IMLebanon

لماذا اقترح بري الإنتخابات النيابيّة قبل الرئاسيّة؟

لماذا اقترح بري الإنتخابات النيابيّة قبل الرئاسيّة؟

واشنطن تنتظر احتراق الأقطاب الموارنة الأربعة

الدفاع المدني يدق ناقوس الخطر : لا سيطرة على الحرائق

اسبوع الآلام : جلسة للحوار، جلسة لانتخاب رئىس الجمهورية، جلستان لمجلس الوزراء، لا احد يتوقع القيامة…

اسبوع الحرائق ايضاً : وزارة الصحة تحذر من ضربات الشمس، ضربات في الرأس، وضربات على الرأس حين يدق مدير عام الدفاع المدني العميد ريمون خطار جرس الانذار. لا معدات مشطورة (احدثها يعود الى عام 2000)، ولا تقنيات كما في الدول الاخرى، ولا عناصر كافية، درجات الحرارة قياسية. هذا يعني ان لبنان معرض للكوارث. والجهاز الذي يفترض ان يكون في ذروة الاستعداد للمواجهة يعلن انه عاجز عن السيطرة على كل الحرائق، بالاحرى على كل الكوارث…

هل ثمة فارق بين الدفاع عن الجغرافيا والدفاع عن الطبيعة؟ ما قاله خطار مأساوي بكل معنى الكلمة. مثلما الجيش جاهز للحيلولة دون عدوى الزلازل والانتقال الى لبنان، يفترض ان تفكر الدولة (اين الدولة؟) في الحيلولة دون التصاعد (الدرامي) لمسلسل الحرائق.

الشغور في رئاسة الدولة ام في الدولة. الذين يتابعون تشابك المعطيات الداخلية والخارجية المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي يتحدثون عن «غرنيكا رئاسية»، مساء السبت كانت مرجعية تتناول الافطار مع مقربين، وقاربت الاستحقاق على طريقة اللوحة الشهيرة لبابلو بيكاسو…

هكذا يجري البحث عن رئيس للجمهورية، بأذنين سعوديتين، وبيدين ايرانيتين وبرأس اميركي، وبوجه روسي، وبظهر مصري، وبقفص صدري  صنع في تايوان، وبخاصرة اسرائيلية، وبعنق قطرية، اي كائن عجيب يمكن ان يوضع على المقعد الرئاسي في لبنان.

اين الصناعة اللبنانية في الرئيس اللبناني؟ الصورة التذكارية. حتى اللحظة محاولات لتركيب رئىس الجمهورية على طريقة الروبوت. المشكلة في تعدد الاصابع التي تصنعه او تلك التي تتولى ادارته…

حين كان العماد ميشال عون «يقصف» بالدبابات اتفاق الطائف كان يعتبر ان النصوص التي افرغت من محتوياتها، ومن صلاحياتها، انما تحمل الى قصر بعبدا، وعلى حصان خشبي، تمثالاً ويدعى «فخامة رئىس الجمهورية». لهذا قال بالرئيس القوي الذي يعيد للرئاسة، وهي رئاسة الدولة، ديناميتها وفعاليتها…

المطلوب الان «رئيس مركب» للبنان. مثلما الجمهورية مركبة، الرئاسة مركبة، ويفترض ان تمثل القوى الاقليمية والقوى الدولية. الاميركيون لا مبالون ام انهم ينتظرون احتراق الاقطاب المارونية الاربعة، ام انهم يعتبرون ان الصراعات الاقليمية لا يمكن ان تنتج رئيساً للبنان. وكل هذا الاساس، التركيز على المؤسسات العسكرية والامنية (والمصرفية؟) كونها العوامل الوحيدة في بقاء الدولة او في بقاء ما تبقى من الدولة في لبنان.

مبادرة الرئيس نبيه بري على الطاولة، وفي عين التينة، يوم الثلثاء. يفترض ان يعرف القاصي والداني انه لا رئىس للجمهورية في هذه المرحلة، وان قصر بعبدا الذي يمتلك كل مواصفات القصر المهجور، سينتظر اما نهاية الحرب الكبرى، او نهاية التسوية الكبرى، في سوريا.

التمديد الاول للمجلس النيابي كان ربع فضيحة، التمديد الثاني كان نصف فضيحة، التمديد الثالث الفضيحة ذات الاجراس، على غرار الافعى ذات الاجراس، والتي قد تبتلع الطبقة السياسية برمتها.

بري حين طرح مبادرته كان يعلم ان ثمة من يرى حلقات (داروينية) مفقودة في المبادرة، وان هناك من سيذهب بعيدا إن في المخاوف، او في المزايدات (حتماً في الشكوك ايضاً) لجهة اجراء الانتخابات النيابية قبل الانتخابات الرئاسية…

رئيس المجلس مثلما يوصف بالساحر يوصف بالقارىء (البعيد المدى) ايضاً قرأ الانتخابات البلدية ونتائجها بعينين واسعتين. خلاصة ما وصل اليه ان الشعب اللبناني ليس ما تظن غالبية الطبقة السياسية انه في موت سريري، بل انه متيقظ، حتى اذا ما جرت الانتخابات النيابية بقانون عصري، لا من العصر الحجري، لا بد للطبقة السياسية ان تلفظ انفاسها ما قبل الاخيرة.

هذا الاسبوع، اسبوع الآلام واسبوع الحرائق، بحث في قانون الانتخاب. واذا كانت المقاربات الكلاسيكية للتغيير او للتحديث تعتبر ان دستوراً جديداً هو الذي يأتي بالجمهورية الثالثة، فان المقاربات الثورية تعتبر ان قانوناً جديداً للانتخابات، بمعايير او بمفاهيم، وبأنظمة، وبتقسيمات تأخذ في الاعتبار دقة التمثيل وشموليته، هو من ينتج الجمهورية الثالثة…

ـ قانون كارثي ـ

حتى الآن، لا بحث، ولا حفر، في الاساسيات الفلسفية للدولة في لبنان. محاولات ناشطة للتخدير بقانون مختلط ومعقد. الخبير والمحلل عبده سعد يرى ان هذا القانون كارثي. نصف الشعب اللبناني على ضفة والنصف الآخر على ضفة اخرى. قانون ينتج شعبين على المدى القريب، وجمهوريتين على المدى المتوسط، وكارثتين على المدى البعيد.

مثلما يعتبر بري ان التمديد انتحار، تعتبر قوى سياسية ان النسبية انتحار. قادة سياسيون وقد يتحولون الى هياكل عظمية (حدقوا جيداً في ارقام الانتخابات البلدية). اما العودة الي قانون الستين (2008) كامر واقع تفادياً للواقع الآخر، او قانون هجين لخداع اللبنانيين بأن الطبقة السياسية تلقفت الرسالة، وهي في صدد اعطاء الناخبين حقهم.

الاعتماد في مطلع الاسبوع على العصا السحرية لرئىس المجلس، وان كان هامش «السحر» ضيق جداً، والناس اكثر تنبهاً، وجماعات الحراك المدني تقف وراء الباب استعداداً للنزول، بفاعلية افضل وبرؤية افضل، هذه المرة.

الرئيس سليم الحص يقول بابتسامة ساخرة ان الانتخابات البلدية جعلت الطبقة السياسية تكتشف انه لا يزال هناك لبنانيون في لبنان.

ويتردد في الوسط السياسي ان بري اخرج مشروع حكومة ميقاتي من الادراج ليستخدمه تكتيكياً من اجل تبني المشروع الذي تقدم به النائب علي بزي والذي يقوم نصفه على النظام النسبي ونصفه الآخر على النظام الاكثري.

ـ معادلة بطرس ـ

الوزير السابق زياد بارود يشير بأصابعه العشر الى مشروع الهيئة التي ترأسه الوزير الراحل فؤاد بطرس، هيئة الاختصاصيين، وبرئاسة قامة نظيفة ورؤيوية، قاربت الوضع اللبناني من كل جوانبه. اخذت في الاعتبار التوازنات، والحساسيات، الطائفية والمذهبية والمناطقية، دون ان يكون هناك من بعد الغائي للمشروع كما في البرامج والسياسات الخفية للاحزاب…

هكذا 77 نائباً على النظام النسبي و51 نائباً على النظام الاكثري. المعادلة نتائج بحث معمق وفي كل الجوانب التي يقتضيها قانون انتخاب في بلد مثل لبنان. كلام عن ان المشروع معقد وغير قابل للتطبيق. ما يبحث الآن حول القانون المختلط يعكس الاتجاه الى تركيبة غريبة عجيبة وتعيد انتاج السلطة بجراحات تجميلية محدودة.

على السطح، لا تزال استقالة الوزيرين  الكتائبيين سجعان قزي وألان حكيم تثير التساؤلات عما يريده «الشيخ سامي». هل يلتقط الفرصة (كشاب ديناميكي ومقاتل) ويتقدم الصفوف في الحراك المدني…

هذا هو سبيله الوحيد لانهم في التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية» يستخفون بفاعلية حزب الكتائب في الشارع والى حد القول انه لا يستطيع حتى ان يقطع طريق الكازينو والا فإن المسألة لا تتعدى محاربة طواحين الهواء.

ـ تفسيرات فسيفسائية للدستور ـ

استقالتان على الهواء، كما هي استقالة وزير العدل اشرف ريفي، على الاقل شيء ما على الورق من اجل الارشيف لا اكثر ولا اقل. تفسيرات فسيفسائىة للدستور. ما حدث اعتكاف لا استقالة، كما قال الرئيس حسين الحسيني، هل يعني عدم وجود رئىس للجمهورية عدم وجود رئىس لـ «مجلس الوزراء» واليه توجه الاستقالة الخطية.

الرئىس تمام سلام لم يشكك في فهم الجميل للأحكام الدستورية فحسب بل وكاد يصف الاستقالة بالمسرحية حين قال امس «اذا كانت نية الكتائب جدية باستقالة الوزيرين يجب ان تقدم هذه الاستقالة خطيا الى الامانة العامة لمجلس الوزراء»، ملاحظا ان الجدل الدستوري القائم من سلبيات الشغور الرئاسي.

وردا على دعوة الجميل له بالاستقالة رأى ان «لكل رأيه وغيره قال كلاما اخر. وهناك رغبة عارمة في عدم التخلي عن المسؤولية، وهذا يشكل عبئا كبيرا عليه»، معتبرا ان «على المسؤول الا يتخذ قرارات «فشة خلق».

ـ جعجع وعبوة فردان ـ

واشار الى ان الازمة بين المصارف و«حزب الله» «تحت السيطرة». غير ان الدكتور سمير جعجع نظر الى المسألة من زاوية اخرى. ومع ان التحقيقات في يد شبعة المعلومات في قوى الامن الداخلي، صرح بـ «اننا ما زلنا في انتظار نتائج التحقيقات في انفجار بنك لبنان والمهجر».

وذكر بالمناسبة بـ «ان كل التفجيرات على الاطلاق او دون استثناء، التي قامت بها جهات تكفيرية في السنوات الخمس الماضية تم كشف مرتكبيها».

ولاحظ جعجع في اتهام مبطن الى الجهة التي استُهدفت منذ اللحظة الاولى للانفجار انه «اذ بقي تفجير البنك مجهل الفاعل، سيقع حكما ضمن لائحة التفجيرات الاخرى التي طاولت قوى 14 آذار في السنوات العشر الاخيرة».

واعتبر ذلك «امرا خطرا جدا وعلى الحكومة ان تتوقف عنده وتتخذ الاجراءات المناسبة في خصوصه».

ـ البطريرك والجماعة السياسية ـ

من جهة اخرى، دعا البطريرك مار بشاره بطرس الراعي «الجماعة السياسية» بكتلها النيابية الى «الاصغاء لضميرها الوطني والقيام بواجبها الدستوري لانتخاب رئىس».

ولفت الى ان رئىس الجمهورية وحده «يقسم اليمين للحفاظ على الدستور وللحفاظ على العائلة الوطنية وبث الحياة في المجلس النيابي وفي الحكومة».

وشدد على انه يجب على «الجماعة السياسية» مهما كانت الاسباب وعدم التمادي في خراب الدولة وقهر المواطنين وتعطيل الخير العام».