IMLebanon

صافي احتياطي المركزي ايجابي ويؤمن التغطية الكافية للاستقرار المالي

صافي احتياطي المركزي ايجابي ويؤمن التغطية الكافية للاستقرار المالي

الهندسات المالية ساهمت في دعم الأسعار والاستهلاك وتعزيز الاحتياطي بالعملات الاجنبية

جوزف فرح

لاول مرة، وبعد ان كثر التجني عليه وعلى السياسة النقدية التي يتبعها رد مصرف لبنان على الوثيقة التي نشرها الدكتور توفيق كسبار تحت عنوان «الازمة المالية في لبنان» وفنّد ما جاء في هذه الوثيقة ان بالنسبة لسياسة سعر الصرف التي انتهجها مصرف لبنان، او بالنسبة لمعدلات الفوائد او بالنسبة لموجودات المركزي بالعملات الاجنبية، او بالنسبة لقيمة الليرة والقطاع المصرفي.

بالنسبة لسياسة سعر الصرف التي ينتهجها مصرف لبنان، التي تلقت اشادة من المدراء التنفيذيين لصندوق النقد الدولي الذين وافقوا على ان هذه السياسة النقدية يجب ان تظل موجهة نحو دعم ربط سعر الصرف، فان الحجة التي ارتكز عليها كسبار وهي «معدلات الفوائد السخية» التي يدفعها المركزي للمصارف المحلية لقاء ودائعها لديه بالدولار، فان تحديدها يتم عن طريق قوى السوق بالاستناد الى تصنيف المخاطر في البلد المعبر عنه من خلال اسعار مبادلة مخاطر الائتمان والعائد على سندات الخزينة الاميركية.

ويؤكد مصرف لبنان ان معدلات الفوائد التي يدفعها على جميع الآجال من مدة سنتين وما دون هي اقل بدرجة واحدة من معدل ليبور على الدولار الاميركي، وتعتبر جيدة مقارنة بالعوائد على سندات اليورو بوند والعوائد المحددة من السوق وفق المخاطر السيادية.

ويستند مصرف لبنان الى صندوق النقد الدولي الذي يشير الى ان تثبيت سعر الصرف هو الركيزة الاسمية المناسبة.

ويفند مصرف لبنان وثيقة كسبار بالنسبة لاحتياطي المركزي من العملات الاجنبية والذي اكد على ان ميزانية مصرف لبنان تتضمن اصولاً اخرى بالعملات الاجنبية متوسطة وطويلة الاجل، وقد تجاهلها كسبار عمداً وبالتالي فان صافي احتياطي المركزي من هذه العملات يسجل رصيداً ايجابياً ملحوظاً ويؤمن تغطية كاملة تضمن استقرار الليرة اللبنانية والاستقرار المالي عموماً والتي بلغت مستوى قياسياً تاريخياً قارب الـ43 مليار دولار، وتعتبر كافية للجم اي تحرك ضد الليرة من اي لاعب اخر، وان مصرف لبنان يمسك بيد من حديد على هذه الاحتياطيات منعاً  لاي تلاعب بالليرة.

اما بخصوص الهندسات المالية التي اطلقها مصرف لبنان والتي اجراها مع 38 مصرفاً ومؤسسة  مالية، فقد اشتملت على عملية مبادلة بين سندات خزينة بالليرة تملكها المصارف وسندات يوروبوند بالدولار يملكها مصرف لبنان من دون استخدام اية اموال عامة، وقد ساهمت هذه الهندسات في دعم الاسعار خصوصاً الاستهلاك وتعزيز موجودات المركزي بالعملات الاجنبية وتمتين القاعدة الرأسمالية للمصارف وزيادة السيولة بالعملة المحلية لتأمين احتياجات التمويل لدى القطاعين العام والخاص بالكلفة المثلى، مما ادى الى ان تحقق الودائع المصرفية نمواً سنوياً بنحو 2،7% في العام 2016 وازدادت من 3،157 مليار دولار الى 6،168 مليار دولار، وتحسين الاوضاع النقدية للحكومة ووضعية الدين العام دون اللجوء الى رفع معدلات الفوائد والذي كان احد اقتراحات بعثة صندوق النقد الدولي التي لو اخذ بها مصرف لبنان لكان اسفر عن زيادة كلفة خدمة الدين بحوالى 3،1 مليار دولار سنوياً.

وتحدث مصرف لبنان عن الاصدار الاخير الذي اجرته وزارة المالية حيث فاق الطلب على الاكتتاب ستة اضعاف المبلغ الذي تم اصداره مما فتح تدفقات نقدية هامة، فتحول العجز التراكمي لميزان المدفوعات، اللبناني البالغ 3،3 مليار دولار عام 2015 الى فائض تراكمي  قدره 24،1 مليار دولار.

ورداً على ما يحذر به كسبار من تداعيات الازمة على قيمة الليرة وعلى القطاع المصرفي ذكر مصرف لبنان بوجود مليون ونصف مليون لاجئ سوري تقدر كلفتهم باكثر من 5،14 مليار دولار، وتأثير الاضطرابات الاقليمية وتراجع الاسعار والعائدات النفطية، وخفض عملات بلدان افريقية على اللبنانيين العاملين فيها.

لكن مصرف لبنان تحدث عن ايجابيات لوضع مالي مستقر، من المتوقع ان يسجل الناتج المحلي نسبة نمو قدرها 5،2% ونسبة نمو سنوية في الكتلة النقدية سنوية قدرها 8.9% وازدياد الودائع بنسبة 8.3% وارتفاع الموجودات الخارجية لدى مصرف لبنان بنسبة 7.9 %.

واكد مصرف لبنان على متانة الوضع المالي له والذي يرتكز على نمو امواله الخاصة من 113.9 مليار ليرة (75 مليون دولار) في العام 1993 الى 5361.8 مليار ليرة في العام 2016 (او ما يعادل 3.5 مليار دولار) وقد حول مصرف لبنان الى وزارة المالية ما مجموعه 4.5 مليار دولار ما بين عامي 1993 و2016 وهذا خير دليل على ان مصرف لبنان يدر ارباحا كبيرة وان العملية المالية لم تتسبب بـ «تدهور اوضاعه المالية».

كما ان المصارف حافظت على مستويات ارباحها ولم تضعفها التطورات وعمدت الى توسيع قروضها للقطاع الخاص مستفيدة من برامج القروض التحفيزية التي اطلقها مصرف لبنان حيث تم توجيه الموارد المدخرة نحو استثمارات انتاجية.

هذا الرد وضع النقـــاط النقدية والمالية على الحروف بعد ان ظل مصرف لبنان صامتا لا يرد على التجني عليه ولكن هذه المرة حزم امره وتحــدث عن الاوضاع النقدية التي تريح المواطن بفضل الثــــقة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي تمكن من تثبيت سعر صرف الليرة اكثر من عقدين بينما كان الوضع النقدي قبله متقلبا نستيقظ صباحا على سعر لليرة وننام على سعر اخر.

ويكفي القول ومن خلال رده ان احتياطي المصرف من العملات الاجنبية هو اليوم ايجابي وليس سلبيا وان الفوائد التي يدفعها تبقى اقل سعرا من الفوائد الموجودة في دول مجاورة كتركيا ومصر.

وجاء في تقرير مصرف لبنان:

 التقرير

نظرا للتغطية الإعلامية والدعائية المضرة التي خلّفتها وثيقة أعدّها الدكتور توفيق كسبار في آب 2017 تحت عنوان «الأزمة المالية في لبنان»، برعاية مؤسسة «كونرادأديناور» و«بيت المستقبل»، يحرص مصرف لبنان على تصويب عدد من النقاط التي أثارتها تلك الوثيقة:

 1- في مقدمة الوثيقة، ينتقد الكاتب سياسة سعر الصرف التي انتهجها مصرف لبنان قائلا «بصرف النظر عن صحة سياسة تثبيت سعر الصرف بالنسبة الى اقتصاد صغير ومفتوح مثل الاقتصاد اللبناني…» ويعلّق لاحقا بقوله «لكن تكلفة هذه السياسة على الاستقرار…. تبقى باهظة». إن هذه الأقوال تناقض تماما رأي صندوق النقد الدولي، وهو المرجع الذي غالبا ما يستند إليه الكاتب. والواقع أن الكاتب تجاهل أن المدراء التنفيذيين لصندوق النقد الدولي، أثناء اختتام مشاورات المادة الرابعة للعام 2016 «وافقوا على أن السياسة النقدية يجب أن تظل موجهة نحو دعم ربط سعر الصرف، وأشادوا بمحافظة مصرف لبنان على احتياطيات دولية كافية».

2 – استعرض الكاتب الأسباب الكامنة وراء توجه لبنان نحو أزمة مالية خطيرة، ومنها على الأخص سبب رئيسي يبني عليه حجّته وهو «معدلات الفوائد السخية غير الضرورية التي يدفعها مصرف لبنان للمصارف المحلية لقاء ودائعها لديه بالدولار الأميركي» والتي لا يتم تحديدها في لبنان بحسب مؤشرات السوق.

في الواقع، إن معدلات الفوائد المطبقة في أي بلد تعكس تصنيفه الإئتماني السيادي. من هنا، لا يمكن التداول في الأسواق المالية في لبنان وفق المعدلات المطبقة في بلدان مصنفة Aمثل ألمانيا أو الولايات المتحدة والتي استند إليها الكاتب لتبرير رأيه حول «سخاء» معدلات الفوائد في لبنان، علما أن تصنيف لبنان من قبل «ستاندرد أند بورز» هو «B-».

الجدول رقم 1 أدناه يجري مقارنة بين منحنى العائد السيادي للعملة الوطنية في لبنان وفي بلدان لها تصنيف مماثل (B- ,B) وصولا إلى «BBB+ ». ويتبيّن أن المعدلات في لبنان تتراوح بين 5.35% و7.46% على آجال السنة والـ10 سنوات على التوالي. وهي معدلات جيدة مقارنةً بالمعدلات المطبقة في مصر والمتراوحة بين 18.5% و19% على الآجال الممتدة من سنة واحدة إلى 10 سنوات، ومقارنة أيضا بالمعدلات في تركيا التي تتراوح بين11.66% و10.43%. وإذا نظرنا إلى بلدان مصنفة «BBB» مثل المكسيك والهند، نرى أن المعدلات السائدة في لبنان وفي هذه البلدان متساوية، بل أفضل على بعض الآجال.

 معدلات الفوائد

أما معدلات الفائدة على العملات الأجنبية، فتحددها قوى السوق بالإستناد إلى تصنيف مخاطر البلد المعبّر عنه من خلال أسعار مبادلة مخاطر الإئتمان والعائد على سندات الخزينة الأميركية. وبما أن تداول سندات اليوروبوند في لبنان يقارب سعر الإصدار أي 100 دولار، فإن العائد على تداول هذه السندات في السوق الثانوية يعكس بدقة سعر إصدار هذه السندات في السوق الأولية.

من جهته، يتلقى مصرف لبنان التوظيفات القصيرة الأجل بالعملات الأجنبية ويدفع عليها معدلات فوائد ينشرها على صفحاته على رويترز وبلومبرغ. إن معدلات الفوائد التي يدفعها على جميع الآجال من مدة سنتين وما دون، هي أقل بدرجة واحدة من معدل ليبور على الدولار الأميركي. مثلا، تتراوح معدلات الفائدة على التوظيفات بالدولار لمدة شهر بين 1.09375% و1.18950%، وفقاً لحجمها. ويشير الجدول رقم 2 بوضوح إلى أن معدلات الفوائد التي يدفعها مصرف لبنان على الودائع الطويلة الأجل بالدولار تعتبر جيدة مقارنة بالعوائد على سندات اليوروبوند والعوائد المحددة من السوق وفق المخاطر السيادية. فعلى سبيل المثال، إن المعدلات المطبقة على التوظيفات لمدة 7 سنوات و10 سنوات تبلغ 6.0%و 6.5% على التوالي، مقابل معدل 6.36% و6.69% الذي يحدده السوق بالاستناد إلى المخاطر السيادية. تشير جميع هذه الأمثلة إلى إدارة مصرف لبنان الفعالة لعمليات الإيداع.

نستخلص مما ورد أعلاه أن مصرف لبنان لا يطبق سياسة معدلات فوائد «سخية»، باعتبار أن هذه المعدلات، بكل بساطة، تواكب وتتقيّد بمخاطر البلد. وفي مشاورات المادة الرابعة للعام 2016، يشير صندوق النقد الدولي إلى أن «تثبيت سعر الصرف هو الركيزة الإسمية المناسبة وإنه يتوجب أن يبقى مصرف لبنان مستعدا لرفع معدلات الفوائد عند الضرورة.» (تقرير الصندوق الخاص بلبنان رقم 17/19 ـ كانون الثاني 2017) .

3- إن تقديرات «الوثيقة» لموجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية غير دقيقة. فالجدول رقم 1 في هذه «الوثيقة» المُعَنوَن «مؤشرات الأزمة المالية» يظهر احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية أي فقط أصوله السائلة القصيرة الأجل كما تمّ تحديدها في الملاحظة رقم 1 للجدول(بالتحديد الودائع بالعملات الأجنبية زائد توظيفات سائلة قصيرة الأجل كتلك الموظفة في سندات الخزينة الأميركية).غير أن ميزانية مصرف لبنان العمومية تتضمن أصولا أخرى بالعملات الأجنبية متوسطة وطويلة الأجل. وقد تجاهل الكاتب هذه الأصول عمدا وذلك لتقديم حجّة واهية وخاطئة. فإذا أدخلنا هذه التصحيحات، يسجل صافي احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية رصيدا إيجابيا ملحوظا ويؤمن تغطية كافية تضمن استقرار الليرة اللبنانية والإستقرار المالي عموما.

 الهندسات المالية

4- وبخصوص العملية المالية التي قام بها مصرف لبنان، والتي بحسب الكاتب «يبقى هدفها الأكثر ترجيحا وغير المعلن هو تعزيز رأسمال مصرفين كبيرين على الأقل …»، نذكّر بأن هذه العملية أجريت مع 38 مصرفا ومؤسسة مالية. وقد اشتملت على عملية مبادلة بين سندات خزينة بالليرة تملكها المصارف وسندات يوروبوند بالدولار يملكها مصرف لبنان، بدون استخدام أية أموال عامة. ساهمت هذه العملية من ضمن سياسة نقدية توسعية في دعم الأسعار والتأثير إيجاباً على التوقعات حيث انعكس ذلك إيجاباً على مؤشر أسعارالاستهلاك. وقد تمّ تمويل هذه العملية عبر توسيع الميزانية العمومية لمصرف لبنان، وهو إجراء تلجأ إليه عادة مصارف مركزية عالمية، الأمر الذي لم تأتِ الوثيقة على ذكره بتاتا. كما تغاضت الوثيقة بطريقة غير مهنية عن التعميم الوسيط رقم 440 الصادر عن مصرف لبنان بتاريخ 8 تشرين الثاني 2016والمتعلق بهذه العمليات، والذي يطلب من المصارف أن تحتفظ ولا توزع عائدات هذه العمليات  كأرباح تطبيقا للمعيار الدولي للتقارير المالية رقم 9 (IFRS 9)  ومتطلبات نسب الملاءة. وكان لهذه العملية تأثير متعدد الأهداف والأبعاد، كما يظهر من خلال النتائج التالية:

أ- تعزيز موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية والتي بلغت مستوىً قياسياً تاريخياً قارب الـ 43 مليار دولار بعد تنفيذ العملية المالية.

ب- تمتين القاعدة الرأسمالية للمصارف، لتمكينها من التقيّد بمتطلبات الرسملة الدولية وتكوين مؤونات عامة إضافية تطبيقا للمعيار الدولي للتقارير المالية رقم 9 (IFRS 9) بحلول كانون الثاني 2018.

ج- زيادة السيولة بالعملة المحلية لتأمين احتياجات التمويل لدى القطاعين العام والخاص بالكلفة المثلى. بذلك حقّقت الودائع المصرفية نمواً سنوياً بنحو 7.2% في العام 2016 وازدادت من 157.3 مليار دولار إلى 168.6 مليار دولار. وبتوفّر هذه السيولة الجديدة بالليرة اللبنانية، سوف تتمكّن المصارف من توسيع نشاطها الإئتماني الموجه للشركات الصغيرة والمتوسطة بهدف تحفيز النشاط الاقتصادي.

د- تحسين الأوضاع النقدية للحكومة ووضعية الدين الحكومي دون اللجوء إلى رفع معدلات الفوائد، الذي كان أحد اقتراحات بعثة صندوق النقد الدولي لتعزيز موجودات مصرف لبنان بالعملات الاجنبية. ولو اعتمد هذا الإقتراح من قبل مصرف لبنان، لكان أسفر عن زيادة كلفة خدمة الدين بحوالي 1.3 مليار دولار سنويا مقابل كل زيادة بنسبة واحد بالمئة في معدل الفائدة.

ه- إن نجاح الإصدار الأخير يؤكّد مرّةً أخرى استمرار ثقة السوق بسندات اليوروبوند اللبنانية، حيث بلغ حجم الطلب على الاكتتاب 17.8 مليار دولار، أي ستة أضعاف المبلغ الذي تمّ إصداره (3 مليار دولار). ومن الإجراءات التي اتخذها المركزي لدعم هذا الإصدار، حسم شهادات إيداع أصدرها مصرف لبنان خلال تنفيذ العملية المالية، شرط إعادة الاكتتاب بالقيمة المحسومة في سندات يوروبوند لبنانية.

و- نتج عن العملية المالية تدفقات نقدية هامة، فتحوّل العجز التراكمي لميزان المدفوعات اللبناني البالغ 3.3 مليار دولار عام 2015 و1.76 مليار دولار في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2016 إلى فائض تراكمي قدره 1.24 مليار دولار في العام 2016.

ز- ارتفاع معدل التضخم السلبي من 3.75-% في 2015 الى 0.8-% بنهاية 2016 (بحسب  أرقام إدارةالإحصاءالمركزي)، وهو ما يتماشى مع أهداف سياسة مصرف لبنان النقدية بتعزيز الأسعار. إن التحوّل في نسب التضخم من سلبي وصفر لتقارب أو تفوق بقليل نمو الدخل الحقيقي، يبدّل التوقعات المستقبلية من سلبي إلى إيجابي ويحفّز بالتالي الإستثمارات في الإقتصاد الفعلي ويعزز نسبة النمو.

للتوضيح، جاء تقييم المدراء التنفيذيون لصندوق النقد الدولي أثناء اختتام مشاورات المادة الرابعة للعام 2016 على الشكل التالي:

«أثنى المدراء التنفيذيون على محافظة السلطات على استقرار الاقتصاد الكلي والثقة في ظروف صعبة للغاية، وأشادوا على محافظة مصرف لبنان على احتياطيات دولية كافية». أما بالنسبة إلى العملية المالية التي قام بها مصرف لبنان، فأكد المدراء أن «هذه العملية قد دعمت بنجاح إجمالي الاحتياطيات الدولية لمصرف لبنان ورأسمال المصارف».

5ـ يصف كاتب الوثيقة «الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان بوضع يحمل في طياته كل مكوّنات الأزمة والذي قد يتحوّل إلى أزمة مستفحلة تنسحب تداعياتها على قيمة الليرة اللبنانية وعلى القطاع المصرفي». إلا أن الكاتب تغافل عن استضافة لبنان لمليون ونصف لاجئ سوري تقّدر كلفتهم بأكثر من 14.5 مليار دولار منذ اندلاع الحرب، بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، كما يتغافل عن تأثّر لبنان من جراء الإضطرابات الإقليمية وتراجع الأسعار والعائدات النفطية، وعن تأثير خفض قيمة عملات بلدان إفريقية على اللبنانيين العاملين في تلك البلاد. ويستفيض الكاتب حول الوضع المالي لمصرف لبنان «الذي توقف عن نشر تقريره السنوي بسبب خسائر متواصلة».

أ- رغم هذه الأوضاع الصعبة، إن المؤشرات الاقتصادية الحالية في لبنان تشير الى وضع مالي مستقر كما تؤكد أرقام الإقتصاد الكلي التالية:

– من المتوقع أن يسجل الناتج المحلي في العام 2017 نسبة نمو قدرها 2.5% مقارنة بنسبة نمو 2% في العام 2016 بحسب تقديرات مصرف لبنان.

– سجل مؤشر اسعار الاستهلاك في تموز2017 ارتفاعا سنويا قدره 3.12%.

– سجلت الكتلة النقدية M3 نسبة نمو سنوية قدرها 8.09% في نيسان 2017 مقارنة بنسبة نمو 4.48% في شهر نيسان 2016 أي قبل العملية المالية.

– ازدادت الودائع بنسبة 8.3% في نيسان 2017 مقارنة بنسبة 3.8% في نيسان 2016 ومن ضمنها ودائع غير المقيمين التي سجلت نموا نسبته 8.9% في نيسان 2017 مقابل 1.52% في نيسان 2016.

– ارتفعت الموجودات الخارجية لدى مصرف لبنان بنسبة 7.9% في نيسان 2017بعد انخفاض قدره 3.4% في نيسان 2016.

– بلغ الدين الإجمالي الممسوك من السوق نسبة 93.7%من الناتج المحلي في تموز 2017 (أي بعد استخراج المحافظ الاستثمارية لمصرف لبنان والمؤسسات العامة، والإكتتابات الخارجية في إطار مؤتمر باريس 2، وسندات الخزينة الممسوكة من مصرف لبنان) .

 الوضع المالي للمركزي

ب- يلزم مصرف لبنان ، بموجب المادة 117 من قانون النقد والتسليف، بأن يرفع سنويا لوزير المالية الميزانية العمومية وحساب الارباح والخسائر وتقريرا عن عمليات المصرف. وعليه أن ينشر الميزانية العمومية والتقرير في الجريدة الرسمية. إن الوضع المالي المتين لمصرف لبنان يرتكز على نمو أمواله الخاصة من 113.9 مليار ليرة لبنانية (نحو 75 مليون دولار) في سنة 1993 إلى 5361.8 مليار ليرة في 2016 (أو ما يعادل 3.5 مليار دولار). وبموجب قانون النقد والتسليف، حوّل مصرف لبنان إلى وزارة المالية ما بين عامي 1993 و2016 ما مجموعه 6778 مليار ليرة (أي ما يعادل 4.5 مليار دولار). وهذا خير دليل على أن مصرف لبنان كان ولا يزال يدرّ أرباحا كبيرة وبشكل مطّرد وأن العملية المالية لم تتسبب بــ«تدهور أوضاعه المالية».

6- تفيد الوثيقة بأن المصارف حقّقت أرباحا ضخمة «تعزى مباشرة إلى معدلات مصرف لبنان السخية». بلغت أرباح القطاع المصرفي 1.727 مليار دولار في سنة 2015 و1.827 مليار دولار سنة 2016، ما يشير بوضوح إلى أنها لم تسجل زيادة ملحوظة. كما تفيد الوثيقة بـ«أن هذه التطورات قد أضعفت أوضاع المصارف في لبنان.» إلا أن المصارف حافظت على مستويات أرباحها، وحافظت أيضا على نفس مستويات المستحقات على المصارف غير المقيمة، أي 11.5 مليار دولار عام 2015 و11.2 مليار دولار عام 2016.

7- بخصوص استخدامات الميزانية العمومية للمصارف، فكانت المصارف عام 2008 تمسك بأكثر من 55% من الدين المحلي، ما أثّر سلبا على إنفاق القطاع الخاص. أما اليوم، فتقارب هذه النسبة 39%، مع توسيع المصارف قروضها للقطاع الخاص مستفيدة من برامج القروض التحفيزية التي أطلقها مصرف لبنان. فبفضل هذه الرزم التحفيزية، تمّ توجيه الموارد المدخرة نحو استثمارات إنتاجية انعكست بشكل إيجابي للغاية على نمو الدخل القومي منذ عام 2009.

8- أخيرا، يقول الكاتب أنه في ثمانينيات القرن الماضي، بلغ انكشاف المصارف على الدين العام 17% من مجموع الأصول المصرفية، ما ساعد لبنان على تجنّب أزمة مالية. إنما تغاضى الكاتب عن أمر هام وهو أن نسبة دولرة التسليفات ونسبة دولرة الودائع تجاوزت في أواخر الثمانينيات الـ80% والـ77% على التوالي، وأنه تمّ توظيف معظم الودائع بالليرة اللبنانية في سندات خزينة في وقت لم يكن لبنان قد باشر بعد بإصدار سندات بالدولار الأميركي.

علاوة على ذلك، وفي موضوع انكشاف المصارف على القطاع العام، لا يميّز الكاتب بين المخاطر المتصلة بالإنكشاف على أدوات الخزينة وعلى مصرف لبنان. بإعتبار إن البنك المركزي هو مصدر العملة الوطنية وإن عائدات التوظيفات التي يتلقاها مصرف لبنان بالعملات الأجنبية توظّف في أدوات ذات تصنيف استثماري. ووفقا لروحية قانون النقد والتسليف، ينتهج مصرف لبنان سياسة توظيفات متشددة لدى القيام بخياراته الاستثمارية، تأخذ بعين الإعتبار مجموعة واسعة من المخاطر كمخاطر السوق والإئتمان والطرف المقابل والسيولة والتشغيل. وبهدف تحقيق إدارة فعالة للمخاطر، يعتمد مصرف لبنان إطارا مخصصا للقرارات الإستثمارية يحدد المعايير المقبولة (حدود قصوى وضوابط) وتوزيع الأصول (محفظة مرجعية).