ابراهيم ناصرالدين
يبدو ان حملة الضغوط على رئيس الجمهورية ميشال عون على خلفية كلامه الاخير في منتصف شهر شباط عن سلاح حزب الله لم ينته فصولا بعد، ولن ينتهي قريبا، واذا كانت التسريبات الاعلامية و«الرسائل» السياسية المباشرة وغير المباشرة افضت الى اصدار رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة سعد الحريري اعلانا صريحا بالتزام لبنان بمضمون القرار 1701، فان سلسلة من التوضيحات حملتها اوساط دبلوماسية الى المسؤولين اللبنانيين تتضمن «نصيحة» «فجة» من السفيرة الاميركية في بيروت اليزابيت ريتشارد… فيما تتضافر جهود محلية وخارجية «لمحاصرة» الرئيس عون ودفعه الى «الحائط»…
وبحسب معلومات«الديار» اثمرت الحركة الغربية اللافتة في اتجاه لبنان، عن سلسلة من التوضيحات الهامة، ومنها ان ما تسرب عن تهديد بسحب قوات اليونيفيل غير دقيق وليس على جدول اعمال واشنطن او الامم المتحدة، لسبب بسيط ان اولوية الامن الاسرائيلي تقتضي بقاء هذه القوات في اماكن انتشارها، واي خلل في هذه المنظومة سيؤدي عاجلا او آجلا الى اندلاع حرب لا يرغب بها اي من الاطراف الاقليميين او الدوليين، وتبين ان هذا الكلام فارغ من اي محتوى جدي… وتبين ايضا ان الدعم العسكري للجيش مستمر بسبب وجود «فلسفة» اميركية تقضي بعدم ترك المؤسسة العسكرية تقع في «احضان» المحور المعادي لها في المنطقة، وهي حريصة على عدم وقف المساعدات للجيش لانها تحول دون توجه السلطات اللبنانية الى الاسواق الروسية او الايرانية…
واكدت اوساط دبلوماسية في بيروت لـ«الديار» ان السفيرة الاميركية فوجئت «بصراحة» الرئيس وكيفية التعبير عن موقفه، وليس بمضمون كلامه المعروف جيدا من قبلها، لكنها استغربت عدم «دبلوماسيته» وعدم مراعاته لتوقيت موقفه في وقت يتم فيه تشكيل الادارة الاميركية الجديدة، مع العلم انها سبقت وحذرت من توجه لممارسة المزيد من الضغط على الحكومة اللبنانية من أجل الالتزام بالقرار 1701، وكانت نصيحة ريتشارد «الصادمة» لشخصيات سياسية واخرى غير مدنية، «انه يتوجب على المسؤولين اللبنانيين في هذه المرحلة ان «يصمتوا» ويتوقفوا عن «الثرثرة» لان الرئيس الاميركي دونالد ترامب لا يعرف شيئا عنهم، ولديه اهتمامات واولويات اخرى، وهو اصلا غير مطلع على تفاصيل الوضع اللبناني، ومن الافضل عدم اثارة الازمات «الصاخبة» وارسال «رسائل» خاطئة الى البيت الابيض!، عندئذ لن يستطيع «اصدقاء» لبنان، وانا منهم، تقديم المساعدة المطلوبة»!…
«محاصرة» عون
وتتحدث تلك الاوساط عن نجاح الضغوط في وضع رئيس الجمهورية في موقف دفاعي، وفي رأيها فان هذا المناخ «الضاغط»بدأ يؤتي ثماره، من خلال التهدئة الكلامية الصادرة عن قصر بعبدا، وعن وزير الخارجية الذي غاب عن اجتماعات وزراء الخارجية العرب في القاهرة، وهو ما طرح اكثر من علامة استفهام حول هذا الغياب في ظل عدم حضور وزراء خارجية السعودية، وقطر، والكويت، والمغرب، والبحرين!
وبحسب المعلومات فان غياب وزراء الخارجية الخليجيين شكل تعبيرا عن تباين في وجهات النظر مع كل من مصر والجزائر والعراق إزاء التعامل مع ملفي سوريا وإيران.. وفي ظل محاولة هذه الدول الدفع باتجاه عودة سوريا الى الجامعة العربية، جاء هذا الغياب اللبناني ليثير «اللغط» حول حقيقة موقف الحكومة اللبنانية، فهل هو اعادة تموضع وراء الموقف الخليجي؟ ام له اسباب اخرى؟
بحسب معلومات «الديار» تلقت الخارجية اللبنانية استفسارات خليجية غير «بريئة»عما اذا كان لبنان ضمن محور تقوده مصر والجزائر والعراق، لإعادة سوريا الى الجامعة العربية… وعما اذا كانت كلمة الرئيس عون في القمة ستتضمن هذه المسألة؟ طبعا لم تتلق تلك الاوساط موقفاً حاسم من الخارجية اللبنانية، ثمة «صمت دبلوماسي» عزته اوساط مطلعة على هذا الملف الى رغبة لبنان في عدم الدخول في هذه «المعمعة»، والحفاظ على مسافة واحدة من الطرفين، خصوصا ان الموقف المصري ليس حاسما لجهة الذهاب بعيدا في مواجهة السعودية من «البوابة» السورية، وهو ما عبر عنه الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في تعليقه على مطالبة العراق بضرورة عودة سوريا لشغل مقعدها في الجامعة العربية بالقول ان «الوقت ليس مناسبا لعودة سوريا إلى الجامعة…ولبنان لم يجد نفسه معنيا في الدخول في اي محور وخوض معركة «طواحين هواء» لن تقدم او تؤخر شيئا… وترفض تلك الاوساط مقولة ان الرئاسة في موقف «دفاعي» وانما هي منسجمة مع الموقف المعتاد في الحفاظ على سياسة متوازنة دون الدخول في اي محور…
«المستقبل» وعقدة ريفي
اوساط في 8 آذار توقفت عند كلام الوزير المشنوق في جلسة الحكومة الاخيرة وانتقاده ما طرح في شأن سلاح المقاومة، والتنبيه الى محاذير الاجواء المتوترة عشية انعقاد القمة العربية وتخوفه من ارتدادات سلبية لاي مواجهة لبنانية – خليجية في القمة العربية، ورأت فيها جزءاً من الضغوط على الرئيس عون، وهي تحمل في طياتها شقين الاول داخلي يرتبط بموقع الوزير في تيار المستقبل، والشق الثاني خارجي يرتبط بعلاقات الوزير داخل المملكة، لكن كلامه يحمل في طياته تذكيراً للرئيس بشروط التسوية الرئاسية التي يفترض ان تحمي كافة افرقائها…
وفي هذا السياق يحاول الحريري عبر المشنوق التذكير بأن موقف الرئيس الاخير، يضعف موقفه كرئيس للحكومة في السعودية التي قبلت على مضض في التسوية الرئاسية، وحملت رئيس الحكومة مسؤولية الاقدام عليها، ثم تولى وزير الخارجية عادل الجبير المعروف بعلاقته الجيدة مع الحريري التسويق لضرورة مواكبة خطواته والاستفادة من عودته الى السلطة، وكانت زيارة عون الى المملكة متوازنة جداً، الا ان مواقفه الاخيرة شكلت مدعاة قلق جدي لدى تيار المستقبل الذي لم يحصل حتى الان على كلام حاسم حول حصوله على دعم سياسي ومالي سعودي تساعده على خوض الانتخابات المقبلة، وهو ينتظر ترتيب زيارة الى المملكة لمعرفة «الخيط الاسود» من الخيط الابيض»، فيما تفيد المعلومات ان وزير العدل السابق اشرف ريفي بات يتمتع بجهوزية مالية «ولوجستية» لخوض الانتخابات على امتداد المناطق السنية كافة، وهو يرسم تحالفاته مع شخصيات وازنة بقاعا وشمالا، وهذا يزيد من قلق رئيس الحكومة المتريث في الموافقة على قانون انتخابي جديد، في ظل الغموض القائم، والحل الوحيد امامه «المماطلة» لتأجيل الانتخابات قدر المستطاع حتى تتوضح «الصورة» في المملكة..