بري الى رئاسة الجمهورية من… النافذة !
الجميل لوّح بالاستقالة ان لم يُفصل قزي نهائياً
بهاء قادم وفهد يبيع ارضه… ما حكاية العائلة الحريرية ؟
لا احد يتوقع اختراقاً دراماتيكياً في قانون الانتخاب اليوم، القوى السياسية التي تدور (بهلوانياً احياناً) حول الموضوع تتعامل مع القانون على انه الحلبة التي تخوض فيها صراع البقاء…
جهات نيابية كانت تسأل، عشية انعقاد طاولة الحوار في عين التينة، عن الصيغة العجائبية التي سيطرحها الرئيس نبيه بري بعد ان تصل اليه ردود الكتل حول مبادرته التي ظن الكثيرون انها خرجت «راضية مرضية» من اليوميات السياسية…
الكل، من البطريرك مار بشارة بطرس الراعي والى آخر مختار ماروني في اصقاع الجمهورية يقول بالاستحقاق الرئاسي اولاً ليس لان المطارنة يعتبرون ان لبنان، وليس الطائفة فحسب، في حالة انعدام الوزن مع الشغور الرئاسي، وليست الطائفة هي التي تتناثر، بل الجمهورية كلها…
الكلام الذي يصل من الفاتيكان الى بكركي لا يشي بالطمأنينة، كل الاحتمالات تدق كل الابواب، وثمة مراجع مسيحية ترى ان كل ما يحصل الآن يثير المخاوف من الآتي.
بكركي اخذت علماً بان الاتصالات التي اجرتها باريس في اكثر من اتجاه اقليمي ودولي لم تأت باي نتائج، لا احد في المنطقة مستعد لان يتزحزح قيد انملة عن مواقعه، ولا احد مستعد لان يتخلى عن اوراقه مهما كانت الضغوط.
اجواء المشاركين في الحوار تقول «مثلما لا زحزحة في الملف الرئاسي، لا زحزحة في قانون الانتخاب»، لا بل ان بعض المشاركين يعتبرون ان القانون اكثر اهمية بكثير لانه يرسم خارطة القوى، اي ان انجاز الاستحقاق الرئاسي اسهل بكثير، حتى وان كانت جهات سياسية فاعلة تعتبر ان انتخاب رئيس للجمهورية في الوقت الحاضر اشبه ما يكون بتمرير المرشح العتيد من ثقب الابرة…
بري مازال عند طرحه «دوحة لبنانية» رئيس المجلس يتمنى لو يعقد المؤتمر في مدينة صور لكي يتعرف اصحاب المعالي والسعادة، واصحاب الدولة ايضاً، على الجنوب، في حين هناك من يقترح مدينة زحلة، ولكن اين هي ضفاف البردوني؟
اوساط سياسية ترى ان ظروف ايار 2008 تختلف عن ظروف حزيران 2016، كان الوضع الاقليمي اقل توتراً بكثير، وكانت هناك امكانية لدور عربي للاستضافة وللوساطة.
وبحسب مصادر في عين التينة، فان بري سيقول للمحاورين ما معناه انهم امام اختبار حقيقي للبننة لبنان الذي اذ تحيط به قرارات مجلس الامن الدولي من كل حدب وصوب، تبدو ازماته كلها وكأنها هزات ارتدادية على الزلازل التي تضرب المنطقة.
تضيف المصادر، الا مجال للرهان على اي دفع خارجي، لا بل ان القوى الاقليمية والدولية يمكن ان تستخدم الورقة اللبنانية في عملية تبادل الضغوط. ايضاً، اليوم اختبار… السلة المتكاملة.
وهنا تتحدث اوساط ديبلوماسية عربية عن ان ديناميكية التصعيد على الساحة السورية والتي اوحت اكثر من جهة بانها ستبلغ حدودها القصوى تراجعت الى حد كبير بعدما تبين لكل من الاميركيين والروس ان التصعيد يمكن ان يفضي الى انفجار خطير في المنطقة لا بد ان تكون له تداعياته الدولية.
هذا حمل البيت الابيض على التأكيد بان الحل السياسي هو الحل الوحيد، وبما معناه للحلفاء الذين كانوا يراهنون على مؤازرة ميدانية من الولايات المتحدة، ان النظام السوري في الوقت الحاضر خط احمر، بالطبع لا ينظر الاميركيون غرامياً الى الرئيس بشار الاسد.
لكن الذي تكشفه «الديار» في هذا الصدد ان موسكو ابلغت واشنطن بانها ستبعث باسطولها (بما في ذلك غواصات نووية) الى المياه الاقليمية السورية. وكانت هذه اشارة يفهم الاميركيون، الآخرون ايضاً، ابعادها بعدما كانت اخبار العاصمة الاردنية عمان توحي بان «ساعة رحيل النظام قد تدق في اي لحظة». ولم يقتصر الامر على التهديد الروسي، ثمة كلام عن جسر جوي بين ايران وسوريا، اما التفاصيل فتحاط بجدار من السرية..
استطراداً،انحسرت احتمالات الانفجار الكبير.
بري الذي استقبل زميلته الايطالية امل في ان تفتح جلسة الحوار اليوم نافذة نحو الحل بعدما اكدت مصادره انه سيضع المتحاورين في صورة الازمة التي اذا ما استمرت في المراوحة، ومع التآكل المنهجي في بنية الدولة (ومؤسساتها)، فان الحصيلة ستكون كارثية وبما تعنيه الكلمة. باب رئاسة الجمهورية موصد، ماذا عن النافذة؟
املت في عودة «الدولتشي فيتا» الى لبنان، لكنها، كما اي مسؤول دولي آخر، لا تملك اي جديد حول المسار الذي يمكن ان تأخذه التطورات في المنطقة.
روما ليست بعيدة عن باريس، والايطاليون يشاطرون الفرنسيين (تحديداً رئيس جهاز الاستخبارات برنار باجوليه) رأيه في ان خارطة العراق، او خارطة سوريا، لن تعود الى ما كانت عليه.
الاميركيون قالوا ان لبنان الذي تناهز مساحته ربع محافظة سورية مثل حمص، ان احداً لن يمس بالخارطة اللبنانية. الفرنسيون، وقبل ايام فقط، كانوا يبدون قلقهم على الخارطة الداخلية في لبنان اذا ما تصاعد الوضع في سوريا، وبوتيرة خطيرة جداً، ان تتدفق موجات جديدة من النازحين السوريين، وبالصورة التي تؤدي، تدريجياً الى احداث تغيير في البنية الديموغرافية، والطائفية، وحتى في بنية السلطة في لبنان.
هذا لا يعني ان القلق الفرنسي تراجع الى نقطة الصفر. كل التقارير تؤكد ان الازمة في سوريا قد تمتد لسنوات اضافية. هذه مدة كافية لكي يندمج النازحون السوريون، وقد يستقرون في لبنان الذي عندما اطلق الجنرال هنري غورو، في اول ايلول 1920، «دولة لبنان الكبير»، كان ينظر الى نموذج محدد يمكن ان تضيع ملامحه كلياً نتيجة الازمة السورية. وكان السفير الفرنسي السابق باتريس باولي يصف موجات النزوح التي كانت تستقر في المخيمات او في المناطق بـ«الحرائق الباردة».
من جهة اخرى، ومع استكمال الترتيبات الخاصة لـ «دخول» الرئيس سعد الحريري، وسط تعبئة لقواعد تيار المستقبل، وعلى اساس ان تكون الاطلالة الطرابلسية بمثابة رسالة الى الوزير المستقيل اشرف ريفي بـ«انني لا ازال الاقوى هنا»، لوحظ ان ما يمكن تسميتهم بـ«المنشقين» عن قاعدة المستقبل يشيعون بان بهاء الحريري قادم… قادم..
قادم الى «البلد». هذا الكلام يرد على لسان نافذين في المدينة سلكوا طريق ريفي، وهم يؤكدون ان رصيد الابن الكبير لدى المملكة العربية السعودية او بالاحرى لدى الادارة الجديدة في المملكة، اكبر بكثير من رصيد سعد «الذي يعرف جيداً من هي الجهة التي طوبته الوريث السياسي ثم رئيس الحكومة». وفي هذا تقاطع، بطريقة او باخرى، مع ما ورد على لسان وزير الداخلية نهاد المشنوق حول «السعودية السابقة».
في تيار المستقبل من يؤكد ان نظرة السعودية الى الوضع العام في لبنان، بما في ذلك رئاسة الحكومة والزعامة السنية، مشوشة جداً واذ تتركز قرارات المملكة، بما في ذلك القرارات المتعلقة بلبنان، في يد ولي ولي العهد الامير محمد بن سلمان، فان هذا الاخير الذي يستند الى جيش من المستشارين لم يعط الوقت الكافي للملف اللبناني الذي لا يعرف ما هو ترتيبه في الملفات المكدسة بين ايدي المستشارين.
ـ فهد يبيع الاراضي ـ
الاولوية معروفة للجبهة السورية كما للجبهة العراقية، اما مشكلات لبنان فتتم مقاربتها من زاوية الابقاء على السياسة الهجومية ضد «حزب الله»، على ان تكون الخطوات التالية منسقة مع من يعنيهم دفع الحزب الى ما يعتبرونه مأزقاً اكبر..
المستشارون ليسوا ضد «الحالة الريفية» وهم يعتبرون ان مواقف وزير العدل (المستقيل) تدفع بالحريري الى الخروج من محراب «الزعيم الاوحد» والكفاح للحفاظ على المكان والمكانة.
اللافت اقبال احد افراد العائلة (فهد) على بيع ممتلكاته من الاراضي والبساتين في الجنوب بسعر يكاد يعادل ثلث المبلغ الذي دفع له منذ حوالى السنتين، ثمة كلام كثير يتردد حول «حكاية» العائلة الحريرية.
على صعيد آخر، وبعد نحو اسبوع من الصمت الذي التزمه «حزب الله» حيال الحملة التي اعقبت العبوة التي استهدفت غروب الاحد 12 حزيران الجاري المدخل الخلفي لبنك لبنان والمهجر رأى رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد ان «من المفارقات العجيبة الان ان الذين كانوا يطالبون قبل عشر سنوات بالسيادة، ويرفضون الوصاية، تصبح السيادة لديهم الان الالتزام بتطبيق القوانين الاميركية، حتى ولو كانت هذه العقوبات تفرض عقوبات على اهلنا وشعبنا».
اضاف «لكن العبد الذي استمرأ التبعية والمذلة والمهانة، لا يمكن ان يتصرف كسيد ولا يمكن ان يكون صادقاً في رفع شعار الكرامة والاستقلال والعزة».
واكد رعد «اننا نريد استقراراً نقدياً ومصرفياً لبلدنا، ولكن نريد ايضا سيادة تمارسها الحكومة والمؤسسات المعنية بالنقد الوطني». مشدداً على «ان المعادلة التي يجب ان يعمل عليها هي الموازنة والمواءمة بين حفظ السيادة النقدية اللبنانية وبين حفظ الاستقرار العام على مستوى المؤسسات». ولفت الى ان «الذي يعطل انتخاب رئيس للجمهورية هو الالتزام باوامر الخارج الذي وضع فيتو على بعض الاسماء، ليرد على الحريري من غير ان يسميه بالقول «يقال ان البعض يريد ان يجري مراجعة وحسابات نقدية وغيرها، فاذا كانت المراجعة هي الالتزام بنفس نبرة الخطاب الذي يلتزمه خصمه (ريفي) الذي فاز عليه في الانتخابات، فهذه المراجعة تبدأ بمسار خاطئ ولن توصل الى نتيجة، بل ستسعر الفتن والمشاكل والازمات في البلد».
ـ الجميل: اكون او لا اكون ـ
وعلى وقع معادلة «اكون او لا اكون» خاض رئيس حزب الكتائب سامي الجميل «معركة» فصل وزير العمل سجعان قزي من الحزب داخل المكتب السياس الموالي في اكثريته له.
واشارت المعلومات الى ان جلسة المكتب شهدت نقاشا مستفيضاً، وتردد ان بعض الاصوات حذرت من ان تتكرر في الحزب تجارب سابقة حيث ادت قرارات فصل الى حصول تخلخل في البيئة التنظيمية للحزب ما لبث ان عبر عن نفسه، وبشكل عاصف، في اوقات لاحقة. اضافت المعلومات ان هناك من رفعوا الصوت الى جانب النائب الشاب في بلد يحتاج الى «ضمير» يرصد ويحاسب ويوجه الاتهامات ويرفض الانضواء تحت مظلة حكومة اوغلت بعيدا في تغطية الارتكابات والانتهاكات..
البعض لم يجد ان الظروف الراهنة، وحيث الحكومة تضطلع بدور استثنائي في اوقات استثنائية، مؤاتية للخروج من هذه الحكومة، وهو الامر الذي دافع عنه قزي الذي يستشف من كلام له انه يرفض الديكتاتورية في حزب الكتائب كما في سائر الاحزاب الاخرى او في معظمها.
المكتب السياسي، وبناء على مطالعة الامانة العامة التي تضمنت المخالفات التي ارتكبها قزي، قرر فصل وزير العمل «فصلاً نهائياً من حزب الكتائب.
واشار بيان للمكتب الى «ان الحكومة غائبة عن التحديات كالنزوح السوري، وتهديد القطاع المصرفي، وذلك يؤكد صوابية قرارنا القاطع والنهائي بالاستقالة الكاملة التي تشمل الامتناع عن تصريف الاعمال في الحكومة.
ومن المتوقع ان يتحدث قزي اليوم رداً على قرار المكتب السياسي بعدما كانت الوساطات التي حصلت (وتردد ان الرئيس امين الجميل يشارك فيها) قد حملت على اطلاق تصريح بالامتناع عن حضور جلسات مجلس الوزراء واللجان النيابية. لكن النائب الجميل ابلغ الوسطاء انه ضد المساومة في هذا الموضوع، وانه يفضل ان يستقيل من رئاسة حزب الكتائب على ان يتعامل مع مواقف قزي كأنها لم تحصل.
وزير العمل تكلم قبل قرار المكتب السياسي، وقال انه كان مع الرئيس بشير الجميل شريكاً في اتخاذ القرار «عندما كنت في العشرين ولا يمكن في سن الستين ان اتحول الى منفذ لقرار دون ان اكون شريكاً فيه». وكانت المعلومات قد اشارت الى ان الجميل اتخذ قرار الاستقالة قبل ان يستشير الوزراء الثلاثة سجعان قزي ورمزي جريج اللذين رفضا الاستقالة، وآلان حكيم الذي رأى في الاستقالة امكانية دفع الامور في اتجاه انجاز الاستحقاق الرئاسي.