نور نعمة
القانون الانتخابي الجديد والمطروح حاليا برزت امامه عقبات جديدة أخرت اقراره واعتماده قانون تجرى عليه الانتخابات النيابية المقبلة. التجاذبات كثيرة وشد الحبال متواصل وكل فريق سياسي يلقي اللوم على الاخر بتعطيل فرص انجاز قانون يعتمد على النسبية وضمن 15 دائرة .
ففي حين يستغرب الرئيس نبيه بري الذي عبر امام زواره استجداد مطالب قبل ايام من انتهاء ولاية المجلس وقيام الوزير جبران باسيل بـ «الاثقال» في المطالب التي البعض منها لا علاقة له بقانون انتخاب، يرى التيار الوطني الحر، وتحديداً الوزير جبران باسيل، ان التعديلات الدستورية لتعزيز المناصفة هي شرط من شروط القبول بالقانون الجديد، وكذلك تقليص عدد المقاعد وجعلها فقط 108 مقاعد بدلا من 128، الى جانب ضرورة نقل المقاعد لصحة التمثيل.
وامام هذا المشهد وهذه الاجواء التي لا تبشر بالخير، تكون مؤسسات الدولة الضحية الوحيدة امام كل التعطيل والعرقلة التي يشهدها البلد.
وفي هذا السياق، تساءلت اوساط سياسية ما اذا كان جميع الافرقاء لديهم الارادة لاقرار قانون جديد او هناك فريق يريد امرا اخر. ما يدفع باتجاه هذا السؤال هو انه كلما شارفت الامور الى خواتيمها ، يتم تطرح مواضيع جديدة ومطبات جديدة تؤخر انجاز الحل. واخر الطروحات هو العمل على تسوية سياسية شاملة تتضمن التفاهم على مجلس الشيوخ واللامركزية الموسعة وامور اخرى، اضافة الى قانون الانتخابات. هذا الطرح الذي تقدم به التيار الوطني الحر في اجتماع امس لم يلق تأييداً من قبل حزب الله وتيار المستقبل ، في حين واجه معارضة شرسة من الوزير علي حسن خليل الذي قال «اننا اليوم نحصر بحثنا في قانون الانتخابات وبعد اقراره نحن مستعدون للبحث في امور اخرى» لافتا الى ان العودة الى طرح هذه الامور تعرقل ولا تسهل.
واشارت هذه المصادر الى ان المجتمعين فوجئوا بطروحات جديدة حول طريقة الفرز لا تتلاءم مع المبادئ العامة، كما بوضع شروط في كيفية احتساب فوز المرشح على قاعدة «نسبة الاصوات التفضيلية» لكل مرشح في طائفته والتي يجب ان تكون بنسبة اربعين في المائة. وهنا، رفض حزب الله وكتلة امل وتيار المستقبل هذه الطروحات والشروط بشكل مطلق، في حين بقي الوزير جبران باسيل متمسكا باقتراحاته رابطا اقرار القانون بإقرار هذا المبدأ. وجدد باسيل طرحه بالعودة الى 108 مقاعد كما اقرها اتفاق الطائف، ودعا الى الغاء 20 مقعدا اضافتها الوصاية السورية، فجوبه طرحه مجددا برفض الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري. هذا واقترح رئيس التيار الحر الوزير جبران باسيل تخصيص ستة مقاعد للمغتربين من اصل العشرين مقعدا المضافة. وعندئذ طالب الوزير خليل باضافة ستة مقاعد على 128 مقعداً، الامر الذي اعتبره الحاضرون انه لا يصب في خانة تصحيح توزيع المقاعد في اطار تمثيل غير المقيمين. والحال ان تمثيل اللبنانيين الغير مقيمين في لبنان هو حاجة وطنية، ولكن في الوقت ذاته لا يجب ان يأتي تحت خانة تصحيح توزيع المقاعد المضافة.
وفي ظل هذه الاجواء التي هيمنت على الاجتماع الذي حصل في بيت الوسط وعلى خلوات اخرى جرت بين مسؤولين رفيعي المستوى، شككت اوساط سياسية في جدية البعض في انجاز قانون جديد معتبرة ان هؤلاء يريدون العودة الى قانون الستين، ولذلك يستمرون في المماطلة، رغم ان الوقت ينفد إذ بقيت ايام قليلة قبل حلول موعد 20 حزيران. وعلى هذا الاساس، سألت هذه الاوساط : هل يتم وضع شروط جديدة لتحسين القانون المطروح حاليا ام لتطييره؟
واشارت اوساط سياسية الى ان الرئيس سعد الحريري والنائب جورج عدوان يدفعان باتجاه اقرار القانون الجديد والذي يعتمد على النسبية الكاملة ضمن 15 دائرة، وكذلك حزب الله فيما يكتفي الوزير علي حسن خليل برفض طلبات الوزير باسيل.
اذاً هل البلاد مقبلة على ازمة سياسية كبيرة في حال بقيت الامور على حالها حيث ان شد الحبال سيقع ومساحة التفاهم تتقلص، ما جعل هذه الاوساط تعتبر ان وضع العهد والحكومة والمؤسسات الدستورية لن يكون في موقع يحسد عليه.
عين التينة: شكوك وريبة
قالت مصادر عين التينة ان الرئيس نبيه بري فعل كل ما بوسعه لتسهيل اقرار القانون الانتخابي الجديد المبني على النسبية وضمن 15 دائرة والذي حظي بموافقة بكركي. كما وافق الرئيس بري على الصوت التفضيلي في القضاء، الا انه شدد على ان لا يتحول هذا القانون المطروح الى قانون الارثوذكسي، او اي قانون يعزز الطائفية والمذهبية ويزيد الشرخ بين الشعب اللبناني، وقال بري : «اللي بكبّر الحجر ما بيصيب».
ولكن مصادر عين التينة استغربت المطالب الجديدة التي طرحها الوزير باسيل والتي اضحت كانقلاب لكل ما تم التوافق عليه في قصر بعبدا وفي الخلوة التي حصلت بين الرؤساء الثلاثة عون وبري والحريري. ومن بين هذه المطالب التي طرأت بشكل فجائي ، نقل المقاعد وتقليص المقاعد النيابية من 128 الى 108 في المجلس النيابي، وهنا رأت مصادر عين التينة ان ذلك يثير الشكوك والريبة من طرح هذه المطالب والمماطلة في التوصل الى قانون انتخابي جديد.
التيار الوطني الحر: التفاوض قائم وبعض النقاط عالقة
في المقابل، قال مصدر في التيار الوطني الحر لـ«الديار» ان التفاوض لا يزال قائما حول القانون المطروح حاليا مشيرا الى ان بعض النقاط لا تزال عالقة، من بينها اعادة توزيع المقاعد واشراك اللبنانيين المغتربين في المجلس النيابي وشرط حصول النائب على 40% من طائفته، الامر الذي يتطلب المزيد من التشاور والحوار بين القوى السياسية. وعزا مصدر التيار العرقلة الحاصلة في اقرار قانون انتخابي جديد بقيام بعض الافرقاء بتغيير مواقفهم، وابرزهم الرئيس نبيه بري الذي كان قد وافق على التعديلات الدستورية لتكريس المناصفة، غير انه تراجع عن موقفه مبررا ذلك انه ستتم مناقشة هذه التعديلات بعد اقرار القانون الانتخابي. وايضا، لفت المصدر الى ان التيار الوطني الحر وافق بنسبة 90% على مطالب بري حول مجلس الشيوخ، ولكن الرئيس بري غير موقفه حول هذه المسألة.
وردا على اتهام التيار الوطني الحر بأنه يناور ويمرر الوقت لاجراء الانتخابات على اساس قانون الستين، قال المصدر «البرتقالي» ان هناك حدوداً لاستغباء الناس، وكذلك هناك حدود للكذب، فالرئيس ميشال عون امتنع عن توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لاجراء انتخابات وفقا للستين، واشترط فتح دورة استثنائية محددة فقط لاقرار قانون جديد، فكيف يكون العهد مؤيداً لقانون الستين؟
وتابع هذا المصدر ان من ينقلب على مواقفه هو الذي يعطل مسار الاتفاق على قانون انتخابي جديد مشددا على ان التيار الوطني الحر يؤيد اي قانون يؤمن التمثيل الصحيح وفي الوقت عينه يرفض اي قانون لا يؤمن المناصفة.
واعلن المصدر ان التيار الوطني الحر لا يمانع الذهاب الى التصويت على كل بند في القانون المطروح في المجلس النيابي بعد ان يحوله مجلس الوزراء الى البرلمان قائلا: «فلتأخذ الديموقراطية مجراها في المجلس النيابي والتصويت هو ابرز مقوماتها».