نور نعمة
بعد مشاورات لساعات كثيرة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية اثمرت بفصل النزاع حول الدورة الاستثنائية عن مفاوضات قانون الانتخاب والتوصل الى اقراره، ونجحت «مبادرة جورج عدوان» من تخطي لغم جديد وهو الخلاف الذي حصل بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري حول الدورة الاستثنائية الذي كاد ان يؤثر سلبا على الصيغة الانتخابية المطروحة. وبذلك تكون مبادرة جورج عدوان قد اجتازت حقلا من الالغام لتصبح الصيغة الانتخابية الوحيدة التي تتكلل بالنجاح حتى الآن، خاصة بعد حصولها على التأييد العوني وقبول التيار الوطني الحر بال 15 دائرة.
بموازاة ذلك، قال الرئيس نبيه بري امام زواره بانه ينتظر من النائب جورج عدوان ردا على اقتراح الدوائر ال15 بصيغته النهائية في ضوء رد تكتل التغيير والاصلاح. وتابع بري انه بعد ذلك يمكن الانتقال الى امور اخرى تتعلق بالاقتراح ومنها احتساب الاصوات في الدوائر باعتبار ان هذا الموضوع لم يتم الاتفاق عليه بعد. وكرر بري رفضه لنقل المقاعد مشددا ان هذا الامر لا يمكن القبول به على الاطلاق.
وفي سياق متصل، فإن الامور تتجه الى فتح دورة استثنائية الامر الذي يخفف من حدة التوتر مع الرئيس بري وينعكس ايجابا على ديناميكية الحياة السياسية ومنها عمل المجلس النيابي. ذلك ان حقيقة الخلاف الذي وقع بين الرئيسين هو ان الرئيس بري يقول انه وُعد بفتح دورة استثنائية ولكن اصحاب الوعد اخلوا بذلك في حين يرى الرئيس ميشال عون بانه حامي الدستور ولذلك لا يجوز لاحد ان يعين مواعيد مسبقة لافتتاح دورة لمجلس النواب قبل مراجعة رئيس الجمهورية. هذا ويشدد رئيس الجمهورية ان توقيع مرسوم فتح الدورة الاستثنائية مرتبط بالاتفاق مسبقا على قانون انتخابي جديد حيث يكون هدف العقد الاستثنائي هو اقرار قانون الانتخابات.
المطلعون على اجواء الاتصالات لقانون الانتخاب, يشيرون الى ان العلاقة بين الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري بحاجة الى ترميم حتى على الصعيد الشخصي بعد التصدعات التي طالتها جراء الخلافات حول العديد من الملفات. فهل يكون افطار الخميس في قصر بعبدا مقدمة لفتح صفحة جديدة بين الرئيسين ويكون ايضا بداية لغسيل القلوب والتوافق على حلحلة الخلافات حتى 19 حزيران؟
وتجدر الاشارة الى ان دوائر القصر الجمهوري وجهت دعوات الى جميع القوى السياسية والشخصيات بما فيهم النائب وليد جنبلاط ورئيس تيار المردة الذي تأكد غيابه عن حضور الافطار في حين كلف وزير الاشغال يوسف فينيانوس تمثيله.
من هنا، هل سيحضر جنبلاط الافطار؟ اذا حضر جنبلاط فهذه ستكون الزيارة الاولى له لبعبدا وبالتالي يتحول افطار الخميس الى افطار مصالحات وحوار وبداية لحلحلة كل المشاكل. واللافت الى ان رئيس الوزراء سعد الحريري اعلن انه «اصبحنا قاب قوسيين من الوصول الى قانون انتخاب». ولذلك، كل القوى السياسية تترقب ماذا سيحدث غدا في الافطار؟
ما هي العقبات التي ذللت لاستكمال مبادرة عدوان؟
بعد توتر الاجواء وقيام الرئيس نبيه بري برفع الصوت حول ضرورة فتح دورة استثنائية، علمت الديار ان اجتماعا ليليا حصل بين وزير الخارجية جبران باسيل والنائب ابراهيم كنعان ونائب رئيس القوات اللبنانية جورج عدوان لبحث المستجدات وقد توصل المجتمعون الى حل يقضي بفصل مسار دستورية الجلسة عن مسار القانون الانتخابي كي لا تتعطل المساعي الهادفة الى اقرار قانون جديد بات يعرف بصيغة جورج عدوان.
وبعد ازالة هذه العقدة التي طرأت مؤخرا، وضمن مبادرة جورج عدوان، كانت المساعي والجهود تصب في خانة اعادة احياء الثقة بين المسؤولين اللبنانيين الذين اضحوا يشككون في نوايا بعضهم. فالطروحات التي كانت تبرز لمدة من الوقت مثل طرح مجلس الشيوخ وسرعان ما يتم التراجع عنه ناهيك عن قيام بعض المسؤولين بتبديل مواقفهم ورؤيتهم حول مشاريع وطروحات عدة، كل ذلك ادى الى زعزعة الثقة بين الاطراف اللبنانية. بيد ان كتلة امل اعتبرت ان العهد يسعى لتمرير الوقت الى ان يصبح الجميع امام امر واقع وهو العودة الى قانون الستين بما ان كل القوانين التي طرحت باءت بالفشل. في المقابل، يعتبر الرئيس عون ان بري يريد افشال العهد وهو يعمل بكل ما في وسعه لوضع العصي في الدواليب منعا لاي تقدم او اي تغيير يسجل في عهد الرئيس ميشال عون.
ولكن مع تكثيف الحوار والمساعي لتقريب وجهات النظر وردم الهوة قدر المستطاع بين الافرقاء السياسيين، عادت المفاوضات للبحث بصيغة انتخابية تجنب البلاد الفراغ كما تؤسس الى قاعدة نيابية تعكس توجه الشعب.
اضف الى ذلك، الصيغة المقترحة المبنية على النسبية الكاملة اثارت مخاوف البعض وخاصة مخاوف التيار الوطني الحر بان تكرس النسبية الكاملة الديمقراطية العددية بدلا من الديمقراطية التوافقية. ولكن مبادرة جورج عدوان التي تتضمن ضوابط للنسبية الكاملة بدد قلق التيار الوطني الحر بتقسيم الدوائر الى 15 دائرة، وتمكنت الصيغة الانتخابية التي يطرحها عدوان من منع طغيان صوت مكون طائفي على صوت مكون طائفي اخر. كما شملت المبادرة تعديل دستوري يثبت المناصفة والتوزيع المذهبي بشكل نهائي.
هذا وعامل التوقيت لعب دورا ايجابيا في تسريع المفاوضات حول قانون انتخابي جديد. والحال ان حزب الله يريد قانون انتخابي باسرع وقت ممكن بهدف تحصين الساحة اللبنانية نظرا لتخبط المنطقة في اضطرابات وصراعات دموية. والرئيس سعد الحريري حريص ايضا على انجاز قانون انتخاب جديد بهدف حماية حكومته وعدم زعزعتها اما النائب وليد جنبلاط فهو يريد قانون انتخاب جديد دون ان يضرب ذلك او يمس بالمصالحة المسيحية -الدرزية ولذلك الصيغة المطروحة حاليا تلائم الجميع.
موافقة التيار الوطني الحر على مبادرة جورج عدوان
وقال وزير الخارجية جبران باسيل ان العهد اعتمد على ثلاث اصدقاء لانجاح المشروع الذي يتبناه وهو اقرار قانون انتخابي جديد وهم:
* الرئيس سعد الحريري الذي منع التمديد لمجلس النواب
* القوات اللبنانية لازالة الالغام التي زرعت امام العهد وامام فرصة التوصل الى قانون انتخابي جديد
* حزب الله لكشف الكذابين والدجالين والمناورين
في البدء، كان الوزير جبران باسيل معترضا على نقل المقاعد النيابية داعيا الى الغاء المقاعد التي اضافها السوريون في حقبة وجودهم في لبنان معللا ان هذه الزيادة لم تات في خانة التمثيل الصحيح بل اداة في يد السوريين لتلبية تطلعاتهم انذاك. غير ان باسيل تعامل بمرونة مع مبادرة جورج عدوان في الاونة الاخيرة موضحا انه لا يستطيع رفض هذا الطرح ومكتفيا برفع المطالب التي يرى انها مناسبة. وعلى هذا الاساس، يكون نائب رئيس القوات اللبنانية قد ضم التيار الوطني الحر الى الجانب المؤيد للصيغة المطروحة والمبنية على النسبية الكاملة ضمن 15 دائرة.