Site icon IMLebanon

«مطاردة» سعودية لـ«حزب الله من شرم الشيخ الى عمان»…

ابراهيم ناصرالدين

لا عجب ان تسرق «تفاهة» مريام كلينك الاحداث، وتفرد لها تغطية تلفزيونية مباشرة من مخفر حبيش، ويتحول «كليب غنائي» الى قضية وطنية، في بلد تخوض فيه القيادات السياسية حرب «طواحين» دونكيشوتية في لعبة «محاصصة» مملة بات فيها النجاح في اقرار موازنة انجازا تاريخيا، والتوافق المتعثر على قانون انتخاب جديد يوماً وطنياً سيخلد في التاريخ، وقد يمنح لاجله اللبنانيون يوم عطلة رسمية…

اليوم الماراتوني امس في ساحة النجمة وفي السراي الحكومي، لم ينه «درب جلجلة» الموازنة ولا السلسلة بعد، ومع وعد بانهائه الجمعة في الحكومة، فان الاتصالات حول قانون الانتخابات الجديد لم تنتج جديدا، واكدت اوساط سياسية مواكبة لهذا الملف «للديار»، ان الامور ما تزال عند نقطة «الصفر»… في وقت تحذر مصادر ديبلوماسية من الاستخفاف بهدر الوقت واستنزافه، لان البلاد والمنطقة على موعد مع استحقاقات داهمة، لا ينبغي الاستخفاف بتداعياتها، خصوصا ان السعودية مصرة على ابقاء «المعركة» مفتوحة مع حزب الله، وهي تطارده في المحافل الاقليمية لمحاولة عزله، وهذا حصل في شرم الشيخ وسيتواصل في قمة عمان العربية نهاية الجاري..

داخليا، وفي اطار «التقية» السياسية المتبعة من قبل رئيس الحكومة سعد الحريري، تنأى قيادات تيار المستقبل او اوساط السراي الحكومي عن الدخول في سجال مع الرئاسة الاولى، وتحافظ على «شعرة معاوية» مع الرئيس ميشال عون، لكن التسريبات من المقربين من «بيت الوسط» تشير الى ان رئيس تيار المستقبل لديه اكثر من علامة استفهام حول التصعيد «غيرالمفهوم» من قبل الوزير جبران باسيل الذي وضع قانون الانتخابات في كفة والعهد وكل الانجازات السابقة في كفة اخرى، مع علمه المسبق ان هذا الضغط لن ينتج قانوناً مفصلاً على قياس «الثنائي المسيحي» مهما علا صوته او زاد من الوعيد والتهديد، واي قانون جديد لن يبصر النور بالتحدي وانما بالتوافق…

وبحسب تلك الاوساط، فان ثمة مسألة اساسية ترتبط بالتفاهم السياسي الذي انتج التسوية الرئاسية الاخيرة، وهي على ما يبدو تغيب عن بال رئيس التيار الوطني الحر، فالابقاء على قانون الستين، في حال عدم التوافق على بديل مناسب، كان جزءا من التفاهمات التي حصلت في باريس، وبعد وصول عون الى بعبدا «انقلب» التيار الوطني الحر على الاتفاق نتيجة مزايدات لا معنى لها جعلت الجميع في مواجهة خطر «الفراغ» الذي ستكون له تداعيات كبيرة في حال وصلت الامور في نهاية المطاف الى «حائط مسدود»…

وبينما تلفت تلك الاوساط، الى ان المناورة السياسية ذهبت الى مدى ابعد من ما كان متصورا، وكأن خيوط «اللعبة» خرجت عن السيطرة، وهو امر يفسر تتابع الاقتراحات الانتخابية «المعلبة»… تقول مصادر «التيار البرتقالي» ان التصعيد سببه الشعور بان احد لا يريد المساعدة على انتاج قانون جديد، وباتت قيادة «التيار» متاكدة ان ثمة من «نصب» «فخا» لها ويريد تصفية الحساب معها من خلال دفعها الى الحائط وتحميلها مسؤولية التعثر في البلاد، بعد ان ظنت لوهلة ان هناك من سيلاقيها في منتصف الطريق…

لكن الاوساط المطلعة على موقف رئيس الحكومة تشير الى ان التيار الوطني الحر الذي «لم يستمع الى نصائح الحلفاء المقربين، لا يمكن ان يلوم الاخرين على خطواته غير المدروسة، والرئيس الحريري «مرتاح» اليوم ولا يشعر باي ضغوط في هذا السياق، وليس معنيا بوضع «السلم « تحت «الشجرة» كي ينزل عنها رئيس التيار الوطني الحر، لان الازمة في نهاية المطاف ستنفجر مع «الثنائي الشيعي» وبشكل خاص مع الرئيس نبيه بري وليس مع الرئاسة الثالثة، وسيكون الجدل الدستوري حول ضرورة «توقيع» الرئيس من عدمه، ثوابت تيار المستقبل معروفة، لا للنسبية الكاملة في ظل وجود «سلاح غير شرعي»، ولا لقانون يضعف تيار المستقبل وحلفائه الطبيعيين وفي مقدمتهم النائب وليد جنبلاط، واذا كان الوزير باسيل يخوض غمار الاستحقاق الرئاسي مبكرا عبر قانون يخلق توازنات معينة في المجلس النيابي، فان الرئيس الحريري لا يستطيع ان يمنح من «كيسه» «جوائز ترضية» لاحد، خصوصا انه يحتاج الى شرعية وازنة في المجلس للحفاظ على موقعه ودوره السياسي في البلاد» …

 «المطاردة» السعودية

وفي خضم الغرق اللبناني في «مستنقع» الخلافات حول الحصص والاوزان، ثمة حرب من نوع آخر تقودها السعودية للتضييق على حزب الله ومحاصرته لاجباره على الانكفاء بعد ان حقق كسرا مبدئيا للحظر الخليجي من «البوابة» المصرية، عبر اتصالات غير مباشرة توجت بمشاركة وزير الشباب والرياضة محمد فنيش في مؤتمر «الارهاب والتنمية الاجتماعية» في شرم الشيخ نهاية الشهر المنصرم، وهي ارفع زيارة رسمية لمسؤول في حزب الله الى الاراضي المصرية منذ زيارة التعزية بمحمد حسنين هيكل في 2016 عبر وفد رفيع المستوى ضم مسؤول العلاقات الإعلامية محمد عفيف، ومسؤول العلاقات العربية حسن عز الدين، والنائب علي المقداد.

اوساط دبلوماسية في بيروت، اكدت لـ«الديار» ان الرياض التي شاركت في المؤتمر،عبرت عن استيائها للسلطات المصرية ازاء اعطاء حزب الله منبرا عربيا واقليميا «للمحاضرة» في كيفية مكافحة الارهاب، فيما تصنفه دول الخليج «ارهابيا»… لكن السلطات المصرية ابقت الباب «مواربا»، وامسكت بالعصا من النصف، فهي من جهة تعاملت مع الموقف على ان الوزير فنيش ممثل للحكومة اللبنانية وليس ممثلا لحزب الله، وتماشيا مع هذا الموقف لم يحصل اي تواصل على هامش المؤتمر مع الوزير الذي لم يلتق اي مسؤول مصري، ولم تكن له اي لقاءات بعيدة عن الاضواء مع اي شخصية سياسية او امنية مصرية وغير مصرية الا ضمن فعاليات المؤتمر…

 الوزير فنيش

وهذا ما اكده لـ«الديار» الوزير محمد فنيش، الذي اشار الى انه لم يذهب الى المؤتمر وفي نيته عقد لقاءات جانبية مع احد، ولم يكن مكلفا بهذا الامر من قيادة حزب الله، كما لم يحاول المصريون فتح اي نقاش جانبي حول العلاقات الثنائية…

ولفت وزير الشباب والرياضة الى ان عدم حصول ذلك «لا يلغي الدلالة السياسية الايجابية للامر، فالدعوة وجهتها الجامعة العربية، لكن المؤتمر عقد برعاية الرئيس المصري عبدالفتاح السياسي، والدولة المصرية تدرك جيدا انتمائي السياسي، وكان بامكانها لو ارادت عدم توجيه الدعوة، لكن هذا لم يحصل، وهذا امر ايجابي»… المهم كما يقول فنيش انه عرض في كلمته للتجربة اللبنانية في مكافحة الارهاب، ومصر مهتمة بهذا الملف لانها مستهدفة، وتدفع اثمانا باهظة بالامن والاقتصاد ولديها تحد كبير في هذا السياق…

 هذا الجزء «الممتلىء» من الكوب، الذي يراه الوزير فنيش، تحذر تلك الاوساط الديبلوماسية من الرهان عليه كثيرا، لان ثمة ضغوطاً سعودية تتواصل لمحاولة «عزل» حزب الله، ضمن استراتيجية سعودية استمدت زخماً إضافياً بعد مجيء دونالد ترامب وإدارته للحكم في الولايات المتحدة، وهي تعمل على توحيد جهود دول الاقليم لـ«تقليم» أظافر إيران والحد من نفوذها… وما بدأه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في بغداد، وردت عليه بعنف طهران بالامس عبر وزارة خارجيتها، ستستكمله الرياض في القمة العربية المقبلة نهاية الشهر الجاري، وتأتي «فرملة» الاندفاعة المصرية، ومنع القاهرة من استغلال زيارة فنيش لفتح صفحة جديدة مع الحزب، بمثابة مقدمة لما تريد الرياض فرضه على قمة عمان من مفردات حول مكافحة الارهاب «والتصويب» على ايران «وادواتها» في المنطقة ومنها حزب الله… وهذا يتطلب استعدادا لبنانيا مسبقا لمواجهة هذه المقاربة خصوصا ان «الغضب» السعودي وصل الى ذروته مع التصريحات الاخيرة للرئيس ميشال عون حول سلاح المقاومة، وثمة تحذيرات وصلت الى بيروت عبر قنوات ديبلوماسية عربية من «دعسة ناقصة» في شرم الشيخ… ويبدو ان الامر يحتاج الى تنسيق مبكر للذهاب بموقف لبناني موحد الى القمة العربية…