«تغطية» بكركي تحسم انعقاد الجلسة التشريعيّة؟
الوطني الحرّ والقوات : معركة كسر المسيحيين مُستمرّة
بري : أساءوا فهمي بالميثاقيّة.. وجنبلاط الى باريس «قرفان»
الأمور تتأزم في البلاد تحت مسمّى «الميثاقية»، فالرئيس نبيه بري مصرّ على عقد الجلسة التشريعية يومي الخميس والجمعة المقبلين بمن حضر لأن «انتحار لبنان على المستوى المالي» سيحصل اذا لم يتم توفير نصاب الجلسة.
الكتل المسيحية الوازنة، أي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية لن يحضرا إلا اذا أدرج مشروعا قانوني الانتخابات واعادة الجنسية المطروحان أمام المجلس منذ 10 سنوات، لانهما يعتبران أن «انتحار لبنان» ليس فقط على المستوى المالي، وإنما في معركة كسر إرادة المسيحيين وتهميشهم التي وعلى ما يبدو انها مستمرة.
وما اعطى التيار الوطني الحر والقوات جرعات دعم هو كلام البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، إذ اعلن في عظته أمس من بكركي «أن لا تشريع بغياب الرئيس».
وتقول المعلومات ان ما صدر عن الراعي من ضرورة تمرير بعض القوانين مالياً واقتصادياً تشكل نقطة الانطلاق مسيحياً لانعقاد الجلسة.
اذاً، وبحسب المعلومات المتوافرة ان هناك توافقاً كلياً بين الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط والرئيس تمام سلام والرئيس سعد الحريري لعقد الجلسة التشريعية مهما كلف الأمر، والاتصالات الجارية حتى يوم انعقاد الجلسة، أي الخميس، تصبّ كلها في ايجاد مخرج يلائم القوى المسيحية المعارضة، وان دخول البطريرك الراعي على خط الازمة بمواقفه، يحتم على «الحلف الرباعي» ايجاد مخرج يؤكد على «الميثاقية» التي يتغنون بها، خصوصاً ان جنبلاط غادر الى باريس «قرفان» بحسب ما قال للمحيطين به، فقد فعل فعلته وغادر مطمئناً الى تأمين النصاب يوم الخميس.
ـ البنود المدرجة لا تتطلب اجماع ميثاقي ـ
واشارت معلومات لمصادر سياسية عليمة ان الجلسة التشريعية يوم الخميس ستعقد بغض النظر عن طبيعة المقاطعة لها، وقالت ان ما صدر عن البطريرك مار بشارة بطرس الراعي من ضرورة تمرير بعض القوانين التي تحمي لبنان مالياً واقتصادياً تشكل نقطة الانطلاقة مسيحياً لانعقاد الجلسة.
واوضحت المصادر ان التوجه حتى الآن لدى التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية هو لعدم حضور الجلسة، الا اذا طرأت امور جديدة تفضي الى قرار بالحضور، وهو امر لا يبدو متوفراً خصوصاً بما يتعلق بادراج قانون الانتخابات على جدول اعمال الجلسة.
واعتبرت المصادر انه رغم الضجيج الحاصل اليوم مما يسمى ميثاقية الجلسة، فان البنود المدرجة على جدول الاعمال لا تتطلب حصول اجماع ميثاقي حولها، لانها مسائل مالية واقتصادية. وقالت ان هذا الضجيج سينتهي بمجرد انتهاء جلسة التشريع، خصوصاً ان الجميع يقرون بضرورة اقرار البنود المالية والاقتصادية من جهة ولتغطيتها من جانب بكركي من جهة ثانية.
الا ان المصادر استبعدت عقد جلسة تشريع ثانية في الاسابيع المقبلة، الا اذا حصل توافق على قانون للانتخابات النيابية، وهذا التوافق لا يبدو انه سيحصل قريباً، لان اهمية القانون بالنسبة للجميع توازي بل تزيد عن اهمية انتخاب رئىس للجمهورية.
ـ الوطني الحرّ والقوات: سنقاوم الغاءنا ـ
مصادر التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية اكدت ان خطاب «الانتحار» يليق بالذين يطلقون هكذا تهديدات، واشارت الى ان هناك تحاملاً واضحاً في اتهام المسيحيين بـ«الانتحار»، مشددة على ان الانتحار الحقيقي ليس سوى تحدي شريحة كاملة متكاملة كما يفعل البعض اليوم بالاصرار على عقد الجلسة التشريعية رغماً عن انف المسيحيين.
وسألت المصادر لماذا لا يقوم بري باضافة قانون الانتخاب على جدول الاعمال «لرفع العتب» حتى تتمكن القوى المسيحية من المشاركة، لكن يبدو، وبحسب المصادر ان قانون الانتخاب دخل «بازار المزايدات»، وان هناك نوايا مبيتة بالابقاء على القانون الانتخابي العقيم الحالي، لغاية في نفس يعقوب، قد لا تكون سوى الاستمرار في مصادرة التمثيل المسيحي.
واكدت المصادر ان انعقاد الجلسة التشريعية في ظل مقاطعة اغلب القوى السياسية المسيحية لن يمر مرور الكرام، بل على العكس سوف يساهم في تعقيد الازمة القائمة والتي ستتحول الى ازمة كيانية تتطلب اعادة البحث في كل انتظام، وتضيف: سنقاوم محاولات الغائنا لان التجاهل الحالي لا يمكن التغاضي عنه مهما كان الثمن، ويبدو ان معركة كسر المسيحيين لا تزال مستمرة.. ولكن الى متى؟
ـ بري: المجلس اقرّ بعدم اقرار قانون الانتخاب قبل انتخاب رئيس ـ
اكد الرئىس نبيه بري امام زواره مساء امس، ان موعد الجلسة التشريعية التي حددها هو كساعة «البيغ بن» ولا يمكن تغييره، وقال رداً على سؤال حول مخاطر عقد الجلسة في غياب الوطني الحرّ والقوات والكتائب: نعم يوجد خطر، لكن الخطر الاكبر اذا لم تعقد الجلسة، فبين تناول طبق يؤدي الى المرض وطبق يؤدي الى الموت افضل لك ان تتناول الطبق الأول.
وحول موضوع الميثاقية قال: الميثاقية هي حضور المكونات في كل الطوائف، واذا غاب مكوّن طائفي كما حصل في غياب الشيعة عن حكومة السنيورة، تسقط الميثاقية، وهذا الامر لا ينطبق على الجلسة العامة المقبلة، فهناك تمثيل مسيحي وهناك قيادات ستحضر، وقال: اذا تأمّن نصاب الجلسة (65 نائباً) فسأعقد الجلسة نظراً لاهمية المشاريع المطروحة على جدول الاعمال اضاف: لقد اساءوا فهمي في تمسكي بالميثاقية، ومن الآن وصاعداً ساعتمد الدستور حرفياً، لقد اعطيتُ وقتاً طويلاً للتفاهم لا سيما مع العماد ميشال عون، الى درجة انني عقدت جلستين لهيئة مكتب المجلس، وصبرتُ من اجل اعطاء مهلة للتوافق على جدول الاعمال، مع العلم انه استناداً الى صلاحياتي، كان بامكاني البت في الموضوع خلال نصف ساعة، لكنني تجنبت هذا السلوك، لكي لا اثير اي حساسيات لدى اي فريق.
ولفت بري رداً على سؤال حول تأجيل الجلسة الى شباط الى انه بعد 15 ك1 تبدأ عطلة الاعياد ولذلك يستوجب ان ننتبه الى هذا الامر، اما اذا اجّلنا لشباط، فمن يفتح دورة استثنائية؟
وحول مطلب ادراج قانون الانتخاب قال بري لزواره: تعلمون ان هناك 17 اقتراح قانون، وانا ارفض التحايل على الناس وعلى المكونات المسيحية، وانا اشد المتحمسين لاقرار القانون بدليل ادراجه كبند ثان في الحوار سعياً لاقراره ضمن سلة متكاملة، وسنباشر ببحثه بعد ان انهينا معظم مواصفات رئىس الجمهورية.
اضاف: هذا القانون يتعلق باعادة تكوين السلطة، وبالتالي يحتاج الى توافق، قبل عرضه على الهيئة العامة للمجلس، ولا نستطيع ان نقرّه بنصف ساعة، كما يتراءى ويُصوّر البعض.
وحول موقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قال بري: انا أفهم موقف البطريرك لانه يؤيد انعقاد الجلسة.
وذكر الرئىس بري ان المجلس كان قد أخذ قرارآً بعدم اقرار قانون الانتخاب الا بعد انتخاب رئيس الجمهورية، وأشار الى انه في آخر جلسة في تشرين الثاني، اقرّ المجلس مشاريع اقل اهمية من المشاريع المطروحة حالياً في ظل الشغور الرئاسي، وانا لم ادعو الى جلسة منذ سنة، حرصاً ومراعاة مني للميثاقية وللمكونات المسيحية، لكن لم يعد بالامكان الانتظار اكثر امام ما وصلنا اليه.
ـ المزايدات المسيحية ـ
مصادر نيابية اكدت ان الازمة القائمة على المستوى التشريعي مفتعلة الى حد بعيد لآن اسبابها الحقيقية تكمن بالمزايدات المسيحية في حين ان المزج الفعلي يكمن باتفاقها على انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن، بدل ان يكون توافقها على العرقلة فقط.
واكدت ان هناك مخاطر حقيقية على البلاد ينبغي التعامل معها بكل مسؤولية بدل الاستمرار في لعبة التعطيل التي ستكون تداعياتها خطيرة على الاوضاع المالية والامنية.
ـ جنبلاط الى باريس ـ
هذا وغادر النائب وليد جنبلاط الى باريس وافصح امام زوّاره: «قرفان وبدي فل ع باريس للعلاج من آلام الظهر»، واشارت مصادر مقربة منه ان ما جرى في ملف النفايات وفشل المباحثات في اللحظات الاخيرة جعلته مستاء جداً.
وتقول المصادر ان جنبلاط تلقى في اليومين الاخيرين اتصالاً من النائب طلال ارسلان ليتباحثا في قضية النفايات والمطامر، الا ان جنبلاط حوّله الى الوزير اكرم شهيب قائلا: نسّق في هذا الموضوع مع شهيّب.
واكدت المصادر ان جنبلاط قبل سفره اوكل الى الوزيرين شهيّب ووائل ابو فاعور التواصل مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري ووضع ثقلهما من اجل انعقاد الجلسة التشريعية.
واعلنت المصادر ان جنبلاط سيكون له مواقف مهمة خلال الساعات المقبلة يتطرق خلالها الى الجلسة التشريعية والى كل ما جرى في الايام الماضية عن مسألة النفايات والمواقف التي تصدر عن التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية.
ـ ملف النفايات ينذر بالاسوأ ـ
ولا يزال ملف النفايات راوح مكانك، والاضرار البيئية تزداد يوماً بعد يوم على صحة المواطنين، الا ان المسؤولين «مطنشين» وينتظرون حلاً يرضي جيوبهم.
وفي المعلومات ان الوزير اكرم شهيب متكتم جداً من نتائج النقاشات التي يجريها مع الرئيس تمام سلام، واشارت المعلومات الى ان ما حُكيَ عن ترحيل النفايات الى الخارج يصطدم بعرقلات تقنية وسياسية، فالبلدان التي تحدثوا عن ارسال النفايات اليها (المانيا وهولندا وبريطانيا) تتطلب التزامات دولية معقدة واستدراج عروض و.. وكل هذا يتطلب وقتاً طويلاً يكون فيها لبنان قد غرق بالاوبئة والامراض..
الاجواء حول هذا الملف لا توحي بالحلحلة، فترحيل النفايات مسألة فضفاضة وغير قابلة للتطبيق بما معناه ان لبنان امام مأزق كبير صحي وبيئي.