عون يعتبر ان العهد يبدأ بعد الانتخابات وصراع ميقاتي ــ الحريري على الحكومة
حزب الله يريد سعد ومراد وكرامي والقوات والعونيون يريدان نوابهم بلا منّة امل والاشتراكي
رضوان الذيب
الانتخابات النيابية المقبلة هي الانتخابات الأبرز في تاريخ لبنان مع اعتماد النسبية والصوت التفضيلي، وستشهد معارك عنيفة في كل الدوائر ستسقط فيها كل المحرّمات، خصوصا ان الصوت التفضيلي يجعل كل طرف يفتش عن حصته أولا قبل حلفائه في اللائحة وعلى ضوء نتائجها، ستحدد احجام المرحلة القادمة في ضوء تصريح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان العهد وانجازاته سيبدآن بعد الانتخابات النيابية، وهذه رسالة واضحة للجميع وتحديدا للرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط اللذين سيسخران كل امكاناتهما في المعركة للحفاظ على الاحجام والادوار كما ان البيت الجنبلاطي يمر في مرحلة مفصلية لجهة انتقال الزعامة والحياة النيابية من وليد جنبلاط الى نجله تيمور، وبالتالي فان النائب جنبلاط مصر على ان يبدأ نجله حياته السياسية بكتلة نيابية تضم عشرة نواب، وهذا ما يسعى اليه الرئيس نبيه بري أيضا، فالرئيس بري وجنبلاط يشكلان حلفا قويا والاتصالات يومية عبر الفاكس والانترنت والموفدين ويناقشان كل التفاصيل، ولن يسمحا للرئيس ميشال عون الحصول على كتلة نيابية وازنة تتحكم بعمل المجلس النيابي بعد الانتخابات، ولذلك فان تحالف بري وجنبلاط سيواجه اللوائح العونية في كل الدوائر من جزين حيث للرئيس بري ثأر قديم، علماً ان للقوات اللبنانية مرشح في جزين هو عجاج حداد، كما سيقود بري مواجهة مع اللوائح العونية في بيروت ودائرة مرجعيون – حاصبيا ودائرة البقاع الغربي، كما ان النائب وليد جنبلاط سيواجه العونيين في دائرة الشوف – عاليه، وبعبدا والبقاع الغربي وحاصبيا وسيتحالف مع القوات اللبنانية في دائرة عاليه – بعبدا، حيث سيكون للقوات مرشحان عن المقعد الأرثوذكسي في عاليه، والمقعد الماروني في الشوف، وسيترك النائب جنبلاط المقعد الدرزي الثاني في عاليه للنائب طلال أرسلان، وفي الشوف حسم المقعد الدرزي الثاني لمروان حماده، بعد ان رفض النائب جنبلاط تسمية نجل حماده كريم وقال بالحرف الواحد «ملتزم بمروان حماده وليس بغيره وحتى بنجله». ورغم العلاقة المتوترة بين النائب جنبلاط وطلال أرسلان بعد ان فتح العهد ورئيس الحكومة أموال صندوق المهجرين لارسلان الذي يقوم بتوزيع الأموال في مناطق عاليه وطريق الجديدة وعكار بطلب من الرئيس سعد الحريري وفي مناطق عونية، وهذا ما اثار استياء النائب وليد جنبلاط، لكن الرئيس الحريري اصر على دفع الأموال. ورغم ذلك، فان جنبلاط والاعتبارات الدرزية سيترك المقعد الدرزي الثاني في لائحته الى أرسلان الذي زاره في كليمنصو.
وكذلك جرت محاولات لترتيب لقاء بين الوزير جبران باسيل ومسؤولين اشتراكيين باءت بالفشل، ولم تنجح كل المحاولات لتشكيل لائحة الأقوياء في الشوف وعاليه عبر ضم جميع القوى السياسية فيها، وبالتالي سيخوض العونيون المعركة ضد جنبلاط وبالتحالف مع القوى الأخرى في 8 اذار كما رفض باسيل فكرة إعطاء المقعد المسيحي لجنبلاط في البقاع الغربي، واعلن انه سيخوض المعركة ضد تحالف بري وجنبلاط ومرشحهما وائل أبو فاعور وقبلان قبلان. علما ان الرئيس الحريري بحاجة الى أصوات جنبلاط الدرزية في البقاع الغربي، ولم يحدد موقفه بعد.
كما ان الرئيس الحريري لم يعلن بعد موقفه من دائرة الشوف وعاليه لكنه قال بوضوح لن اخوض معركة ضد التيار الوطني الحر ويستند الرئيس الحريري في كلامه الى قوته السنيّة في إقليم الخروب. ورغم اللقاء الذي جمع الحريري وجنبلاط في قريطم وتطرق الى العلاقة بينهما بكل تفاصيلها، لكن جنبلاط اعطى تعليمات لطلابه في الجامعة الأميركية بالتحالف مع قوى 8 اذار ضد المستقبل والقوات.
حلف بري وجنبلاط سيواجه حلف الرئيس ميشال عون وسيعطي جنبلاط لبري المقعد الدرزي في حاصبيا والأرجح عودة النائب أنور الخليل. فبري وجنبلاط لا يريدان ان يسيطر عون على الحياة السياسية بفعل قوته كرئيس للجمهورية وتأييد عدد كبير من النواب للرئيس ميشال عون، خصوصا ان النائب جنبلاط متحسس جدا من قوة عون في الجيش اللبناني، في ظل النقزة التاريخية لآل جنبلاط من الجيش اللبناني وحكم العسكر، وان الرئيس ميشال عون بنفوذه الكبير في الجيش وقيادته وهو من سمّى العماد جوزف عون لقيادة الجيش، وبالتالي، فان جنبلاط يخشى من حكم شبه عسكري طوال حكم الرئيس عون عبر الجيش اللبناني ويتحول الجيش الى قوة استراتيجية للعهد ومشاريعه.
وبالإضافة الى الخلاف بين محور بري وجنبلاط من جهة ورئيس الجمهورية من جهة ثانية، فان الانتخابات ونتائجها ستحدد اسم رئيس الحكومة المقبلة، وستشهد صراعا بين الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي على اسم رئاسة الحكومة، فالحريري يعاني أوضاعا صعبة في بيروت وصيدا والبقاع الغربي، لكن الطامة الكبرى ستكون في عاصمة لبنان الثانية طرابلس، حيث النفوذ القوي والاساسي للرئيس نجيب ميقاتي، الذي سيقود كتلة نيابية وسيتمكن من خلال قوته الشعبية حصد النتائج، وباستطاعة الرئيس نجيب ميقاتي الانفتاح على سوريا والبحث في موضوع النازحين السوريين، وتأمين عودة 750 الف نازح من اصل مليون ونصف نازح، ولذلك فان معركة الشمال ستحدد اسم رئيس الحكومة القادم في ظل صراع ميقاتي – الحريري وفيصل كرامي لكن كلمة الرئيس ميشال عون ستبقى الحاسمة في هذا الاطار.
كما ان الرئيس سعد الحريري سيواجه وضعا صعبا في مدينة صيدا، في ظل الدعم المطلق من حزب الله وحركة امل للنائب السابق أسامة سعد، وباستطاعة حزب الله التأثير على التيار الوطني الحر لدعم سعد، كما ان حزب الله سيصبّ كل قواه لدعم النائب السابق عبد الرحيم مراد في البقاع الغربي ضد مرشح الحريري، وكذلك الوزير السابق فيصل كرامي وسيسهّل له كل اشكال الدعم، وهذا ما سيزيد من مشاكل الرئيس سعد الحريري.
لكن الملف الأساسي في الانتخابات المقبلة سيبقى ملف بري وجنبلاط اللذين يدركان حجم الهجوم عليهما ورغم التحسن الذي طرأ على العلاقة بين عون وبري مؤخرا وإعلان بري «صافي يا لبن» فانه حتى الان ما زال يمتنع عن زيارة الرئيس ميشال عون كل اربعاء عملا بالعرف في هذا المجال، واستعاض عن ذلك بعقد لقاء الأربعاء النيابي، وبالتالي، فان العلاقة بين عون وبري ستبقى محكومة بالتوترات في المقابل، فان رئيس الجمهورية زار الشوف وترأس قداسا في دير القمر ولم يلتق جنبلاط وهذا الامر لم يحصل سابقا، حيث كان جنبلاط على رأس المستقبلين لرئيس الجمهورية عند كل زيارة للجبل، حتى ان زيارات النائب جنبلاط لقصر بعبدا معدودة.
هذا بالإضافة الى ان العلاقة بين التيار الوطني والمردة لم تتطور إيجابا، واعلن المردة انهم سيخوضون المعركة في بعبدا ضد التيار الوطني ويراهنون على دعم بري عبر الصوت الشيعي في الضاحية الجنوبية والصوت التفضيلي، وربما أدى ذلك الى مفاجآت في بعبدا، كما ان التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية سيتحالفان في بعض الدوائر فقط، وقال الدكتور سمير جعجع اثناء زيارته لزحلة: «القانون الحالي يسمح للقوات اللبنانية ان تقود المعركة منفردة دون حلفاء»، حيث القوات اللبنانية جازمة بأن حصتها سترتفع بعد الانتخابات، فالقوات والعونيون يريدان حصتهما النيابية كاملة دون منة أمل والاشتراكي وأي فريق آخر، واستعادة النواب المسيحيين من كتلتي بري وجنبلاط.
وفي ضوء هذه الصورة الانتخابية، سيكون الاستحقاق الانتخابي القادم مفصليا، ويحدد من يتحكم في البلاد في ما تبقى من سنوات عهد الرئيس ميشال عون، ويبقى الثنائي الشيعي وحده مرتاحا في مناطقه رغم دخول القوت اللبنانية على دائرة بعلبك ? الهرمل وإعلان مرشحها مستندة الى الصوت المسيحي الوازن في هذه الدائرة وكذلك الصوت السنّي، كما ان القانون يسمح لشخصيات وقوى سياسية مستقلة بالوصول الى المجلس النيابي عبر الصوت التفضيلي وتشتت أصوات الكبار.