الحكومة رهينة «داعش» و«النصرة» في ملف العسكريين وزحمة مبادرات ومشايخ ولا نتيجة
انعدام الثقة بين «حزب الله» و«المستقبل» يؤخر الحوار وبري يسعى لتذليل العقد
مجلس الوزراء يناقش «النفط» الخميس ويؤجل الخليوي وسوكلين والهبة الايرانية
ظهرت صورة الدولة في ملف العسكريين «هزيلة» و«مفككة» وبدون قرار، وكلّ «فاتح على حسابو» وبأنها رهينة لـ«داعش» و«النصرة» وتهديداتهم، في ظل «زحمة المفاوضين» و«المبادرات» وكلها «بلا حمص» فصورة الدولة لم تظهر بهذا الشكل في اقسى الظروف ووحدهم الاهالي يدفعون ثمن هذا «التشتت» والفراغ الكبير الذي تعاني منه المؤسسات، فسياسة «الهروب الى الامام»، لم تعد تجدي ولا بد من حسم الملفات بدءاً من قضية العسكريين، الى الخليوي الى سوكلين الى الترخيص لجامعات جديدة، الى الهبة الايرانية، وكلها ملفات هي موضع خلافات تفجيرية داخل الحكومة ويتم تأجيلها من اسبوع الى اسبوع، خصوصا ان موضوع النفايات سيشكل مادة «تفجيرية» قريباً وستتراكم النفايات في الشوارع بعد قرار نهائي لاهالي الشحار باقفال مطمر الناعمة بعد 17 كانون الثاني، ولن يقبلوا بالتمديد مهما كانت مبررات الحكومة، وقابل وفد منهم النائب وليد جنبلاط وايّد قرارهم، كما ان اهالي اقليم الخروب اعلنوا رفضهم لاقامة «مطامر» في اقليم الخروب وهددوا بكل الخطوات السلبية كما ان التجديد لشركة سوكلين لم يحسم بعد وسط خلافات بين «السياسيين» حول دفتر الشروط للمناقصة الجديدة حيث يؤيد قسم من السياسيين التعامل مع شركة جديدة وقسم آخر مع التمديد لسوكلين.
كما ان الخلية التي يترأسها الرئيس سلام لمعالجة ملف الخليوي من الوزراء بطرس حرب وجبران باسيل ومحمد فنيش لم تتوصل الى شيء، ولم تحدد اي موعد لجلسة جديدة، هذا بالاضافة الى ان تراجع اسعار النفط العالمية لم ينعكس تراجعاً في اسعار المواد الغذائية، ولماذا لا يتم معالجة هذه المسألة في الادارات المختصة، كما ان ملف الهبة الايرانية للجيش اللبناني يؤجل من جلسة الى اخرى دون معرفة الاسباب وعدم طرحه من قِبل وزير الدفاع.
ملفات متراكمة والدولة عاجزة، في ظل توافق جميع اللبنانيين بأن لا دولة في لبنان والمشكلة «أزمة نظام» قائمة ولا يمكن لهذه الطبقة السياسية معالجتها.
ملف العسكريين وزحمة شيوخ
مأساة اهالي العسكريين على حالها حيث يعيشون وسط كمّ هائل من التسريبات عن حياة ابنائهم تتراوح تارة بالقتل وطوراً بالتأجيل حيث احرقت اعصابهم وظهروا امس بحالة «يرثى» لها رافضين هذا الابتزاز من جميع من يتعاطى بقضيتهم، وقد ردوا على تجدد التهديدات بقتل ابنائهم بعد 14 ساعة حسب «داعش» او بعد يومين حسب «النصرة» بحرق الدواليب امام السراي الحكومي التي لم تحرك ساكنا، ويأتي الرد دائما المطلوب «السرية» في العمل رغم ان رئيس الحكومة تمام سلام لم يتوانَ منذ اليوم الاول للازمة بالقول «القضية معقدة وصعبة» ونحن نفاوض جماعات مسلحة لا يلتزمون بشيء وليس الدولة.
واللافت امس ان «داعش» وزعت معلومات ان الدولة اوقفت المفاوضات وابلغت «داعش» و«النصرة» عبر وسطاء انها تعتبر العسكريين شهداء حرب، وهذا ما زاد في لوعة الاهالي، حيث نفى الوزير وائل ابو فاعور بعد لقائه اهالي العسكريين بهذه المعلومة او ان الحكومة اتخذت اي قرار واكد ان خلية الازمة لم تجتمع ولم تقرر وقف التفاوض والامر ليس مطروحاً لكن المفاوضات عادت الى نقطة الصفر.
وحسب مصادر متابعة ان «الطاسة ضايعة» في ملف العسكريين فالنائب وليد جنبلاط ابلغ العسكريين «ان المفاوضات عادت الى نقطة الصفر لكنني سأتدخل اذا بقيت عملية التفاوض على هذا الوضع من الجمود» وسأتحرك قريبا عبر الرئيس نبيه بري والرئيس تمام سلام لنحدد الموقف والخيارات.
اما الرئيس تمام سلام فما زال على موقفه باعتماد السرية ورفض الخضوع للابتزاز وبأن اللواء عباس ابراهيم هو المكلف رسمياً.
ابراهيم نحتفظ بأوراق قوة
واشار اللواء ابراهيم الى انه «تم اتباع قنوات تفاوض مع الخاطفين وجميعها كانت غير مباشرة، لكن للاسف الكثير من القنوات سقطت»، مضيفاً «نحتفط بأوراق قوة كثيرة ونريد اجماعا اكبر حولها للانطلاق بالعمل»، لافتا الى «الحكومة وخلية الازمة داعمة لهذا العمل»، مضيفا «القنوات لم تقفل وهناك الكثير من قنوات التفاوض المفتوحة، لكن لا احد يحل مكان الدولة لأن هؤلاء العسكريين اولاد الدولة ويجب عليها استعادتهم». واضاف ابراهيم «في لبنان يقولون «عندما يكثر الطباخون تحترق الطبخة»، ولكل واحد اختصاص والكثيرون من محبتهم وحرصهم على البلد والمؤسسة ذهبوا بأدوار بعيدة في هذا الملف»، مشددا على ان «العمل بهكذا ملفات لا يحتاج الى عواطف بل الى العقل والصلابة». وكشف ابراهيم انه خلال الايام المقبلة «سيتم افتتاح مركز للامن العام في عرسال، لان هناك الكثير من النازحين لا يخرجون من عرسال لاعتبارات عدة، ومركز آخر في شبعا بعد اسبوعين».
استبعاد تكليف الحكومة «لهيئة العلماء»
وفيما اكد الوزير سجعان قزي لـ«الديار» ان لا شيء جديداً على صعيد المفاوضات بخصوص العسكريين المخطوفين قالت مصادر عليمة ان المفاوضات دخلت في نفق معقد، حيث لا يلتزم المسلحون بتعهداتهم، وهم يستمرون بالسعي لابتزاز الحكومة من خلال التهديد بتصفية العسكريين، بينما لا يظهرون اي رغبة باطلاق مفاوضات جديدة. اضافت المصادر ان الارباك مستمر ايضاً داخل الحكومة، فليس هناك من فريق متجانس لقيادة عملية التفاوض والحكومة تفتقد الى الاستراتيجية الواضحة المحددة لاستخدام اوراق القوة التي تملكها، كما ان هناك من يدفع لفتح شهية المسلحين لرفع سقف الابتزاز والشروط.
واستبعدت المصادر ان يقوم مجلس الوزراء في جلسته بعد غد الخميس بتكليف هيئة العلماء المسلمين ادارة التفاوض مع المسلحين، خصوصاً ان هناك شكوكا حول ادوار البعض في الهيئة.
وفي هذا الملف ايضا انسحاب الوزير جبران باسيل من الخلية الوزارية بعدما لمس عدم جدية في التفاوض.
واللافت اعلان جبهة «النصرة» تفويضاً للشيخ وسام المصري واعتماده وسيطاً بينها وبين الحكومة اللبنانية، وجاء هذا الاعلان عبر حسابها على تويتر واعلنت في بيان ثان موافقتها على وقف القتل مقابل وقف اطلاق النار في عرسال، ووقف اعتقال الاخوات والاخوان واطلاق سجى الدليمي وعلا عقيلي، وحسب هيئة العلماء المسلمين ان التفويض جدي لان هذا الموقع معتمد رسميا من «جبهة النصرة» ولم يصدر اي نفي لهذه المعلومات.
وفي المعلومات ايضا ان الشيخ المصري امهل الحكومة اللبنانية 24 ساعة ويمكن تمديدها لاعطائه اذنا رسميا خطياً للتفاوض لكي يبدأ اتصالاته.
وفي المقابل اعلنت هيئة العلماء المسلمين انها مكبلة وغير مرغوب فيها من طرفي الازمة، وان مبادرتها انتهت، لكن هيئة العلماء وصفت الشيخ وسام المصري انه قريب لحزب الله وهو ينتمي الى «اللقاء السلفي» الذي وقّع على ورقة تفاهم مع حزب الله وسياسته وتوجهاته لا تلتقي مع هيئة العلماء مطلقاً. وعن اعتقال الشيخ حسام الغالي عضو الهيئة فأكدت معلومات انه تم استدعاؤه مجدداً الى مخابرات الجيش بعد اطلاق سراحه بسند كفالة يوم الاحد الماضي خصوصا ان التحقيقات مع السوريين الاربعة المعتقلين والذين كانوا برفقة الشيخ الغالي اعترفوا بأنهم يعرفون الشيخ بعكس ما ادلى به انه لا يعرف هؤلاء، وان احد السوريين المعتقلين كان يتعاون مع الشيخ الغالي بتوزيع المواد التموينية على النازحين، واذا كان «المسدسان» لمرافقي الشيخ الغالي مرخصين فما السبب بوجود «حزام ناسف» بالاضافة الى القنابل ورشاش كلاشنكوف، وظهر في التحقيقات ان الحزام الناسف كان يرتديه احد السوريين وتم تفجيره من قبل الجيش، وهؤلاء الاربعة كانوا مرافقين للشيخ الغالي الى الجرود، وان السيارة تم تفتيشها لان الجيش لم يكن على علم بتحرك الغالي، كما ان معظم الاجهزة الامنية نفت اي تكليف من قبلها للشيخ الغالي بمهمته، وسيتوسع التحقيق مع الشيخ الغالي في هذه القضية، وهذا ما يؤكد ان مبادرة «الهيئة» انتهت كلياً.
اللواء السيد: سوريا مستعدة لفتح ممر آمن
وكشف اللواء جميل السيد في حديث تلفزيوني ان سوريا مستعدة لتأمين ممر آمن للمسلحين للانتقال الى داخل منطقة في سوريا والخروج من جرود عرسال مقابل الافراج عن العسكريين، وهذا الامر تضحية من سوريا للجيش اللبناني وللقوى الامنية السورية – اللبنانية على الحدود.
الحوار ينتظر جدول الاعمال
اما على صعيد الحوار بين حزب الله والمستقبل، فبات مؤكداً انه سيعقد وان الصورة الرسمية ستأخذ قبل الاعياد وبرئاسة الرئيس نبيه بري على ان يبدأ الحوار بعد الاعياد حيث ستعود الاتصالات الى الزخم بعد ان عاد نادر الحريري الى بيروت من الولايات المتحدة الاميركية لتحديد جدول الاعمال مع الوزير علي حسن خليل ومعاون السيد حسن نصرالله الحاج حسين خليل بالاضافة الى مكان الاجتماع وزمانه والمشاركين فيه. والتحديد النهائي للموعد ينتظر انتهاء الرئيس بري من اتصالاته مع الطرفين.
وتقول مصادر متابعة ان اللقاء سيعقد والطرفان اعلنا موافقتهما المبدئية والباقي تفاصيل تتعلق بجدول الاعمال. لكن المشكلة بتحديد الموعد تعود الى انعدام الثقة بين حزب الله والمستقبل وهذا ما يحاول الرئيس بري تجاوزه.
وقالت اوساط نيابية في حزب الله ان موضوع الحوار بين الحزب وتيار المستقبل لا زال مكانه، لكن لم يحصل تراجع عنه، مشيرة الى ان الرئيس بري يتابع هذا الموضوع.
واوضحت الاوساط ان انطلاق الحوار ينتظر موافقة تيار المستقبل على تحديد موعد الحوار مشيرة الى وجود نقاشات داخل التيار حول طريقة مقاربة هذا الملف. وكشفت الاوساط ان حزب الله ابلغ الرئيس بري انه على استعداد لحضور جلسات الحوار عندما يحدد رئيس المجلس موعد انعقاد الجلسة الاولى.
ولاحظت الاوساط رداً على سؤال ان الحديث عن وضع الشروط لا يقود الى الحوار ولا يعبر عن رغبة جدية بالسعي لانعقاده.
وليلاً نقلت محطة الـOTV بأن لا دلائل على لقاء بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع ورجحت تأجيل اللقاء الى العام الجديد كلقاء المستقبل وحزب الله علماً ان الدكتور سمير جعجع يزور السعودية والتقى وليّ وليّ العهد الأمير مقرن بن عبد العزيز وجرى بحث بالاوضاع اللبنانية.
قزي لـ«الديار» سأطرح ملف النفط الخميس
وعلى صعيد ملف النفط قال الوزير سجعان قزي لـ«الديار» انه سيعمل الى طرح موضوع النفط والغاز في جلسة مجلس الوزراء بعد غد من خارج جدول الاعمال في حال عدم طرح هذا الملف. ولاحظ الوزير قزي ان لا اجماع حتى الان داخل الحكومة للاسراع في بتّ تلزيم استثمار حصة لبنان في البحر المتوسط واعاد ذلك الى الخلاف حول الموضوع المالي. وابدى قزي خشيته من ان تلجأ اسرائيل ليس فقط الى سرقة الثروة النفطية والغازية في المنطقة البحرية المتنازع عليها، بل ايضا ان تعمل الى سرقة ثروة لبنان من داخل المنطقة البحرية التي هي من حصة لبنان والتي لا يوجد خلاف حولها، وهناك طرق كثيرة لسرقتها من تحت البحر.
والسؤال حسب المصادر المطلعة لهذا الملف «هل سيتم تذليل العقبات والاعتراضات وحسم النقاش واعطاء الضوء الاخضر مع مطلع العام الجديد للانتقال الى مرحلة جديدة في ملف النفط والغاز تمهيداً لمرحلة التلزيم والتنقيب عن النفط ووضع الامور في المسار الصحيح نحو حماية حقوق لبنان وانتاج النفط والغاز ام ان الملف سيضع مجددا وسط تشابك المصالح الداخلية والاقليمية.