IMLebanon

تعديل «المختلط».. .وطمأنة جنبلاط… وتحصين العلاقة بعون

عماد مرمل

يستمر  «التنقيب» في «صحراء» التناقضات الداخلية عن قانون انتخابي توافقي، يُطمئن أصحاب الهواجس ويُنصف اصحاب الحقوق. ومع التناقص المتسارع في وقود الوقت، ينقسم المعنيون بين من يستبعد التوصل الى التفاهم على مشروع انتخابي مشترك قبل موعد دعوة الهيئات الناخبة في 21 شباط الحالي، وبين من يكاد يجزم بحتمية التوافق ولو في اللحظة الاخيرة.

وعلى وقع المهل الداهمة والتجارب المتنقلة، عُقد ليل أمس الاول في بيت الوسط لقاء بين الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، حضره الوزيران غطاس خوي وملحم رياشي، ونادرالحريري.

ماذا دار في الاجتماع؟

تحرص مصادر «القوات» على وضع لقاء الساعات الثلاث تقريبا في سياق تثبيت التحالف الاستراتيجي بين الجانبين، وتأكيد عمق التواصل الثنائي، خصوصا حين يتعلق الامر باستحقاقات ومحطات مفصلية.

وقد استحوذ قانون الانتخاب على الحيز الاوسع من النقاش المطوّل الذي تطرق الى العديد من التفاصيل العملية والجوانب التقنية، ويمكن القول ان «الطبخة الانتخابية» كانت الطبق المشبع بـ«الكوليسترول السياسي»، وسط مائدة العشاء التي أقامها الحريري على شرف ضيفه.

وانطلق الطرفان في مقاربة هذا الملف من وجوب وضع قانون انتخاب جديد، استنادا الى نقطة التقاء تجمعهما وتتمثل في صيغة المختلط التي كان قد تم التوافق عليها بين «تيار المستقبل» و«القوات اللبنانية»، و«الحزب التقدمي الاشتراكي» (60 نسبي- 68 أكثري)، قبل ان يعود وليد جنبلاط ويسحب موافقته على هذا المشروع.

وأكد الحريري وجعجع، خلال الاجتماع، استمرار تمسكهما ب«المختلط» انطلاقا من كونه الطرح الاكثر واقعية، وبالتالي الأقدر على التوفيق بين دعاة النسبية الكاملة وأنصار النظام الاكثري.

وبحث الرجلان في كيفية تفكيك العقد التي لا تزال تؤخر التوافق على قانون الانتخاب، وأكدا ضرورة تشجيع النائب جنبلاط على التجاوب مع مبدأ «المختلط»، وصولا الى اقناعه به، بعد منحه التطمينات الضرورية، على مستويين: الاول، يتعلق بطبيعة القانون الذي يفترض ان يراعي خصوصية الشوف وعاليه، والثاني يتصل بالتحالفات مع المكونين المسيحي (الجبل) والسني (اقليم الخروب).

وناقش الحريري وجعجع أفكارا لتعديل مشروعهما المختلط، في اتجاه  تطويره وتحسينه، ليكون مقبولا من الآخرين، «على ان يأخذ بعين الاعتبار الهواجس المطروحة من دون ان يهدد صحة التمثيل». ويُفترض ان تتضح صورة التعديلات المقترحة في الايام القليلة المقبلة، بحيث تصبح «الصيغة المطوّرة» ناضجة في نهاية الاسبوع، على قاعدة انه لا بديل في نهاية المطاف عن «المختلط»، في ظل استحالتين تحيطان به: النسبية الكاملة، والاكثري الشامل.

وتطرق البحث كذلك، في سهرة «بيت الوسط»، الى العلاقة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري الذي أكد لجعجع ان كل ما يشاع في بعض وسائل الاعلام حول تسرب نوع من التوتر او البرودة الى هذه العلاقة هو غير صحيح، مشيرا الى انه حريص على انطلاقة قوية للعهد، وعلى تحقيق التكامل مع عون.

ولفت الحريري الانتباه الى انه إذا كان البعض يعتقد ان قانون الانتخاب قد يشكل سببا للصدام مع رئيس الجمهورية، فهو يتطلع- وفق الاوساط المطلعة- الى ان يكون هذا الملف مساحة إضافية للوفاق، «لاسيما انه وافق على النسبية ولو جزئيا من خلال المشروع الذي سبق ان اقترحه مع «القوات»، كما قبل بالمختلط الذي قدمه جبران باسيل، لكن الرفض أتى من مكان آخر».

وشدد جعجع، من ناحيته، على أهمية تعاون عون-الحريري، بل ذهب أبعد من ذلك، مشيرا الى ان العلاقة المتينة بين الثلاثي عون- الحريري- جعجع، تشكل أمرا حيويا، مبديا في هذا الاطار حرصه على استمرار التناغم بين رئيسي الجمهورية والحكومة وضرورة ألا يعكر صفوها اي خلل.

وتوقف رئيسا «المستقبل» و«القوات» عند أهمية الدور الخارجي الذي يؤديه عون، بدءا من انفتاحه على الخليج وزيارته الى السعودية وقطر، وصولا الى جولته المقبلة على مصر والاردن.

وتوسع النقاش في اتجاه المنطقة، على إيقاع تصاعد حرارة بعض ملفاتها، خصوصا في ظل التهديدات المتبادلة بين ادارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب وإيران. وكان هناك تشديد من الحريري وجعجع على ضرورة تحييد لبنان عن التوتر الاقليمي وتحصين استقراره الداخلي، عبر استكمال مسار التسوية السياسية الذي بدأ مع انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة.

ـ خوري يدعو لتبادل التنازلات ـ

وأبلغ وزير الثقافة غطاس خوري «الديار» ان اجتماع الحريري- جعجع يأتي في إطار محاولة لإيجاد مخرج انتخابي، بعد اصطدام الطروحات التسووية السابقة بجدار الحسابات المتعارضة للقوى المعنية، موضحا ان الجانبين يسعيان الى ايجاد قواسم مشتركة، يمكن ان تساهم في التقريب بين المقاربات المتباينة لقانون الانتخاب.

ويعتبر خوري- الذي شارك في لقاء «بيت الوسط»- ان أحدا لا يريد الانزلاق الى أزمة كبرى، مشيرا الى ان هناك فكرة بإدخال تعديلات على مختلط «المستقبل» و«القوات»، حتى يصبح مقبولا من الاطراف الاخرى، «ونحن أبدينا مرونة في التعاطي مع خيار النسبية، إنما لا يجوز في الوقت ذاته تجاوز جنبلاط او تجاهل هواجسه».

 ويدعو خوري الى تبادل التنازلات للتوافق انتخابيا، تماما كما حصل عند التوافق على استحقاقي انتخاب رئيس الجمهورية وتأليف الحكومة، مؤكدا ان العلاقة الثنائية بين الحريري وجعجع مستقرة.

ـ  «القوات»: لا لـ «الستين معدلا» ـ

وماذا عن اقتراح «الستين معدلا» الذي اقترحه جنبلاط؟

تقول مصادر قيادية في «القوات» لـ «الديار» انه من غير الوارد العودة الى قانون الستين سواء معدلا او بشكله الحالي، لافتة الانتباه الى انه لا بد من إدخال مقدار معين من ثقافة النسبية الى النظام الانتخابي، وهذا ما يحققه فقط «المختلط» الذي يستطيع ان يوفق بين معالجة هواجس  «الاكثريين» ومحاكاة طموحات المتحمسين للنسبية.

وتعتبر المصادر ان موقف جنبلاط يندرج في إطار رفع السقف السياسي لتحسين شروطه التفاوضية، معربة عن اعتقادها بانه لا بد لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي في نهاية المطاف من ان ينخرط في تسوية انتخابية معينة.