دمشق : «الاعمار» يمر عبر «جديدة يابوس» وليس من موسكو
«رسائل» أميركية «مفخخة»… والحزم الروسي ينهي «صفقة» التبادل
ابراهيم ناصرالدين
اكتمل «التحرير الثاني» وأسدل الستار على فصول الانتصار في الجرود مع نجاح حزب الله في استعادة اسيره لدى «داعش»، بعد تدخل روسي حاسم لدى الاميركيين المستائين من تطور العلاقات اللبنانية الروسية واندفاع الحكومة لتنويع مصادر تسليح الجيش عبر احياء مذكرات التفاهم العسكرية مع موسكو، فجاءت «الرسالة المفخخة» بالامس عبر اشاعة ذعر أمني استهدف كازينو لبنان كواحد من اهم مرافق «السياحة الاقتصادية» في البلاد الغارقة في مناورات انتخابية، وخلافات «مكهربة» على مناقصة بواخر باتت اقرب الى قصة «ابريق الزيت»… وفيما تتوجه الانظار الاثنين الى المجلس الدستوري بعد تأجيل الجلسة التي كانت مقررة امس للبت في قانون الضرائب بسبب وجود رئيس المجلس خارج البلاد، برز كلام رئيس الحكومة سعد الحريري حول دور لبنان المفترض في اعادة اعمار سوريا، وهو ما طرح اكثر من علامة استفهام حول كيفية «لعب» هذا الدور اذا ما استمر رئيس تيار المستقبل وفريقه السياسي على موقفهم من النظام السوري؟
وفي هذا السياق، اكدت اوساط وزارية بارزة رافقت رئيس الحكومة في زيارته الى موسكو، ان الجانب الروسي كان واضحا خلال محادثاته مع الوفد اللبناني في مقاربته للوضع في سوريا، وبوضوح تام تحدث بشكل خاص كل من الرئيس فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف عن الحرب في سوريا باعتبار انها باتت «وراءنا»، وكل الحوارات حول الملف السوري كان فيها ثابتتين، الاولى ان الحرب انتهت وما يحصل الان تفاصيل لتظهير التسوية السياسية، والثانية ان بقاء الرئيس الاسد في السلطة محسوم والتعامل مع هذا الامر هو امر واقع لا يستطيع احد تجاوزه…
ووفقا لتلك الاوساط، لم يقدم الرئيس الحريري اي تعهدات في سياق تطوير العلاقة مع النظام السوري، ولم يحرجه الروس بهذا الامر، لكن مجرد طرح رئيس الحكومة مسالة استفادة لبنان من مرحلة اعادة الاعمار، كان بمثابة اقرار بالامر الواقع الذي يحتاج الى ترجمة عملية لا يبدو ان الروس مستعجلين عليها، في ظل تقديرهم الواضح لظروف رئيس الحكومة وواقعه السياسي والاقتصادي الصعب…
وفي هذا الاطار، نقلت شخصية نيابية، زارت دمشق خلال الساعات القليلة الماضية، عن مصادر سورية بارزة حرصها على تطور العلاقات اللبنانية السورية ايجابا، ولكن هذا يحتاج الى خطوات عملية من الحكومة اللبنانية، ومراجعة سياسية من قبل فريق لا يزال يجاهر بالعداء للدولة السورية، وفي اشارة بالغة الدلالة حيال دور لبنان في اعادة اعمار سوريا، لم تقلل تلك المصادر من أهمية دور «الاصدقاء» الروس في ادارة هذا الملف، لكن القرار النهائي يبقى في دمشق، والطريق الى العاصمة السورية يمر بـ«جديدة يابوس» وليس بموسكو…
تحرير معتوق
في غضون ذلك، أُسدل الستار أمس على صفقة التبادل مع «تنظيم داعش» الارهابي، وعاد الاسير المحرر احمد معتوق قبل ظهر امس الى صير الغربية، معلنا انتصار «معادلة» الجيش والشعب والمقاومة»، بعد ان تسلمته المقاومة في بلدة الشولا قرب دير الزور، بعد ان تم دخول قافلة المسلحين وعائلاتهم الى مدينة الميادين السورية، وجاء الانفراج بعد سلسلة مناورات اميركية انتهت بتدخل روسي حاسم أدى الى تراجع الاميركيين عن «لعبة» ابتزاز لا طائل منها في الصحراء… ووفقا لاوساط مطلعة على تفاصيل «الصفقة»، ابلغ الجانب الروسي الاميركيين ان الاستمرار في اعاقة تقدم القافلة يعيق واحدة من اهم مراحل الحسم ضد داعش في محافظة دير الزور، وموسكو تعتبر ان «الرسالة» الاعتراضية لا تستهدف حزب الله وانما باتت تعيق عمل القوات الروسية في هذه الجبهة، وهذا يرتب مسؤوليات على الجانب الاميركي، ويحل القوات الروسية من التفاهمات في الجبهة شمال سوريا حيث تتواجد قواعد اميركية وقوات سوريا الديموقراطية المدعومة من واشنطن…
بعدها ابلغ الاميركيون الروس بانتفاء الاعتراض على مسار الباصات وسحبوا طائرات الاستطلاع الجوي من الاجواء بعد يوم واحد من استهداف ثمانية مسلحين حاولوا الهروب من القافلة… عندها استؤنفت عملية التفاوض وتبين ان عناصر التنظيم الارهابي اصطحبوا معهم الاسير معتوق من بادية حمص الى داخل دير الزور خلال فرارهم أمام تقدم مقاتلي حزب الله والجيش السوري…
وبرأي تلك الاوساط، يمكن استخلاص ثلاث امور اساسية من مجريات الصفقة، الامر الاول يرتبط بنجاح فريق حزب الله الامني المتخصص بمتابعة الملف السوري بادارة الازمة بنجاح وهذا يدلل على عمق الخبرة المكتسبة في مواجهة هذا التنظيم الارهابي الذي لم يفاوض يوما على أسير… الامر الثاني يتعلق بتطور العلاقة الثنائية بين حزب الله والجانب الروسي الذي وضع ثقله في هذا الملف… اما الامر الثالث فيرتبط باهمية العناصر المنسحبة من القلمون بالنسبة لقيادة «داعش»، فالتنظيم لم يعر سابقا اي اهتمام لاي عملية تبادل، لكن وزن تلك القيادات واهمية المهمة التي كانت موكلة اليها في الجرود، جعلها موضع اهتمام القيادة المركزية «للتنظيم»…
«رسائل» اميركية
شككت اوساط أمنية في خلفيات تحذيرات السفارة الاميركية في بيروت حيال مخاطر محدقة بكازينو لبنان، وأكدت ان «عوكر» لم تزود الاجهزة الامنية اللبنانية بأي معلومات حيال وجود تهديد امني محدد، كما ان السلطات الامنية اللبنانية لم تبلغ السفارة الاميركية بوجود خطر مماثل، وما تزال الاجهزة الامنية المناط بها حماية هذا المرفق السياحي تعمل وفق الاجراءات المعتادة ولم تلحظ وجود اي تطورات غير اعتيادية…
وفي هذا الاطار اكدت مصادر وزارية، ان هذا النوع من التحذيرات ليس الاول، لكن توقيته يثير علامات استفهام حول «الرسالة» السياسية غير الودية التي تقصدت السفارة ارسالها الى لبنان، بعد ساعات على عودة الوفد الحكومي من موسكو، وتصدر المحادثات مسألة تسليح الجيش بسلاح روسي… وليس مستبعدا برايها ان تكون التحذيرات الاميركية التي تستهدف تعطيل احد اهم المرافق السياحة المالية، «رسالة» اعتراض غير ودية على خروج الحكومة عن التفاهمات السابقة التي تحصر تسليح الجيش بالجانب الاميركي…
وكانت رسائل نصية وصلت من السفارة الاميركية الى رعاياها في لبنان تدعوهم فيها الى عدم التوجه الى الكازينو في هذه الفترة حفاظاً على سلامتهم، وبناء على هذا التحذير الغت السفارة المكسيكية الاحتفال السنوي بعيد الاستقلال الذي كانت ستقيمه في الكازينو…. من جهته أكد رئيس مجلس إدارة كازينو لبنان رولان خوري في بيان، أن «الإجراءات المتخذة من قبل السفارة الأميركية في بيروت روتينية وشدد على ان الكازينو مستمر بنشاطاته بشكل اعتيادي ويفتح أبوابه وصالاته وسط إجراءات أمنية كفيلة بحماية رواده…
لا انتخابات مبكرة؟
في غضون ذلك استبعدت اوساط نيابية بارزة احتمال تقريب موعد الانتخابات النيابية بسبب عدم جهوزية تيار المستقبل لخوض غمار انتخابات مبكرة، فالصعوبات المالية لا تزال على حالها، ويحتاج رئيس الحكومة عدة اشهر لتعزيز وضعية تياره السياسي، وكان اول «الغيث» حصوله على حصة «الاسد» في التوظيفات في «اوجيرو»… وبحسب تلك الاوساط فان الاتفاق بين «التيارالازرق» والتيار الوطني الحر على اعطاء فرصة كافية للحريري لترتيب «بيته الداخلي» قبل خوض الانتخابات، ما يزال ساري المفعول، وهو يعد جزءا اساسيا من التسوية الرئاسية… وفي هذا السياق لا يبدو ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري في وارد خلق مناخات تشنج في البلاد، ولا يرغب في حشر رئيس الحكومة، وهو اطلق دعوته لتقريب موعد الانتخابات لهدفين اثنين، اولا حث جميع الاطراف على وقف «الميوعة» السياسية وتشكيل الهيئة العليا الناظمة للانتخابات، وهذا ما حصل في جلسة الحكومة… اما الهدف الثاني فهو إخراج البلاد من دائرة النقاش العقيم حول معركة الجرود واحداث آب 2014، ونقل النقاش الى «مربع آخر»…
مجلس الوزراء
يمكن القول ان ملف الكهرباء انتهى على طريقة «لا غالب ولا مغلوب» بعد ان أكد مجلس الوزراء على قراره باطلاق مناقصة الكهرباء حسب دفتر الشروط المعدل الذي احاله وزير الطاقة سيزار ابو خليل الى ادارة المناقصات والمتضمن التعديلات كافة التي طرحها الوزراء مع اضافة خيار تأمين الارض من قبل الدولة عند توافر الشروط الفنية وفقا لتقدير وزير الطاقة… وهذا الحل جاء بعد نقاشات صاخبة دفعت رئيس الحكومة الى التلويح بالتصويت على القرار، ثم تراجع بعد التفاهم على «المخرج»، على ان يلتقي اليوم مدير المناقصات جان العلية للطلب منه اطلاق المناقصة..
وبعد تجاهله للانتخابات الفرعية التي اصبحت في «خبركان» ، عين مجلس الوزراء هيئة الاشراف على الانتخابات والمكونة من نديم عبد الملك رئيسا للهيئة ونهاد جبر نائباً للرئيس، اما الاعضاء فهم: عوني رمضان، جورج موراني، فليب أبي عقل، موفق اليافي، كارين جعجع، سيلفانا اللقيس، عطاالله غشام، أندرية صادر واردة أكمرجي، للتأكيد على الجدية في اجراء الانتخابات في موعدها، كما تقرر عقد جلسة استثنائية في السراي الحكومي مساء الأحد المقبل لاستكمال جدول الاعمال…
وفي موقف يعكس ارباك الحكومة، اوضح وزير الاعلام ملحم رياشي بعد الجلسة ان وزير السياحة افيديس كيديان عرض موضوع احتفال النصر بتفاصيله وكان لديه ستة ايام ورئيس الجمهورية سيسافر الى نيويورك للمشاركة في الجمعية العامة للامم المتحدة، من هنا ولضيق الوقت لم يتمكنوا من تحضير كل الترتيبات في هذا الموضوع، الى الجانب الترتيبات الامنية واللوجستية، لافتاً الى ان ضيق الوقت منع من انجاز الامر وهو سيقام بعد عودة الرئيس!؟.
وفي مستهل الجلسة، تحدث عون عن عملية فجر الجرود واكد ان «التحقيق الذي فتح ضروري وبديهي وواجب مستغرباً محاولة إغراقه في المستنقع السياسي، وشدد على ان «التحقيق هو عسكري ولا يستهدف احداً وهدفه معرفة ما حصل وطمأن أهالي الشهداء… من جهته، تحدث الحريري عن نتائج زيارته الى موسكو مشددا على التعاون الذي حرص القادة الروس على اظهاره للبنان في المجالات الاقتصادية والسياحية كما توقف عند حماسة الجانب الروسي الى الاستثمار في مجال الطاقة. كما تناول البحث التعاون في المجال العسكري. ولفت الى ان قيادة الجيش ستتولى التواصل مع الجانب الروسي للبحث في هذه المسألة..كما دعا الى وقف الجدل الذي يتناول بعض ملابسات عملية الجرود…