وهاب: عون يملك مفتاحي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة
الحريري يدافع عن قانون العقوبات ويصعّد ضد «حزب الله»
على نحو دراماتيكي وصاعق، تراجع التفاؤل بامكانية انجاز الاستحقاق الرئاسي في غضون الاشهر القليلة المقبلة الكل عادوا الى المربع الاول بعدما تلقت قيادات لبنانية اشارات خارجية بأن التطورات السورية قد تدفع بالاستحقاق الرئاسي الى المجهول.
المعلومات تؤكد ان الروس والايرانيين في حالة استنفار قصوى بعدما بلغتهم تقارير حول خطط سرية وصاعقة قد اعدت على ان يكون التنفيذ عبر البوابة الاردنية، والهدف اختراق اماكن تعتبر حساسة جدا بالنسبة الى النظام بعدما تم تكريسها كخطوط حمراء لا يسمح بتجاوزها.
كما تشير المعلومات الى ان الجيش السوري وحلفاءه بدأوا بتنفيذ عملية تكتيكية استباقية لقطع الطريق على تلك الخطط وانطلاقا من الجنوب السوري وبصورة خاصة في اتجاه دمشق…
واذ تشكك موسكو من اهتزاز المواقف الاميركية او من ازدواجيتها في العديد من النواحي فهي تشير الى ان الخطوط وضعت بأيد عربية وايد اقليمية شريكة لها على اساس ان تكون هذه الخطط حاسمة في السياق العسكري الخاص باسقاط النظام بعد فشل محاولات اخرى لم تكن تقل اهمية من حيث الاستعدادات الميدانية واللوجستية عن الخطط الراهنة.
ولم يعد سرا ان القيادة الروسية بادرت الى استجلاب انواع جديدة من الاسلحة لمواجهة اي هجمات مفاجئة والهدف منها التأثير بشكل خطير على الاحزمة الدفاعية للنظام.
وكانت عواصم عربية قد بدأت تتحدث عن مفاجآت هامة في سوريا بعد انتهاء شهر رمضان ودون ان يعرف ما اذا كان ولي ولي العهد السعودي ووزير الدفاع الامير محمد بن سلمان قد ادرج على جدول اعمال لقائه مع الرئىس الاميركي باراك اوباما مسألة المساندة الاميركية السياسية على الاقل للفصل الحالي من الحرب على النظام السوري
غير ان مسؤولا خليجيا رفيع المستوى قال لـ «الديار» ان محادثات الامير محمد في واشنطن تتناول بشكل رئيسي معالجة التصدعات البنيوية وحتى الانهيارات التي حصلت على امتداد السنوات الاخيرة في العلاقات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة والى الحد الذي هدد بتفجير هذه العلاقات حتى ان وزير الخارجية السعودي لوح باسترداد ما قيمته 750 مليار دولار من سندات الخزينة التى سبق للسعوديين واشتروها بطلب من واشنطن.
اضاف المسؤول الخليجي ان الرياض لاحظت ومن خلال تجاربها في اليمن وفي سوريا وفي العراق انها لا تستطيع الاعتماد في خياراتها الاستراتيجية على الحلفاء العرب والمسلمين الذين خذلوا المملكة في اكثر من مرحلة حساسة وهي اذ تدرك ان امامها تحديات ضخمة جدا بل وتحديات مصيرية في السنوات المقبلة عادت الى الرهان على الولايات المتحدة على انها المظلة التي لا يستغنى عنها في حال من الاحوال.
ورأى المسؤول الخليجي ان من الصعب التكهن بما اذا كانت الادارة الاميركية التي هي على تواصل واحيانا على تنسيق مع الكرملين ستحاول اقناع ولي ولي العهد الذي يتمتع بصلاحيات سياسية وعسكرية واسعة النطاق في المملكة باحداث تعديل في السياسات «النارية» حيال الوضع السوري.
وكانت الاوساط الديبلوماسية قد توقفت عند قول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في منتدى سان بطرسبرغ ان «علينا منع انهيار سوريا لان ذلك سيهدد الاستقرار العالمي بأسره».
ولاحظ «ان الديموقراطية في سوريا لا تأتي بالسلاح انما عبر دستور جديد وانتخابات برلمانية ورئاسية» كاشفا عن ان الرئىس السوري بشار الاسد موافق على هذه الافكار وعلى اجراء الانتخابات تحت رقابة دولية.
وبعدما بدا ان قنبلة فردان غروب الاحد شكلت الذريعة الذهبية لبعض القوى السياسية «الكامنة» لدفع الامور نحو حافة الهاوية وللتقاطع في نقطة ما مع ما يشاع عن تطورات عسكرية مفاجئة على الارض السورية بدا ان هناك اكثر من مايسترو خفي سارع الى ضبط الايقاع بالصورة التي اذ تكرس الستاتيكو تمنع الانجرار الى الخيارات الكارثية.
وكانت قوى سياسية في ما كان يعرف بـ 8 آذار قد تلقفت باهتمام تشديد الرئيس سعد الحريري وفي الاطلالة الرمضانية على استكمال الحوار مع «حزب الله» معتبرا ان ذلك يفضي الى درء الفتنة ومتحدثا عن جماعة تعمل على اشعالها.
وبدا ان الحريري يعطي الاولوية الحاسمة لإعادة الهدوء الى المشهد السياسي وبعدما تأكد الا خطوط تماس بين «حزب الله» وجمعية المصارف التي سجل ان فيها اصواتا تعي دقة الوضع اللبناني وهشاشته فكان ان حالت دون تغليب لغة الثأرية السياسية على لغة العقل والتعقل.
البعض وصف الجمهورية بأنها «مثل القطة بسبعة ارواح» وهذا لا يعني ترك الامور تمضي على عواهنها، وهنا يتردد في الكواليس ان ثمة من يرى ان ما دام الافق الاقليمي مقفلا الى هذا الحد لا بل انه سيشهد مسارا تصعيديا خطيرا للغاية هناك باب وحيد يفترض «ان نطرقه».
شخصيات بعيدة عن البروباغندا السياسية وعن البهلوانيات التلفزيونية ترى ان هذا الباب (الوحيد) هو السعي للقاء بين الرئيس سعد الحريري والامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله.
وهذه الشخصيات ومن بينها رئىس حكومة سابق ترى انه ما دام الحوار قائما بين تيار المستقبل و«حزب الله» وما دام الحريري قد تجاوز كل «الكمائن» وكل الاشباح داخل التيار وشدد على مواجهة الساعين الى الفتنة وهم معروفون من خلال التركيز على ضرورات الحوار يمكن التمهيد لذلك اللقاء.
غير ان الذين ينحون في هذا الاتجاه يرون ان لقاء بهذه الحساسية لا بد ان يحتاج الى ضوء اخضر خارجي وهذا الامر يبدو متعذرا في الوقت الحاضر وان كان هناك من يذكر بدعوة السيد نصرالله الى الابتعاد عن الخارج وانجاز الاستحقاق الرئاسي بأيد لبنانية محضة.
ـ رسالة وئام وهاب ـ
قوى سياسية تبدي اعتقادها بأن الامين العام لـ «حزب الله» الذي يدرك مدى حساسية الوضع الداخلي اللبناني وما تقوم به جماعة داخلية وخارجية على السواء من اجل تفجير هذا الوضع لا مشكلة لديه في الالتقاء برئيس تيار المستقبل اذا كان هذا الاخير جاهزا للتعاون في حلحلة الازمات التي تضغط على الواقع اللبناني بكل وجوهه.
وكان لافتاً الكلام الذي اعلنه الوزير السابق وئام وهاب من الرابية اثر لقائه العماد ميشال عون وهي الرسالة التي يعتبر اكثر من مرجع سياسي انها جاءت ردا على كلام للحريري مساء الخميس ومع اعتبار «الوضع المأسوي» الذي يواجهه هذا الاخير ان على الصعيد السياسي او على الصعيد المالي ناهيك عن العلاقات المرتبكة وحتى الملتبسة مع الرياض.
ـ مفتاحان ـ
وهاب قال «انا اؤكد للرئىس سعد الحريري من الرابية بأن العماد ميشال عون يملك الان مفتاحين وليس مفتاحا واحدا الاول هو مفتاح رئاسة الجمهورية والثاني هو مفتاح رئاسة الحكومة».
اضاف ان عون «يملك تفويضا من القوى السياسية التي ينتمي اليها ويملك بالتحديد تفويضاً من سماحة السيد حسن نصرالله بالتفاوض مع الرئيس الحريري على موضوع العودة الى رئاسة الحكومة».
ودعا وهاب الحريري وادعو من هنا كذلك الوزير وليد جنبلاط الى اخذ المبادرة والنقاش مع الرئيس سعد الحريري بشكل جدي في هذا الامر حتى نخرج من هذه الدوامة مشيرا الى ان العقدة الاساسية هي لدى المكون السني الاساسي الذي هو الرئيس سعد الحريري، وعندما يوافق المسألة منتهية خلال ساعات.
ما صدر عن وهاب رأت فيها الاوساط السياسية تطورا لوضع كل العوائق جانبا فالمطلوب من الحريري الذي قطع حواجز كثيرة عندما رشح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية ان يقطع الحاجز الاخير وان كان اعلى بقليل ويعلن ترشيح الجنرال بعدما مهد لذلك في اطلالة رمضانية سابقة بالاعتراف بوصول ترشيحه للدكتور سمير جعجع وللرئيس امين الجميل ولرئىس تيار المردة الى طريق مسدود.
وتبعا للمعلومات فإن الايام الرمضانية السابقة شهدت تجاذبا حادا داخل تيار المستقبل حول ترشيح رئىس تكتل التغيير والاصلاح وان تردد ان القرار في هذا الامر موجود في احد قصور الرياض لا في بيت الوسط في الداون تاون.
هذا لا يمنع قيادات في التيار معنية بما تدعوه معاناة الشيخ سعد من القول بأن عودة هذا الاخير الى السراي الحكومي والعودة السريعة تحديدا هي ضرورة استراتيجية بالنسبة الى الحريري لانقاذ ما يمكن انقاذه كون الاطلالات الرمضانية بيدين خاويتين مهما حركهما ذات اليمين وذات اليسار لا تفضيان الى اي نتيجة.
وكان نائب التيار الوطني الحر زياد اسود قد اقرّ بالواقع الذي ظهر اخيرا حين صرح بأن الافراط في التفاؤل لم يعد واقعيا في حين صرح مفوض الاعلام في تيار المردة سليمان فرنجية بأن رئاسة الجمهورية هي التي دقت على باب النائب فرنجية واصفا اياه بـ «رئيس مع وقف التنفيذ» والسؤال الذي يطرح الان في الوسط السياسي وايضا في بيت الوسط ما اذا كانت السعودية التي تدرك الابعاد التراجيدية لازمة الحريري مستعدة لمساعدته وحمله الى الرئاسة الثالثة.
ـ مفاجأة الحريري ـ
المفاجأة كانت انه بعد يوم واحد من تشديد رئيس تيار المستقبل على الحوار مع «حزب الله» شن هذا الاخير حملة شعواء على الحزب مدافعا عن قانون العقوبات الاميركي ومتبنياً تصنيف الولايات المتحدة ودول عربية له بـ «المنظمة الارهابية».
وقال ان واشنطن«تعاقب حزب الله وليس الشيعة على عمليات امنية ومعظم الدول الاوروبية ادرجته على لوائح الارهاب على خلفيات عمليات امنية منسوبة للحزب وكذلك في السعودية والبحرين والكويت وقطر.
اضاف «والان هناك مشكلة حقيقية بين «حزب الله» وليس اخواننا الشيعة كما يحاول الحزب ان يصورها وجزء اساسي من المجتمع الدولي والمجتمع العربي والعقوبات الاميركية تعكس جانبا من هذه المشكلة التي نرى لها وجوها متعددة في العلاقة مع دول مجلس التعاون الخليجي».
ولاحظ ان الحزب لا يريد ان يعترف بهذه الحقيقة وبأن سياساته الامنية والعسكرية هي لعنة كبيرة يدفع ثمنها بحياتهم الوف الشبان الذين يرميهم على جبهات القتال المجنون ومئات ألوف اللبنانيين بمصالحهم كافة».
اضاف الحريري «والان اخر موضة للحزب يتهجم على اخر قطاع لا يزال يحمي الاقتصاد والذي هو قطاع المصارف وعلى حاكم مصرف لبنان بحجة انهم يطبقون قوانين ليسوا هم من وضعها لكن ملزمون بتطبيقها ومجلس النواب اللبناني التزم تطبيقها.
ـ هل يريدون جعجع؟ ـ
واعتبر ان مشكلة في الحزب لا في الطائفة الشيعية وهو «يمنع منذ سنتين اكتمال النصاب بجلسات انتخاب الرئيس. الدولة مشلولة والاقتصاد مشلول ولا يمكن لاحد اتخاذ قرار لتحسين معيشة الناس وفي الاخير يقول ان لا رئىس والحق على سعد الحريري».
وسأل «هل المطروح ان اختار بين المرشحين سمير جعجع او امين الجميل وانا ارفض ان انزل الى المجلس مثلا؟ هل يريدون الدكتور جعجع يا ترى؟
وللتو علق وهاب عبر مواقع التواصل الاجتماعي سائلا «هل يبرر الحريري للاميركيين في كلامه معاقبة حزب الله؟ وهل يؤيد هذه العقوبات مضيفا بـ«ان هذا الرجل منعم بالوطنية السعودية».
كما سأل «هل تجهل يا شيخ سعد ان «حزب الله» يمثل كرامة الامة وليس كرامة الشيعة فقط. لذا فالفصل بين الاثنين مزحة من مزحاتك السمجة».
ورأى وهاب «ان حزب الله» غير عقلنا العربي المهزوم وكل العقوبات ستدرس عليها ولا تساوي جزمة مقاوم.
الى ذلك قال الاساقفة الموارنة برئاسة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في نهاية السينودس انه «بعد مرور اكثر من عامين على الفراغ الرئاسي وما ينجم عنه من تعطيل للمؤسسات الدستورية ومن عواقب وخمية على المستوى السياسي والامني والاقتصادي والاجتماعي وتعثر ادارات ومؤسسات الدولة وسير عملها فضلا عن انتشار الفساد فيها على حساب المال العام نناشد جميع النواب والكتل السياسية بأن يتحملوا مسؤوليتهم الدستورية ويقوموا بواجباتهم الوطنية والبرلمانية في تعزيز الحوار والمصارحة في شأن الاسباب الخفية التي تحول دون انتخاب الرئيس».
ـ راجعوا حساباتكم ـ
ومضى الاساقفة «ان ما افرزته الانتخابات البلدية والاختيارية على مستوى كل لبنان يشكل علامة فارقة تحمل المسؤولين السياسيين على مراجعة حساباتهم ومواقفهم ليستمعوا الى ارادة الشعب ويعملوا على بناء دولة المؤسسات بدءا بانتخاب رئىس وبصياغة قانون عصري للانتخابات النيابية ينصف كل الفئات اللبنانية بالتمثيل الصحيح».
وكان مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان قد دعا السياسيين «للارتفاع الى سلم المسؤولية وللارتقاء في الوعي لخطورة الوضع في لبنان بحوار كله ملتهب».
ولفت الى «ان لبنان في غرفة العناية الفائقة ولا يمكن ان يخرج منها الا بانجاز اول الاولوية اي انتخاب رئىس للجمهورية».