IMLebanon

«كسر جليد» مع بري لا «شهر عسل».. وخيارات الحريري أحلاها مرّ     

ابراهيم ناصرالدين

بعض «التفاصيل» في قانون الانتخابات العتيد منعت رئيس الجمهورية ميشال عون من «زف البشرة» الى اللبنانيين، لم يخاطر الرئيس في اطلاق «الدخان الابيض» على الرغم من المحاولات الحثيثة طوال يوم امس «لانضاج الطبخة»، وتم الاستعاضة «بطبق» «التفاؤل» على مائدة الافطار وسط اجماع من الحاضرين على ان الامور «سلكت» وتجاوز الجميع «شياطين» التفاصيل التي ذللت بمعظمها، الا اذا حاول احد الاطراف «التشاطر» في «الربع الساعة» الاخير، وهو ما رأت فيه اوساط مواكبة للاتصالات»للديار» انه قد يؤخر «الولادة» دون ان يؤدي الى «موت الوليد»…

وكان رئيس الجمهورية قد اكد في كلمته خلال الافطار في قصر بعبدا، ان انجاز قانون الانتخابات خلال الايام الاتية سيكون بداية استعادة الثقة لانه سيبرهن عن ارادة تحسين التمثيل الشعبي وجعله اكثر توازنا، وهو بذلك اعطى اشارة واضحة عن وجود تفاهم حول قانون الدوائر 15، وهو امر اكده رئيس الحكومة سعد الحريري عند مغادرته بعبدا حين اكد ان الخلوة الثلاثية كانت ايجابية واتفقنا على السير بقانون النسبية مع 15 دائرة، وصلنا الى النهايات وهناك بعض التفاصيل على امل ان ننتهي في اليومين المقبلين، وكذلك اكد الرئيس بري ان الامور كلها ايجابية،فيما اعلن النائب وليد جنبلاط بعد لقاء عون ان الاجواء ايجابية ونحن قادمون على قانون انتخاب جديد ولا للستين ولا للتمديد.

 اللقاء الثلاثي

وفيما اكد عون في كلمته ان الهدف الاساسي لهذا العهد هو بناء دولة قوية، اشار بوضوح الى ان الخلاف في السياسة هو تحت سقف الوحدة التي لا يجب السماح لاحد بتهديدها، وهو امر شدد عليه في اللقاء الذي جمعه مع الرئيسيين بري والحريري قبل الافطار،وابلغت اوساط مطلعة على اجواء «الخلوة» «الديار»، ان الشيء المهم في اللقاء كان «كسر الجليد» بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، دون ان يعني ذلك ان العلاقة بين الرجلين  دخلت في مرحلة «شهر العسل»، لكن مبادرة رئيس الجمهورية الى توقيع فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي قبيل موعد الافطار ساهمت بشكل كبير في «تبريد» الاجواء، وسحبت من النقاش موضوع الصلاحيات الدستورية، «والنزاع» حول جلسة الخامس من حزيران.

وعلمت «الديار» ان اتصالات حثيثة جرت طوال مساء امس الاول على خط بعبدا تولتها اكثر من جهة سياسية، افضت الى اقناع الرئيس بالقيام بهذه المبادرة اتجاه «عين التينة»، خصوصا ان ثمة التزاماً مسبقاً من قبل الرئاسة الاولى بفتح الدورة الاستثنائية، وارفقت هذه «النصيحة» بتلميحات عن احتمال مقاطعة بري للافطار في حال لم تبادر بعبدا باتخاذ «خطوة» ايجابية… في المقابل اشارت اوساط مقربة من بعبدا الى ان الرئيس لم يخضع لاي ضغوط، وتوقيعه على فتح دورة استثنائية جاء وفق قناعاته، ولولا حصول تفاهم على القانون الانتخابي خلال الساعات القليلة الماضية لما وقع الرئيس الذي حرص خلال اللقاء الثلاثي على التأكيد بان تحديد موعد السابع من الجاري لعقد الجلسة ليس من باب «المزايدة» على احد، وانما لاعطاء الفرصة الكافية للاطراف السياسية لاستكمال ما تبقى من تفاصيل متعلقة بالقانون، واعطاء مجلس الوزراء الوقت الكافي لدراسته قبل احالته الى المجلس النيابي.

 رابحون. .وخاسر واحد

وفي هذا السياق اكدت اوساط مطلعة على «طبخة» القانون ان الكثير من العقبات قد ذللت، فمسألة نقل المقاعد النيابية باتت وراء الجميع ولم تعد مطروحة على بساط البحث، اما «العتبة الوطنية» فهي ستقر، واحتساب الاصوات سيتم التفاهم عليه لانه مسألة تقنية، اما مسألة تثبيت المناصفة فلن تكون عقبة لانها اساسا موجودة، ولكن اذا احتاج «الثنائي المسيحي» الى انجاز في هذا الصدد فلا مانع من منحه، وقد اعد وزير العدل سليم جريصاتي مسودة في هذا السياق، وقد نوقشت هذه المسائل في اجتماع عقد في بعبدا مساء امس بين الرئيس عون ونادر الحريري وجبران باسيل وجورج عدوان نوقشت خلاله بعض التفاصيل المتعلقة بالقانون، وكان سبقه اجتماع بين الوزير جبران باسيل والنواب، الان عون، ابراهيم كنعان، وجورج عدوان.

وتلفت تلك الاوساط الى ان كافة الاطراف ستكون رابحة من اقرار القانون، الا تيار المستقبل الذي سيخسر نحو خمسة من نوابه وربما اكثر، لكن لا يملك الحريري اي خيار لان الدراسات اثبتت ان خساراته في قانون الستين ستكون اكبر.. كما انه يطمح للبقاء في رئاسة الحكومة خلال عهد عون وهذا ما يفسر العلاقة المتينة مع الرئيس، خصوصا انه يحتاج الى تفاهمات داخلية تغطي غياب الدعم السعودي الغائب حتى الان. اما «الثنائي الشيعي» فخسائره ستكون محدودة، لكنه سيضمن فوز حلفائه السنة والمسيحيين، ومصادره تعتبر ان هذا القانون هو الخطوة الاولى نحو النسبية الكاملة. «الثنائي المسيحي» حققا انجازا في رفع نسبة تمثيل النواب المسيحيين لناخبيهم وسيتمكنا من ايصال 51 نائباً باصواتهم، وسيدخلون الى المجلس النيابي بكتلة وازنة، خصوصا القوات اللبنانية، وسيشكلون رقما صعبا في الاستحقاقات المقبلة. النائب وليد جنبلاط سيحافظ على «حصته» النيابية، وسيستفيد بعض «المستقلين» دون ان تكون لهم قوة وازنة في المجلس.

 خلاف جنبلاط ـ الحريري

لم تتحرك «الوساطات» بعد «لرأب الصدع» بين الرئيس الحريري والنائب وليد جنبلاط، مع العلم ان ارتفاع وتيرة «الاشتباك» السياسي تهدد مصير التحالفات الانتخابية بين تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، واذا كان الرئيس الحريري قد اتخذ قراره بعدم «السكوت» بعد اليوم على «رسائل» جنبلاط «المسمومة»، فان اوساط «اللقاء الديموقراطي» اكدت ان جنبلاط كان قد اتخذ قرارا بعدم الدخول في ازمة علنية مفتوحة مع الحريري وطلب من اعضاء الحزب ونواب اللقاء الديموقراطي التزام الصمت على الرغم من  «الجرح» الكبير» الذي تسبب به الحريري اثر «انقلابه» على التفاهم الانتخابي، لكن عدم مبالاة الحريري «برسائله» التي حملها المبعوثون الاشتراكيون الذين كلفهم جنبلاط بمحاولة ترطيب الاجواء لاستدراك انزلاق العلاقة نحو الاسوأ، دفعته الى الخروج عن صمته، خصوصا ان الحريري لم يتوقف ابدا عند «هواجس» جنبلاط من القانون التأهيلي، ووصل الى مسامع «المختارة» الكثير من الكلام الصادر عن نادر الحريري وعن رئيس الحكومة بان جنبلاط لن يكون «عقبة» ونحن نعالج اعتراضاته، حتى ان الحريري لم يكن ليمانع التصويت في مجلس الوزراء على اي قانون حتى لو كانت المختارة غير راضية على ذلك، وقد اراح «الفيتو» الضمني الذي اعطاه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لجنبلاط «الرجل» وباتت هوامشه اوسع فقرر قول الامور باسمائها..

 في المقابل تشير اوساط تيار المستقبل الى ان المشكلة مع جنبلاط انه لا يتقبل وجود تباينات في الرأي بين «الحلفاء»، فهو يريد من الرئيس الحريري ان يكون معه اوضده، ولا حلول وسط في العلاقة، مع العلم ان تيار المستقبل لم يفهم مشكلة جنبلاط حيال العلاقة الوطيدة بين الرئاستين الاولى والثالثة، وكذلك لم يفهم مشكلته مع القانون التأهيلي الذي يحافظ له على حصته الوازنة انتخابيا، كما انه اصيب بالدهشة عندما تلقى اكثر من «رسالة» جنبلاطية تتحدث عن «صراع بقاء، والخوف على مصير الجبل، وعلى المصالحة التاريخية مع المسيحيين»، مع العلم ان اياً من هذه المخاطر غير موجود، وليست على بال احد، لكن «هواجس» جنبلاط من عودة التحالف السني- الماروني تتحكم بعقله وروحه، على الرغم من انها مجرد «اوهام».