الليبية بيئة خصبة لنشاطهم وتنظيم اوضاعهم لدعم «داعش» والانتقال منها الى كل من افريقيا ودول اوروبا في ظل المدى الجغرافي الكبير الذين يسيطرون عليه في حين ان الموارد المالية التي سيؤمنها النفط الليبي ستسمح لهم بتمويل عملياتهم. ويبدو ان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يدرك الخطر جيدا من «البوابة الليبية»، ويدرك حجم السلاح الموجود في ليبيا، واذا سيطرت عليه داعش ستقلب كل المعادلات وسيصيب مصر بالدرجة الاولى بخسائر كبيرة ولذلك بادر الى حربه الاستباقية.
الوضع الليبي قفز الى الواجهة حاليا واصبح يتصدر كل الاحداث، فكيف ستتعامل الدول الاوروبية مع هذا الخطر الداهم والذي بات يطرق ابواب كل دولها ؟
لندن: تشكيل حكومة موحدة في ليبيا
الى ذلك، أكدت بريطانيا أن ليبيا بحاجة إلى حكومة موحدة قبل أن يكون ممكنا نظر مجلس الأمن في أي طرح حول رفع حظر السلاح عن الجيش الليبي بهدف مقاتلة تنظيم «الدولة الاسلامية» ومتشددين آخرين.
وقال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند أثناء زيارة إلى مدريد «المشكلة أنه لا توجد حكومة في ليبيا فعالة وتسيطر على أراضيها. لا يوجد جيش ليبي يمكن للمجتمع الدولي أن يدعمه بفعالية، مضيفا «الشرط الأول يجب أن يكون إنشاء حكومة وحدة وطنية… ثم يجب أن يتكاتف المجتمع الدولي على وجه السرعة حول تلك الحكومة ويضمن أن يكون لديها الوسائل للتعامل مع الإرهاب».
وشدد هاموند على أن السماح «بتدفق الأسلحة إلى فصيل أو آخر – وهو بالأساس ما يجرى اقتراحه – لن يصل بنا إلى حل للأزمة في ليبيا».
ومن جانبها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بساكي إن الولايات المتحدة أيضا تعتقد أن «حلا سياسيا يقوم على عدم التدخل هو المسار الصحيح للسير قدما»، مضيفة أن واشنطن تدعم الحظر الحالي على إمدادات السلاح إلى ليبيا.
ولا يسمح للحكومة الليبية باستيراد الأسلحة إلا بموافقة لجنة تابعة لمجلس الأمن تشرف على حظر السلاح الذي فرض في عام 2011 أثناء الأحداث التي أدت إلى سقوط نظام القذافي.
وتدهورت الأوضاع في ليبيا بشكل خطر منذ سقوط النظام السابق، وتحول التنافس السياسي والقبلي إلى نزاعات مسلحة عنيفة في مختلف أرجاء البلاد.
وتوجد في البلاد حكومتان متنافستان تحظى كل منهما بدعم من فصائل مسلحة وتتصارعان على السيطرة على البلد المنتج للنفط، ما ساهم في تحول البلاد إلى ملاذ لمتشددين إسلاميين، فيما تحاول الأمم المتحدة عبر وساطتها إقناع الفئات المتنافسة بإنشاء حكومة وحدة.
وكان الأردن العضو بمجلس الأمن، وزع مشروع قرار في المجلس الأربعاء الماضي، يدعو إلى رفع الشروط على استيراد الحكومة الليبية للأسلحة ويحث على تزويدها «بالمساعدة الأمنية الضرورية».
وتطلب مسودة القرار من لجنة بمجلس الأمن تقديم توصيات «لآلية التنفيذ» لوقف توريد الأسلحة إلى أطراف غير الحكومة في ليبيا. ودعت مصر إلى حصار بحري لمنع وصول الأسلحة إلى المتشددين.
3 انفجارات ومقتل العشرات
وفي السياق ذاته، تبنى تنظيم الدولة الاسلامية «داعش» التفجيرات في 3 سيارات مفخخة في مدينة «القبة» شرق ليبيا واستهدفت المقر العام للقوات الموالية للواء خليفة خضر وادت الى مقتل 45 شخصاً واصابة العشرات.
وقال مسؤول أمني في منطقة الجبل الأخضر أن «نحو 25 قتيلا وأكثر من 30 جريحا سقطوا في ثلاثة انفجارات متزامنة بسيارات مفخخة ربما يقودها انتحاريون استهدفت صباح الجمعة مديرية أمن مدينة القبة (30 كلم غرب درنة) ومحطة توزيع للوقود إضافة إلى منزل رئيس البرلمان الليبي المعترف به دوليا عقيلة صالح عيسى»، فيما أكد شهود ومسعفون الحصيلة.
وقال شهود عيان إن «الانفجارات كانت متزامنة وكان دويها عاليا جدا وسمع في مختلف أرجاء المدينة» الصغيرة التي تبعد نحو 50 كلم شرق مدينة البيضاء حيث المقر المؤقت للحكومة الليبية المعترف بها دوليا.
وقال مسعفون ان «عدد الضحايا الأكبر كان في محطة توزيع الوقود في المدينة ومعظمهم من المدنيين الذين قدموا للتزود بالوقود من هذه المحطة المزدحمة التي شح عنها الوقود خلال الايام الماضية ما تسبب في هذا الازدحام»، مؤكدين نجاة رئيس البرلمان من الحادثة كونه لم يكن متواجدا في البيت.
ويأتي هذا الانفجار بعد أيام قليلة من الغارات المشتركة التي نفذها سلاحا الجو الليبي والمصري على أهداف لمتشددين في مدينة درنة انتقاما لمقتل 21 قبطيا تم ذبحهم على يد الفرع الليبي لتنظيم الدولة الإسلامية في مدينة سرت وسط ليبيا.
وهذه المدينة تقع تحت سيطرة الجيش والقوات الموالية للواء خليفة حفتر، وجميع سكانها ينتمون الى قبيلة العبيدات التي ينتمي إليها رئيس البرلمان الليبي، وعبدالفتاح يونس رئيس أركان الجيش الذي قاد الحرب على نظام معمر القذافي وقتل على أيدي متطرفين اسلاميين في العام 2011 قبل انهاء الثورة المسلحة بثلاثة أشهر.
ويحاصر الجيش وقوات اللواء حفتر إضافة إلى مدنيين مسلحين منذ أشهر جميع مداخل ومخارج مدينة درنة التي باتت تعلن ولاءها صراحة إلى تنظيم الدولة الإسلامية وأميرها أبو بكر البغدادي، إضافة إلى أن هذه المدينة تعد المعقل الأبرز للجماعات الاسلامية المتشددة.
وتعد هذه العمليات الأولى من نوعها التي تستهدف تجمعات مدنية ليس لها علاقة بالمؤسسة الشرطية والعسكرية، وتعد تطورا لافتا في مسلسل العنف الذي يكتنف البلد.