IMLebanon

رواية الحوار بين التيّار والقوات وستريدا جعجع عاتبت العماد عون

تعيش القوى السياسية المسيحية في واقع يظهرها بوضوح على انها خارج مسار التطورات الاقليمية وديناميتها المأساوية على المسيحيين في الاقليمين العربي والافريقي، وكأنها في عالم منفصل كلياً عما يصيب مسيحيي المنطقة التي لم تمدّ أي قوى منهم يد المساعدة الاجتماعية منذ بدايات التهجير الذي يصيبهم ويدفع بهم نحو لبنان، بحيث ان الكنائس على انواعها «تكسر يدها» وكذلك القوى المسيحية التي تتهرب من تقديم اي دعم انساني لهؤلاء لئلا تفرض عليهم هذه الخطوة نوعاً من «المترتبات» العزيزة التي باتوا يعيشون من اجلها.

وهذا التراجع عن الدور الاجتماعي المسيحي المترافق مع خجل هذه القوى من المطالبة بالحفاظ على الحضور المسيحي في المؤسسات والادارات وفق وتيرة اندفاعها واستبسالها للحفاظ على مكاسب افرادية ومالية في الكازينو على سبيل المثال وكذلك المرفأ، يأتي في ظل يقظة لدى زعماء الطوائف اللبنانية الاسلامية لاستدراك تداعيات ازمات المنطقة على النظام اللبناني، اذ يعلن زعيم الطائفة السنية في لبنان ومحيطه رئىس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري عن تمسكه باتفاق الطائف والمناصفة التي يوفرها للمشاركين في النظام اللبناني، في حين يكتشف امين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله بأن قتال «حزب الله» على كامل ارض الاقليم يحفظ له موقعا مستقبلياً في صيغة النظام اللبناني الذي لا يفضل بقاءه، في حين تواضع حجم الطائفة الدرزية لم يمنع زعيمها رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط من ان يفرض ذاته لاعباً فاعلاً في المعادلة اللبناني مؤهلاً ذاته الى مصاف متقارب مع زعماء الطوائف الاسلامية، اسوة بكل من رئيس مجلس النواب نبيه بري، الرئيس الحريري والسيد حسن نصرالله.

وحتى في ظل استجماع الاوراق الاقليمية من خلال اللقاءات التي يعقدها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز مع رؤساء وزعماء الدول الاسلامية، اسوة بمصر وتركيا وقطر.. في خطوة تعكس مدى التحديات التي تواجهها كافة القوى، في حين تعمد ايران الى تعزيز اوراقها في كل من اليمن، سوريا ولبنان.. اذ في ظل هذا الواقع لا توجد رؤية مسيحية قادرة على صياغتها الكنائس والقوى المسيحية من اجل تحديد كيفية تفاعل هذا الفريق مع الاحداث سواء من خلال الانخراط المتطرف باتفاق الطائف كضمانة ام من خلال التلميح او التلويح بواقع مناسب افضل من الحالي.

لكن في موازاة هذه التحديات، غرقت القوى المسيحية في «نقطة» الحسابات الشخصية، وتركيزها على الملف الرئاسي بحيث باتت على قناعة انها قادرة على انتاج رئيس الجمهورية المقبل وفرضه على القوى الأخرى، دون الاخذ بعين الواقع تشابك الاحداث وامتداداتها.

واذ كان الحوار المسيحي الذي بدأ بين التيار الوطني الحر وبين القوات اللبنانية شكل في مراحل انطلاقاته ساحة ارتياح لا سيما في ظل القاء الضوء بكثافة من جانب المتحاورين على ان نسبة المسيحيين المؤيدين له تقارب الـ93%، وان كان هذا الحوار قد اعتبر في مراحله حاجة، وان كان هناك تباين على مواضيع خلافية بين رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، على غرار الموقف من الرئيس السوري بشار الاسد، وقانون الانتخابات النيابية ورئاسة الجمهورية.

وتقول المعلومات ان آخر لقاء جمع الى الدكتور جعجع في معراب، عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب ابراهيم كنعان وعضو تكتل القوات اللبنانية النائبة ستريدا جعجع ورئىس جهاز الاعلام والتواصل في القوات ملحم الرياشي، اذ ابان الاجتماع سألت النائبة جعجع زميلها كنعان عن الاجراء الذي اتخذه العماد عون في حق مدير الاخبار في الـ«او.تي.في» (O.T.V) جان عزيز بعدما بث الفيديو الذي اساء اليها نتيجة التلاعب في موقفها، فاجابها كنعان ان الموضوع عالجه العماد عون.

واشارت المعلومات الى ان النائبة ستريدا جعجع اتصلت بالجنرال عون بعد الاجتماع وقالت: «جنرال انتَ متل ابي وانا اسيء الي في الـO.T.V. فهل ترضى هذا؟ فردّ عليها الجنرال قائلا: «لا أرضى ابداً، وقد عمّمتُ داخل التلفزيون ان لا يُردّ على كل الحملات التي تطال عزيز».

وفي المعلومات ان العماد عون يعتبر ان رئيس القوات اراد ان ينسف الحوار، بعدما علم بأنه كان سيبلغ كنعان الانتقال عملياً الى المواضيع الاستراتيجية اسوة بقانون الانتخابات بحيث ان عون لم يكن راغباً في طرح الموضوع الرئاسي لكي لا يفسر الامر وكأنه حاور القوات من اجل هذا الهدف.. ولأن العماد عون تكمل المعلومات كان طلب من كنعان طي الصفحة الاولى من الحوار «العلكة» والكلام عن احتمال اللقاء مع جعجع من اجل التوقيع على المرحلة الاولى من «النوايا». لكون النوايا في منطق عون تكمن في الرغبة بالتوصل الى حل وتجاوز ازمة (O.T.V)، لكون عزيز غير مسؤول عما حصل، بل هو ناتج عن خطأ اقدم عليه احدهم عن غير قصد سياسي، حتى ان الاعلامي عزيز يقبل تطبيق اي اجراءات عليه وان كان غير مسؤول، ومع استعداده للابتعاد عن العماد عون اذا ما وافق جعجع فقط على القانون الارثوذكسي وهو جاهز لاستضافة النائبة ستريدا جعجع.

وتقول المعلومات ان القوات اللبنانية تسلمت «ورقة النوايا»، وان الدكتور سمير جعجع سيعكف على دراستها وسيضع ملاحظاته عليها، وبالتالي فان اجتماعاً سيجمع كنعان ورياشي لتسلم ملاحظات جعجع على «ورقة النوايا».

وقد بدأت المفاوضات تقترب من موضوع رئاسة الجمهورية، والجميع يعرف ان انتخاب الرئيس هي ورقة اقليمية دولية اكثر منها محلية، وكل المهتمين في الداخل لا يستطيعون ان يقرروا اي شيء في هذا الملف.

لذلك، سيبقى الدكتور جعجع على تواصل مع الحريري الذي لديه مواعيد هامة في السعودية وينتظر اجوبة منه، بعدما يكون اجتمع مع كبار المسؤولين السعوديين، اضافة الى ان الرئيس العماد ميشال عون لديه مواقف ثابتة بالنسبة لترشيحه لرئاسة الجمهورية.

واذ تسقط الآمال باحتمال توصل المسيحيين الى تصور مشترك في ظل ما حققه الحوار بين التيار وبين القوات من مصير، فان لا خطوات مسيحية فاعلة و«يقظة» في هذه المرحلة حسب الاوساط المسيحية المتابعة لتحركات هذه القوى، رغم ان بعض سياسيي هذه البيئة لا يميل الى المواجهات، بحيث تكشف معلومات نيابية، ان رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان اجرى اتصالاً بعضو تكتل التغيير والاصلاح الوزير السابق سليم جريصاتي، وابلغه ان القرار الذي وقعه وزير الدفاع سمير مقبل بالتمديد للواء محمد خير، هو لا يتبناه ويعتبره خطأ، ثم ان اللقاء الوزاري الذي عقده في منزله ليس موجها ضد العماد عون بل من اجل تصويب عمل الحكومة وضبط آلية التصويت.