كتب رضوان الذيب ونور نعمة
الهدوء السياسي المخيم على البلاد بعد انجاز القانون الانتخابي امام محطة «كهربائية» اليوم في مجلس الوزراء، فهل «تتكهرب» الاجواء مجدداً؟ ام يتجاوز وزراء القوات وأمل والاشتراكي، اعتراضاتهم على الخطة غير الشفافة كما وصفوها، حرصاً على الهدوء السياسي وعدم فتح الاشتباك مجدداً قبل يوم واحد من اللقاء التشاوري في بعبدا وخصوصاً ان وزراء التيار الوطني والمستقبل مدعومين «كهربائيا» من الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري والأمل بكهرباء «24 على 24».
وفي المعلومات، ان الخطة ستقر مع بعض التعديلات مما يرضي المعترضين، لكن الامور غير محسومة، ومفتوحة على كل الاحتمالات، مع ترجيح الاقرار على الطريقة اللبنانية المعروفة «إعطيني تا أعطيك» حرصاً على «لمّ الشمل» الذي سيلتئم في بعبدا غداً بحضور 8 رؤساء احزاب مع غياب الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله ومشاركة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، بالاضافة الى غياب النائب وليد جنبلاط المرتبط بمواعيد في موسكو في مرحلة استثنائية من عمر الازمة السورية وتبدلاتها الميدانية على غير ما «يشتهيه وليد بك» ربما لتحديد «بوصلته القادمة» وسينوب عنه الوزير مروان حماده، لكن يبقى لجنبلاط «موقعا» مميزا عند «الروس»، رغم انهم اول من اكدوا له ان الاوضاع في سوريا لن تكون الا لصالح الدولة السورية والرئيس الاسد.
ويبقى السؤال، هل سبب غياب وليد جنبلاط، مواعيده في موسكو فقط وتحديداً يوم الخميس؟ ام وراء «الاكمة» اسباب اخرى بعد سقوط وانهيار كل محاولات، «رأب الصدع» مع التيار الوطني الحر بشخص رئيسه الوزير جبران باسيل، حيث «الكريزما» مفقودة كلياً، واذا استمر هذا التوتر فان دائرة عاليه – الشوف، ستشهد «ام المعارك» بين الحزب التقدمي الاشتراكي، والتيار الوطني الحر، وستكون اقسى من معركة رئاسة الجمهورية في دائرة البترون، بشري، زغرتا، الكورة، علما ان الاوساط «الجبلية» للطرفين تتحدث عن استحالة التوافق والتلاقي، حتى ان القواعد لن «تهضم» اي حلف على الارض اذا حصل، وتشير هذه الاوساط الى اتجاه لتشكيل لائحتين مكتملتين الاولى يقودها جنبلاط والثانية التيار الوطني الحر.
وفي المعلومات ان التيار الوطني الحر لم يشارك بالاستقبالات التي نظمت لتيمور وليد جنبلاط خلال جولاته على القرى المسيحية والتي شكلت انطلاقته الاعلامية الاولى، والتأكيد على وحدة الجبل وتنوعه، ولم يشارك اي مسؤول لـ«التيار» في اللقاءات في مقابل حضور قواتي بقيادة جورج عدوان وتعامله كأنه «صاحب البيت» حيث «دشن» المرحلة الانتخابية التوافقية بين الاشتراكي والقوات، رغم وجود «مطبات حقيقية» في ظل حرص جنبلاطي على عدم «الغاء» اي مكون مسيحي خارج الحكومة وتحديداً الكتائب وحزب الوطنيين الاحرار والشخصيات المسيحية المستقلة، وبعكس الصورة «الشوفية» ومشاركة جورج عدوان، فان الوضع في عاليه كان مختلفا في ظل «اصطحاب» نواب اللقاء الديموقراطي للنائب الكتائبي فادي الهبر في كل جولاتهم، ومشاركته في افطار «كيفون» بحضور الوزير علي حسن خليل وقيادات من حزب الله، بالاضافة الى العلاقة «المميزة» بين تيمور جنبلاط وسامي الجميل فيما للنائب دوري شمعون «معزة خاصة» عند النائب جنبلاط تعود للزعيم كميل شمعون «الاب».
وفي المعلومات، ان غياب جنبلاط ربما كان رسالة ايضاً الى بعبدا وتوجهات باسيل الجبلية وربما برضى من الرئيس نبيه بري الذي يعرف ظروف جنبلاط الانتخابية في منطقة لها «خصوصيتها» الفريدة عن كل المناطق اللبنانية واملحكومة بتاريخ حافل تتعلق بمعادلة «من يحكم الجبل يحكم لبنان» وبالتالي فان المواجهة بين الاشتراكي والتيار ستتصاعد، فالتيار يريد ان يكون شريكاً بتسمية النواب المسيحيين ولن يعطي هذه الورقة لجنبلاط مطلقا، فيما الاخير يتمسك بتمثيله عبر النائبين ايلي عون ونعمه طعمه فيما جورج عدوان وفادي الهبر ودوري شمعون «جنبلاطيو الهوى».
اما على صعيد النائب سليمان فرنجيه فأكدت مصادر المردة انه سيلبي الدعوة، «واللقاء مع الرئيس عون سيكسر الجليد» وكل المتاهات السابقة باتت وراءنا، فيما نقل زوار بعبدا عن الرئيس عون ان «ابواب بعبدا مفتوحة للجميع وتيار المردة ممثل بالحكومة واداء الوزير يوسف فنيانوس جيد ولا شيء شخصياً بين الرئيس عون والوزير فرنجية.
واكدت مصادر القوات اللبنانية انه مع اقرار قانون انتخابي جديد، يتطلع العهد الى انطلاقة جديدة تشكل مرحلة مختلفة في اداء المؤسسات، لقد اراد رئيس الجمهورية ان تكون انطلاقة عهده مختلفة عما سبقها من عهود ولكن ما واكب عملية
الانتخابات الرئاسية والتفاهم على ان تكون الحكومة الاولى حكومة جامعة جعل العهد يطلق مقولة ان حكومة العهد الاول ستكون اول حكومة تشكل بعد الانتخابات التي كان من المفروض ان تجري في شهر حزيران، وجاء الخلاف على انتاج قانون الانتخاب لم يعكس الارادة الحقيقية لرئيس الجمهورية الساعي ان يكون اداء عهده مختلفا، من هذا المنطلق تولدت فكرة ان يترافق التوافق على قانون انتخابي جديد مع «تفاهم سياسي» ينطلق من لقاء يعقد في القصر الجمهوري وكان قد خطط ان يسبق هذا اللقاء موعد اقرار القانون الانتخابي الجديد بحيث يأتي القانون الجديد كثمرة لهذا اللقاء وان يشكل القانون الجديد جزء ن مروحة تفاهم على روزنامة اصلاحية يطلقها العهد.
واضافت المصادر لكن ظروف انضاج القانون الجديد وظرف خاص بفخامة الرئيس اخّر الدعوة للقاء، واصرار الرئيس بري على فصل قانون انتخابي جديد عن اي تفاهم أوسع اخّر هذا اللقاء الى يوم غد لانه لم يغير بمقاربة رئيس الجمهورية ولم يخفف من تصميمه على انطلاقة جديدة.
ماذا عن الانطلاقة الجديدة؟
الانطلاقة الجديدة تم التشاور حولها بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وهي اولا في الشكل تشمل الفرقاء الممثلين في الحكومة في اشارة الى انها تنطلق من عمل المؤسسات الدستورية اي المجلس النيابي والحكومة، كما وانها ترافقت مع توقيع مرسوم فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي تبدأ في حزيران وتنتهي في 16 تشرين الاول في اشارة الى ان المجلس النيابي سيستفيد من كل يوم تمديد لاقرار القوانين والعمل التشريعي وفي صدارتها اقرار الموازنة السنوية علما انه لم تقر موازنة خلال العشر سنوات الاخيرة واقرار موازنة لهذه السنة وتحضير موازنة للسنة المقبلة مع الالتزام بالمواعيد الدستورية يشكل انجازا للعهد وللحكومة ويؤسس لعودة العمل المؤسساتي الى سياقه الطبيعي، اضافة لذلك سيتناول اللقاء تفعيل عمل الحكومة والمجلس النيابي وتوسيع اداء المؤسسات بما يريح المواطن ويكون بمثابة انطلاقة جديدة للعهد، فلا تعتبر المهلة الفاصلة عن الانتخابات مهلة ضائعة من مدة العهد بل مدة انجازات على كافة الأصعدة.
وفي هذا المجال علم انه اضافة الى التفاهم على ضرورة تفعيل العمل الحكومي وعمل المجلس النيابي وتزخيمه هناك نية للدفع باتجاه اقرار قوانين ذات انعكاس ايجابي وسريع على حياة المواطنين مثل «اللامركزية الادارية الموسعة» ويسعى العهد للاستفادة من مناخ التفاهم الذي ترافق مع اقرار قانون انتخابي جديد لتوسيع مروحة التفاهم الى كل ما يفعّل العمل والدورة الاقتصادية والمالية وما يريح المواطن.
الفساد وفرص العمل
وفي موازاة «النشوة السياسية» بانجاز قانون الانتخابات، وكأنه «نهاية الكون» فان مصادر اقتصادية وادارية، بالاضافة الى تقارير تحدثت عن خطورة الوضع الاقتصادي «المهترئ» داخلياً، والذي بدأ يعبر عنه بحالة الفلتان القائمة، واستسهال كل شيء، مع غياب القانون والمحاسبة التي تبدأ من فوق حسب المثل الصيني «شطف الدرج يبدأ من فوق» وكيف يمكن اقناع الشباب اللبناني بالاصلاح وهم يلمسون كيف يدخل البعض الى الوظائف والمسؤوليات، وكيف يتحول بين ليلة وضحاها الى «ملياردير» و«خدم وحشم». وتدعو المصادر الى وضع خطة اصلاحية سريعة قبل فوات الاوان.
وفي المعلومات ان «البطالة» في صفوف الشباب باتت «مخيفة» فلا فرص عمل، وانه بمجرد اعلان مجلس الخدمة المدنية عن حاجته لوظائف محددة، 25 وظيفة مثلا، وللفئتين الرابعة والخامسة يتجاوز عدد الطلبات الالاف، وفي بعض الامتحانات وصل عدد الطلبات ما بين العشرة الاف الى 15 الف طلب و75% يحملون اجازات جامعية، وبعضها عليا من جامعات خاصة، ومعظم هؤلاء الشبان تتراوح اعمارهم بين 18 و30 سنة. وهذه النسبة ترتفع سنوياً وعدد الطلبات يتزايد.
وتتحدث التقارير عن 6 شباب يتابعون التخصص الصيدلي تقدموا بامتحانات لوظيفة فئة خامسة او «دركي متمرن» وبمجرد اعلان الجيش او الامن العام او قوى الامن الداخلي او امن الدولة عن دورات للتطوع حتى تتجاوز الطلبات الآلاف، رغم المعاناة بتأمين شروط الوظيفة. وتكشف التقارير ان الجامعات الخاصة اللبنانية تخرّج سنوياً الاف الشبان الذين لا يجدون فرصاً للعمل، مع التأكيد بأن ابواب الخليج ما زالت تلبي طلبات نسبة معقولة من فرص العمل، والخوف من ان يتأثر الوضع الخليجي بالازمة الاخيرة وتقفل ابواب العمل امام اللبنانيين وسيشكل ذلك الكارثة الكبرى.
وتدعو التقارير المسؤولين الى البدء بخطة فورية لان تحصين الاستقرار الاجتماعي هو مقدمة للاستقرار الامني، كون انتشار «المخدرات» في صفوف الشباب سببه الاول «البطالة» ونتائجها الاقتصادية والاجتماعية، وهي اكبر مشكلة على لبنان.
وتتحدث التقارير عن ضرورة وضع خطة اصلاح اداري، وتحقيق اللامركزية الادارية والتخفيف من معاناة الناس اما المهمة الاولى فتتمثل بضرب «الفساد» واخضاع المناقصات والتلزيمات لشروط مناسبة وقانونية، وفي اخر التقارير ان 35 ملياراً صرفت في احدى الوزارات دون اي مستند او فاتورة، ولا احد يعرف لمن ذهبت؟ ومن استفاد منها؟ وقد تم وضع الرئيسين عون والحريري بتفاصيلها، بالاضافة الى الفساد في كل المؤسسات، حتى ان مرجعا كبيرا قال «اذا ضرب الفساد نستطيع توفير 4 مليارات دولار على الخزنة اللبنانية سنويا».
وفي المعلومات ان تقاريرا وضعت على «الطاولات» لـ11 وزارة ومؤسسة تكشف عن فساد كبير يطال ملفات مالية ضخمة وتحديداً فيما يتعلق بأموال النازحين السوريين، وكيف يتم التصرف بها؟ حتى ان صحيفة «الفيغارو» الفرنسية كتبت تقريراً عن حجم الفساد في لبنان ووصفه «بالمحمي» والسفراء الاجانب يتحدثون عن كمية الفساد في لبنان وهذا ما دفعهم الى وقف المساعدات احياناً او الاشراف شخصياً على المشاريع.
والطامة الكبرى تبقى مسألة «التعيينات» وتوزيعها على «كبار القوم» دون اي معيار للكفاءة وابعاد الشباب الجامعي عنها، وحصرها «بالازلام والمحاسيب» وبالتالي «ضخ دم» مترهل للادارة اللبنانية ساهم في المزيد من الاحباط لدى الشباب، والاسماء التي ستتبوأ مراكز التعيينات باتت معروفة.
هذه الملفات حسب مصادر متابعة هي الخطر الاكبر على لبنان ويوازي الخطر الارهابي؟ فهل يتم وضع «المدماك» للاصلاح في اللقاء التشاوري في بعبدا غدا، النيات سليمة لكن يبقى التنفيذ؟