Site icon IMLebanon

حزب الله يتجه الى «الحزم» لوقف «الدلع السياسي» وتجنب «الهاوية»…؟

ابراهيم ناصرالدين

انخفاض منسوب التوتر في البلاد ونجاح الامين العام لحزب الله من «سحب» «فتيل» الانفجار من جلسة مجلس الوزراء، لم يحرك «المياه الراكدة» في ملف قانون الانتخاب، «الجمود» هو الصفة العامة للمرحلة الراهنة، بعد سقوط الرهانات خلال الساعات القليلة الماضية على موقف متقدم لرئيس الجمهورية ميشال عون الذي لم يستغل مناسبة اطلالاته الثلاث امس، في مؤتمر الاغتراب، ومجلس الوزراء، والعيد 66 للجامعة اللبنانية، لملاقاة خطاب الامين العام لحزب الله، بافكار جديدة تخرج البلاد من حالة الاستعصاء الراهنة، مبقيا على خيار «التصويت» فوق «الطاولة»، وسط «اشارات» متناقضة من بعبدا حول مقاربة المرحلة المقبلة، فيما يواصل رئيس الحكومة سعد الحريري «حياده السلبي» مطلقا وعودا ايجابية دون تقديم الدلائل الحسية على وجودها…

واذا كان الارتياح هو السمة العامة التي تطبع اجواء حزب الله حيال ردود الفعل على خطاب السيد نصرالله، بعد النجاح في تبريد الاجواء، فان لا مؤشرات جديدة وصلت من قبل التيار الوطني الحر حيال كيفية ادارة الملف الانتخابي، وابلغت اوساط سياسية مطلعة على مجريات «التفاوض» ان الرهان الان على موقف رئيس الجمهورية، لكن حتى الان تأتي من بعبدا اشارات متناقضة حول طبيعة نوايا الرئيس، فمن جهة تتحدث اوساطه عن الذهاب الى خيار تبني قانون الوزير مروان شربل الذي اقر خلال حكومة الرئيس ميقاتي، مع ادخال تعديلات عليه اذا لم يتم التوصل الى اتفاق على قانون جديد… وفي المقابل يتحدث آخرون عن رغبة الرئاسة في رد «الصاع صاعين» للرئيس نبيه بري والتسبب في فراغ السلطة التشريعية، وبعدها لا مانع من الذهاب الى قانون الستين…

وتتحدث اوساط في 8آذار عن سقف زمني حدوده نهاية الشهر الحالي للتوصل الى تفاهم على قانون الانتخاب، لان الدورة العادية لمجلس النواب تنتهي في 31 ايار، ولن يقبل الرئيس بري «ابتزازه» في مسالة فتح دورة استثنائية… ورغبة منه في عدم «حرق الاوراق» يبقي الرئيس هذه «الورقة» «غامضة» حتى الان، في سياق عملية التفاوض الجارية، لكن هذه الاوساط تحذر من «ازمة» كبرى في البلاد اذا تم تجاوز هذه المهلة دون التفاهم على كيفية ادارة المرحلة المقبلة، وبرأيها فان حزب الله سيكون اكثر حزما في مقاربة الامور لمنع سقوط البلاد في «الهاوية»، اذا ما تواصل «الدلع» السياسي، والاستخفاف بالمخاطر المحدقة… والى ذلك الحين لن يقبل الحزب بان توظف مواقفه للضغط على الرئيس بري او محاصرة حلفاءه…

وبحسب المعلومات  ينتظر حزب الله، ردا من مختلف الافرقاء على مبادرة اطلقها نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بالامس، تقوم على الاتفاق على قانون انتخابي نسبي «انتقالي» لمرة واحدة، وتجري خلال مدة ولاية المجلس الجديد نقاش هادىء حول القانون الذي يرضي هواجس جميع الاطراف.. .

 «رهانات» المستقبل

عدم تفاعل رئيس الحكومة مع المعطيات الجديدة للانطلاق في البحث عن مخارج، تفسرها «اجواء» تيار المستقبل التي تبدو مرتاحة لما آلت اليه الاوضاع الراهنة، من تقارب مع رئيس الجمهورية، وبرأي تلك الاوساط فأن اصرار عون على مبدأ التصويت، شكل «اشارة» سلبية اتجاه حليفه الذي حذر من «اللعب على حافة الهاوية». السيد نصرالله، تعامل مع قانون الانتخاب على أنه بند تأسيسي لإعادة تكوين السلطة في لبنان وبالتالي لن تحل المشكلة في الاحتكام إلى التصويت، ومجرد عدم ملاقاة رئيس الجمهورية حليفه في «منتصف الطريق» وعدم استبعاده التصويت «لحث» الافرقاء على الوصول الى التسوية المنشودة، مؤشر على عدم وجود تفاهم بين الحليفيين… فلماذا يتدخل الحريري؟

وفي هذا السياق، تؤكد اوساط سياسية مطلعة انه بامكان رئيس الحكومة لو اراد الاخذ مجدداً بزمام المبادرة على قاعدة طي النقاش بمشروع باسيل الذي أصبح من الماضي ولا مجال لتعويمه، لكن الحريري لم يأخذ «زمام المبادرة» من أجل اعطاء زخم للاتصالات، بعد ان خسر «ورقة رابحة» كانت بين يديه بعد «الفتور» الحالي في العلاقة مع الرئيس بري والنائب جنبلاط، وهو يبقى اسير رغبته في الاستفادة من مواجهات خصومه، ضاربا «عصفورين بحجر واحد» ، تضعضع جبهة «الخصوم» من جهة، وتاجيل الانتخابات قدر المستطاع..

 نصائح ديبلوماسية

وفي المعلومات وصلت نصائح دبلوماسية اوروبية الى بيروت للاستعجال في التوصل الى تسويات سريعة لمعضلة قانون الانتخاب وعدم الوصول الى «نقطة» اللاعودة في المواجهات الداخلية لان واشنطن بالتضامن والتكافل مع السعودية ستزيد من حدة الضغوط على حزب الله، في المرحلة المقبلة، ولفتت تلك الاوساط الى وجود ثلاثة من رجالات في الادارة الاميركية تلعب دورا محوريا في هذا السياق، وهم وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، الذي يتصدر قائمة هذه الشخصيات، وقد التقى قبل ايام وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في واشنطن… اما المسؤول الثاني الذى يحتل أهمية بالغة في اتخاذ القرارات المتعلقة بحزب الله في ادارة ترامب فهو هربرت ريموند ماكماستر، مستشار الامن القومي، وهو لديه دراية جيدة بالصراع في الشرق الاوسط، ويلعب وزير الدفاع، جيمس ماتيس، الذي زارالرياض مؤخرا دوراً رئيسياً في عملية صنع القرار، وبصفته القائد السابق للقيادة المركزية الأميركية، فان ماتيس يمتلك رؤية عميقة حول المنطقة، ويبدو مهتما بشكل ملفت بملف حزب الله..

وفي هذا السياق، استغربت اوساط وزارية عدم اخذ بعض الفرقاء السياسيين بهذه المخاطر على محمل الجد، والاستمرار بالرهان على الوقت، وتساءلت مثلا عن اسباب المماطلة في التجديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لمواجهة العقوبات المصرفية الاميركية المرتقبة، مع العلم ان ثمة توافقاً على اعادة تعيينه؟ وبحسب تلك الاوساط اذا كان ثمة من يراهن في الداخل على احتمالية تمرير ما يريد عندما يصبح حزب الله في موقف صعب، فان تلك الاوساط تحذر من رهانات مماثلة لان الحزب يصبح اكثر شراسة عندما يشعر انه «محاصر» او «مستهدف».

 مجلس الوزراء «وسفرات» بمئة الف دولار!

في جلسة الحكومة امس علم ان رئيس الجمهورية سئل الوزراء عما اذا كانوا يقبلون بان يصدر قرار برفض التمديد للمجلس النيابي، فاجابه الوزير علي حسن خليل بالقول «طبعا نوافق فهذا مطلبنا في الاساس» ، وبعد ان تحدث الرئيس عن الذهاب الى خيار التصويت اذا لم يتم التوصل الى اتفاق، ايده وزراء القوات اللبنانية، والوزير جبران باسيل الذي ايد هذا الخيار، فيما اعترض وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي، والوزير طلال ارسلان… وجرى تمرير قرار اعطاء داتا الاتصالات للاجهزة الامنية لمدة ستة اشهر، وهو ما عارضه وزراء حزب الله والوزير باسيل، واشار الوزير حسين الحاج حسن الى ان ذلك مخالف للقانون الذي ينص على ان تعطى بشكل محدد في الزمان والمكان… وفي مفارقة فاضحة على «هدر الاموال» اقر المجلس 51 بند سفر للوزراء لحضور مؤتمرات ونشاطات خارجية، وبحسب اوساط مطلعة تبلغ كلفتها بالحد الادنى مئة الف دولار اميركي، مع العلم ان معظمها غير مفيد..

 سجال الحريري ـ ميقاتي

وحول سجال الرئيسيين الحريري- ميقاتي على خلفية «احتفالية» الاول بتراسه جلسة الحكومة في بعبدا، واتهامه من قبل الاخير بعدم قراءة الدستور وجهل خطوة طبيعية لا تحتاج الى كل هذه الصخب، تشير اوساط شمالية الى ان المشكلة اعمق من ذلك وهي ترتبط باضعاف الحريري الممنهج لموقع رئاسة الحكومة من خلال اظهار نفسه «ظل» لرئيس الجمهورية، وعدم المبادرة في اي من الملفات، مما يساهم في «تقزيم» موقعه، وليس ادل على ذلك، من وقوفه امس «كضيف» شرف في المؤتمر الاغترابي الرابع في البيال، فيما رئيس الجمهورية ووزير الخارجية كانا «اصحاب الضيافة» ؟

 فرنجية «شمتان»

رئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجية تحدث مساء في مقابلة تلفزيونية عن شعوره «بالشماتة» لما آلت اليه الامور في الاشهر الاولى للعهد، واعتبر ان «الثنائي المسيحي» يريد الاستئثار بالتمثيل المسيحي، ولذلك تراجع التيار الوطني الحر عن الخيار النسبي في القانون الانتخابي، وبرأيه فان السباق اليوم هو بين المسيحيين التقسيميين وبين المسيحيين المنفتحين على مختلف الشرائح اللبنانية.

وأشار الى أن «عدم توقيع دعوة الهيئات الناخبة من اسباب الفراغ او التمديد، وهناك فريق يعمل على الشعبوية، وهذا الفريق كان مع الـ60 بين 2005 و2009، وحينها كان يمثل 70 بالمئة من المسيحيين ونحن كنا من هذا الفريق، والرئيس عون طالب اكثر من مرة بالنسبية دائرة واحدة بحضور الأمين العام لـ«حزب الله»  السيد حسن نصرالله».

وأكد فرنجية أن «ما يحصل اليوم هو معركة رئاسة وليس معركة قانون انتخاب، ولا مشكلة لدى التحالف المسيحي (الآخر) مع المسلمين بل معنا نحن «الخوارج» المسيحيين خارج الاتفاق».