IMLebanon

حربٌ سنية تقودها السعودية ضد شيعة اليمن ورسالة لايران

حربٌ سنية تقودها السعودية ضد شيعة اليمن ورسالة لايران

الأسباب : الدفاع عن مكة المكرمة ووقف التوسع الايراني وإعادة الشرعية

كتب شارل أيوب

عند منتصف ليل الاربعاء ـ الخميس كانت اربع وعشرون طائرة حربية سعودية تشن غاراتها على صنعاء وعلى مطارات عسكرية وعلى الدفاع الجوي في اليمن مفتتحة حرباً سعودية – يمنية لا احد يعرف نهايتها.

وما ان هبطت وعادت الـ 24 طائرة الى المملكة، حتى كانت اسراب اخرى من الطائرات تقوم بقصف مراكز الحوثيين ومقرات الجيش التابع للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، حيث خصصت المملكة العربية السعودية 100 طائرة من سلاحها الجوي للمعركة، اضافة الى 100 طائرة من الدول الـ 10 التي قررت الحرب على شيعة اليمن.

اذاً، السعودية تقود حرباً سنية ضد شيعة اليمن، وتحالفت مع 10 دول سنية عربية مطالبة بتدخل باكستان ايضاً، وتركيا في الحرب ضد اليمن، وهكذا، دخل اليمن والخليج عصر حربٍ كبيرة واقليمية لا احد يعرف نتائجها، وهل تبقى في حدود اليمن ام تصبح اقليمية واوسع؟

مصر ارسلت 4 بوارج حربية الى باب المندب، وارسلت اسراباً جوية الى السعودية، والـ 10 دول هي: السعودية ودول الخليج من دون سلطنة عُمان والمغرب والاردن ومصر، التي قررت الاشتراك في هذه الحرب، وطلبت السعودية من باكستان التدخل، واعلنت باكستان انها تدرس قرارها في اسرع وقت، لكن باكستان اصدرت بياناً قالت فيه: ان الامن الوطني للسعودية هو الامن الوطني لباكستان. اما تركيا فقالت انها مستعدة للمشاركة لوجستياً من اجل المساهمة في دعم الدول الـ 10 السنية ضد شيعة اليمن.

وعلى الصعيد الدولي، فإن حلف الناتو وخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، ايدت القرار السعودي بالهجوم على اليمن، فيما دعت روسيا الى حل سياسي والحفاظ على وحدة اليمن، اما الجزائر فرفضت الاشتراك في الحرب، فيما نددت ايران والعراق وحزب الله في لبنان بالعملية السعودية ضد اليمن، اما بيان وزارة الخارجية السوري فكان غير مباشر.

وهذه المرة الاولى التي تجتمع فيها قوة عربية عسكرية مشتركة في حربٍ ضد دولة عربية اخرى، ومصر دفعت في هذا الاتجاه لانشاء القوة العربية المشتركة، وقد وافق وزراء الخارجية العرب المجتمعون في شرم الشيخ على اقتراح القوة العربية المشتركة.

على الساحة الميدانية كانت اعمدة الدخان تتصاعد من صنعاء ومن تعز ومن صعدة ومن عمران والمحافظات التي تسيطر عليها القوى الحوثية، حيث ان الحوثيين يسيطرون على ثماني محافظات من اصل 21 محافظة في اليمن، لكنهم يسيطرون على العواصم الى ان وصلوا الى عدن مركز الرئيس عبد ربه منصور هادي، فاضطر الى الخروج من احد المنافذ الحدودية ليصل الى سلطنة عمان، ومن هناك تم الاعلان عن وصوله الى الرياض، ومن الرياض سيسافر الى شرم الشيخ لحضور القمة العربية السنوية.

اندلعت النيران في كل اليمن، وهاجمت الطائرات على مدى الدقائق والساعات الاهداف فيها، وكان واضحاً ان الطائرات السعودية ركزت على معاقل الحوثيين، واطلقت عليهم الاف الاطنان من القنابل والصواريخ لتدميرهم، ونظراً الى حجم العمليات الحربية، قالت الولايات المتحدة انها مستعدة لإرسال طائرات تموين، وتزويد بالوقود في الجو، وطائرات رادار لتساعد السعودية في حربها على اليمن. كذلك فعلت بريطانيا وفرنسا في تأييدهما لهجوم السعودية على اليمن مع 10 الدول العربية السنية.

واعلن الحوثيون الاستنفار الكامل للقتال في كل مكان، واقاموا دفاعاتهم، وجهزوا صواريخهم، واسلحتهم، ليقاتلوا في المدن، وعلى الحدود. حيث ذكرت الانباء ان السعودية حشدت على حدودها 100 الف جندي سعودي. قالت فيما بعد السعودية، ان الامر يتعلق بالدفاع عن السعودية، وليس للهجوم.

لكن وكالة الـ (سي. ان ان.) الاميركية، ذكرت ان القوات السعودية مدعومة بالقوات العربية، ستنزل في منطقة عدن، وتعز، بحوالى 15 الف جندي كبداية رأس جسر للهجوم البري داخل اليمن.

فيما استنفر الحوثيون 50 الف متطوع لهم ومقاتل، للدفاع عن صنعاء، وللسيطرة على عدن وتعز، مع العلم ان قوات الجيش اليمني المرتبطة بالرئيس المخلوع علي عبد الله صالح تقاتل، لكن الرئيس علي عبد الله صالح بدأ يقوم بحسابات اخرى، ويحاول الانسحاب من المعركة، لتبقى بين شيعة اليمن (الحوثيين) والقوات العربية من الـ 10 دول المشاركة في الحرب.

مسؤول كبير في السعودية قال ان هدف العملية هو: اولاً، الدفاع عن مكة المكرمة والاماكن المقدسة، وثانياً، الحد من النفوذ الايراني والتوسع الايراني في الدول العربية، وثالثاً، اعادة الشرعية اليمنية الى الرئيس هادي وحكومته، لتحكم اليمن من جديد، لكن ذلك يحول دونه حربٌ داخلية في اليمن، تبدأ ولا تنتهي.

في هذا الوقت قال المغرب: انه دخل المعركة الى جانب السعودية للدفاع عن مكة والاماكن المقدسة، اما مسؤول كبير سعودي فقال: انها رسالة موجهة الى ايران.

ان التمدد الصفوي والشيعي الى الدول العربية انتهى زمانه، وان السعودية ستقود البلدان العشرة السنية العربية، وتحارب النفوذ الايراني، وان السعودية ضبطت الوضع الشيعي لديها في المنطقة الشرقية، كذلك ضبطت الوضع في البحرين ذات الاقلية الشيعية، وبعضهم يقول ان الشيعة في البحرين هم الاكثرية، او يوازون النصف تقريباً.

مسؤول عربي في الجامعة العربية قال ان الوضع في اليمن يوصف بالشكل التالي والسؤال ماذا يريد الحوثي من اليمن؟ ويقول المسؤول العربي ما الذي شجع الحوثي على ابتلاع اليمن.

ـ انطلاق الحريق العربي ـ

بعد انطلاق الحريق العربي في اليمن في شباط 2011 ظلت السلطة في اليمن موضع صراع بين عدة أطراف وحاول مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية وضع صيغة معينة للتوافق من خلال المبادرة الخليجية التي اعتبرت الثورة الشعبية في اليمن أزمة سياسية بين حزب المؤتمر الشعبي وتكتل أحزاب اللقاء المشترك.

وقد تم التوقيع على المبادرة الخليجية في الرياض في 23 تشرين الثاني 2011، وساهمت المبادرة في رسم شكل أحداث اليمن بعد انتفاضة عام 2011 بشكل واضح، وحدّدت مراحل العملية الانتقالية بدءًا من استقالة علي عبدالله صالح، وتولي نائبه عبد ربه منصور هادي الرئاسة لفترةٍ انتقالية ثم تكليف المعارضة تأليف حكومة «وفاق وطني»، وصولاً إلى صياغة الدستور الجديد ثم إجراء انتخابات تشريعية، مما مهد الطريق على الأقل نظريًا وكأساس قانوني أيضًا لتسير اليمن نحو الاستقرار النسبي.

وقد تم اعتماد المبادرة مرجعية دستورية للبلاد إلى حين صياغة الدستور، كما منحت المبادرة الحصانة للرئيس علي عبدالله صالح، وهو ما رفضته عدة قوى معارضة في البداية ويرجح أن هذا من أهم الأسباب التي سهلت على الرئيس السابق صالح العودة للعب في الساحة السياسية في اليمن.

وحين انطلقت ثورة فبراير 2011 لإسقاط نظام الرئيس صالح، كانت تطلعات الحوثيين التوسعية أقل بكثير مما هي عليه الآن وقد أغرتها عدة عوامل من أهمها وجود رغبة إقليمية ودولية بإنهاء وجود الإخوان المسلمين، فشل الرئيس هادي في قيادة الانتقال السلمي، الفشل الاقتصادي في تقديم أدنى متطلبات الحياة للمواطنين، ضعف شخصية الرئيس في اتخاذ القرارات، مساندة قيادات من النظام السابق لجماعة الحوثي في سيطرتها على مدينة صعدة ضمن دوافع انتقامية بعد الثورة، وعدم قيام الرئيس بخطوات جدية في مواجهة الحوثيين ربما من أجل تفكيك تحالفهم مع صالح أو من أجل استغلال توجهات الخليج في إضعاف الإسلام السياسي للحصول على الدعم المالي.

واستطاعت الجماعة بشكل تدريجي توسيع نفوذها من خلال السيطرة على مدن بعد أخرى.

وكل هذا وهي منخرطة في الحوار الوطني بعد رفضها للمبادرة الخليجية الذين رأوا أنها همشتهم ، وهذا يدل على أن دخولها للحوار كان تغطية على تقدمها العسكري الذي تم بتنسيق مع الرئيس المخلوع علي عبد الله صـالح.

قام الحوثيون بالتوقيع بعد ذلك على مخرجات الحــوار الوطني التي أقرت أواخر كانون الثاني 2014، ونصت على نزع سلاح كل الجماعات المسـلحة ومن بينـها الحوثيون، ولكنهم اتهموا بالالتفاف على قرارات الحوار الوطني ولم يلتزموا بتسليم أسلحتهم وفق ما نص عليه الحوار الوطني، وإنما بدأوا قتالاً مع القوات الحكومية في شباط للسيطرة على مدينـة عمران، وانتـهت المعارك بسيطرة الحوثيين على المدينة في 9 تموز 2014.

وفي 18 آب 2014 تظاهر الحوثيون في صنعاء احتجاجًا على زيادة أسعار الوقود، وطالبوا بإسقاط الحكومة وتطبيق قرارات الحوار الوطني، وتعهدوا بالرد بكل الوسائل على أي هجمات على المعتصمين، وفي 21 ايلول سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء، فاستولوا على مقر الحكومة ومقار وزارة الدفاع والقيادة العامة للجيش والفرقتين السادسة والرابعة، ومقر البنك المركزي ووزارة الإعلام والتلفزيون الرسمي.

وفي هذا السـياق فإن الحوثيين بدلاً من أن ينسحبوا من المدن قاموا بالسيطرة على مدن جديدة، وبدلاً من تسليم سلاحهم قاموا بالاستيلاء على أسلحة الجيش، وهذا ما أدى إلى انهيار عناصر الثقة بالحوثيين من الأطراف اليمنية الأخرى.

قام الحوثيون في ايلول 2014 بتقييد السلطة اليمنية وإبقائها فقط بشكلها الرمزي ونجحوا تحت قوة السلاح في توقيع اتفاق (السلم والشراكة) الذي كان كإلغاء للمبادرة الخليجية، وبموجب اتفاق «الشراكة» تم تغيير حكومة سالم باسندوة بحكومة خالد بحاح وحصل الحوثيون على 6 حقائب وزارية وتم تعيين أحد وجوه الجماعة، صالح الصماد، مستشارًا للرئيس، وساهمت هذه الخطوات في إظهار حرص الحوثيين على تحويل تقدمهم العسكري إلى إنجاز سياسي.

حاول الحوثيون فرض شروط أخرى تقيد صلاحيات الرئيس هادي منها الضغط عليه لتعيين نائب له من جماعة الحوثيين وشغل عدد من المناصب العليا وعملت جماعة الحوثي على دمج حوالى 50 ألف من عناصرها داخل أجهزة الدولة وتحديدًا في قوات الجيش.