بري صدم معارضي السلة : التزام نهائي باتفاق الطائف
تقرير ايرولت الى هولاند : الفراغ يبتلع الجمهورية
ماذا كان حدث لو أخذ الحريري بآراء السنيورة ؟
هل تحوّل الرئيس فؤاد السنيورة الى عبء على الرئيس سعد الحريري؟ منذ ايام الملك عبدالله بن عبد العزيز والسعوديون ينظرون الى رئيس كتلة المستقبل على انه المايسترو الذي يضبط الايقاع داخل تيار المستقبل خلال غياب رئيسه…
اقرباء ومقربون من السنيورة يقولون انه بدأ يشعر بالاعياء، وربما بالغثيان. صارح اكثر من شخص انه يفكر بالتخلي عن رئاسة الكتلة ليس لان كلاً يغني على ليلاه، ولان الكل يشكون من ضيق الحال في التعاطي مع القاعدة ومطالبها، وانما لان الحريري الذي كان يتصور انه سيبقى الوصي السياسي عليه مدى العمر بات يتخذ قراراته الكبرى دون استشارته او حتى دون اعلامه المسبق بذلك.
الحريري لم يستشر السنيورة في قرار ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، كما انه لم يأخذ برأيه وقف الحوار مع «حزب الله»، لان المستفيد الوحيد منه هو الحزب، فيما لا يمكنه هو ان يبرر امام كادرات التيار كيف ان الحريري يشن تلك الحملات على الحزب ثم يتابع الحوار معه كما لو ان شيئاً لم يكن…
قد يكون السنيورة ابرع سياسياً ولغوياً، وفي اللعب السياسي كما في اللعب اللغوي، من جميع اعضاء كتلة المستقبل، لكنه لا يستطيع ان يهز وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي ربما ينظر الى نائب صيدا على انه من المدرسة القديمة…
رئيس الكتلة اقرب الى عقل الوزير المستقيل اشرف ريفي منه الى عقل المشنوق، الاعتدال، في نظره، لا يعني اللاموقف، والانفتاح لا يعني «مجانية» التعاطي مع الخصم او حتى العمل لحسابه، ولطالما اسرّ السنيورة لبعض المقربين من انه يشعر احياناً و«كأننا نعمل لحساب حزب الله».
بعض الذين لا يستسيغون اسلوبه في مقاربة المسائل الحساسة يقولون انه لو لم يكن الحريري هو صاحب القرار و«لا تُخدعوا بدماثته» لكان الوضع اللبناني انفجر من زمان. السنيورة لا يرى مهادنة «حزب الله» منطقية في الظروف الراهنة.
وحين يتحدث يبدو وكأنه يقف وراء قانون العقوبات الاميركية بحق «حزب الله» ويتفق مع النائب خالد ضاهر، وبطبيعة الحال، مع ريفي في ان الحزب هو احد الاهداف الاساسية للتصعيد الاقليمي على الساحة السورية.
وكلام عن ان السنيورة لا يمكنه ان يتحمل ان يكون الزعيم رقم 3 في تيار المستقبل، اياً تكن الشخصية التي تحتل المرتبة الثانية، الآن لن يجازف السنيورة باي خطوة تقضي على وضعه السياسي، وصيدا، مسقط آل الحريري، هي كلياًَ غير طرابلس لكي يصول فيها ويجول كما فعل ريفي الذي اسقط حتى لائحة الجبابرة في الانتخابات البلدية.
في عين التينة، لم يتعاملوا مع ما ورد في كتلة نواب المستقبل على انه من قبيل «النوايا الطيبة»، ولا على ان السجال الذي حصل «زوبعة في فنجان» يشككون كثيراً في نوايا السنيورة، ووزير المال علي حسن خليل لم يقل ما قاله الا بعدما تأكد من عضو على الاقل في الكتلة من ان السنيورة هو من «حشر» في البيان العبارات التي تتعلق بالوضع المالي.
اكثر من ذلك، تردد ان رئيس الكتلة اراد من خلال حملته ان يصل الى «سلة» الرئيس نبيه بري على انها القنبلة التي تفجر اتفاق الطائف. من هنا كلام رئيس المجلس الواضح في «مؤتمر الاقتصاد الاغترابي الثاني» حول الاتفاق بالذات والذي اعتبرت اوساط سياسية انه «صدم» معارضي مبادرته.
ـ بري والمؤتمر التأسيسي ـ
بري امل ان تعود مؤسسات الدولة الى لعب دورها التشريعي والتنفيذي وانجاز كافة الاستحقاقات الدستورية، وفي الطليعة انتخاب رئيس الجمهورية.
وقال «لا احد يفكر ان احداً يفكر او مسموح له ان يفكر بشيء تأسيسي (مؤتمر تأسيسي) الالتزام دائم وقائم باتفاق الطائف، مضيفاً نفذوا هذا الاتفاق وقولوا بعدئذ ما اذا كان علينا تطويره او تحسينه او تعديله.
ولفت بري الى انه لم يستغرب «ان تمتد يد الجريمة المنظمة والارهاب التهجيري الى القاع، ولم استبعد ان يكون لبنان امس، واليوم، وغداً هدفاً دائماً للارهاب، ليس على حدوده الشرقية والشمالية فحسب بل على حدود المجتمع ايضاً».
وقال «انا استرعي انتباه الجميع ليكونوا حراساً الى جانب الجيش والاجهزة والمقاومة، وان ينتهبوا الى الخلايا الارهابية اليقظة والمحفزة لضرب امن وامان لبنان».
واكد «اننا في لبنان ما زلنا نستدعي تصحيح العلاقات العربية والخليجية والسعودية تحديداً عداً ونقداً، مع الجمهورية الاسلامية الايرانية، واعادة بناء الثقة في ما بينها»، لان ذلك يشكل ضرورة للعلاقات العربية والاسلامية.
ودعا بري الى وقف توجيه الاتهامات وتبادلها، وتحميل «حزب الله» مسؤولية استدراج الارهاب الى لبنان بسبب ذهابه الى سوريا، ملاحظاً ان الارهاب دق ابواب دول لم تشارك في الحرب و«لقد آن الاوان لنصدق بعضنا البعض ونصدق خطر الارهاب».
واشار الى ان الحروب في المنطقة ضد الارهاب ستتصاعد على وقع الفوضى البناءة التي تتولى تسويق الكونفدرالية على خارطة الشرق الاوسط الكبير.
ـ وفاة الجمهورية الثانية ـ
كلام بري جاء رداً شاملاً على محاولات بعض القوى السياسية مقاربة موضوع السلة بحملة منظمة من التشكيك الذي تجاوز، في بعض الاحيان، كل الخطوط الحمراء والى حد الكلام داخل الغرف المقفلة، ومن قبل شخصيات لا مصلحة لها في اي توافق، عن انقلاب يعده بري مع الامين العام السيد حسن نصر الله لتفجير اتفاق الطائف، وبالتالي اعلان وفاة الجمهورية الثانية دون ان يعلم احد شيئا عن هيكلية السلطة، وعن البنية الفلسفية للنظام في الجمهورية الثالثة.
وكانت مصادر بعيدة عن «حزب الله» قد اشارت الى ان جان مارك ايرولت كان بالغ الارتياح حيال ما سمعه من ممثلي الحزب الذين التقاهم في قصر الصنوبر، فلامست البنية بالصيغة الراهنة، ومع اعتبار المسيحيين في لبنان جزءاً اساسياً من وجود لبنان نفسه.
الستاتيكو الى اشعار آخر، في اوساط تيار المستقبل كلام يؤكد بأن لا رئيس جمهورية ولا قانون انتخاب في المدى المنظور والسلة ما زالت عالقة في مكان ما من الصراع الاقليمي، وان كانت «الادبيات السياسية» و«مقتضيات الشارع» تستلزم القاء المسؤولية على الفريق الآخر.
الستاتيكو الآن الى وقت غير محدد. هذا لا يعني ان الاوساط الديبلوماسية مرتاحة لكيفية ادارة القوى اللبنانية للازمة، والسفراء ينصحون بالحد الادنى (على الاقل) من التعاون الداخلي إن على مستوى العمل الحكومي او على مستوى العمل التشريعي.
ـ التأجيل خيار استراتيجي ـ
وهؤلاء السفراء ينصحون بعدم تحويل سياسة التأجيل الى «خيار استراتيجي» صحيح ان هناك حاكماً استثنائياً لمصرف لبنان ويبتكر، مع فريقه، هندسة لرفع موجودات المصرف من العملات الصعبة، وهذا ما يحمي لبنان من مخاطر داخلية وخارجية كثيرة، لكن لعبة المال لا يمكن ان تكون معزولة عن لعبة الاقتصاد…
والنصيحة دوماً بشيء من الانفراج السياسي الذي قد ينعكس ايجاباً على الدورة الاقتصادية، دون ان يعني ذلك ملء الشغور الرئاسي او اقرار قانون للانتخاب يساعد على احداث اختراقات في الطبقة السياسية، اذ بالامكان تفعيل العمل التنفيذي والتشريعي بدل التراشق بالتهم وأحياناً بالحجارة..
وبالرغم من ان الدول الكبرى لا تضع الاستحقاقات اللبنانية بين اولوياتها او حتى على اجندتها، لوحظ ان بعض الجهات اللبنانية المقربة من باريس نقلت عن مصادر فرنسية رفيعة المستوى ان ايرولت قدم تقريراً شديد التشاؤم الى الرئىس فرنسوا هولاند حول تفاصيل زيارته للبنان.
وبحسب تلك المصادر فان التقرير حذر من ان يبتلع الفراغ، اذا ما استمر في ايقاعه الحالي، الجمهورية، مع التشكيك بانتظام العمليات الخاصة بادارة الأزمة، او الازمات في لبنان، مع الاشارة الى الفوضى السياسية، ودون وجود المايسترو والذي يمكن ان يحد من التدهور، وحتى طاولة الحوار التي استحدثت كمحاولة أخيرة لاحداث ثغرة في جدار الازمة اظهرت ان المسافات التي تفصل بين القوى السياسية، وكلها على ارتباط مباشر بعواصم اقليمية، اكبر بكثير من ان تحل على الطاولة.
لكن التقرير، وتبعاً لما نقلته الجهات اياها، يعتبر ان الاولوية هي لمنع التفجير السياسي او الامني، وهذا ما حافظ عليه الافرقاء الاساسيون في البلاد، وان مع الاشارة الى المظلة الاميركية ـ الروسية منذ احتدام الازمة السورية.