عواصف الطبيعة والنفايات والكهرباء والمياه والاقساط تخنق اللبنانيين
مواقف عنيفة للمتحاورين تنعي طاولة الحوار قبل ان تبدأ
الحراك المدني يستنفر كل قواه لتأمين أكبر حشد شعبي في رياض الصلح
عاصفة «صفراء» طبيعية، اطبقت على صدور اللبنانيين امس، وفاقمت من مآسي وهموم العواصف التي يعيشونها بدءاً من النفايات الى تقنين الكهرباء، وشح المياه وعجقة السير وبداية العام الدراسي وغلاء الاقساط والكتب والقرطاسية، وجعلتهم ربما يلعنون الساعة التي ولدوا فيها في هذا البلد الذي وهبه الله جمالاً يفوق كل وصف، وشعباً طيباً، جعلته الطبقة السياسية يكفر بكل شيء جراء ممارساتها التي فاقت كل «حدود المعقول» دون الالتفات الى صرخات الناس الذين فاجأوا الطبقة السياسية، بردهم المدني ونزولهم الى الشارع، مطالبين بحقوقهم المشروعة التي هي حقوق كل اللبنانيين ولن يتراجعوا حتى تحقيقها، وسيتخذ صدى اليوم في حراكهم كل الوسائل الديموقراطية والحضارية، وسينظمون حشداً شعبياً ضخماً في ساحتي رياض الصلح وساحة الشهداء طوال النهار رداً على «اهمال» الطبقة السياسية التي ردت على الحراك بحوار لن ينتج شيئاً وسبقته حرب بيانات وتسريبات عنيفة متبادلة بين 8 و14 آذار ونعيه قبل ان يبدأ، وهذا ما سيزيد من سقوف الحراك التي لن تتوقف وطالما الطبقة السياسية تسد «الاذان» عن اوجاع الناس فانها تكون تمهد الطريق لكتابة «نعيها» بيديها، عبر قانون انتخابات عصري على اساس النسبية سيولد من «رحم» الناس وعذاباتهم مهما كابرت هذه الطبقة السياسية.
اليوم، سيكون مفصلياً وهاماً، واذا استطاع «الحراك المدني» تأمين حشد شعبي يوازي تحرك 29 آب، فان لبنان سيكون امام بداية مرحلة جديدة في تاريخه، ستحدث تغييرات مهمة في مسيرة البلد السياسية. واللافت ان القوى العسكرية ستواكب الحراك المدني وطاولة الحوار باجراءات امنية استثنائية مع رفع الجهوزية العسكرية الى اقصى درجاتها، وسيبدأ الانتشار صباح اليوم حيث ستتحول العاصمة الى «ثكنة عسكرية» مع انتشار على الطرقات لتأمين وصول المتحاورين الى مجلس النواب،وكذلك حماية «الحراك المدني»، خصوصاً ان قائد الجيش العماد جان قهوجي اكد ان الجيش لن يتهاون في حماية الحراك المدني وحرية التعبير. واشار الى ان الشعب نزل الى الشارع ليقول انه موجوع.
كذلك قسمت العاصمة الى مناطق امنية، وستشارك شرطة مجلس النواب في الاجراءات وكذلك المخابرات وكل الاجهزة العسكرية، حيث تم استطلاع دقيق لمنطقة الاسواق وساحتي رياض الصلح والشهداء، وتفتيش للمنطقة ومراقبة المداخل مع وضع المزيد من كاميرات المراقبة.
جلسة الحوار ستبدأ عند الثانية عشرة ظهراً بكلمة للرئيس نبيه بري الذي اكد امس امام زواره ان الاستطلاعات اكدت ان 84% من اللبنانيين مع الحراك المدني، و78% مع الحوار، وبالتالي فان الناس يريدون الحوار. وجدد بري التأكيد على دعمه لمطالب الحراك المدني التي هي مطالب «حركة امل».
وعلم ان الرئيس بري سيتحدث ايضا بعد الجلسة عن خلاصة النقاشات وسيقرر ما اذا كان سيعقد جلسات صباحية ومسائية، وسيطرح الرئيس بري البند الاول للنقاش وهو رئاسة الجمهورية وعلى ضوء هذا النقاش يقرر ما اذا كان ينتقل الى ملف آخر او يعطي ملف الرئاسة المزيد من الوقت.
وقد سبق جلسة الحوار مواقف تصعيدية من المتحاورين «نعت» الحوار، قبل ان يبدأ، حتى ان مصادر في 8 اذار ومن المشاركين في طاولة الحوار اعتبروا بيان «كتلة المستقبل» البيان «رقم واحد» ومحاولة انقلابية على الوضع القائم.
وقد حمل بيان كتلة المستقبل هجوماً وتأكيداً ان المطلب الوحيد اليوم هو انتخاب رئيس للجمهورية الذي يؤدي حكما ودستورا الى حكومة جديدة والى قانون جديد للانتخابات. واشارت الى ان فك اسر الدولة ومؤسساتها لا يتم الا عبر انتخاب رئيس للجمهورية وهو الاساس والاكثر جدية وخطورة في هذه المرحلة.
ولفت الى ان «هؤلاء الذين يتحدثون عن اغتيال الدولة هم مرجع لثقافة الاغتيال والخروج عن القانون لمصلحة مشروع الدويلة المرتبط بدولة خارجية باجندة معروفة». مشيرا الى ان مشرع اعادة اعمار وسط المدينة هو مشروع وطني ورمز للصورة المشرقة للبنان».
ولفت الى ان «مرتبة حزب الله في الفساد تفوق كل حدود وفي كلام وزير الخارجية باسيل خلال تظاهرة التيار الوطني الحر تهديد خطير للسلم الاهلي وتحريض على الفتنة».
8 آذار
وفي المقابل عقد المستشارون لرؤساء الكتل المحسوبين على 8 آذار والمشاركين على طاولة الحوار اجتماعا لتنسيق المواقف خلال اللقاء والتأكيد على دعم العماد عون في موقفه الداعي لقانون انتخاب على اساس النسبية واجراء انتخابات نيابية ومجلس جديد ينتخب رئيسا للجمهورية.
وانتقدت هذه القوى بيان كتلة المستقبل ووصفته بانه بيان رقم واحد وانه محاولة انقلابية ضد شعبها ودولتها. اضافت ان هذا البيان الذي يعبر عن ازمة الكتلة والمستقبل معا يدعو بطريقة غير مباشرة: لا تأتوا الى الحوار لان لا فائدة منه، اذا لم يسر المتحاورون بما يريده تيار المستقبل من انتخاب رئيس جمهورية على شاكلته وفي الحد الادنى دون طعم او لون. ولاحظت المصادر ان احقاد السنيورة واضحة عليه في كل عبارة.
واكدت المصادر ان البيان موجه ضد الرئيس بري قبل اي طرف اخرلانه ينعي الحوار مسبقا، وبالتالي فهو تعبير عن محاولة مكشوفة وفاشلة لوضع بند واحد على طاولة الحوار وهو انتخاب رئيس للجمهورية في وقت وضع الرئيس بري جدول اعمال للحوار يتناول كل القضايا الخلافية والحيوية للبلاد.
وقالت المصادر ان البيان تعبير واضح عن انزعاج كتلة المستقبل من الدعوات والطروحات لاعتماد قانون انتخاب عصري على قاعدة النسبية لان من شأن هذا القانون ان يحد من استئثار هذه الكتلة ومن خلفها بالسلطة منذ العام 92. اضافت ان الفساد الحقيقي والموصوف هو الفساد الذي ادخل الى كل المؤسسات وعبر الحكومات التي تعاقبت، وخاصة حكومات فؤاد السنيورة، اي منذ العام 92 وحتى الان.
وفي هذه الاجواء فان الحوار، حسب مصادر متابعة، لن يُنتج شيئا وربما لن يستكمل وحتى لو بحثت بنوده السبعة فلن يوصل الى نتيجة في اي بند.
ـ الحراك المدني ـ
في المقابل، فان قوى المجتمع المدني ورغم تعدد مشاركيها لكنها متفقة على مسألة وحيدة عنوانها تأمين اكبر حشد شعبي في تظاهرة اليوم، وهي تراهن على ان الحشد سيكون موازياً لحراك 29 آب. وقد استنفرت قوى «الحراك المدني» في كل المناطق لحض المواطنين على النزول وبكثافة للرد على اعتداءات السلطة عليهم، وسيحاولون بشتى الوسائل ايصال «اصواتهم» وهتافاتهم الى المتحاورين. علماً ان التحركات ستبدأ في صباح اليوم وتستمر حتى الساعة السابعة والنصف مساء، والحشد الشعبي الكبير سيكون عند الساعة السادسة عصراً. وشكلت قوى الحراك المدني لجاناً للتنظيم والاعلام وضبط التحركات حيث يبقى عامل القلق الاساسي دخول عناصر على الخط ومحاولة اقتحام الاسلاك الشائكة، التي تفصل بين المتظاهرين والمتحاورين في المجلس النيابي، وعندها ستتخذ القوى الامنية اجراءات، وفي هذه الحالة لا احد يستطيع ضبط الامور، علماً ان القيادات الامنية اعطت قراراً واضحاً بمنع استخدام العنف او الرصاص المطاطي ضد المتظاهرين الا في الحالات القصوى واذا شعروا ان الامور «ستخرج» عن السيطرة.
ـ عواصف رملية ـ
وفي ظل هذه الاجواء، ضربت لبنان عاصفة رملية تسببت بوفاة 3 اشخاص و1724 حالة اختناق واقفال المؤسسات العامة والمدارس ودور الحضانة اليوم باستثناء المصارف التي اعلنت ان اليوم هو يوم عمل عادي كون مصرف لبنان لم يعلن اقفال ابوابه.
مصدر العاصفة هو الحدود العراقية – السورية وتستمر اليوم وغدا الخميس، ولم يُشهد لها مثيل منذ عاصفة ربيع 1998 التي كانت اشد من العاصفة الحالية. واكدت مصلحة الارصاد الجوية ان الكتل الهوائية طبيعية وكذلك موجة الغبار والرمال وحذرت مصلحة الارصاد المواطنين من الرؤية السيئة ودعتهم الى البقاء في اماكن محمية نسبيا من الغبار وكذلك تفادي الخروج وملازمة المنازل واحكام اغلاق النوافذ وتشغيل المكيفات في حال توافرها.
كما ضربت العواصف منطقة الشرق الاوسط وانتشرت سحب من الغبار في سماء الاردن وقبرص، حيث حولت الطائرات الى بافوس من مطار لارنكا بسبب ضعف الرؤية.
وغطت سحب رملية كثيفة سماء جزيرة قبرص، التي تجتاحها موجة حرارة وصلت الى 41 درجة مئوية. وقال وزير الداخلية ان عشرات اللاجئين السوريين الذين انتشلوا من سواحل قبرص نقلوا من مخيمهم الى ملاجئ اكثر راحة، بسبب حالة الطقس.
وقال رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الانسان، ان العواصف الرملية ادت الى خفض عدد الغارات الجوية في سوريا.
واضاف المرصد ان العديد من المستشفيات في دير الزور لم تعد تستقبل المصابين بصعوبات التنفس لان مخزونها من الاوكسجين نفذ.
ونشر سكان المنطقة صورا للسحب الرملية على مواقع التواصل الاجتماعي.