IMLebanon

دعوات لعدم العودة الى الوراء والوقوع في الفخ الاسرائيلي

دعوات لعدم العودة الى الوراء والوقوع في الفخ الاسرائيلي

بري : التفجير استهدف لبنان اولاً و«حزب الله» ثانياً

عصيان داخل تيار المستقبل منعاً لانتخاب عون رئىساً

لبنان على خط الحرائق، بين الحرائق. الجريح الوحيد الذي سقط في تفجير مبنى بنك لبنان والمهجر هو لبنان. وبالرغم من محاولة توظيف الحادثة سياسياً، وكما العادة البعض راح ينفخ في الابواق، فان جهات معنية، ولطالما وصفت لبنان بأنه تحوّل الى غابة لاجهزة الاستخبارات، تعتبر ان ما حدث كان ملحقاً استخباراتياً لقانون العقوبات الاميركية ضد «حزب الله».

وهذه الجهات التي تلاحظ كيف ان القانون مضى بسرعة فائقة في اروقة الكونغرس قبل ان يصل الى البيت الابيض، هو حلقة من سيناريو تصاعدي يستهدف الضغط على «حزب الله»، وفي سياق ما يعد للمنطقة، بعدما بدا ان الضغط عليه عسكرياً مستحيل ان بالنظرة للطاقة القتالية للحزب او لكون اي خيار عسكري لا بد ان يفضي الى تفجير لبنان.

رئىس مجلس ادارة مدير عام بنك لبنان والمهجر سعد الازهري تصرف بمنتهى الحكمة، رفض الانجرار الى الاتهامات العشوائية. كما ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة رفض، بدوره، الاتهامات المسبقة ليؤكد انه غير قلق لا على الوضع النقدي ولا على الوضع المصرفي.

اجراءات مشددة اتخذت لحماية المصارف بعدما كان التركيز الامني على المطاعم والمقاهي وما الى ذلك، وتشديد على ان انفجار غروب الأحد  يفترض الا يتكرر في حال من الاحوال.

والذي يثير القلق هنا ان عواصم اوروبية كانت قد ابلغت مراجع لبنانية بأن حكومة بنيامين نتنياهو استحدثت «غرفة عمليات» خاصة اما بادارة الفوضى التخريبية في لبنان، وفي اطار مخطط متعدد الابعاد، او برصد التطورات، واحياناً بتوجيهها في اطار معين، وان كان مؤكداً ان تل ابيب ليست في وارد انشاء «لوبي اسرائيلي» داخل لبنان، وعلى غرار ما حصل في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي كي لا يكون «الحصاد المرّ» بحسب ما كتب آفون كابيلوك في تموز 2000.

وما يتردد في اكثر من عاصمة عربية وغربية ان حكومة نتنياهو وضعت «سيناريواً متحركاً» للتعامل مع الساحة اللبنانية، بالتداخل مع الساحة السورية او بمعزل عنها. من هنا كانت دعوة مرجعيات لسياسيين وحتى لبعض المصرفيين الذين حاولوا، ولخلفيات سياسية، دفع الامور في اتجاه دقيق للغاية والى التزام اقصى حالات الحذر والروية، وبالتالي عدم الوقوع في الفخ الاسرائيلي.

وفي هذا السياق، قال مصدر وزاري لـ«الديار» ان سفيراً اوروبياً بارزاً وضعت بين يديه ترجمات للرسائل الميدانية، ومن شارع فردان، الى احدى المحطات التلفزيونية، فكان ان اتصل في الحال بمسؤول كبير، داعياً الى المقاربة الهادئة لما حصل لان مهمة الساسة في لبنان، في الوقت الحاضر، هي اخماد النيران التي على الحدود لا اشعالها في الداخل، وفي بيروت بوجه خاص.

ولكن على ما يبدو قلة قليلة هي التي تصغي الى النصائح او تعمل بها، اذ ان نتائج الانتخابات البلدية التي هزت بعض القوى السياسية «حتى العظم» جعلت هذه القوى تعتبر ان عملية التعويم تحتاج الى مواقف عاصفة دون اي اعتبار لكون البلاد تعيش على حافة الهاوية.

ومنعاً للذهاب بعيداً في تجاوز الخطوط الحمراء واعادة البلاد الى مناخات 2005 و2008، مروراً بمناخات 2006 رأى الرئىس نبيه بري «ان الأيادي الآثمة التي سعت لزعزعة الوضع بتفجير بيروت (اول امس) تستهدف لبنان اولاً و«حزب الله» ثانياً قبل ان تصل شظاياه الى بنك لبنان والمهجر». ولاحظ «ان بصمة هذه الجريمة المنظمة وابعادها واضحة للعيان»، داعياً للتنبه الى «الابعاد الحقيقية الكامنة وراء هذا الاستهداف، استهداف لبنان في قلب عاصمته، واستهداف نظامه المصرفي المميز الذي نافس ولا يزال رغم الحروب والاجتياحات والمحاولات الاسرائيلية لمجاراة خبراتنا ونظامنا الاقتصادي الحر».

وطالب بري الجميع بـ«الانتصار مجدداً لوحدة موقفهم وخطابهم، وعدم التسرع والانجراف خلف المخططات المشبوهة التي استهدفت وتستهدف حاضر ومستقبل لبنان وصيغته الفريدة».

وكان رئىس الحكومة تمام سلام قد دعا الى اجتماع طارىء حضره سلامة ووزير المال علي حسن خليل ورئيس جمعية المصارف جوزف طربيه، حيث تمت مناقشة تداعيات الانفجار، ليؤكدوا الثقة بالاجراءات التي يتخذها المصرف المركزي محلياً ودولياً لحفظ النظام المالي اللبناني، وتعزيز مناعته، وتثبيت سمعته، على ان يتحلى جميع المعنيين بالملف بأعلى درجات الحكمة والمسؤولية، وان يعتمدوا الحوار الهادىء والعقلاني في معالجة هذه المسألة الدقيقة بعيداً عن صخب المنابر بما يحفظ مصالح جميع اللبنانيين».

وكان سلام قد وصف التفجير بـ«الجريمة الارهابية التي تهدف الى ضرب الاستقرار الاقتصادي»، وهو يرقى الى «مرتبة المساس بالامن القومي للبنان».

وفي الاجتماع الاستثنائي الذي عقدته جمعية المصارف، اعتبرت ان التفجير «اصاب القطاع المصرفي بكامله، وهو يهدف الى زعزعة الاستقرار الاقتصادي»، لافتة الى «ان مصارف لبنان اعتادت العمل في بيئة ملأى بالتحديات، وقد خرج القطاع المصرفي منها دائماً اكثر متانة وسلامة».

وقد طلب الازهري لدى خروجه من الاجتماع من الاعلام «ان يكون منصفاً وموضوعياً في تحليلاته».

ـ تجاذب داخل المستقبل ـ

واذ اخذ الرئيس سعد الحريري من الافطارات الرمضانية، بالموائد العامرة، منصة لاطلاق المواقف السياسية، ان في اتجاه «الداخل المستقبلي» او في اتجاه القوى الاخرى، قال قيادي مخضرم في التيار لـ«الديار» ان بعض مواقف الحريري الملتبسة احدثت تجاذباً حاداً داخل التيار، اي انها اتت بنتائج عكسية لما كان يرجوه اي تجميع مراكز القوى حوله.

القيادي اضاف ان قيادات في المستقبل تعتبر ان الحريري يناور، حالياً، ويحاول التمهيد، وهو الأمر الذي يحتاج الى الكثير من الحنكة السياسية، فضلاً عن الحنكة اللغوية، للجوء الى الخيار الاخير، والاسم الاخير، اي العماد ميشال عون.

والذي يلفت القيادي ان الذين يقودون «العمليات الاعتراضية» حتى في اروقة وردهات، بيت الوسط، هم في معظمهم من الاشخاص الذين تتردد اسماؤهم بانهم على اللائحة السوداء، وبأنهم سيُخلعون من مواقعهم ومن مقاعدهم النيابية.

غير ان القيادي يشير الى ان الحريري يعتبر ان كل مواقفه، ومواقعه ستذهب ادراج الرياح اذا بقي في بيت الوسط، ولم يتوجه الى السرايا القريبة بالسيارة التي تحمل رقم 3 لان الكلام من بيت الوسط هو غير الكلام من برج السرايا…

ـ عون ونقطة الضعف ـ

ويتردد ان عون الذي بات يعرف اين هي  نقطة الضعف في الوضع الحالي لرئيس تيار المستقبل ينتظر، في اي لحظة، ان يتلقى دعوة هذا الاخير له الى العشاء، ولكن بعد انتهاء شهر الصوم، وبعد استكمال السيناريو الفرنسي بزيارة الوزير جان ـ مارك ايرولت لبيروت الذي سيلتقي القيادات المسيحية، وعلى رأسها البطريرك مار بشارة بطرس الراعي.

ولم يعد خفياً مدى القلق الفرنسي على لبنان. التقارير الديبلوماسية والاستخباراتية التي ترد الى الاليزيه او الى الكي ـ دورسيه  كلها تشير الى احتمالات خطيرة، وان مسألة اعادة النظر في الخرائط وفي هيكليات السلطة، تطرح بجدية من الاميركيين والروس، وبفعل المعطيات المتلاحقة على الارض.

الفرنسيون يتحدثون عن ازمة طويلة في سوريا، او عن معارك طاحنة في الطريق، ما يعني ان لبنان قد يكون مضطراً في الاشهر المقبلة، الى استضافة مئات الالاف من النازحين الجدد. وهم يعتبرون ان المرحلة التي تسبق الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وكذلك المرحلة التي تعقبها لتشق الادارة الجديدة طريقها، ستشهد تصعيداً خطيراً في الصراع بين السعودية وايران، ما يمكن ان ينعكس على لبنان على نحو دراماتيكي.

باريس تعرف ان مدى تأثيرها في اللعبة الداخلية محدود للغاية، وسلاحها الوحيد في هذه الحال هو المسعى الديبلوماسي من اجل انجاز الاستحقاق الرئاسي، وبالتالي انتظام عمل المؤسسات، وما يمكن ان يؤمن الحد الادنى من المناعة الداخلية.

واذ يبدو مؤكداً ان الوزير المستقيل اشرف ريفي يرتبط بعلاقات وثيقة مع «احصنة طروادة» داخل «الطبقة العليا» من التيار، مع الاشارة بشكل خاص الى الرئىس فواد السنيورة الذي تراجعت كثيراً تصريحاته النارية، وحتى تصريحاته العادية. في الآونة الأخيرة، ثمة من يزود ريفي بتفاصيل كثيرة حول الطروحات الراهنة في بيت الوسط.

هذا ما يفسر «نوعية الكلام» الذي صدر امس عن ريفي، اذ اعلن رفضه «أي سيناريو لدى البعض للانتقال من ترشيح فرنجية الى تبني ترشيح عون». ورأى «ان دعم اي مرشح للرئاسة من حلفاء الدويلة (وهو يقصد «حزب الله») سيقضي على ما تبقى من الدولة»، محذراً من «الاستمرار بالخيارات الخاطئة والمكلفة».

كلمة «البعض» تعني الحريري تحديداً، ومع تأكيد نائب من المستقبل يكاد يكون في منتصف الطريق بين «الشيخ سعد» و«حضرة اللواء» ان مساعي الوساطة بين الاثنين تتعثر، لا الاول مستعد للتراجع قيد الانملة ولا الثاني يقبل بأن يكون تحت جناح الحريري او ان يعود الى تحت جناحه.

شيء ما يحدث وراء الستار، لا اتصال بين الحريري وفرنجية كما لو ان العلاقات عادت الى الانقطاع، فيما جماعة الرابية يتحدثون عن «آب اللهّاب» سياسياً. الثمار تنضج في ذروة الصيف، اما الخريف فهو للمؤتمر العام لتيار المستقبل، عسى الاشهر المقبلة تحمل الفرج المالي لرئيس التيار فيحمل الصولجان مجدداً، ويضرب بالسيف.

حلقة امس من المسلسل الرمضاني خلت من اي عنصر درامي. قال الحريري للطلاب الجامعيين بعد الافطار «اليوم اريد ان ادعوكم للوقوف ليس دقيقة صمت بل دقيقة تصفيق تحية وتضامناً مع كل الصامدين في لبنان ومع كل القطاع المصرفي، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، فلنصفق لكل الابطال الصامدين في وجه الارهاب».

فهم المدعوون ان عليهم التصفيق دقيقة للشيخ سعد. صفقوا