IMLebanon

هل تنجح محاولات الالتفاف على النتائج البلدية ؟

هل تنجح محاولات الالتفاف على النتائج البلدية ؟

لهذا السبب سأل الحريري فاضل : ما رأيك ان استقيل ؟

الفاتيكان خائف على لبنان والحل بخروج الطبقة السياسية

لا مجال للنظر الى لبنان من داخل لبنان، بدا ان صناديق الاقتراع أعلنت وفاة الطبقة السياسية بكل اركانها، الرئيس تمام سلام الذي اعطى لحكومته ذلك الاسم الغريب «المصلحة الوطنية»، قال ان حكومته هي حكومة كل المصالح باستثناء «المصلحة الوطنية»…

سفير دولة اوروبية سأل «كيف للرئيس سلام، وهو ابن البيت السياسي العريق، والآدمي، ان يقول ان حكومته هي حكومة الفساد، وهي حكومة الفشل، ولا يقول وداعاً والى الأبد لمن وصفهم بالنفايات السياسية؟».

سلام يسرّ للمقربين جداً بأن السرايا تبدو وقد تحوّلت الى زنزانة. هو مرغم، بالضغوط الدولية والاقليمية والداخلية، على البقاء فيها حتى لا تسقط الجمهورية الساقطة أساساً، واصدقاء سلام يسألونه «لماذا الاصرار على  ان تكون كبش المحرقة؟».

وزير «محترم» ويصف التراشق الذي يحصل، حالياً، بين السياسيين، وعلى خلفية الانتخابات البلدية، بـ«المسخرة»، لا أحجام للذين تاجروا بكل الشعارات، وبكل الغرائز، ولا أوزان للذين يتعاملون مع الناخبين كما لو انهم أسرى حرب ويقودونهم على صناديق الاقتراع كما لو انهم يقودونهم الى المشنقة…

وينقل وزير سابق عن القائم بالأعمال الأميركي ريتشارد جونز انه كان يفكر باحتمال تطبيق النموذج المصري في لبنان، كأن يمسك الجيش بالسلطة الى حين، وبعد ذلك يتم انتخاب رئيس الجمهورية، ويصار احياء المؤسسات الدستورية، لكنه تراجع سريعاً عن تفكيره لأن النموذج المصري أظهر انه اسوأ «مما كنا نتصور»، ولأن لبنان إن لم يعمد الى اعادة انتاج نموذجه الخاص، فهو ذاهب الى الهلاك لا محالة.

وأحاديث من الفاتيكان عن «الخوف الكبير» على لبنان، يقول احد المطارنة لـ«الديار» «لا تحسبوا ان الكرادلة يستخدمون قلوبهم فقط. هم اكثر من يستخدمون عقولهم في النظر الى الازمات، وهم يسألون «لماذا يظهر القادة المسيحيون، حتى حين يتصارعون من اجل كرسي خشبي، وهو أشبه ما يكون بالكرسي الكهربائي، كما لو أنهم يأخذون بالاسطورة التركية وحيث الذئاب تأكل بعضها البعض!».

المطران الذي على تواصل مع الحاضرة البابوية يقول «ان اصحاب النيافة كانوا مغتبطين جداً باجراء الانتخابات البلدية كدليل على أن لبنان، وبالرغم من تعثره السياسي والاقتصادي، لا يزال يمتلك الحيوية اللازمة للخروج من (مأزق) المراوحة، ولكن ما بدا ان القادة السياسيين يحاولون من خلال الضجيج الذي يثيرونه اغتيال الحقيقة، وهي ان الطبقة السياسية الراهنة لم تعد صالحة للتفاعل مع احتياجات الناس، وان عليها التفكير بكيفية الخروج لا بكيفية البقاء».

كل الاقطاب تقريباً أمام الصدمة، ومهما تبارى المستشارون في «فبركة» الذرائع للسقوط الكبير في طرابلس، أحد الوزراء قال انه كان يتوقع ان تزيل عاصفة القمامة أركان السلطة في بيروت فاذا بها تزيلهم في طرابلس، ربما لأن العاصمة لم تشهد ظهور رجل مثل أشرف ريفي يعرف كيف يشعل الغضب في صدور الناس، ولو باللجوء الى التعبئة الغرائزية في أكثر الأحيان…

واذا كان النائب وليد جنبلاط قد استعاد لحظة التايتنيك وهو يرى كيف ان الطبقة السياسية ترتطم بجبل الجليد، فان الرئيس نبيه بري الذي دق ناقوس الخطر دق ساعة التغيير ايضاً لأن النتائج كانت بمثابة الانذار المبكر بالانفجار…

الانتخابات البلدية أخرجت الناس من الثلاجة، ومن ثقافة القطيع، اي دولة في ظل الفوضى، والفساد والاهتراء والزبائنية؟ وكلام عن ضرورة الانتقال من سلطة ملوك الطوائف، وعرّابي المافيات، الى سلطة رجال الدولة، حتى اذا ما اخفق أهل التشريع في لبنان في صياغة قانون انتخابات يعيد انتاج السلطة، ما المشكلة في الاستعانة بخبراء دوليين ما دامت الثقة بكل شيء انهارت، من القضاء الذي هو المحراب، وصولاً «سد جنة» وحيث التجاذب حوله لا يحل الا برأي خبراء اجانب بعيدين عن العمولات وعن «الحرتقات» السياسية بكل أشكالها…

ـ الحريري والاستقالة ـ

النائب روبير فاضل قال انه عندما اتصل بالرئيس سعد الحريري يبلغه بقرار استقالته من المجلس النيابي، بادره بالسؤال «ما رأيك اذا استقلت انا ايضاً؟». هذا السؤال حمل الأوساط السياسية على التساؤل ما اذا كان رئيس تيار المستقبل قد وصل الى هذا المستوى من اليأس، وهو يرى الشعبية التي ورثها عن والده الرئيس رفيق الحريري، وحتى عن جريمة اغتياله، قد تبددت أو على الأقل بدأت تتبدد…

الأوساط إياها لا تستبعد ان يلجأ الحريري، وفي اي لحظة، الى اعلان قرار خطي، وتردد ان الصدمة التي أصابته لدى معرفته بنتائج الانتخابات البلدية في طرابلس كانت أقل بكثير من الصدمة التي اصابته حين علم باتصال السفير السعودي علي عواض عسيري بريفي لتهنئته بفوز (او بانتصار) لائحته، حتى ولو راح احد نواب الشمال في تيار المستقبل يشيع بأن عسيري اتصل ببيت الوسط قبل ان يتصل بالوزيرالمستقيل.

ـ الاجتماع… المناحة ـ

لا بأس ان يصف حتى بعض اعضاء كتلة المستقبل اجتماع الكتلة اول امس بـ «المناحة»، فالكل يعلم ان الازمة الشخصية للحريري انعكست ازمة على التيار بكامله، هناك الاحتقان المالي، وهناك الاحتقان السياسي، والاهم من كل ذلك، ان المملكة العربية السعودية التي كانت ترى في الرئيس رفيق الحريري احد كبار زعماء السنّة ليس في لبنان فحسب وانما على امتداد «العالم الاسلامي» لم تعد تنظر الى «الشيخ سعد» سوى انه واحد من اقطاب السنّة في لبنان.

واحد وليس الاوحد، ودون ان ترضي «مواهبه السياسية» الجيل الجديد الذي يمسك الآن بالزمام في المملكة، واذ لهم نظرتهم الخاصة الى سوريا والعراق واليمن لهم نظرتهم الخاصة الى لبنان، حتى ان هناك من لا يستبعد دور احدى الجهات السعودية الفاعلة جداً في تظهير ريفي على تلك الصورة. الرقم واحد داخل الطائفة السنية…

مصدر مقرب من قصر المختارة يقول ان جنبلاط تابع، بدقة وباهتمام، وردود الفعل على «التسونامي الريفي» في سائر المناطق السنية. بدا ان التعاطف مع المدير العام السابق للامن الداخلي والذي عرف كيف يستفيد من علاقاته ومن معلوماته، ومن نقاط الضعف لدى الآخرين، تجاوز، بكثير، التعاطف مع الحريري.

ـ بري يقلب الطاولة ـ

كلام عن ان الطبقة السياسية من البراعة بحيث يمكنها الالتفاف على كل التداعيات التي احدثتها الصدمات على امتداد ايام الآحاد الاربعة خلال شهر ايار الماضي. امس بدت مناقشات اللجان المشتركة حول قانون الانتخاب كما لو انها لاضاعة الوقت  ليس الا…

وبعد التصريحات التي اعقبت اجتماع اللجان وتميز بعضها بشيءمن التفاؤل كما لو ان القانون بات على قاب قوسين او ادنى، فوجئ النواب ببري يقلب الطاولة، اثناء اللقاء النيابي، قال «ما جرى في الانتخابات البلدية اكد الحاجة الى اعتماد قانون الانتخاب النسبي الذي يؤمن التمثيل الاكثر عدالة للجميع».

اضاف «في ظل استمرار المراوحة في مناقشة اقتراحي القانوني المختلط، من الافضل العودة الى مناقشة مشروع قانون حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي يعتمد النسبية، وتقسيم لبنان الى 13 دائرة».

واوضح رئيس المجلس ان موقفه في الاساس هو اعتماد لبنان دائرة واحدة، او اعتماد الدوائر الكبرى، على اساس النظام النسبي الذي في نظره، يؤمن التمثيل الاكثر عدالة للجميع.

ـ اين المبادرة؟ ـ

للتو توالت التعليقات داخل الوسط السياسي، من قائل ان بري الذي قرأ بدقة كل ما احاط بالعمليات الانتخابية، ومن الجنوب الى الشمال، ومن بيروت الى جبل لبنان مروراً بالبقاع، يعتبر ان ما حصل تجاوز القانون المختلط الذي يفصّل على مقاس الزعامات، وهو ما قد يحدث ردات فعل عاصفة بعدما تشكلت على الارض كتلة ناخبة لا مجال البتة للاستهانة بفاعليتها إن في الشارع او في صناديق الاقتراع.

وبمعنى آخر، فان بري يريد التعاطي بعقلانية، وبواقعية مع المعترضين، وليس التصرف، تحت قبة البرلمان، كما لو ان شيئاً لم يحدث، او بالامكان تهريب قانون للانتخاب لا يمكن ان يتفاعل، في اي حال، ليس فقط مع المقترعين المعترضين، بل مع الاكثرية الساحقة التي لزمت منازلها والتي تشكل في بيروت نحو 80 في المئة من الناخبين وفي طرابلس نحو 75 في المئة من الناخبين.

بطبيعة الحال، هناك من يقول ان نتائج الشمال، بل النتائج بوجه عام دفعت بمبادرة رئيس المجلس الى «الثلاجة»، وهو لا بد ان يدفع بقانون الانتخاب حتى الخريف المقبل، وربما الى ما بعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة لعل جديداً، سيطرأ على الساحة الاقليمية وينعكس على لبنان، وهو المقتنع، ضمنا بانتخاب رئيس للجمهورية قبل انجاز اي استحقاق آخر.

اصحاب السعادة سيكونون يوم الثلاثاء المقبل امام طرح جديد، مسح الغبار عن مشروع قانون حكومة ميقاتي. كل الذين يعارضون النسبية، وسواء كانت نسبية ام مطلقة، يستعدون للمنازلة، وهم الذين يعلمون ان اعتماد النظام النسبي يعني احداث تعديلات مثيرة في خارطة القوى، وقد يؤدي الى انتاج «قوة ثالثة» تنقذ البلاد من الثنائية القاتلة التي تعيش فيها البلاد منذ عام 2005.