Site icon IMLebanon

وزير الطاقة لـ «الديار»: هذه قصة العودة الى «ادارة المناقصات»

عماد مرمل

يبدو ان «عائدات» تسوية قانون الانتخاب ساهمت في تبريد الخلاف حول ملف الكهرباء الذي قاربه مجلس الوزراء امس، على الطريقة اللبنانية، فابتكر نوعا من الحل الوسط الذي يرضي مؤيدي خطة وزير الطاقة سيزار ابي خليل ولا يغضب معارضي بعض جوانبها، بعدما قرر احالة كامل الملف المتعلق باستقدام معامل توليد الكهرباء الى ادارة المناقصات لفض العروض المالية واعداد تقرير كامل عن استدراج العروض، واحالته الى وزير الطاقة لاعداد تقرير مفصل ورفعه الى مجلس الوزراء بغية البت به باسرع وقت ممكن.

والارجح ان زخم التوافق على قانون الانتخاب ومن ثم «التسوية الكهربائية»، سيمنح «طاقة ايجابية» للقاء بعبدا التشاوري الذي يُعقد اليوم في قصر بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون وبحضور قادة احزاب الحكومة العشرة، للبحث في كيفية تفعيل العمل الحكومي والنشاط التشريعي.

 وقد اتى «المخرج الكهربائي» الذي أقرته الحكومة ليوفق بين اصحاب الرأي الداعي الى وضع ضوابط متشددة وبين اصحاب الوقف الداعم لاستراتيجية وزيرالطاقة ولحقه في ممارسة صلاحياته كاملة، علما ان بعض الوزراء وضع تسوية الامس في اطار تأجيل المواجهة، الى حين صدور تقرير دائرة المناقصات، ليبنى على الشيء مقتضاه.

 وهكذا نجت الحكومة من الصعقة الكهربائية، من دون ان تخلو جلستها من بعض الاحتكاك في الاسلاك الوزارية، وتبادل «النيران الصديقة»، سواء بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية او بين حزب الله وتيار المردة.

وعُلم ان الوزير علي حسن خليل عرض ملاحظات جوهرية على مسار معالجة مشكلة الكهرباء، وكذلك فعل الوزير يوسف فنيانوس الذي سأل حزب الله الى متى سيستمر في مسايرة حليفه على حساب قناعاته، فيما أكد الوزير حسين الحاج حسن ان قرارتنا تتخذ بناء على قناعات ومبادئ، واعتبر الوزير محمد فنيش انه يمكن الاكتفاء بباخرة واحدة ولا ضرورة لاستئجار اثنتين بعدما تأخر تنفيذ الخطة وتم تجاوز المواعيد المحددة مسبقا. كما كرر نائب رئيس الحكومة ووزير الصحة غسان الحاصباني موقف «القوات» المتعلق بوجوب احترام الضوابط الضرورية لتأمين اعلى قدر ممكن من النزاهة والشفافية في المعالجة الكهربائية. وفي المقابل، كان وزراء التيار الحر وتيار المستقبل في خندق واحد دفاعا عن الخطة المعتمدة ومسارها الاجرائي. وبعد أخذ ورد، تم التوافق على احالة الملف بمجمله الى ادارة المناقصات.

واوضح الرئيس عون ان العجز الاجمالي المتراكم للكهرباء خلال 25 سنة، تمتد من بداية 1992 وحتى نهاية 2016 بلغ 33 مليار دولار، ويمثل هذا العجز 44 بالمئة من اجمالي الدين العام. واشار الى انه لو حلت مشكلة الكهرباء في اواسط التسعينات، لكان حجم الدين العام قد انخفض الى 42 مليار دولار في نهاية عام 2016، ولكان المواطنون قد وفروا على جيوبهم كلفة اضافية تجاوزت ال16 مليار دولار منذ اوائل التسعينات، وتقدر حاليا بحوالي 700 مليون دولار سنويا.

اما الرئيس سعد الحريري فاعتبر ان هناك خطة للكهرباء عرضت على مجلس الوزراء وتمت الموافقة عليها وقد تكون هناك ملاحظات يمكن ان نتناولها بايجابية، منبها الى ان الوقت داهم ويجب اعتماد الوسائل السريعة راهنا ودرس الوسائل البعيدة المدى لاحقا، ونحن ندرك ان المتضررين من زيادة انتاج الطاقة الكهربائية سيتحركون ضد الاجراءات التي سنتخذها، لكن المهم ان نمضي في ايجاد الحلول الملائمة ونؤمن مصلحة الناس والبلاد.

 ابي خليل.. والقصة الكاملة

وقال وزير الطاقة سيزار ابي خليل لـ «الديار» ان إحالة ملف مناقصة استئجار بواخر الكهرباء الى ادارة المناقصات تمت بناء على طلبه الشخصي، موضحا انه وبعدما أنجز التقييم الاداري والتقني للعروض، بات من الضروري انجاز المرحلة الاخيرة المتعلقة بالتقييم المالي، فعرضت على مجلس الوزراء خيارين، الاول تشكيل لجنة وزارية لهذا الغرض او تكليف ادارة المناقصات بفض العروض، على الرغم من ان هذا الخيار سيشكل سابقة ربطا بكون مؤسسة الكهرباء هي مؤسسة عامة.

ويشير ابي خليل الى انه كان بامكانه ان يستكمل المسار الاداري والاجرائي الذي باشر به، بتفويض من مجلس الوزراء في اعقاب اقرار خطة الكهرباء، وهذا في صلب صلاحياتي وحقوقي بموجب الدستور والقانون، ولا أحد يستطيع ان يمنعني من ذلك، لكن بما ان الجو السياسي في البلد ارتاح وتخفف من المزايدات بعد اقرار قانون الانتخاب، وبما ان المسار العام هو توافقي في هذه المرحلة، فقد فضلت ان أراعي هذا الوضع الايجابي المستجد وان أطرح الذهاب الى ادارة المناقصات إذا كان ذلك يطمئن البعض ويريحهم، برغم ان من حقي عدم اللجوء اليها.

ويضيف: لا أريد ان أستاثر بهذا الملف ولا اريد ان أدير ظهري لمجلس الوزراء كما يروج البعض، بل انا حريص على اشراكه في المتابعة وتحمل المسؤولية تقيدا بما تم الاتفاق عليه عند اقرار الخطة، مع الاشارة الى ان الاجراءات التي سبق لي ان اتخذتها كلفني بها مجلس الوزراء تحديدا.

ويوضح ابي خليل ان ادارة المناقصات سترفع تقريرها اليه كي يرفعه بدوره الى مجلس الوزراء، لافتا الانتباه الى انه سيضع في الوقت ذاته تقريره الخاص المبني على حصيلة فض العروض من قبل الدائرة، علما ان من حقي كوزير مختص ان الغي المناقصة وأطلب إعادتها إذا تبين لي ان السعر الذي رست عليه هو مرتفع ولا يناسب الدولة.

ويشدد على ان الاولوية لديه هي لتأمين الكهرباء بافضل السعر والشروط، وبالتالي سالجأ الى استخدام صلاحياتي إذا تبين لي انطلاقا من دراساتي ومعرفتي بالسوق ان السعر الذي رست عليه المناقصة بعد فض العروض ليس الأنسب.

ويؤكد ابي خليل ان العودة الى الوراء غير واردة، ولا رجوع الى ما قبل الخطة التي اقرتها الحكومة، مشددا على ان استئجار البواخر لاستجرار الطاقة هو الحل الاسرع والارخص في المرحلة الانتقالية، الى حين الانتهاء من انجاز المعامل الثابتة.

ويتابع: الامر لا يتعلق بفصل الصيف الحالي فقط، بل بأربع صيفيات مقبلة وإذا لم نفعل شيئا في انتظار الانتهاء من بناء المعامل، فهذا يعني ان الطلب على الطاقة سيزيد والقدرة الانتاجية ستضعف، اي ان ازمة التقنين ستتواصل اربع او خمس سنوات إضافية، وعلى معارضي الخطة ان يصارحوا اللبنانيين بهذه الحقيقة وان يقولوا لهم ان البديل عنها هو ان يستمروا في التعايش مع المولدات الخاصة كل هذا الوقت الطويل.

ويشير الى ان النجاح في انقاذ هذا الصيف من براثن التقنين يتوقف على مدى السرعة في اتمام الاجراءات الواجب اتخاذها من اجل استجرار الطاقة المطلوبة.

ويوضح ابي خليل ان مجلس الوزراء قرر الاسراع في إشراك القطاع الخاص في انتاج الطاقة، بعدما انتهينا من وضع الاطار المالي والقانوني لهذا المشروع الذي بدأ الاعداد له منذ ان كان جبران باسيل وزيرا للطاقة، مشيرا الى ان القطاع الخاص سيساهم في بناء معملين جديدين، لكنهما لن يكونا جاهزين قبل اربع سنوات او اربع سنوات ونصف السنة، هذا إذا نُفذت الآلية التطبيقية بسلاسة ومن دون عرقلة، فهل نبقى مكتوفي الايدي حتى ذلك الحين؟

وردا على دعوة البعض الى استبدال البواخر بمعمل على اليابسة، يلفت ابي خليل الانتباه الى ان كلفة استملاك الارض لتنفيذ هذا المشروع هي وحدها مليار دولار تقريبا، من دون احتساب كلفة بناء المعمل.

ويجزم ابي خليل بانه لا يعرف تفاصيل حول الشركات الاربع التي تقدمت بعروض الى مناقصة استئجار البواخر، ولا يفضل واحدة على أخرى، كاشفا عن ان احد الوزراء اتصل به لاستيضاحه بعض الامور المتصلة بتلك الشركات، إلا انه فوجئ بانني لا أعرف ما طلبه مني..

 الحاصباني

وقال نائب رئيس الحكومة ووزير الصحة غسان الحاصباني لـ «الديار» ان القرار المتخذ يساهم في اعادة تصويب مسار مناقصة البواخر والذي كان ينطوي على مشكلات اجرائية، لافتا الانتباه الى ان القرار النهائي يعود الى مجلس الوزراء بعد اطلاعه على مضمون التقرير الذي ستضعه دائرة المناقصات.

ويشدد الحاصباني على ان «القوات» تتمسك بضرورة الاسراع في تأمين الكهرباء بأقل كلفة على المواطن والدولة، وضمن احترام الاصول والقوانين المرعية الاجراء، مشيرا الى أهمية المباشرة في المرحلة الثانية من الخطة والمتعلقة ببناء المعامل الثابتة التي هي اساس الحل.

  ارسلان

وأكد وزير شؤون المهجرين طلال ارسلان لـ «الديار» ان الضجة المثارة حول ملف الكهرباء لا مبرر لها، مشيرا الى ان القرار الاخير يعود في نهاية المطاف الى مجلس الوزراء الذي له الصلاحية في ان يوافق او يعترض على نتائج المناقصة او ان يطلب اعادتها اذا وجد ان السعر المعتمد غير ملائم، ولافتا الانتباه الى انه سبق لمجلس الوزراء ان فوض وزير الطاقة بتطبيق الخطة التي اقرت، على ان يعود الى المجلس عند كل مرحلة، وهذا ما حصل بالنسبة الى فض العروض، ونحن سننتظر تقريراً مفصلاً من ادارة المناقصات حتى نحدد موقفنا.

 تويني

وقال وزير شؤون مكافحة الفساد نقولا تويني لـ «الديار» ان قرار مجلس الوزراء يعزز الشفافية والنزاهة في مقاربة ملف الكهرباء، لافتا الانتباه الى ان دائرة المناقصات هي مستقلة ولديها حرية الحركة وابداء الراي.

زعيتر

وابلغ وزير الزراعة غازي زعيتر «الديار» ان ما جرى في مجلس الوزراء كناية عن حل وسط، مشيرا الى انه كانت لدينا ملاحظات جوهرية على العديد من الامور المتصلة بخطة الكهرباء وبمراعاة الاصول والقانون.

 كادانيان

وأكد وزير السياحة أواديس كادانيان انه سينتظر تقرير هيئة ادارة المناقصات ليبنى على الشيء مقتضاه، لكنه لا يخفي عواطفه، قائلا: نحن نتحفظ على الاتيان بالبواخر من تركيا، وهذا موقف مبدئي بالنسبة الينا.