شوارع بيروت وجبل لبنان تغرق في أكوام النفايات، واللجنة الوزارية عاجزة عن إيجاد حل للمطامر كي يتم رمي النفايات فيها. ومجلس الوزراء عاجز عن الاتفاق على آلية لعمل الحكومة، ومجلس النواب لا دورة تشريعية له إلا بشروط مرفوضة من قسم من 8 و 14 آذار أما انتخاب رئيس للجمهورية فأمر ممنوع في الوقت الراهن.
الأمراض تهدد سكان لبنان والنفايات يجري حرقها بشكل يؤدي إلى انتشار التلوث في الهواء، ورمي النفايات في الوديان وأعالي الجبال يؤدي إلى تلوث المياه. وقد تصدرت عناوين الشاشات الدولية والصحف الدولية أخبار النفايات في بيروت، في وقت يجري فيه الإعلان عن إقامة مهرجانات سياحية وسط طوفان من النفايات في الشوارع. الحل الوحيد الممكن هو بيع النفايات إلى السويد والنروج ونقلها بسفن من مرفأ بيروت إلى هذه الدول، لكن الحكومة لا تستطيع الاجتماع بسبب مشاكل دستورية وسياسية.
لبنان يغرق في الفوضى والشعب اللبناني يعاني من وجود مليون ونصف مليون لاجئ سوري على أرضه، إضافة إلى نصف مليون فلسطيني ونجد اللبناني يهاجر من لبنان حيث يفتش له عن بلد يعيش فيه غير وطنه الأساسي لأن الطبقة السياسية فشلت كلياً في إيجاد حلول بينها والاتفاق على الأمور فيما الوعي غائب عن عقول اللبنانيين رغم عبقرية أفراده.
ـ فوضى في معالجة ملف النفايات ـ
«حركة بلا بركة» في اجتماعات اللجنة الوزارية المكلفة بحث ملف النفايات، ويبدو ان النقاشات «تراوح مكانها» كما هو الحال في الملف الحكومي. ويبدو ان عدم الثقة بين اعضاء اللجنة يمنع الوصول الى حلول، كما ان عدم ثقة المواطنين بقرارات الحكومة تدفعهم الى رفض القرارات. وبالتالي فان عدم تجاوب الاهالي كان الطاغي على اجتماعات اللجنة، فقد ردّ اهالي عين دارة واتحاد بلديات كسروان – الفتوح على التسريبات الوزارية بإقامة مطامر في كسارات المنطقة بالرفض ونزل اهالي عين دارة الى الشارع، رغم التهديد الذي وصلهم بأن القوى الأمنية ستفتح الطريق بالقوة، كما ان رئيس اتحاد بلديات كسروان – الفتوح نهاد نوفل رفض تحميل البلديات مسؤولية المشكلة. واشار الى تشكيل لجنة من البلديات لمتابعة الموضوع والتفتيش عن امكنة. لكن هذا الامر من مسؤولية الدولة، ولا يمكن الطلب من البلديات ايجاد الحلول وبهذه السرعة. وأكد ان اقامة مطامر في المنطقة ستلوث المياه والبيئة، وان البلديات رفضت اقامة مطامر ضمن نطاق عملها وسترد على الحكومة بعد اجتماع اللجنة.
وفي موازاة رفض البلديات، فان النقاشات داخل اللجنة الوزارية كانت «حادة» وجدد الوزير أكرم شهيب موافقة الحزب التقدمي الاشتراكي على اقامة مطمر في كسارات عين دارة، متعهداً معالجة موضوع الاهالي.
* اما الوزير الياس بوصعب فأكد ان التيار الوطني الحر لن يغطي سياسياً اقامة اي مطمر في منطقتي كسروان والمتن، وان الحل الذي اقترحه التيار الوطني الحر لم يؤخذ به وهذه مسؤولية الدولة، مشيراً الى عمليات هدر في الملف.
* وزير البيئة محمد المشنوق أكد أن لا حل خارج الكسارات ويجب اقامة 6 مطامر، وتحديداً في كسارات عين دارة وجرود كسروان وجبيل، وكسارات برج الميزان، وكسارات مجدل ترشيش، بالاضافة الى استخدام مكب صيدا ومطمر الناعمة، ثم طمر نفايات بيروت بالتساوي بين هذه المطامر، كما تعهّد باعطاء البلديات حوافز مالية ما بين 200 الى 300 الف دولار شهرياً طالباً من القوى السياسية مساعدته على الحل.
علماً ان النقاشات تدور في حلقة مفرغة، ولم تقدم اي حلول جديدة خارج اطار الكسارات، فيما تمسك الوزير علي حسن خليل بموقفه لجهة اقتران عمله الصرف بقرار من مجلس الوزراء. وفيما ترددت معلومات عن اجتماع للجنة بعد ظهر اليوم، اشارت معلومات اخرى الى ان لا اجتماع اليوم بانتظار الاتصال مع البلديات التي توجد الكسارات ضمن نطاقها العقاري.
وفي ظل تراكم النفايات في بيروت، بدأ بعد ظهر امس سحب النفايات منها بقرار من محافظ المدينة، على ان يتم جمعها بشكل مؤقت في ارض تابعة لبلدية بيروت في منطقة الكرنتينا، رغم رفض اهالي المنطقة لذلك، فيما ناشد اصحاب «مطحنة يغاليان» المسؤولين بسحب النفايات من جانب المطحنة لضررها البيئي والا سيتوقفون عن توزيع «الطحين» اليوم، علما ان المطحنة تؤمن 40% من حاجة السوق المحلي.
لكن اللافت ان ملف النفايات وراءه صفقات مالية كبيرة، اذ كان سيدفع 25 دولاراً عن كل طن زبالة يرمى في كسارات سبلين لصاحب الارض، وبالتالي المعول على ملايين الدولارات في الشهر.
اما في كسارات عين دارة فقد تم الاتفاق على ان يدفع 20 دولاراً عن كل طن زبالة، ويتم توزيعها بين 10 دولارات لصاحب الارض و10 دولارات للقوى السياسية، وبالتالي الحصول على ملايين الدولارات شهرياً. لكن المشكلة ان القوى السياسية تواجه لاول مرة انتفاضات حقيقية تعرقل مشاريع الكبار، وهذا ما حصل في سبلين. كما ان تحركات اهالي عين دارة ربما أفشلت المشروع. وهذا الامر اعترف به الوزراء في اجتماع اللجنة الوزارية، لجهة مواجهتهم من قبل الاهالي ولا يمكن القفز فوق اعتراضاتهم.
ـ فوضى في آلية عمل الحكومة ـ
وعلى صعيد الحكومة، فان «الفوضى» الحكومية ليست أقل ضرراً من الفوضى البيئية، في ظل تعثّر الحلول لآلية عمل الحكومة. واشارت مصادر الرئيس تمام سلام الى ان جلسة الحكومة قائمة، وان الرئيس سلام سيفتتحها بكلمة عامة وسيعرض ملف النفايات وضرورة اتخاذ قرارات في مسألة قروض «باليوروبوند» مستحقة بين 7 و8 آب، وضرورة اجتماع المجلس النيابي، وسيعلن البدء باستكمال النقاش في الآلية. وفي ضوء مسار النقاشات سيحدد سلام مصير الجلسة، لجهة استمرارها او رفعها دون تحديد جلسة أخرى، وهذا يعني الاعتكاف، دون الاقدام على الاستقالة التي هي خط أحمر نتيجة الاتصالات السعودية والفرنسية والاميركية مع سلام، وبالتالي تحول الحكومة الى حكومة تصريف أعمال.
وفي المعلومات ان الاتصالات لم تؤدّ الى اي نتيجة في ملف الآلية مع تمسّك كل فريق بوجهة نظره.
ـ فوضى أمنية في عين الحلوة ـ
الفوضى في البلاد امتدت الى عين الحلوة التي تعيش على فوهة بركان، بعد مقتل العقيد في حركة فتح طلال الاردني المقرب من «اللينو». وكل المعلومات تؤكد أن جند الشام وراء العملية بقيادة بلال بدر، وان «اللينو» اعتبر بلال بدر «مطلوباً وسيتم ايقافه فور ظهوره في المخيم، كما ان العميد حسن المقدح اكد ان اسماء الذين نفذوا عملية الاغتيال باتوا معروفين. واللافت ان اجتماعات حصلت بين «اللينو» ومسؤولين في فتح للمرة الاولى بعد فصل «اللينو» من فتح بقرار من الرئيس محمود عباس، وان اللقاء أكد على اهمية وحدة فتح في مواجهة الارهابيين ومنع سيطرتهم على المخيم.
وقالت مصادر فلسطينية معنية في مخيم عين الحلوة ان الوضع في المخيم مفتوح على كل الاحتمالات، بما في ذلك لجوء فتح ومعها القوى الفلسطينية الاخرى الى حسم الوضع مع «جند الشام»، بعد ان تبين ان اغتيال طلال الاردني، يأتي من ضمن مسلسل متكامل لتنفيذ اغتيالات في المخيم ودفعه نحو التقاتل الداخلي.
واكدت المصادر ان فتح اتخذت قرارا حاسما، يقضي بتسليم قتلة الاردني، وهم بلال بدر ومجموعته، لانه من دون ذلك، لا احد يضمن عدم تكرار الاغتيالات، ولذلك اخذت حركة فتح قراراً بعدم القبول بأي مساومات او التراجع عن تسليم القتلة.
ـ فوضى السلاح المتفلت واستشهاد المقدم كحيل ـ
فوضى السلاح الذي عاد للظهور والانتشار في الاسابيع الماضية بين اللبنانيين، ويتم استخدامه في عمليات القتل والفوضى والاعتداء على كرامات الناس دون اي رادع قانوني واخلاقي. فقد شهدت البلاد سلسلة حوادث الاسبوع الماضي تركت استنكاراً واستياء لدى كل اللبنانيين، بعد ان تكاثرت هذه الاعتداءات والتي تطلب حزما من القوى الامنية.
وهذا السلاح «المتفلت» من كل الضوابط، ادى الى استشهاد المقدم في الجيش اللبناني ربيع كحيل الذي توفي امس بعد ان اصيب بطلقات نارية اثر اشكال على طريق بدادون – القماطية قبل يومين حيث اطلق عليه احد المتهمين والمدعو هشام ضو 4 رصاصات أصابت رجليه. وقد ادى نزيف الدماء الى استشهاد المقدم كحيل، بعد ان بقي في الارض لساعات دون اي اسعافات. واشارت معلومات الى فرار هشام ضو المتهم بالقتل الى تركيا، في حين قام رئيس بلدية حومال بتسليم نجله ايلي ضو الذي شارك في عملية الاعتداء على المقدم كحيل الى الأجهزة المختصة. وقد نعت قيادة الجيش المقدم كحيل الذي حصل على الثناء من زملائه الذين اشادوا بمناقبيته ومشاركته الى جانب رفاقه في الجيش اللبناني بالتصدي للارهابي في جرود عرسال.
ـ غارة على قوسايا ـ
على صعيد آخر، عند الساعة الثانية وخمسة وأربعين دقيقة، نفذت طائرة بدون طيار تابعة لجيش الاحتلال الاسرائيلي غارة على احد مواقع الجهة الشعبية القيادة العامة في الجبهة اللبنانية للسلسلة الشرقية في جرود قوسايا، حيث سقط شهيد وستة جرحى من عناصر الجبهة. وتأتي الغارة في سياق الدعم الذي يقدمه الكيان الصهيوني للارهابيين التكفيريين في سوريا، والموقع الذي استهدفته قريب من جغرافيا المعارك الدائرة في الزبداني التي تشهد زخماً قوياً، حيث يسمع ابناء البقاع الأوسط أصوات المدفعية وانفجار الصواريخ. وافيد انه بعد الغارة الاسرائيلية سمعت اصوات انفجارات في الموقع المستهدف وعلت سحب الدخان.