ابراهيم ناصرالدين
«اللعب» على «حافة الهاوية» مستمر، والاتصالات البعيدة عن الاضواء مستمرة ايضا. سباق المهل الدستورية والاقتراب من «المأزق» لم يحركا «المياه الراكدة» انتخابيا، «التيار الوطني الحر» اطفأ محركاته «ويناور» عبر رفع لافتة البحث عن تطمينات، مرشحا حزب الله للعب هذا الدور، في محاولة لاعادة «الكرة الى ملعب» الحزب..وبانتظار اجتماع اللجنة الوزارية اليوم التي لا يوجد اي مشروع جدي على «طاولتها» باستثناء تفاؤل رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي رفض وزير الداخلية نهاد المشنوق ان يضع تفاؤله على «ذمته»، فان «مشروع» «مشكل» البواخر يتفاعل ويضع «الخطة الانقاذية» للكهرباء في «مهب الريح»، فيما تقترب البلاد من استحقاقين داهمين لا يقلان خطورة عن الازمات المفتوحة، اذا ما اسيء التعامل معهما..
وعلم من اوساط وزارية، ان التلهي بالملف الانتخابي، يخفي انقساما آخر في النظرة الى التداعيات القادمة من خارج الحدود، وبرأيها فان ثمة ملفين سيتصدران المشهد قريبا، ملف عرسال وجرودها وما تبقى من مناطق خاضعة للمسلحين بين الحدود اللبنانية السورية، حيث يتقدم العمل الميداني للجيشين السوري واللبناني والمقاومة على الارض، على القرار السياسي الذي ما يزال خاضعا «لسقوف» رئيس الحكومة سعد الحريري الذي يرفض اي خطوة بمعزل عن الاخذ بعين الاعتبار المصالح الاقليمية للدول الراعية للمسلحين، فيما الضغط الميداني الممنهج سيؤدي عاجلا او آجلا الى تحريك الجبهة نحو التسوية او الانفجار..
اما الملف الثاني، فهو مرتبط بازمة النازحين السوريين، هذه القضية وضعت على «الطاولة» في ضوء الاتفاق الدولي والاقليمي في آستانة على انشاء «المناطق المنخفضة التصعيد» في سوريا، وبحسب تلك الاوساط فان دول الجوار السوري وخصوصا الاردن وتركيا بدأت الاعداد لملف اللاجئين الموجودين على اراضيها، كما بدأت الأمم المتحدة التحضير لمواكبة هذا الملف لتخفيف أزمة هؤلاء، وحدها الحكومة اللبنانية ما تزال بعيدة عن مواكبة هذا الاستحقاق، هناك فرصة امام رئيس الحكومة ووزير خارجيته لتحريك هذا الملف، من خلال التحرك الجدي لاعادة اللاجئين الى المناطق «الامنة»؟ اوساط دبلوماسية اوروبية نصحت الحكومة بالتعاون «الانساني»مع الدولة السورية لاجراء فرز جدي لمن غادر «خائفا» من اهوال الحرب ومن هو «معارض» لا يستطيع العودة؟ وبحسب الاوساط الوزارية حتى الان لا تحرك جدياً في هذا الاطار لكن استمرار «الاجواء» المتشنجة على حالها ستؤدي حكما الى فتح هذا الملف الذي لم يعد جائزا تركه دون «ضوابط» سياسية محددة ومفهومة..
«هواجس بري»؟
هذه «الاجواء» تعيد الى الاذهان «هواجس» الرئيس نبيه بري الاسبوع الماضي عندما المح الى وجود رهانات داخلية على تطورات خارجية، ووفقا للمعلومات لم يات كلام بري من «فراغ»، فرئيس المجلس تجمعت لديه معطيات تفيد بان ثمة لقاءات دبلوماسية في بيروت وخارجها عقدت مع عدة شخصيات لديها علاقات وثيقة و«صداقات» مع قوى نافذة في واشنطن، ابلغتها ان ثمة تفاهماً على تصعيد الحرب على الإرهاب في العراق وسوريا، والمنطقة عموما، وإدارة الرئيس دونالد ترمب وضعت «الاحرف الاولى» على تفاهم مع موسكو تقر به بالمصالح الروسية في سوريا على حساب المصالح الايرانية، وسيتبلور هذا الاتفاق بشكله النهائي في زيارة لافروف المزمعة من 9 الى 11 الجاري. وما يحصل الان من ترتيبات هو الثمن الاميركي لروسيا مقابل خروج حزب الله و«المجموعات الإيرانية» المسلحة من سوريا، ولو تطلب ذلك الحفاظ على بنية الجيش السوري في ظل حكم الرئيس الاسد، ولو كان ذلك لمرحلة انتقالية..
وابلغ هؤلاء ان المؤشرات الدالة على عودة الاميركيين للانخراط بقوة في دعم حلفائهم في المنطقة، اختيار ترامب السعودية كاول زيارة خارجية له بعد انتخابه، حيث لا يخفي رغبته باعادة احياء تحالفات واشنطن القديمة في المنطقة، القائمة على «مثلث» دول الخليج، مصر، واسرائيل، وهذا ما يفتح شهية البعض في الداخل لتمديد فترة «الانتظار»، «واللعب» على «حافة الهاوية»…
لا «معجزة» اليوم
وعلى «خط» قانون الانتخابات، تعقد اللجنة الوزارية الخاصة اليوم اجتماعا دون آمال كبيرة، اوساط مشاركة في الاتصالات اكدت ان الوزير باسيل يعرف ان مشروع النظام التأهيلي سقط، والامر يحتاج الى معجزة للخروج بتوافق اليوم على قانون انتخاب، وبحسب تلك الاوساط، فان التيار الوطني الحر يناور من خلال محاولة اعادة «الكرة الى ملعب» حزب الله، وهو ابلغ خلال الساعات القليلة الماضية من حاول التواصل معه في الشأن الانتخابي، ان السيد حسن نصرالله تحدث عن مكونين «خائفين» ويعتبران ان قانون الانتخاب مسألة «حياة» او «موت»، الدروز، والمسيحيين، النائب وليد جنبلاط حصل على ما يريده من تطمينات، ويبقى ان المسيحيين الذين يمثلهم «الثنائي المسيحي» لم يحصلوا على الضمانات التي تجعلهم مطمئنين، ولذلك من نجح في تقديم الضمانات للدروز، عليه الان اجتراح الحلول المناسبة وتقديمها للطرف الاخر المتوجس حيال مستقبله السياسي والديموغرافي في البلاد. «التيار البرتقالي» لم يعد في جعبته ما يقدمه، كل الاطراف لديها ازمات ثقة متبادلة، وحده حزب الله ما يزال على تواصل مع كل الافرقاء، بعد ازمة الحريري مع جنبلاط، و«الاشتباك السياسي» بين التيار الوطني الحر والرئيس نبيه بري، وهذا ما يجعل من الحزب الطرف الاقدر على التواصل مع الجميع وبات معنيا اكثر من اي يوم مضى في «تعبيد» «الطريق» امام الحلول..اما غياب رئيس الجمهورية عن تقديم التسويات، فتعزوه تلك الاوساط الى عدم الرغبة في «حرق اصابعه» وتعريضه لمواقف محرجة اذا ما فشل في تسويق اقتراحاته…هذه المعطيات، لا تتلاقى مع رؤية اوساط مقربة من «الثنائي» الشيعي التي ترى في ان اهم ضمانة اعطيت هي عدم السماح بالتصويت على قانون انتخابي، وهذا يعني ان لا قانون الا بالتوافق، فما المطلوب غير ذلك؟
«اختبار النوايا»
ووفقا للمعلومات، فان الجميع امام فترة اختبار للنوايا في المرحلة المقبلة، «الثنائي» الشيعي لن يقبل بالفراغ ولو ليوم واحد، وجدد ابلاغ المعنيين ان الفراغ سيطال كافة المؤسسات واولها الحكومة.. في هذه الاثناء ثمة حديث عن مقايضة متوقعة بين تأجيل جلسة مجلس النواب في 15أيار، مقابل فتح الرئيس عون بالاتفاق مع الرئيس الحريري دورة استثنائية للمجلس النيابي، والامر سيكون بمثابة تبادل «حسن نوايا»، لخفض مستوى التشنج، والا سيتقدم 65 نائبا بعريضة تلزم رئيسي الجمهورية والحكومة بفتح دورة استثنائية… وفي هذا السياق يتحرك «حزب الله« بفعالية على هذا الخط، والاتصالات لم تنقطع مع التيار الوطني الحر وجرى تفعيلها، حيث تم وضع «النقاط على حروف» الازمة، بان الاختلاف على قانون الانتخابات، لن يتطور الى خلاف، والحزب لن يتخلى عن دعم العهد..
البواخر «تكهرب» الاجواء
وليس بعيدا عن الاجواء السياسية «المكهربة» لا تبدو طريق «الخطة الانقاذية» لوزير الطاقة سيزار ابي خليل «معبدة» على الرغم من بدء المرحلة الاولى من استدراج العروض امس في وزارة الطاقة، ولفتت اوساط مطلعة ان حجم الاعتراضات بات كبيرا، والخلاف خليط بين السياسي «والتقني»، والخطة الان «تترنح» ولم تسقط بعد.. وفي هذا السياق يعقد وزراء القوات اللبنانية مؤتمرا صحافيا مشتركا يستعرضون فيه اسباب اعتراضاتهم على «الخطة»، فيما سبقهم بالامس النائب سامي الجميل الذي طالب بلجنة تحقيق برلمانية مشككا بالاسعار المعروضة للاستئجار فيما تكلفة شراء البواخر اقل من السعر المعروض لاستئجارها!..هذه الاجواء المتشنجة انتقلت الى لجنة المال والموازنة، وطرح على النائب ابراهيم كنعان اسئلة من قبل ممثلي حركة امل، وحزب الله، وتيار المستقبل، والكتائب، فقرر عقد جلسة الخميس بحضور وزير الطاقة.. وقد عبر وزير المالية علي حسن خليل باسم فريقه السياسي عن توجه لرفض «خطة» البواخر في مجلس الوزراء، وتحدث عن 1200مليار ليرة لم تدرج من ضمن الموازنة، واثار مجددا تسريب المحضر المزور عن جلسة الحكومة، لافتا الى انه لن يصرف مبالغ مالية على امر ضد قناعاته، وجدد التاكيد بان لا اموال تخصص لمناقصات من خارج الموازنة الا بقوانين خاصة من مجلس النواب.. وفيما تبين حتى الان ان الشركة التركية «كارادينيز» هي الاكثر جهوزية وعرضها يتضمن تأمين خمس بواخر اولها تصل خلال 45يوما اذا ما رست المناقصة عليها، تمسكت مصادر في وزارة الطاقة «بالخطة الانقاذية» نافية كل الاتهامات حول «سمسرات» او هدر للمال العام، واكدت ان من يعارض الخطة عليه تحمل مسؤولية بقاء الوضع الراهن للكهرباء على «ابواب الصيف»…