قياديون وانتحاريون وخبراء متفجرات بين المعتقلين والمضبوطات : عشرات العبوات
قائد الجيش من عرسال: سنقضي على الارهابيين اينما وجدوا ومهما كلف الثمن
رضوان الذيب
نجا لبنان من سلسلة تفجيرات ارهابية بفضل الحرب الاستباقية للجيش اللبناني ومديرية المخابرات، عبر تنفيذ عملية نوعية شكلت الضربة الاكبر للقيادات الارهابية من الصف الاول ولكوادر الصفين الثاني والثالث من «داعش» و«النصرة» و«فتح الشام» حيث تساقطوا «كأحجار الدومينو» في معاقلهم الاساسية في مخيمي «النور» و«القارية» في عرسال وجرودها، علما ان عدد المخيمات السورية داخل عرسال ومحيطها يتجاوز 112 مخيماً حيث يقطن 1500 نازح سوري في مخيم «القارية» التابع لـ«داعش»، و675 نازحا في مخيم النور التابع لـ«النصرة» و«فتح الشام»، علما انه جرت اشتباكات بين المخيمين الاسبوع الماضي تحت عنوان حرب «داعش والنصرة».
عملية الجيش كانت الاكبر لجهة حجم الخسائر في صفوف «داعش» و«النصرة»، وهذا الانجاز حظي باهتمام السفارات الكبرى والصغرى في لبنان، وتم الثناء عليه، كما حظي باهتمام وسائل الاعلام المحلية والعربية والعالمية، وتصدر مقدمات نشرات كبريات وسائل الاعلام، واثنت كلها على دور الجيش اللبناني والامن العام وشعبة المعلومات وامن الدولة في مواجهة الارهاب وحماية لبنان. الجيش اللبناني احبط «غزوة جديدة» للارهابيين، كانوا يحضرون لها لارباك الوضع الداخلي اللبناني، ولخطف الاضواء عن انجازات الجيشين العراقي والسوري وحزب الله في الموصل والبادية السورية.
«الغزوة الجديدة» حسب مصادر عسكرية، كانت تستهدف العمق اللبناني، والتحقيقات ستكشف الاماكن المستهدفة، وليس فقط بين زحلة وبيروت، واشارت هذه المصادر الى ان العملية النوعية جاءت بعد معلومات دقيقة حول حركة «مريبة ومكثفة» للارهابيين في مخيمي «النور» و«القارية» والتحضير لعمل ارهابي، وخصوصا في مخيم «القارية» واجتماعات لقادة «داعش» مع وصول معلومات لمخابرات الجيش عن اتجاه قاطنيه لمبايعة أحد قادة «داعش» اميراً على المخيم، وهو من بلدة قارة السورية ودخل الى المخيم منذ اسابيع، بالاضافة الى حركة مماثلة لـ«النصرة» و«فتح الشام» في «النور».
وعلى ضوء هذه المعلومات، اتخذ قائد الجيش العماد جوزاف عون القرار «بالضربة الاستباقية» وساعة التنفيذ، وقد خطط للعملية الجهاز المختص في مديرية المخابرات بالتعاون مع الفوج المجوقل الذي له «باع طويل» في الحرب ضد الارهاب والارهابيين وانتصر عليهم في كل المعارك التي خاضها ضد هؤلاء.
بدأت العملية، فجر امس، بمداهمات ثنائية، وبتوقيت واحد، واتجهت قوة الجيش في مخيم النور الى منزل كبير المطلوبين، أبو عائشة، وهو احد كبار مسؤولي «النصرة» الذي بادر على الفور الى تفجير الحزام الناسف الذي كان يرتديه لحظة دخول قوة الجيش الى منزله، مما أدى الى جرح 3 عسكريين.
وفي المعلومات «ان قوات الجيش واصلت مداهماتها وطوقت احد المنازل حيث كان يتواجد الانتحاريين، خلدون حلواني، وعبدالله الزراعي الملقب «ابو عبادة الشامي» وهو قاضي شرع لـ«النصرة» في جرود عرسال، وفي المعلومات ان عناصر الجيش حاولت منع الارهابيين من تفجير نفسيهما وسط عائلتهما، ولكنها لم تفلح، مما ادى الى مقتل الطفلة السورية ثلاث سنوات ونصف السنة، وسقوط افراد من العائلتين بين قتيل وجريح، ولم يصب احد من العسكريين، وتم نقل 5 جثث الى مستشفى الرحمة وهم السوريون: مرشد الرفاعي، رضوان عيسى، جهاد كنعان، نايف برو، وكلهم من العناصر الارهابية و3 جرحى هم عمران عيسى، زينب الحلبي، سلوى الرامي.
وبالمقابل، كانت قوة من الجيش تداهم احد منازل اخطر الارهابيين في مخيم «القارية» الذي بادر الى تفجير نفسه بحزام ناسف، كما بادر انتحاري اخر الى رمي قنبلة على الجيش فأصاب 4 عسكريين وتم اعتقاله، واشارت معلومات الى اعتقال انتحاريين كانا يرتديان حزامين ناسفين.
واثناء المداهمات، وقعت اشتباكات عنيفة بين الجيش والمسلحين في محلة عقيبة المبيضة قرب مخيم النور.
واشارت معلومات مؤكدة عن اصابة 19 جنديا للجيش اللبناني معظمهم اصيب اثناء نقل العائلات المدنية الى اماكن آمنة.
وقد نفذ الجيش حملات دهم واسعة، بعد تطويق المخيمين واعتقل 337 شخصاً كلهم من التابعية السورية، وتبين ان 31 شخصا من هؤلاء ارهابيون بامتياز وبينهم قيادات ومعروفة بالاسماء من قبل مخابرات الجيش اللبناني، اما الاخرون فسيتم التحقيق معهم، ومن تثبت براءته سيتم اطلاق سراحه فوراً.
وفي المعلومات التي تكونت للاجهزة خلال الحرب مع الارهابيين ان القياديين فقط يعمدون الى ارتداء الاحزمة الناسفة بشكل دائم كي لا يقعوا في قبضة القوى الامنية، وهناك «فتوى» في هذا المجال من «قضاة شرع» «داعش» و«النصرة» وكل التنظيمات الارهابية. لكن اللافت «جهوزية المسلحين» وامتلاكهم كل الاسلحة التي بادروا من خلالها وعلى الفور اطلاق النار على الجيش اللبناني، وهذا ما يكشف مخططاتهم.
ما جرى في عرسال وحسب مصادر متابعة للملف يكشف ضرورة البحث بشكل جدي في ملفات مخيمات النازحين السوريين، حيث من المفترض ان تكون هذه المخيمات لايواء العائلات النازحة والاطفال وليس مراكز لتحضير «العبوات الناسفة» بين هؤلاء النازحين، وهذا الامر يشكل استهدافا لكل اللبنانيين، وضرورة وضع هذا الملف على طاولة مجلس الوزراء وحله بشكل عملي بعيداً عن التجاذبات السياسية، لان ما جرى ضبطه من مواد كيماوية من نيترات الامونيوم والاسمدة الزراعية التي تتفاعل مع بعضها البعض وتتحول الى مواد ناسفة يؤكد على مخططات الارهابيين، لكن المعلومات نفت وجود عبوات كيماوية اما لجهة توقيف الارهابي احمد نايف ذياب بوصفه قاتل العقيد الشهيد نور الدين الجمل، فقد اعترف بأنه شارك في معارك المدرسة المهنية في آب 2014، لكن لا يمكن الجزم بأنه قاتل العقيد الشهيد قبل الانتهاء من التحقيقات.
بيان قيادة الجيش
وصدر عن قيادة الجيش ـ مديرية التوجيه البيان الآتي: فجر اليوم (امس)، وأثناء قيام قوة من الجيش بتفتيش مخيم النور العائد للنازحين السوريين في بلدة عرسال، أقدم انتحاري على تفجير نفسه بواسطة حزام ناسف أمام إحدى الدوريات المداهمة، ما أدى إلى مقتله وإصابة 3 عسكريين بجروح غير خطرة. وفي وقت لاحق، أقدم اربعة انتحاريين آخرين على تفجير أنفسهم من دون وقوع إصابات في صفوف العسكريين، كما فجّر الإرهابيون عبوة ناسفة، فيما ضبطت قوى الجيش 4 عبوات ناسفة معدة للتفجير، عمل الخبير العسكري على تفجيرها فورا في أمكنتها.
من جهة ثانية، وخلال قيام قوة أخرى من الجيش بعملية تفتيش في مخيم القارية التابع للنازحين السوريين في المنطقة نفسها، أقدم أحد الإرهابيين على تفجير نفسه بواسطة حزام ناسف، دون وقوع إصابات في صفوف العسكريين، كما أقدم إرهابي آخر على رمي قنبلة يدوية باتجاه إحدى الدوريات ما أدى إلى إصابة 4 عسكريين بجروح طفيفة».
تستمر وحدات الجيش بعمليات المداهمة والتفتيش بحثا عن إرهابيين آخرين وأسلحة ومتفجرات.
جولة قائد الجيش
وتفقد قائد الجيش العماد جوزاف عون قوى الجيش المنتشرة من منطقة عرسال، حيث التقى الضباط والعسكريين الذين نفذوا المهمة، واطلع على اوضاعهم وحاجاتهم المختلفة.
وأشار العماد عون إلى أنّ «ما جرى اليوم، يؤكّد مرّة أخرى قرار الجيش الحاسم في القضاء على التنظيمات الإرهابية وخلاياها وأفرادها أينما وجدوا على الأراضي اللبنانية، ومهما كلّف ذلك من أثمانٍ وتضحيات»، ولفت إلى أنّ «المرحلة المقبلة ستشهد تكثيف العمليات النوعية لاقتلاع هذا الشر الخبيث، الذي لا يعير أيّ اهتمام بحياة الإنسان، ويضرب عرض الحائط كلّ القيم الدينية والإنسانية والأخلاقية».
الرئيس عون: للاستعداد لمرحلة ما بعد سقوط الارهاب في سوريا
اما رئىس الجمهورية العماد ميشال عون، فقد هنأ بالعملية مشيداً بالجيش ودوره ودعا الى اليقظة والتحوط لمرحلة ما بعد سقوط التنظيمات الارهابية في سوريا لئلا يدخلوا لبنان.
ويبقى التطور البارز والذي ساهم بنجاح العملية، تعاون اهالي عرسال مع الجيش اللبناني الذي منع تكرار سيناريو صيف العام 2014 كما قال رئىس بلدية عرسال باسل الحجيري مشيراً الى دفعة جديدة من قوافل النازحين السوريين ستغادر عرسال قريباً باتجاه مناطق سورية غير عسال الورد.
وحسب المعلومات، فان اكثر من نصف مليون نازح سوري عادوا من الاردن وتركيا الى حلب ودمشق وحمص وحماة والعديد من المناطق السورية، وهذا ما يطرح جدياً ضرورة البدء بالمعالجة عبر فتح قنوات التواصل مع الحكومة السورية الجاهزة للامر، وابعاده عن المناكفات السياسية جراء اصرار البعض على عدم الحديث مع الحكومة السورية، وهذا ما كشفت عنه نقاشات اللقاء التشاوري في بعبدا، وبالتالي فان ملف النزوح سيبقى بعيداً عن المعالجة الحقيقية لان العودة تتم الى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية.
الامن العام والامن الغذائي
وفي موازاة الامن القومي والحفاظ على استقرار البلد، فان الامن الغذائي قد يكون يوازي باهميته الاستقرار العام، وسجل الامن العام اللبناني انجازاً في هذا الاطار عبرضبط كمية كبيرة من الاسماك الفاسدة في سوق السمك في الكرنتينا ـ بيروت، بلغت زنتها 3 الاف كيلوغرام. وقد تمت عملية المداهمة للشاحنات المخصصة لتخزين الاسماك وتبريدها في سوق السمك، والتي تعود الى التاجر اللبناني «أ. ع. ط» الذي زور تاريخ صلاحية الاسماك ووزعها في الاسواق مما شكل اكبر الاضرار على صحة المواطنين.
المردة والقوات
اما على الصعيد السياسي، فقد كان التطور الابرز زيارة وزير القوات اللبنانية غسان حاصباني الى بنشعي ولقائه رئيس تيارالمردة النائب سليمان فرنجية، علما ان وزير الاعلام القواتي ملحم رياشي كان قد زار فرنجية في وقت سابق وكانت الجلسة ودية، واشارت المعلومات من الطرفين ان هذه الزيارات تعطي المزيد من «الدفا» في العلاقات بين الطرفين، مع اعتراف القوات والمردة بوجود اتصالات بينهما بعيداً عن الاضواء، مع تأكيد الطرفين ان البحث بالانتخابات النيابية وتحالفاتها ما زال مبكراً، كما انه ما زال مبكراً الحديث عن تفاهم بين الطرفين شبيه بالتفاهم بين الثنائي المسيحي، لكن اللقاءات ادت الى «كسر الجليد» وهذا ما سينعكس على قواعد الطرفين ويشيع اجواء من الراحة في دائرة زغرتا ـ بشري ـ البترون ـ الكورة.