علمت «الديار» من مصادر ديبلوماسية غربية، ان هنالك اقتراحاً يجري تسويقه من اجل انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية لمدة ثلاث سنوات ولمرة واحدة غير قابلة للتجديد، وذلك لتمرير المرحلة الانتقالية نتيجة اوضاع المنطقة كلها والحرب في سوريا والعراق ووضع العالم العربي كله وانهاء الملف النووي والمفاوضات الاميركية – الايرانية الى غير ذلك من مواضيع هامة.
ويأتي هذا الاقتراح بعد ان فشل الموفد الرئاسي الفرنسي فرانسوا جيرو من اقناع الاطراف اللبنانية بانتخاب رئيس للجمهورية لولاية كاملة ولمدة ست سنوات، حيث تبيّن ان العراقيل كبيرة وعديدة، ولم يستطع الموفد الفرنسي جيرو الذي زار الرياض وطهران وموسكو وواشنطن وبريطانيا من أن يصل الى نتيجة تجعل انتخاب رئيس للجمهورية امراً حاصلاً في المرحلة الراهنة، ولذلك انتقل البحث الى حل على قاعدة تسوية ذلك انه اذا لم يكن بالامكان انتخاب مرشح تسوية، فعلى الأقل انتخاب رئيس للجمهورية على قاعدة التسوية، أي انتخاب رئيس للجمهورية لمدة ثلاث سنوات ولمرة واحدة غير قابلة للتجديد لادارة المرحلة الانتقالية.
وقبل الانتقال الى فكرة انتخاب رئيس للجمهورية لمدة موقتة، جرى تفعيل عمل الحكومة وفق الدستور على قاعدة التصويت بالاكثرية على القرارات العادية وبالثلثين على القرارات الهامة في ظل عدم انتخاب رئيس للجمهورية، لكن الوزراء المسيحيين رفضوا هذا الامر خاصة الوزراء الثمانية الذين اجتمعوا عند الرئيس ميشال سليمان، كما ان الوزير بطرس حرب ابلغ الرئيس نبيه بري رفض الوزراء المسيحيين تغيير آلية عمل مجلس الوزراء اي ان يكون التصويت بالاكثرية على القرارات العادية والثلثين على القرارات الهامة وتمسكوا بتصويت كل الوزراء اي بالآلية الحالية، مع العلم ان وزراء العماد ميشال عون رفضوا ايضا تغيير آلية عمل مجلس الوزراء وعندها سقطت فكرة اتفاق السلطة التنفيذية اي الحكومة كي تعمل وتصدر القرارات.
انتقل البحث الى انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية لمدة موقتة ولثلاث سنوات كي لا تقع البلاد في فراغ دستوري خطر وقد اظهر الوزراء المسيحيون في رفضهم تعديل عمل آلية عمل مجلس الوزراء انهم مصرون على انتخاب رئيس للجمهورية وانهم من غير المقبول التسليم بعدم وجود رئيس وقيام الحكومة بأعمالها كأولوية بدلا من أن يتم اعطاء الاولوية لانتخاب رئيس او ان تعمل الحكومة كأن الرئيس موجود ووفق الدستور، وهذا الامر لا يمكن ان يقبل به الوزراء المسيحيون.
وفي ضوء تعطيل عمل السلطة التشريعية، وبعدما سلّم الرئيس تمام سلام بالامر الواقع والعودة الى مبدأ الاجماع في عمل مجلس الوزراء، وبما ان السلطة التنفيذية مشلولة وكل وزير من اصل 24 وزيراً هو رئيس في الحكومة فانه لم يعد امام الدول الاربع الكبرى وهي فرنسا وبريطانيا واميركا وروسيا والدولتان الاقليميتان ايران والسعودية الا البحث في اقتراح جديد بانتخاب رئيس للجمهورية لمرحلة انتقالية.
المصادر الغربية تعتمد على اقناع العماد ميشال عون بالقبول برئيس تسوية لمدة ثلاث سنوات غير قابلة للتجديد وبعدها يترشح العماد ميشال عون بعد ثلاث سنوات ويكون وضع البلد افضل من الآن وعندها يصل العماد عون الى الرئاسة، اما الآن فان الدوائر الغربية والروسية والاقليمية تأكدت انها لا تستطيع ايصال رئيس للجمهورية من فريق معيّن مثل العماد ميشال عون الذي هو حليف لحزب الله، ولولا التحالف القائم بين عون وحزب الله لكانت فرنسا واميركا ايدتا العماد عون للرئاسة، كذلك فان السعودية لم تضع فيتو على وصول العماد عون الى الرئاسة.
اما بالنسبة للدكتور سمير جعجع فان الامر ذاته وهو رفض ان يأتي رئيس من فريق معين آخر وان تأتي شخصية من 14 آذار وتصل الى رئاسة الجمهورية، لذلك فضّلت الدول الغربية انه من غير الممكن وصول الدكتور جعجع الى الرئاسة، كذلك الأمر بالنسبة للنائب سليمان فرنجيه الذي لا يخفي أبداً علاقته بالرئيس بشار الاسد ووصفها بالعلاقة الأخوية وبالصداقة الكبرى والتحالف الكبير الذي يربطهما لذلك فان فرنسا ولندن واميركا ترفض ان يأتي اي رئيس على علاقة جيدة بالرئيس بشار الاسد.
من هنا عاد البحث الى انتخاب رئيس للجمهورية لمدة موقتة يكون اما الوزير السابق جان عبيد او العماد جان قهوجي او حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وذلك لمدة ثلاث سنوات، لكن بالنسبة للوزير السابق جان عبيد يتحفظ عليه الدكتور سمير جعجع، وبالنسبة للعماد جان قهوجي فان العماد ميشال عون يرفض كلياً وصوله، وبالنسبة لحاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة فهو يحتاج الى توافق بين الأطراف للوصول الى رئاسة الجمهورية.
هل يمرّ هذا الاقتراح بانتخاب رئيس لمدة ثلاث سنوات ويقبل به العماد عون؟ فوفق المصادر الغربية التي روت لـ «الديار» هذه المعلومات ان المشكلة تكمن في اقناع العماد عون بانتظار ثلاث سنوات بدلاً من ست سنوات، وتعتقد ان عون قد يقبل مع الاطراف الدولية والغربية ان يصل رئيس لمدة سنتين او ثلاثة، ولكن لا نعرف بالنتيجة موقف العماد عون وما هو موقف حزب الله بالنسبة لانتخاب رئيس لمرحلة انتقالية. وعلى هذا الأساس يسير هذا الاقتراح بين الدول الكبرى والاقليمية كي يجري طرحه في النهاية كأمر واقع وفرضه على كل الكتل النيابية اللبنانية لأنه قرار دولي واقليمي كبير.