خلاف حكومي بين المسؤولين يجعل ملف العسكريين خطراً على المخطوفين
خلاف بري ــ عون حول المادة 24 وحوار المستقبل ــ حزب الله قريباً في عين التينة
مباحثات روسية ــ ايرانية رئاسياً تسبق جولة جيرو على طهران والرياض وواشنطن
الخلافات الحكومية «طيرت» اي حل في ملف العسكريين، وجعلت مصير المخطوفين العسكريين في وضع خطر، وسط البرد والجوع اللذين يعانونهما ولا أحد يسأل. فكل وزير «فاتح على حسابو»، وكل طرف يريد حل القضية بالطريقة التي يريدها والتي تصب في مصلحته، ما يضع رقاب العسكريين على سكين «داعش ـ النصرة»، ويضع هؤلاء الجنود امام مصير قاتم، وليس لهم الا ربهم والدعاء له كي ينقذهم من المصير الذي ينتظرهم، فيما المسؤولون غارقون في خلافات ومماحكات لا تقدم ولا تؤخره وآخر همهم دماء هؤلاء الجنود. فالحكومة لم تتحرك ولم تقم بأي ردة فعل بعد مقتل 4 عسكريين، وهي لن تقوم بأي عمل حتى لو قتل جميع الجنود، في ظل وجهات نظر «خلية ازمة» اعترف اعضاؤها امس بأن ليس امامهم اي معطيات جديدة في هذا الملف واكدوا على مواقف سابقة حيث الخلاف على من يتوي التفاوض، ومن هي الجهة التي ستتولى الملف، فيما العسكريون يقتلون ويعيشون اقسى انواع العذاب.
اما على صعيد قانون الانتخابات، فالصورة لا تختلف عن قضية العسكريين، وكل طرف يريد القانون الذي يناسب حجمه وحقه. وكل النقاشات تتركز حول مشاريع طائفية، ولا احد يريد قانوناً على قياس الوطن. كما ان التباين حول تفسير المادة 24 من الدستور، اي تفسير المناصفة. كما يريد العماد عون، فجّر خلافا بينه وبين الرئيس بري الذي رد: «ان هذا التفسير يحتاج الى جلسة عامة وحضور ثلثي اعضاء المجلس النيابي، وهذا غير متواز». وأبلغ الرئيس بري زواره انه اجرى المشاورات مع الكتل النيابية في هذا الشأن، وتبين ان النصاب لن يتوافر وهذه الجلسة تحتاج الى ثلثي اعضاء المجلس، باعتبار ان التفسير هو بمنزلة قوة التعديل ويقود الى التعديل احياناً.
علماً أن النائب ابراهيم كنعان أكد بعد اجتماع تكتل التغيير والاصلاح ان موقف التكتل منذ البداية كان بتوجيه رسالة من رئىسه العماد ميشال عون الى الرئيس بري، تطالب بتفسير المادة 24 ، اي تفسير المناصفة، متسائلا «كيف نطبق قانون الانتخابات في ظل عدم احترام الدستور والقانون، وكل نائب يفسر هذه المادة وفق اهوائه».
لقاء بين خليل ونادر الحريري
وحول الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، «كشف الرئيس بري عن اجتماع عقد امس بين الوزير علي حسن خليل ومدير مكتب الرئىس الحريري نادر الحريري ولم يوضح التفاصيل، بانتظار تطابق موقفي الطرفين، اي حزب الله وتيار المستقبل. وقال «انه لا يزال يأمل في انعقاد الجلسة الاولى للحوار بين العيدين». وقال ان جدول الاعمال يحسمه الطرفان، لكنه يرى ادراج بندي رئاسة الجمهورية وقانون الانتخابات الى جانب المواضيع الاخرى.
وفي موضوع النفط، قال «تم التوافق على طرح كل «البلوكات» والاولوية للجنوب.
وقالت مصادر سياسية عليمة ان الرئيس بري يعمل على عقد جلسة حوار اولى بين حزب الله وتيار المستقبل قبل نهاية العام الحالي. واوضحت ان رئىس المجلس يحبذ حلول هذه الجلسة، لأن مجرد انعقادها سينعكس ايجاباً على الوضع الداخلي ويزيل الكثير من الاحتقان بين الطرفين خاصة، وعلى المستوى الداخلي.
وكشفت المصادر ان مستشار رئىس المستقبل السيد نادر الحريري عاد الى بيروت بعد زيارة خاصة الى اميركا، ولقائه الرئيس سعد الحريري قبل ذلك في باريس.
اما نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، فأشار الى الى ان الجلسة الاولى للحوار المرتقب بين تيار المستقبل وحزب الله، ستكون في عين التينة وبرئاسة وحضور الرئيس بري. واكد ان جدول الاعمال فارض نفسه ولا صعوبة في تحديده.
وعلم ان الجلسة الاولى ستكون «للصورة» فقط وستأخذ الطابع الرسمي، على ان يبدأ الحوار على الملفات المطروحة بعد عيد رأس السنة.
عبد اللهيان في موسكو لبحث الاستحقاق الرئاسي
اما الملف الرئاسي اللبناني فكان على طاولة البحث الروسي ـ الايراني، عبر زيارة مساعد وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان الى موسكو ولقائه مبعوث الرئيس الروسي الى الشرق الاوسط وافريقيا ميخائيل بوغدانوف وكان الملف اللبناني على طاولة البحث، وتحديداً الاستحقاق الرئاسي حيث اطلع عبد اللهيان من بوغدانوف على نتائج زيارته الى لبنان ومواقف الاطراف السياسية من الاستحقاق، ومحاولة توحيد مواقفهما قبل بدء المحادثات الايرانية ـ الفرنسية في طهران، مع وصول مساعد الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الاوسط فرنسوا جيرو الذي يزور بعد ايران السعودية وموسكو وواشنطن والفاتيكان. لكن الجهد الفرنسي يأتي بعد معلومات مؤكدة نقلها اعضاء في الوفد المرافق الى الرئيس تمام سلام الى باريس، ان الاستحقاق الرئاسي مؤجل حتى الربيع المقبل ومرتبط بما سينتج من المفاوضات النووية بين ايران ودول 5 + 1كما ان الاجواء الحالية لا توحي بأي تقدم رئاسياً، جراء عودة التوتر الشديد في العلاقة بين ايران والسعودية حيث انتقد المسؤول الايراني شيخاني الدور السعودي في المنطقة. كم اتهم مسؤولون ايرانيون السعودية، بالمشاركة في تخفيض سعر برميل النفط للتأثير في الاقتصاد الايراني وفي استقرار ايران، ورداً على الانجازات الايرانية في لبنان وسوريا والعراق وغزة بدعم محور المقاومة، وهذه السياسة النفطية تؤثر ايضاً في الاقتصاد الروسي بشكل سلبي.
ملف العسكريين «مكانك راوح»
وفي تفاصيل المباحثات في ملف العسكريين، فلم تحمل الـ24 ساعة الماضية اي تطورات او بصيص امل، وبقيت «زحمة» التصريحات عن «المكلفين بالتفاوض» ورفض هذا وقبول ذاك، وهذا ما دفع اهالي العسكريين الى الاعلان عن سفر ممثل الاهالي حسين يوسف الى السعودية للقاء رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري لانه املنا الاخير، كما اعلن انهم سيزورون رئيس تكتل التغيير والاصلاح ميشال عون والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي.
وقالت مصادر قريبة من خلية الازمة، ان اجتماع الامس تطرق بشكل مفصل الى ما حصل ويحصل على صعيد عملية التفاوض لاطلاق العسكريين. وجرى التشديد على ابقاء اي تجديد لعملية التفاوض في اطار السرية الكاملة. واوضحت ان لا تغيير في آليات التفاوض التي اعتمدتها الخلية حتى الان، من حيث الدور الذي يضطلع به المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم.
واذ تحفظت المصادر عن الدخول في تفاصيل آليات التفاوض الجديدة، اكدت «ان هناك تحضيراً لمقاربة جديدة على صعيد التفاوض». وقالت ان الامور يتم التعاطي معها بهدوء وروية بعيداً عن الاثارة الاعلامية والسياسية.
وحول دور هيئة العلماء المسلمين في عملية التفاوض، استبعدت المصادر ان يتم تكليفها رسمياً. لكنها اوضحت ان الحكومة، واستطراداً اللواء ابراهيم، يرحبان بأي دور او مساعدة قد تقوم بها الهيئة او غيرها من القادرين على المساعدة لاطلاق العسكريين المخطوفين.
وقال الوزير علي حسن خليل. لم نقاطع الاجتماعات، لكن اكدنا على ضرورة اتخاذ خطوات جدية والبت بمرجعية التفاوض وحصرها بالأمنيين وابعاد المدنيين.
وفي المقابل، شدد وزير الداخلية نهاد المشنوق على ان قناة التفاوض معروفة واللواء عباس ابراهيم هو رئيس المجموعة الامنية، والكل متفق على هذا الامر. واكرر ان «المدخل لاستئناف التفاوض هو التعهد الخطي من الجهات الخاطفة بعدم قتل العسكريين ونحن لا نقفل الابواب امام كل من يريد المساعدة، وهيئة العلماء المسلمين هي من تبرعت بالمساعدة».
فيما اكد اللواء عباس ابراهيم ان الدولة تحتفظ باوراق قوة كبيرة وليس هناك وساطات خارجية جدية.
اما الوزير وائل ابو فاعور، فشدد على البدء بإجراءات عملية وعلى الا تبقى الامور تراوح مكانها.
فيما شدد الرئيس سلام على «السرية»، وعدم التسريب والتأكيد أن الملف معقد وصعب.
لكن البارز اعلان «جبهة النصرة» لوكالة الاناضول ان «لا صحة لاي بيان باسم الجبهة عن توكيل الشيخ وسام المصري او تفويض وسيط للتفاوض بشأن العسكريين».
على صعيد آخر، اعلن الوزير الياس بو صعب ان «المقايضة بملف العسكريين لم تطرح على طاولة الحكومة كي يتم القبول بها او عدم القبول».
والبارز في عنوان اجتماع الخلية عدم وجود معطيات جديدة، فقد عقدت الخلية اجتماعاً بغياب الوزيرين جبران باسيل واللواء اشرف ريفي. ونتيجة الجمود و«يأس الاهالي» عمدوا الى قطع طريق السراي الحكومي بالاطارات المشتعلة، رغم محاولات قوى الامن الداخلي لمنعهم.
لجنة الانتخابات
وعلى صعيد ملف قانون الانتخابات، فان اجواء اللجنة توحي بالوصول الى توافق. ويستقبل الرئيس نبيه بري اليوم رئيس لجنة التواصل المتعلقة بقانون الانتخابات روبير غانم للاطلاع منه على نتائج واجواء اجتماع امس، لا سيما قرار القوات اللبنانية تعليق المشاركة في اجتماعات اللجنة، الى ان يحدد موعد لجلسة عامة.
واعتبر بري امام زواره امس، ان الموقف القواتي لا ينهي عمل اللجنة لافتا الى ان مهلة عملها اصلاً تنتهي في نهاية كانون الاول. وذكر بري بما اكد عليه نواب خلال جلسة التمديد أنه لا يجوز اقرار قانون الانتخابات في ظل غياب رئيس الجمهورية، ولا بد من انتظار انتخابه كي تكون له كلمة في القانون.
واضاف: لقد توافقنا على هذا الطرح ولن نتراجع عنه، ولا يمكن الذهاب الى الهيئة العامة وتجاوز رئيس الجمهورية.
وكانت لجنة التواصل عقدت اجتماعاً في غياب ممثل التيار الوطني الحر النائب آلان عون، ووصف النائب في كتلة الوفاء للمقاومة علي فياض المهمة بالصعبة، وكمن يحفر في الصخر. كما ان النائب جورج عدوان ممثل القوات اللبنانية علق مشاركته في اجتماع اللجنة، الى ان يتم تحديد موعد هناك موعد للجلسة العامة.
واظهرت النقاشات كما قال بعض المشاركين في الاجتماع، ان الهوة شاسعة، وحتى القانون الذي تقدم به النائب علي بزي على اساس «64 اكثري و64 نسبي» لا يحظى بموافقة العديد من الكتل، خصوصاً ان كل طائفة تريد قانونا على قياسها ومصالحها. وهذا ما عكسته مواقف الكتل، وبالتالي لن ينجز اي قانون انتخابي حتى اواخر كانون الاول. ومن الممكن تمديد المهلة، وحتى لو مددت فان الخلافات كبيرة والامر متروك الى ما بعد انتخاب رئيس الجمهورية. اما حزب الكتائب فأكد على التمسك بالدوائر الصغرى.