IMLebanon

«حراك ليلي» لمعالجة آخر العقد.. عدوان لـ «الديار» : هذه أهميّة الإتفاق

عماد مرمل

هل يكون الاسبوع الطالع هو أسبوع «الخلاص الانتخابي»؟ وهل تكون «الخطوبة» في جلسة مجلس الوزراء الاربعاء، يليها «عقد القران» في جلسة 12 حزيران النيابية؟

على مقربة من موعد جلسة مجلس الوزراء، ارتفع منسوب التفاؤل بقرب انجاز مشروع الانتخاب على اساس النسبية في 15 دائرة، بحيث يمكن القول ان الساعات المقبلة ستُخصص لوضع اللمسات الاخيرة على هذا المشروع الذي يفترض ان يكون حاضرا على طاولة الحكومة في اجتماعها الاربعاء، وإلا الخميس على ابعد تقدير، من أجل إقراره وإحالته الى الجلسة النيابية العامة في 12 حزيران.

ويبدو ان الجميع يتصرف على قاعدة ان يوم 12 حزيران المقبل هو الحد الفاصل الحقيقي وليس 19 حزيران، كما يؤكد الرئيس نبيه بري الذي يشير الى انه يجب التعاطي مع الجلسة العامة المقبلة باعتبارها مفصلية وحاسمة، منبها الى انه لا يجوز العبث بالوقت او «التشاطر» عليه وبالتالي لا يصح الافتراض ان بالامكان ان نستمر في الاخذ والرد حتى الساعات الاخيرة من ولاية المجلس النيابي، لان كلفة اي دعسة ناقصة او خطأ في الحسابات ستكون عندئذ مكلفة.

وما يزيد من حساسية هذه الروزنامة الزمنية، هو ان مجلس النواب سيحتاج الى قرابة ثلاثة ايام للانتهاء من دراسة الصيغة الانتخابية، خصوصا انها تحوي مواد اصلاحية قد تتطلب نقاشا، الامر الذي يعني ان القانون سيصدر في 15 حزيران، أي على حافة هاوية انتهاء ولاية المجلس، وهذا مؤداه ان اي خلل في الالتزام بالسيناريو المرسوم سيؤدي الى تداعيات وخيمة.

وعُلم انه تمت المباشرة في صياغة أولية لبعض جوانب مشروع النسبية وفق 15 دائرة انطلاقا من الامور المتفق عليها، وانه جرى استحضار نصوص مدروسة كان قد تم اقرارها اثناء جلسات اللجان النيابية المشتركة، لالحاقها بالمسودة التي يتولى فريق عمل اعدادها.

وتواصلت المشاورات بوتيرتها المكثفة في عطلة نهاية الاسبوع، لمعالجة آخر العقد المستعصية التي لا تزال تؤخر انجاز التفاهم النهائي، في ظل توقعات ايجابية تسود الاوساط السياسية المعنية بمفاوضات ربع الساعة الاخير.

وعلمت «الديار» ان اجتماعين عُقدا ليل امس في اطار استكمال البحث في تفاصيل قانون الانتخاب، الاول ضم الوزير جبران باسيل والنائب جورج عدوان، والثاني جمع باسيل وعدوان والوزير علي حسن خليل ومدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري. وقد قطع النقاش خلال الاجتماعين شوطا كبيرا في اتجاه التفاهم على الامور العالقة.

وفي المعلومات ان النقاش توصل الى الآتي:

– بالنسبة الى عتبة التأهيل: بات هناك شبه توافق حول اعتماد الحاصل الانتخابي كأداة قياس( أي عدد المقترعين في الدائرة مقسوما على عدد المقاعد. وعلى سبيل المثال 100 ألف ناخب % 10 مقاعد = 10 آلاف صوت تشكل عتبة قبول اللائحة).

– في ما خص نقل المقاعد: يتواصل البحث في مطلب الوزير باسيل بتخصيص ستة مقاعد للمغتربين تتوزع مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، فيما رجحت اوساط واسعة الاطلاع ان تطرأ حلحلة على هذه المسألة. الى ذلك، عُلم ان مقعد الاقليات سيصبح، بعد التوزيع الجديد للدوائر، في الدائرة الاولى.

– في ما يتعلق بكيفية احتساب فوز المرشح، يصر باسيل على وجوب ان يحظى المرشح بنسبة مئوية معينة من اصوات طائفته حتى يفوز، وذلك لكيلا يصل الى المجلس على ظهر اللائحة التي تضمه من دون ان يكون صاحب حد أدنى من التمثيل في بيئته، بينما يرفض آخرون هذ الطرح الذي ينطوي في رأيهم على فرز طائفي مرفوض. وقد طمأنت الاوساط الناشطة على خط المشاورات الى ان هذه العقدة قابلة للحل.

– اما على صعيد الاطار السياسي للقانون الانتخابي المرتقب، فان من بين الخيارات المطروحة هو ان يتم التفاهم على مبادئ عامة تتصل بالمناصفة ومجلس الشيوخ واللامركزية الادارية، من دون الدخول مسبقا في التفاصيل التي لا تزال موضع تباين. وابلغ مصدر سياسي مواكب للمفاوضات «الديار» انه لا يجوز ربط قانون الانتخاب بتفاهمات كاملة حول ملفات أخرى قد تعيق او تؤخر ولادة القانون، لا سيما وسط الخلاف المستمر حول صلاحيات مجلس الشيوخ وطائفة رئيسه، إضافة الى ان الرئيس بري كان قد أدرج انشاء مجلس الشيوخ في سياق اعتماد النسبية على اساس دائرة واحدة او ست.

 1180 دولاراً… اتصالات هاتفية!

وقد شبّهت أحدى الشخصيات السياسية المشاركة في اللقاءات المتلاحقة المشهد بغرفة عمليات مُستنفرة، تحوي أطباء في الجراحة والبنج وممرضين، يعملون جميعا لإتمام ولادة قانون الانتخاب بسلام.

وتشير هذه الشخصية في مجالسها الخاصة الى ان فاتورة هاتفها الخلوي للشهر الماضي بلغت 1180 دولاراً اميركياً بفعل الاتصالات الهاتفية المكثفة التي اجرتها في سياق المفاوضات الانتخابية الناشطة، لكنها لا تلبث ان تضيف مبتسمة: بالتأكيد، ان هذه الكلفة تهون حين نعلم ان فاتورة الفشل في انجاز قانون الانتخاب ستكون أكبر بكثير.

 عدوان: انه اتفاق انقاذ

وقال نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» و«المفاوض المكوكي» جورج عدوان لـ«الديار» ان التفاهم على مبدأ النسبية وفق 15 دائرة أطلق دينامية قوية من شأنها ان تدفع نحو تسوية التفاصيل العالقة، مشيرا الى ان الكل يصرون على الوصول الى حل، ويتحسسون بالمسؤولية خلال النقاشات، حيث الـ«لا» مرنة والـ«نعم» منفتحة.

ويلفت عدوان الانتباه الى ان الانجاز الذي اقتربنا من تحقيقه ليس انتخابيا فقط، بل هو قبل ذلك انقاذي بالمعنى الوطني، لان عدم التوافق على قانون للانتخاب كان سيقودنا الى نفق مظلم ومفتوح على كل الاحتمالات، في ظل ظروف اقليمية صعبة وانشغال الجميع عنا، مشددا على ان أهمية اقرار القانون لا تنحصر فقط في إعادة الانتظام المطلوب الى اللعبة الديموقراطية، وانما ايضا في تحصين لبنان وحمايته من تطورات المنطقة.

ويتابع: كما كان انتخاب رئيس الجمهورية ميشال عون صناعة وطنية، فان وضع قانون الانتخاب سيكون هذه المرة صناعة وطنية كذلك، ومع انجازه سيكتمل صمام الامان وسيدخل لبنان في مرحلة من الانفراج الحقيقي، وبالتالي سيتأكد ان بإمكان اللبنانيين، وحدهم، بناء مؤسساتهم وتحديد مصيرهم من دون الاتكال على أحد في الخارج.

وكان عدوان قد اكد في تصريح له، امس، ان اجتماع مجلس الوزراء الاربعاء هو مفصلي، ونحرص على ان يكون كل شيىء جاهزا  من صياغة للمشروع وتذليل للعقبات.

وفي سياق متصل، أعرب مرجع سياسي بارز عن تفاؤله بالوصول الى نهاية سعيدة لمخاض قانون الانتخاب، مستبعدا التقهقر مجددا الى الخلف، لكنه يؤكد ايضا انه لا ينبغي الاستخفاف بالتفاصيل وشياطينها.

ويلفت المرجع الانتباه الى ضرورة التركيز على اقرار القانون الانتخــابي والتفــاصيل العائدة له، من دون تكبير الحجر كثيرا وتحميل هذا القانون حمولة سياسية زائدة.

وفيما أكد الوزير جبران باسيل الاقتراب من الاتفاق على قانون انتخابي اساسه النسبية، قال رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية – في امتداد للخلاف المستحكم بين التيار الوطني الحر وبنشعي – انه لا يمكن لمن تنكر للنسبية وعمل على ضربها من خلال قوانين غريبة ان يعتبر نفسه بطلا ويتبناها عند اقرارها.