جعجع زار فجأة عون ورئيسا المجلس والتيار اختلفا علناً بالتصريحات
عون : لتأخذ الحكومة إجازة حتى 15 أيلول و«ليقفلوا دكانهم»
بري : أنا مستمر بالحكومة وسأحضر واستمر والمقاطعة لجلستين ويعودون
اثمرت جهود النائب ابراهيم كنعان ورئيس جهاز التواصل والاعلام في القوات اللبنانية ملحم رياشي وعلى مدى الـ 5 شهور الماضية من الاجتماعات واللقاءات عن تذليل الكثير من المطبات، والعراقيل والوصول الى ورقة اعلان نيات واعلانها في حضور العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع من الرابية التي وصلها الدكتور جعجع فجأة، وقبل يوم من موعد الاجتماع، حيث كان من المنتظر ان يصل الى الرابية امس مسؤولو جهاز الامن في القوات اللبنانية لاستطلاع المنطقة والطريق، لكنهم وصلوا مع الدكتور جعجع في خطوة امنية لافتة.
اللقاء بين العماد عون والدكتور جعجع وضع اعلان نيات واضحة في ظل مرحلة يعيش فيها المسيحيون خطراً على وجودهم، وبالتالي اللقاء لم يكن سياسياً بل لقاءً وجودياً في ظل الخطر الذي يعيشه المسيحيون في المنطقة.
اللقاء جاء نتيجة ضغط الساحة المسيحية على عون وجعجع، لان الساحة المسيحية رافضة لاي خلاف مسيحي – مسيحي، في ظل وحدة الزعيمين بين الطوائف الاخرى ان كان على الصعيد الشيعي والدرزي والسني، وكان لسان حال الشارع المسيحي يقول: «لماذا الخلاف عند المسيحيين فقط»؟ وهم الوحيدون الذين يعيشون الخلافات؟
اللقاء بين عون وجعجع سيؤسس حتماً للبحث الجدي في انتخابات رئاسة الجمهورية، ولكن لا احد يتصور ان عون سيؤيد جعجع للرئاسة او ان جعجع سيوافق بسهولة على العماد عون لرئاسة الجمهورية. لكن اللقاء، وحسب مصادر المجتمعين، كان ودياً، وظهر الارتياح على الرجلين، خصوصاً ان مواضيع البحث كان التوافق عليها قبل الاجتماع، وتخلله احاديث عن مجمل التطورات رغم انهما حاذرا الدخول في الملفات الخلافية والاتفاق على تركها جانباً. هذا مع العلم ان كنعان ورياشي زارا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي امس الاول وسلماه ورقة اعلان النيات التي باركها الراعي.
وفي موازاة اللقاء المسيحي – المسيحي، كان الوضع بين الرئيس بري والعماد عون شهد انفجاراً سياسياً واضحاً بشأن الحكومة واجتماعاتها وديمومتها، فالعماد عون اعلن ان على الحكومة ان تأخذ اجازة حتى 15 ايلول وتقفل دكانها.
لكن الرئيس بري رد بشكل واضح ومباشر واعلن انه سيدافع عن الحكومة وسيحضر وزراؤه اجتماعاتها وهي مستمرة وخط احمر، والمقاطعة للحكومة ستستمر لجلسة او جلستين وستعاود عملها ونشاطها.
هذه الاجواء، توحي بان جبهة 8 آذار تصدعت، لان الوزير سليمان فرنجيه غير متحمس ايضاً لسحب وزيره روني عريجي من الحكومة، لكن هناك قرار رسمي بالامر بالنسبة لفرنجيه، غير ان الرئيس بري واضح في موقفه من استمرار الحكومة.
والسؤال: كيف سيتعاطى حزب الله مع الامور، خاصة ان الرئيس بري حليفه وكذلك العماد عون؟ والرئيس بري قال: «انه لا يستطيع تحمّل العماد عون ومواقفه. اما العماد عون فقال «انه لم ير من بري الا المناورات السياسية والاعيب عليه».
نتيجة الوضع القائم بين بري وعون، يمكن ان تؤدي في النهاية الى توحيد الرؤية والمواقف بين بري وسعد الحريري والنائب جنبلاط على مستوى «التكتيك» و«الشخصي»، ولكن ليس على المستوى الاستراتيجي، لأن حلف الرئيس بري وحزب الله حصين وقوي جداً وفوق حسابات البعض. اما جنبلاط فسيبقى مرتبطا وخارج 8 و14 آذار. واما سعد الحريري فسيبقى مع السعودية، لكن على الصعيد الشخصي والامور المرحلية سيتعزز اللقاء والتقارب بين بري والحريري وجنبلاط وسيقومون بالتنسيق لادارة الامور السياسية المستقبلية والملفات العالقة.
وفي كواليس المواضيع الداخلية جاء كلام على لسان الرئيس الحريري وجنبلاط بأنهما لا يعارضان تعيين العميد شامل روكز قائدا للجيش مقابل ان يتخلى العماد عون عن رئاسة الجمهورية، فهل يستطيع حزب الله اقناع العماد عون بالامر، او بالاحرى هل حزب الله مقتنع بحد ذاته باعطاء النصيحة للعماد عون بالانسحاب بعد تبنيه لترشيح الجنرال عون لرئاسة الجمهورية؟
ـ ماذا في سجال بري – عون؟ ـ
وكان العماد عون دعا بعد اجتماع تكتل التغيير والاصلاح الحكومة الى ان تأخذ اجازة حتى ايلول، طالما انهم مصممون على تعطيل عمل الحكومة وسيقفلون دكانهم. ونحن خائفون من التنقل ونترقب ماذا سيحصل على «الجبهة». فيما حزب الله يسعى لان يدير مواجهته في الجنوب، لتعود الحكومة في 15 ايلول او معاً او وحدهم ليحققوا كل ما املوا فيه ويتسلموا كل شيء، ويباركهم الله فيه…
وردا على كلام العماد ميشال عون قال الرئيس بري: «لا احد اكبر من وطنه، وما فعلوه في المجلس يحاولون فعله مع الحكومة، وحتى لو غاب البعض عن الحكومة، فان الميثاقية متوافرة فيها، وانا باق فيها وسأحضر واستمر».
وردا على سؤال حول ما اذا قاطع وزراء التكتل وحزب الله تتوقف الحكومة، اجاب: هذا الموضوع عند الرئيس تمام سلام، ولكن اؤكد ان الجميع سيتضرر المقاطعة واعتقد ان المقاطعة ستكون لجلستين او ثلاث ويعودون.
من جهة اخرى، نقل الزوار ايضا ان الرئيس بري قال امام الموفد البابوي حول موضوع انتخابات الرئاسة ان هناك 3 دول فاعلة في هذا الموضوع هي الفاتيكان وايران والسعودية التي تستطيع ان تؤدي دورا في هذا المجال وليس صحيحا ان المشكلة مسيحية – اسلامية او مسيحية – مسيحية بل هي مارونية – مارونية.
خلافا للعام 2008 ، فآنذاك كان محور المداورات في الدوحة هو قانون الانتخاب وليس شخص الرئيس، لأنه كان متفقاً عليه، ولكن المشكلة اليوم بـ «الشخص». واضاف بري «انه في هذا الوضع القائم في المنطقة نصر على ان يكون الرئيس مسيحياً مارونياً، فإذا كانت هناك في الماضي ملاحظات على الرئيس الماروني فاليوم الجميع متمسك بمارونية الرئيس ويجب ان يكون جامعاً للبنانيين.
وصف بري وضع البلد بأنه كالبيت المحاط بالاشجار التي فيها اغصان يابسة وتشتعل، ولا نعرف متى تصل النار الى الداخل.
وسأل الموفد البابوي الرئيس بري: هل جلسة غد الـ24 هي لانتخاب الرئيس؟ اجاب بري «نعم، فقال الوفد الفاتيكاني، ان مساعيكم ومساعي سواكم هي مسألة موضع تقدير من قبل الفاتيكان، وما رأيكم في الحوار المسيحي – المسيحي أجاب بري: ان شاء الله خيراً».
ـ ورقة اعلان النيات ـ
ولفت عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ابراهيم كنعان ورئيس جهاز الاعلام والتواصل في حزب «القوات اللبنانية» ملحم رياشي بعد اعلان ورقة النيات بين حزب «القوات» والتيار الوطني الحر، الى انه «عندما كان الحوار الوسيلة الفضلى لتبادل الآراء حول المواضيع ذات الاهتمام المتبادل، وجد الفريقان ان التنافس السياسي مشروع، واتفق الفريقان على مجموعة مبادىء عامة وهي: التزام نهج الحوار والتخاطب البناء والعمل لبناء قواسم مشتركة، واعتماد المبادئ السيادية في مقاربة المواضيع على ان تؤخذ في الاعتبار امكانات الدولة اللبنانية والمعادلات الاقليمية والدولية، والتعهد بالتقيد بالدستور والابتعاد عما يتعلق بالتلاعب به واساءة تفسيره، العودة الى الميثاق وصحة التمثيل و«الشراكة» الصحيحة وترجمة ذلك بقانون انتخابي وانتخاب رئيس قوي ومقبول في بيئته وقادر على طمأنة كل المكونات، والعمل على تعزيز مؤسسات الدولة ودعم الجيش معنويا وماديا بصفته المؤسسة الضامنة للسيادة، وتعزيز القوى الامنية الشرعية بهدف بسط سلطة الدولة على جميع الاراضي اللبنانية، والحرص على ضبط الاوضاع على الحدود بين لبنان وسوريا وعدم استعمال لبنان منطلقا لتهريب السلاح والمسلحين، واحترام قرارات الشرعية الدولية كافة والعمل على تنفيذ القرارات التي تم التوافق عليها سابقا في الحوار الوطني، وحل مسألة النزوح السوري المتعاظمة. وضرورة اقرار قانون جديد للانتخابات، والالتزام بأحكام الدستور المتعلقة بالمالية العامة التي تحدد موازنة الدولة وشموليتها وكذلك اعداد الحسابات المالية وفق الأصول، ترشيد الانفاق والحد من الهدر وانشاء المحكمة الختصة بالجرائم المالية، والتأكيد على التمسك بالمبادىء الكياينة المؤسسة للوطن التي هي جوهر وجوده منها قانون الجنسية وتملك الأجانب».
واضافا ان «الفريقين يعتبران ان اعلان النيات يؤكد على التمسك بالمبادئ الكيانية المؤسسة للبنان، وابقاء المبادئ الدستورية والميثاقية فوق سقف التنافس السياسي ورغبة بالعمل على التواصل بجميع المجالات لتنفيذ الالتزامات.
ثم تحدث جعجع فقال: «أنا مسرور لأني موجود في الرابية، وكنت أقول لعون يا ليت الاجتماع حصل منذ عدة سنوات. أنا موجود هنا ليس لأي سبب من الاسباب المطروحة اليوم، بل إن السبب الرئيسي هو التقاء القوتين السياسيتين، «القوات» و«التيار الوطني الحر»، وهما قوتان سياسيتان في حال التقيتا يمكن ان يكون لهما تأثير إيجابي على لبنان».
أضاف: «اجتماعنا اليوم هو بداية حوار لأن الأشهر الماضية كانت تمهيدا وتحضيرا لأجواء هذا اللقاء. ووصلنا اليوم إلى نقطة الصفر، وعملنا سيبدأ منذ اليوم، وسبذل جهدنا كي لا تفشل هذه المحاولة، وأي موضوع ممكن ان نختلف عليه سنضعه جانبا ونكمل بالمواضيع الأخرى».
وتابع: «اتفقنا على ضرورة وضع قانون انتخابي جديد وقانون استعادة الجنسية، على رأس أعمال أي جلسة تشريعية. ونحن لا نعارض المبادرة التي طرحها العماد عون عن استطلاع الرأي بشرط أن تكون تحت سقف الدستور.
من جهته، قال العماد عون: «زيارة الحكيم كانت مفاجئة، ونحن نوافق على النيات التي أعلنت ومصممون على تنفيذها، لكننا نؤيده. وإن اللقاء اليوم كان إيجابيا، وهو هدية للمسيحيين القلقين على الوضع في لبنان». أضاف: «الوضع المسيحي ارتاح، وسترون مزيدا من الارتياح في الفترة المقبلة. القرار في يدنا، لا في يد أي جهة اخرى، ولا إرادة لنا بالمس بالآخرين».
ـ كنعان: الاجواء ايجابية ـ
اما النائب ابراهيم كنعان فوصف اجواء اللقاء لـ «الديار» بالايجابية والصراحة، وكان الجو الجو بين العماد عون والدكتور جعجع وديا واستمر لـ3 ساعات، وجال الرجلان في اجواء القصر والحديقة، وتمت استعادة بعض الذكريات. واشار كنعان الى انه تم بحث كل الملفات من الرئاسية الى التعيينات والحكومة والنزوح السوري وصولا الى قانون الانتخابات ومبادىء العمل على الصعيد المستقبلي.
وقال كنعان: شكل اللقاء رؤية وطنية وقراءة نقدية للطائف لجهة الرئيس القوي اضافة الى النظرة الموحدة لموضوع اللامركزية الادارية الموسعة والمالية العامة للدولة ومكافحة الفساد وانشاء المحكمة الخاصة بالجرائم المالية في لبنان وصولا الى البنود السيادية ودعم الجيش وغيرها وهو ما يؤسس لارضية خاصة وطنية من اجل البناء عليها مستقبلا.
واشار كنعان الى ان عقد اللقاء يمثل تطوراً كبيراً عند المسيحيين لجهة الميثاقية والتي هي الاساس لتكوين النظام. وختم كنعان بأن اللقاء مرشح للتطور وسيبنى عليه وسيتابع التنسيق حول كل الملفات المطروحة وفق معايير واضحة واوسع واشمل.
ـ الرئيس سلام يلتقي ولي العهد السعودي ـ
على صعيد آخر، وصل رئيس الحكومة تمام سلام والوفد المرافق الى المملكة العربية السعودية واقام ولي عهد المملكة العربية السعودية الامير محمد بن نايف آل سعود نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مأدبة عشاء في قصر الضيافة في جدة على شرف رئيس مجلس الوزراء تمام سلام في حضور الرئيس سعد الحريري وجميع اعضاء الوفد اللبناني المرافق للرئيس سلام.
واعقب ذلك جلسة محادثات حضرها اعضاء الوفدين اللبناني والسعودي، وتلت ذلك خلوة بين الرئيس سلام والامير محمد بن نايف، علماً ان الرئيس سلام والوفد المرافق سيلتقي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز اليوم، وسيتضمن البحث كما اعلن اعضاء الوفد اللبناني معظم الملفات بما فيها الهبة السعودية للجيش اللبناني.