زار القادة الموارنة الاربعة الذين تم تسميتهم الاقوياء بكركي، وذلك مع زيارة الدكتور سمير جعجع اليوم للبطريرك بشارة الراعي وليل امس الوزير سليمان فرنجية، وقبلها العماد ميشال عون، واما الرئيس امين الجميل فأوفد موفدا الى البطريرك بشارة الراعي، اطلعه فيه على اجوائه وابلغ البطريرك الراعي انه يترك الامر الى نجله سامي الجميل، رئيس حزب الكتائب.
وفي المفاوضات التي جرت في بكركي، انتهت الامور الى السعي الى جمع العماد ميشال عون مع الوزير سليمان فرنجية، ذلك ان الوزير سليمان فرنجية كان قد زار العماد ميشال عون بعد ترشيح الرئيس سعد الحريري له، واطلع العماد عون على هذا الترشيح وابلغه الاجواء التي حصلت معه في باريس، فان انفتاح العماد ميشال عون على الوزير سليمان فرنجية والتحادث سوية، قد يخلق بابا للحل او يخرق نافذة في الجدار، تؤدي الى بداية حوار لحلحلة الامور.
لكن الاجواء متشنجة الى بعض الحد، ذلك ان اعلان ترشيح العماد ميشال عون من معراب اثار الوزير سليمان فرنجية، الذي زار ليلا بكركي وقال انا مستمر في ترشيحي ومن يريدني يعرف عنوان منزلي، اي انه لن يزور احد بعد الان ويطلب دعمه، بل من يريد دعم الوزير سليمان فرنجية عليه ان يزوره.
لكن الوزير سليمان فرنجية لا شك انه يعلم ان الحلف بين حزب التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية والتجمع المسيحي الكبير من النواب الموارنة والمسيحيين، بات عائقا كبيرا امام وصوله الى الرئاسة، ذلك ان العصب الحقيقي المسيحي بات يؤيد العماد ميشال عون، وان 70 في المئة من المسيحيين هم في تجمع العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، وان لا الرئيس نبيه بري ولا الرئيس سعد الحريري ولا الوزير وليد جنبلاط يستطيعون كسر هذه القوة المسيحية وتخطيها، حتى ان سفراء الدول الكبرى من فرنسا الى اميركا الى روسيا علّقوا ليلاً بعد اتفاق العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع ان خريطة سياسية جديدة قد تم رسمها، وعلى دولنا البحث الان في هذا الواقع المسيحي الجديد، الذي كان على عداء تام بين العونيين والقوات فاذا بالعونيين والقوات يتحدون في قوة واحدة، ويصبحون كتلة نيابية واحدة وكتلة شعبية واحدة، لا يستطيع احد تجاوزها مهما كان الدعم له.
وفي موقع روسيا اليوم جاء انه اذا حصلت الانتخابات فان الوزير سليمان فرنجية سيحصل على 70 صوتا وان العماد ميشال عون سيحصل على 50 صوتا، لكن الواقع هو ان الاصوات هي مناصفة حتى الان والامور ليست محسومة، ذلك ان فئات عديدة في مجلس النواب ستصوت بأوراق بيضاء، وحزب الكتائب لن يأخذ موقفا وهو معه 5 نواب، وحزب الكتائب محرج جدا، وقد يعلن ترشيح الرئيس امين الجميل رئيس تسوية كما رشح الوزير وليد جنبلاط النائب هنري حلو مرشح تسوية لان الوزير وليد جنبلاط لم يكن يريد تأييد الدكتور سمير جعجع ولا تأييد العماد ميشال عون، فنال هنري حلو 14 صوتا.
والان هنالك فئة كبرى من النواب سيصوتون بأوراق بيضاء في الدورة الاولى من الانتخابات، ولذلك لن تجري الانتخابات في الثاني من شباط القادم.
انما الوضع يسير نحو السعي وهذا ما يريده البطريرك بشارة الراعي بجمع العماد ميشال عون مع الوزير سليمان فرنجية والبحث بينهما في انتخابات الرئاسة، وكثيرون قالوا انه لو توجه العماد ميشال عون بعد معراب الى بنشعي، لكانت الخطوة ادت الى صدمة عاطفية جعلت الباب مفتوحا امام المفاوضات بين العماد ميشال عون والوزير سليمان فرنجية، ومنهم من اقترح اقتراحا غير دستوري لكنه اعتبر انه حل تسوية، وهو ان يتم انتخاب العماد ميشال عون لمدة ثلاث سنوات، والوزير فرنجية لمدة 3 سنوات تلي مرحلة العماد عون في الرئاسية لثلاث سنوات لكن العماد ميشال عون يرفض ذلك ولم نعرف موقف الوزير سليمان فرنجية من هذا الطرح.
ـ موقف مصيري لجعجع ـ
انما الصدمة الكبرى جاءت من الدكتور سمير جعجع الذي اتخذ موقفا مصيريا وهو تأييد العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وقال في بيانه انه بعد درس وتفكير كبيرين توصل الى نتيجة وهي ان حزب القوات يؤيد العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وخاطر الدكتور سمير جعجع بعلاقته مع المملكة العربية السعودية ومع الرئيس سعد الحريري، لكنه اعتبر انه كما اتخذ الرئيس سعد الحريري قراره دون مشاورة الدكتور سمير جعجع في تأييد الوزير سليمان فرنجية، والمملكة دعمت مبادرة الرئيس سعد الحريري في تأييد الوزير سليمان فرنجية، فانه من حق الدكتور سمير جعجع ان يأخذ حريته ويؤيد العماد ميشال عون للرئاسة.
خطوة اطلقت ديناميكية جديدة، في انتخابات رئاسة الجمهورية، واعطت العماد ميشال عون 8 نواب او 9 نواب للقوات مع كتلة شعبية مارونية كبرى، تؤيد القوات اللبنانية او كتلة مسيحية كبيرة تؤيد القوات اللبنانية. واذا اجتمع العونيون شعبياً مع القوات شعبياً ونزلوا الى ساحة الشهداء فسيشكلون اكبر مظاهرة مسيحية في تاريخ لبنان، من دون اي فئة اخرى، وستعادل هذه الخطوة مهرجان 14 اذار الذي حصل وجمع كتلة شعبية من كل الطوائف، لكن اذا نزل العونيون لدعم العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وسيكون الحشد الشعبي كبيرا، يصل الى اكثر من 100 الف مواطن مع شعبية القوات اللبنانية الكبيرة فان ساحة الشهداء ستمتلىء بجماهير مسيحية في خطوة لا مثيل لها سابقا.
ـ حظ فرنجية في الوصول بات صعباً ـ
لذلك فان حظ الوزير سليمان فرنجية في الوصول بات صعباً امام هذا التكتل المسيحي، كذلك اذا بقي الوزير سليمان فرنجية مستمرا، فان وصول العماد ميشال عون الى الرئاسة صعب، لان عدد النواب الذين يؤيدون فرنجية يناصف المجلس او اكثر، وبالتالي فلن يحصل احد على النصاب الدستوري لانتخاب رئيس في الدورة الثانية لانه سيخرج نواب اثر الدورة الاولى من القاعة ويضطر الرئيس نبيه بري لوقف الجلسة لان النصاب الدستوري في الثلثين يكون مفقودا وبالتالي لن تجري انتخابات الرئاسة.
عنوان الرئيس نبيه بري للمرحلة القادمة هي التريث، وهو مع انتخاب رئيس جمهورية، لكنه يريد انضاج الامور ولا يريد التسرع، فهو يريد معرفة مواقف الاطراف كلها داخليا، كذلك يريد معرفة الموقف الاقليمي والدولي، ويجاريه في هذا الامر حزب الله مع ان حزب الله اعلن سابقا وما زال تأييده للعماد ميشال عون. وهنالك موقف الوزير سليمان فرنجية وهنالك موقف الوزير وليد جنبلاط، وهنالك موقف المستقلين عن تيار المستقبل من المسيحيين، وكل ذلك يشير الى التريث في انتخابات الرئاسة ويقول انه من غير الممكن اجراء انتخابات رئاسة الجمهورية قبل شهرين او ثلاثة.
اما موقف بكركي فهي تريد جمع القادة الموارنة والنواب الموارنة والوزراء السابقين والحاليين وعقد جلسة موسعة في بكركي ومناقشة موضوع الرئاسة المارونية وكيف على الموارنة ان يتصرفوا في هذه الانتخابات حفاظا على وجودهم. وتأليف لجنة من حكماء الموارنة لدراسة الامر وايجاد حل بين العماد ميشال عون والوزير سليمان فرنجية.
وبات صعبا على الوزير سليمان فرنجية ان ينسحب بعدما حصل مهرجان معراب واعلان الدكتور سمير جعجع تأييده لترشيح العماد ميشال عون.
اما بالنسبة الى العماد ميشال عون فمن غير الوارد التفكير بالانسحاب، حتى ان الذين هم في الرابية حول العماد ميشال عون، يقولون ان العماد ميشال عون اصبح على مسافة خطوة من قصر بعبدا، وانهم سائرون نحو قصر بعبدا قريبا، سواء بعد شهر او شهرين، ولن يكون هنالك رئيس للجمهورية الا العماد ميشال عون، والا فستبقى انتخابات الرئاسة معطلة خاصة بعد تأييد القوات اللبنانية للعماد ميشال عون وتأييد حزب الله للعماد عون، وامكانية التفاهم مع الرئيس نبيه بري على تأييد العماد ميشال عون، اضافة الى تأييد الحزب القومي وحزب البعث واعضاء تكتل التغيير والاصلاح للعماد ميشال عون.
ـ من يمون على فرنجية ؟ ـ
لكن امرا يخطر في البال وهو، ان الوحيد القادر ان يمون على الوزير سليمان فرنجية بالانسحاب هو الرئيس بشار الاسد، فهل يقدم الرئيس بشار الاسد من اجل ايصال العماد ميشال عون على الطلب الى الوزير سليمان فرنجية ان ينسحب من معركة رئاسة الجمهورية ويترك الساحة الى العماد ميشال عون كي يصبح رئيسا للجمهورية.
والرئيس بشار الاسد ميّال الى وصول العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، لان العماد ميشال عون يحجّم الرئيس سعد الحريري وتكتل السعودية الذي يسمّى تيار المستقبل.
ومن غير المستبعد ان يتدخل الرئيس بشار الاسد ويقدم على خطوة ما، لكن الرئيس بشار الاسد لا يريد التدخل في الشؤون اللبنانية حالياً قبل معرفة مواقف دول اوروبا واميركا من المفاوضات السورية الداخلية وكيفية تحديد وفد المعارضة السورية. فاذا سايرت اوروبا واميركا الرئيس الاسد في ابعاد من يسمّيهم قوى الارهاب عن وفد المعارضة فان الرئيس السوري الاسد قد يقدم على خطوة ايجابية في لبنان وعندها يتدخل الرئيس الاسد لتسهيل انتخابات رئاسة الجمهورية.
اما اذا اصرت اميركا واوروبا على بقاء احرار الشام وجيش الاسلام وجيش الفتح في وفد المعارضة السورية فان وفد النظام السوري لن يشارك في المفاوضات وبالتالي فان الرئيس بشار الاسد لن يتدخل في انتخابات الرئاسة اللبنانية، لان الموقف الغربي يكون معاديا للرئيس بشار الاسد ولذلك لن يقدم اي خطوة ايجابية الرئيس السوري لصالح اوروبا واميركا اذا هي اخذت خطوة سلبية تجاه الرئيس بشار الاسد وكيفية وفد المعارضة السوري.
على كل حال، ليس هنالك انتخابات قبل شهر او شهرين او ثلاثة وربما اكثر، لكن ديناميكية جديدة اطلقها الدكتور سمير جعجع بتأييده للعماد ميشال عون، وتم تكوين تكتل مسيحي هو الاقوى منذ الحلف الثلاثي المسيحي. ويصعب على احد تجاوز هذا المكوّن المسيحي الجديد.
ومن الان حتى توضيح الصورة اكثر واكثر، لا بد من الانتظار عما سيحصل في شأن انتخابات رئاسة الجمهورية.
ـ بري: ليست كافية في موضوع الرئاسة ـ
ونقل «مندوبنا» عن الرئيس نبيه بري موقفه من ترشيح الدكتور سمير جعجع للعماد ميشال عون لمنصب رئاسة الجمهورية، وقال بري: «المفروض ان اكوّن الرأي الاخير وليس الموقف الاول، وانا بانتظار تجميع المواقف والمعطيات الكاملة لتكوين هذا الموقف كرئيس للمجلس».
وسئل بري: هذا موقفك كرئىس للمجلس وما هو موقف حركة امل، قال: سأترأس اجتماعات قيادية للحركة، عندما تتوافر لدي المعطيات لاتخاذ الموقف المناسب.
اما بالنسبة للقاء عون وجعجع فقال بري: ما جرى يؤكد نطريتي بانه ليس بين اللبنانيين عداوات بل خصومات، ولعل هذه الخصومة هي الاكثر تباعداً، من هنا فان ما جرى هو خطوة متقدمة على صعيد المجتمع اللبناني المسيحي وهي تريح البلد، وخطوة ايجابية على المستوى المسيحي، ولكنها ليست كافية في موضوع الاستحقاق الرئاسي.