IMLebanon

عون يُعلن انه مُستمرّ في ترشّحه للرئاسة حتى النهاية

عون يُعلن انه مُستمرّ في ترشّحه للرئاسة حتى النهاية

هل أخطأ رجل الأعمال النيجيري جيلبير شاغوري في الحسابات ؟

أم أن الحريري اكتفى بالموافقة الفرنسيّة دون الدعم الأميركي والروسي للتسوية؟

قال السفير الاميركي في بيروت ريتشارد جونز لوزير صديق له ان تسوية الوزير سليمان فرنجية لم تمر لان الرئيس سعد الحريري ارتكب خطأ كبيرا عندما جلب لها الموافقة السعودية – الفرنسية فقط، ولم يؤمّن لها الدعم الاميركي وخاصة الروسي، كي تمر المبادرة فتلعب روسيا دورها مع ايران، وتلعب دورها واشنطن مع الاطراف في المنطقة ومع ايران ايضا، لتمرير التسوية، لكن الحريري اتكل فقط على فرنسا وعلى الرئيس هولاند المهتمين لتسوية فرنجية، ولذلك تجمّدت التسوية ولم تمر. 

ماذا عن موقف العماد ميشال عون؟

تؤكد المعلومات ان العماد عون ابلغ قيادة حزب الله أنه لن ينسحب من معركة الرئاسة وهو ماض فيها حتى النهاية، وأنّه لن يقبل أن يحكم البلد جنبلاط والحريري، ولن يقبل أن يأخذ المركز الرئيس الأول سعد الحريري ووليد جنبلاط. وقد كانت الصدمة كبيرة لدى فرنجية عندما قال للعماد عون : ان حظ العماد عون انخفض في الرئاسة وحظوظ فرنجية عالية جدا، فردّ: «لو كان حظي صفراً فأنا مستمر حتى النهاية ولن أنسحب من معركة الرئاسة».

وقد درست قيادة حزب الله موقف العماد عون وترشيح فرنجية وتوصلت الى قناعة أنها لن تستطيع أن تجعل عون يغضب وبالتالي لا نصاب لانتخاب رئيس الجمهورية لا في 16 كانون الجاري ولا غيره.

وقال العماد عون: «هناك حل أن يقوم الحريري بتأييدي لرئاسة الجمهورية ويلحق به جنبلاط وعندها يكون الحل ناجزاً وهذا كان موقف قيادة حزب الله بتأييد عون وعدم تأييد فرنجية حالياً».

 هل اخطأ رجل الاعمال جيلبير شاغوري بحق العماد عون؟

تؤكد المعلومات ان شاغوري هو صديق حميم جداً للعماد عون، وهو صديق حميم جدا للوزير فرنجية، وهو صديق جداً للرئيس نبيه بري، وبالمبدأ ليس له اعداء على الساحة اللبنانية، لكن منذ 3 اشهر فتح الحديث مع الرئيس سعد الحريري، لماذا لا يرشح الوزير سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، فقال الرئيس سعد الحريري ان الموضوع قابل للبحث، وقام جيلبير شاغوري بابلاغ فرنجية عن جواب الحريري. وتابع شاغوري وساطته بين فرنجية والحريري دون علم عون، واخفى الخبر عنه كلياً، الا ان شاغوري كان يطلع بري على وساطته وعلى خطته في الترشيح والسعي لوصول فرنجية رئيساً للجمهورية.

وبعد 3 اشهر «استوت» الطبخة، واقتنع الحريري بترشيح فرنجية فأجرى الحريري اتصالاته مع القيادة السعودية التي وافقت على ترشيح فرنجية من قبل الحريري وان لا «فيتو» سعودياً على فرنجية، بينما هنالك فيتو سعودي على عون. فدعا رجل الاعمال النيجيري من اصل لبناني جيلبير شاغوري الحريري وفرنجية وعقدوا اجتماعا في باريس على مرحلتين، واتفقوا على التسوية بترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية، وترشيح الحريري لرئاسة الحكومة، وان الاكثرية مضمونة وان شاغوري قادر على اقناع عون بالانسحاب لصالح فرنجية، وان حزب الله سيجد في فرنجية حليفه القديم فرصة لايصال مرشح من حركة 8 اذار الى رئاسة الجمهورية، وهكذا سيؤيد حزب الله الوزير فرنجية في رئاسة الجمهورية.

اما فرنجية، فكان يتفاهم مع بري على الموضوع واطلع قيادة حزب الله على اتصالات شاغوري، وابلغهما ان التسوية تتقدم مع الحريري، فكان جواب حزب الله : نحن نعطيك الضوء الاخضر للاتصال بالحريري، استمع له ولكن اياك ان تلتزم معه بقرار دون التنسيق مع حزب الله. كذلك اطلع فرنجية الرئيس بشار الاسد على اتصالاته مع الحريري وان السعودية لا تضع فيتو على ترشيحه، وكان جواب الاسد : اتمنى من كل قلبي ان تصل الى رئاسة الجمهورية، لكن لا بد من التنسيق مع حزب الله، فسوريا سلمت موضوع لبنان سياسياً وأمنياً ومن كل النواحي الى حزب الله، ودعاه للتنسيق مع الحزب بشأن انتخابات الرئاسة.

عندما وصل خبر التسوية الى عون عن ان الحريري رشّح فرنجية لرئاسة الجمهورية، قال لنائب من التيار الوطني الحر «انسَ الموضوع لن تحصل انتخابات الرئاسة»، فحاول نائب من التيار مناقشة عون وابلاغه ان المسألة جدية، وان فرنجية مرشح تسوية، ولا «فيتو» سعودياً عليه، وان حزب الله قد يطلب من عون الانسحاب لصالح فرنجية. فكرر العماد عون الاجابة «انسَ الموضوع ما في رئاسة». وكان العماد عون يتكلم بثقة في النفس وثقة في المستقبل، رغم ان البلد كله كان في ضجيج كبير حول التسوية التي تمت لترشيح الحريري لفرنجية.

ثم حضر نواب من «تكتل التغيير والاصلاح» لزيارة العماد عون والاستفهام منه عن الموضوع، وكان عون لا يتكلم كثيرا، بل يقول عبارتين، الاولى «انسوا الموضوع»، والثانية «ما في رئاسة». ولم يهتم كثيرا بخبر التسوية بترشيح فرنجية، بل كان غير مهتم، وحتى عندما «حشروه» بالقول ان حزب الله والرئيس بشار الاسد قد يتدخلان لسحبك من المعركة، أجاب: «انا مرشح حتى النهاية، وليتخذ كل فريق موقفه وانا اعرف كيف اتصرف، لكن اقول لكم انسوا الموضوع، ما في رئاسة».

وعندما حاول حزب الله طمأنة عون بأنه ما زال على موقفه بدعمه لرئاسة الجمهورية، اجاب عون: «لكم الحرية وخذوا الموقف الذي تريدون، وانا آخذ الموقف الذي اريده، ولكل فريق حريته، ولا اريد ان يطمئنني احد بشأن الرئاسة». لكن حزب الله أصرّ على ابلاغ عون بأن الحزب يؤيده لرئاسة الجمهورية ولن يتخلى عنه، فشكرهم العماد ميشال عون، لكنه كان مصمماً دائما على خوض معركة الرئاسة حتى النهاية، وكان واثقا من ان الانتخابات لن تحصل رغم ان الاخبار أتته بأن بري والحريري وجنبلاط متفقون على دعم فرنجية، وان نواباً مستقلين سيؤيدون فرنجية في معركة رئاسة الجمهورية.

جلس العماد عون في الرابية، وسمع من معراب بأن جعجع سيرشحه لرئاسة الجمهورية اذا قام الحريري بترشيح فرنجية، فشكر عون جعجع، لكنه كان مرتاحاً ولم يعط اهمية لمواقف الاطراف السياسية، أو انه كان مستسلماً للقدر او أنه كان يملك معلومات تفيد بأنه لن يستطيع أحد خرق الحدود التي وضعها عون لرئاسة الجمهورية.

ثم تدخل جيلبير شاغوري رجل الاعمال النيجيري، وطلب موعدا من عون، فاستقبله العماد عون ببرودة بالغة، رغم انهما كانا صديقين للغاية، وعبثاً حاول شاغوري بحث موضوع الرئاسة، فرفض عون بحث الموضوع، وقال: «رشّح انت يا جيلبير الوزير فرنجية وانا مستمر في الترشيح»، وقام شاغوري بعرض مبلغ كبير من المال لا نعرف قيمته، منهم من قال ملياراً ومنهم من قال نصف مليار دولار ومنهم من قال 250 مليون دولار، لكنها تبقى شائعات بشأن المبلغ، أما الاكيد فإن شاغوري عرض مبلغا من المال على عون، فرفض عون الفكرة كليا، وقال لشاغوري : انك تهينني بعرض اموال عليّ لانسحب من الرئاسة، ارجو ان تكتفي بهذا الحد ولا تبحث معي بعد الان موضوع الرئاسة.

وذهب شاغوري خائباً لان المال لم ينفع مع عون، بشأن الرئاسة، ولان مشروعه بتسوية الحريري – فرنجية، لم ينجح.

التقط الموضوع الرئيس نبيه بري وعرف ان التسوية مصابة بعقدة كبيرة هي العماد عون وعدم انسحابه من الرئاسة، وبدأ جمهور عون يهاجم فرنجية بأنه قبل بالتسوية، مع ان عون ذهب بالسر واجتمع في روما بالحريري من اجل تسوية انتخابات رئاسة الجمهورية، كما فعل فرنجية عند سفره الى باريس واجتمع سرا بالحريري، لكن عون كان غاضبا من فرنجية، واعتبر انه طعنه في ظهره في التسوية، والقبول مع الحريري بالترشيح لرئاسة الجمهورية، مع ان عون مرشح للرئاسة ولم يبحث معه فرنجية هذا الموضوع.

وكان جواب فرنجية في جلسة المصارحة مع عون، «انه اذا لم يكن عندك حظ يا جنرال بالوصول الى الرئاسة وحليفك من ذات الخط ومن ذات التكتل له 70 و90 بالمئة في الوصول الى الرئاسة، فلماذا لا تؤيده وتكون انت مرتاحا في هذا العهد وكل حقوقك واصلة لك كأنك رئيس جمهورية؟، فردّ العماد عون : «انا مرشح للرئاسة حتى النهاية». وشعر فرنجية ان الباب مغلق مع عون فأنهى زيارته بعد ساعة في الرابية، وذهب للاجتماع والعشاء عند السيد حسن نصرالله مع نجله طوني وبحث مع الحزب في موضوع ترشيحه لرئاسة الجمهورية، وكان جواب السيد نصرالله انه شرح الاوضاع في المنطقة، ثم وصل الى لبنان، وشرح حجم التحالف القائم بين حزب الله وعون وكيف ان عون وقف في حرب الـ 2006 الى جانب حزب الله، وكيف ان عون يؤمن تغطية مسيحية كبرى لحزب الله، وانه مستحيل على حزب الله ان يترك العماد عون، مع حبه وتقديره للوزير سليمان فرنجية. لكن الظروف لا تسمح لحزب الله بترك العماد ميشال عون. وهذا الامر مستحيل بالنسبة الى الحزب، لانه يعتبره خيانة من الحزب بحق العماد ميشال عون. وهو يتمنى ان يصل الوزير سليمان فرنجية وان يستطيع اقناع العماد عون بالانسحاب له لكنه لن يتدخل مع عون كي ينسحب من الرئاسة.

وهنا ايضا عرف فرنجية ان التسوية مؤجّلة وباتت في الثلاجة وانه كما عاند عون بشأن الطائف ولم يرضخ حتى جاءت الدبابات السورية والطيران وفرضت عليه ترك قصر بعبدا، دون ان يوقّع على الطائف رافضا التنازل والتوقيع على الطائف، فعناد عون الآن هو ذاته، وهو يرفض كلياً الانسحاب من معركة الرئاسة، وليس هناك من قوة تستطيع الزامه الان بالانسحاب، فشعر فرنجية بأن التسوية التي أتمّها مع الحريري قد تجمدت ووقفت عند هذا الحد ولا احد يعرف ماذا سيحصل بعد 3 أو 4 اشهر، لكن فرنجية كرّس نفسه مرشحا لرئاسة الجمهورية مدعوما من الحريري وجنبلاط، واذا سنحت الفرصة ام لم تسنح فهو سيبقى مرشح تسوية لرئاسة الجمهورية وبات اسمه مسجلا في اولوية الاسماء التي يمكن ان تأتي الى رئاسة الجمهورية.

في هذا الوقت، كان الغضب يعمّ جعجع ويرفض التكلم مع الحريري على الهاتف، ويقول ان الحريري فاتحه في الموضوع قبل 3 اشهر وابلغه جعجع رفضه كليا ترشيح فرنجية، وان الحريري طعن جعجع في ظهره وهو يعرف ان هناك خلافا عميقا بينهما، فكيف سمح لنفسه بترشيح فرنجية. عندها قرر جعجع التحالف الى آخر الحدود مع العماد عون وترشيحه في وجه فرنجية لرئاسة الجمهورية، وانضم حزب الله الى «القوات» والعونيين واصبحوا يشكلون حلفا ثلاثيا اضافة الى نواب مسيحيين مستقلين، ونواب سنّة، رافضين ترشيح الوزير فرنجية حتى من كتلة المستقبل.

وتم نقل كلام عن لسان الامير طلال ارسلان بأنه زار الرئيس الاسد وبحث معه موضوع ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية وكان الجواب من الاسد لارسلان: «عليكم التنسيق مع السيد حسن نصرالله فهو الذي يتولى الموضوع وانا لن اتدخل في انتخابات رئاسة جمهورية لبنان، فالعماد عون حليفنا وفرنجية حليفنا ولن اتدخل والموضوع متروك للسيد حسن نصرالله، فابحثوا معه الموضوع لوحده، ولا تضيعوا وقتكم في غير مكان». وفهم ارسلان الرسالة وجاء الى بيروت، وابلغ فرنجية ما قاله الاسد، وتوقفت اندفاعة ارسلان باتجاه فرنجية وعاد الى التوازن بين فرنجية وعون.

اما جعجع، فاعتبر انه اذا خاض الحلف الثلاثي الانتخابات النيابية خاصة على قاعدة النسبية، مع نواب مستقلين ومع فاعليات فانهم سيحصلون على نصف اصوات مجلس النواب بسهولة بالغة، اذا تم اعتماد النسبية في قانون الانتخابات. على كل حال، يعرف جعجع ان قانون النسبية لن يمر في مجلس النواب لان جنبلاط وبري والحريري يعارضونه وبالتالي هنالك معركة كبرى قبل انتخابات الرئاسة هي معركة قانون الانتخابات ورفض النسبية فيها واصرار عون و«القوات» على وضع مبدأ النسبية في قانون الانتخابات النيابية.

وسيكون لاول مرة تكتل مع مستقلين من بقية الطوائف يضم 60 نائبا واكثر اذا تم اعتماد النسبية وجرت الانتخابات النيابية على هذا الاساس.

ومع قرار جعجع بترشيح عون اصيب الحريري بالصدمة، فحاول الاتصال مرات بجعجع ولم يرد الأخير عليه. كما ان جعجع رفض زيارة السفير السعودي له ورفض زيارة المملكة العربية السعودية لبحث هذا الموضوع، مصراً على رفضه ترشيح فرنجية والتحالف مع عون وتأليف تجمع مسيحي كبير مع فاعليات من بقية الطوائف وخوض الانتخابات على اساسها ومضى في طريقه الى ان شعر الحريري بأنه خسر حليفا هاما هو جعجع ولم يكن ينتظر من جعجع ردة الفعل العنيفة تجاهه وان لا يرد عليه على الهاتف وان يقاطعه كليا، وان يرفض استقبال السفير السعودي وان يرفض زيارة المملكة العربية السعودية وان يجلس في معراب ويبدأ التفاوض مع عون لانتخابات الرئاسة.

عندها اوقف الحريري بيانه الرسمي الذي كان سيعلن فيه ترشيح فرنجية وتأخرت مبادرة الحريري في اعلان ترشيح فرنجية فمضى الوقت عكس التسوية. وكان ان ابلغ الحريري الرئيس الفرنسي هولاند بالصعوبات، فما كان من هولاند الا ان اتصل بفرنجية وهنأه على التسوية الحاصلة حول اسمه وطلب اليه التعاون مع جعجع ومع عون ومحاولة مصالحتهما وتهدئة الاجواء، وابلغه ان فرنسا ستفعل ما بوسعها لتمرير التسوية. لكن الرئيس الحريري لم يستطع التقدم في مشروعه ورأى نفسه يخسر الدكتور سمير جعجع وكتلة القوات اللبنانية وفي ذات الوقت لا يستطيع تمرير التسوية لان كتلة عون مع كتلة حزب الله مع نواب متفرقين يعطلون النصاب، والجلسة لا تنعقد وسيفهم بري عندما يعارض حزب الله التسوية التي تمت بين الحريري وفرنجية، فانه بري لا يستطيع بسهولة الخصام مع حزب الله، والذهاب مع جنبلاط والحريري الى انتخاب فرنجية، لان بري يعتبر حلفه الاساسي وضمانته الشيعية في الجنوب والبقاع هو حزب الله.

ماذا سيحصل الان؟ التسوية ما زالت مطروحة، لكنها جامدة وعون وجعجع سيجتمعان قريبا، والحريري الغى بيانه الرسمي لترشيح فرنجية، وجعجع توقف عن اعلان ترشيح عون لرئاسة الجمهورية، الا اذا قام الحريري بترشيح فرنجية، والامور جامدة عند هذا الحد، وعادت انتخابات رئاسة الجمهورية الى نقطة الصفر. يبدو انه مكتوب على لبنان ان يبقى الفراغ الرئاسي مستمرا.

اما الخاسر الكبير في هذه المعركة، فهو رجل الاعمال النيجيري جيلبير شاغوري الذي فشل في التسوية وخسر صداقة العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر، وظهر اسمه بدفع المال كرشوة للعماد ميشال عون كأنها فضيحة ذكرتها محطة الـ او. تي. في. التابعة للتيار الوطني الحر.