Site icon IMLebanon

بعدما خرقتها اسرائيل جبهة القتال باتت من الناقورة الى القنيطرة

بعدما خرقتها اسرائيل جبهة القتال باتت من الناقورة الى القنيطرة

الرد بالتنسيق مع القيادة السورية وفق شجاعة القرار وحكمة المكان

هل سقط الشهداء نتيجة استهتار وخطأ بشري ام عوامل غير معروفة؟

كتب شارل أيوب

بعدما اقدمت اسرائيل على قصف سيارات مدنية رباعية الدفع وليست عربات عسكرية مجهزة في منطقة القنيطرة السورية المحررة، فان الجبهة لم تعد تقتصر على حدود لبنان مع فلسطين المحتلة.

وما كانت اسرائيل تعتبره جبهة شمالية من الناقورة الى شبعا، باتت الجبهة الشمالية لاسرائيل الان من الناقورة الى جبهة الجولان.

واذا كانت اسرائيل ارادت من قصف سيارات حزب الله في الجولان ارسال رسالة الى المقاومة بأن هذه المنطقة خط احمر، فالذين يعرفون الحقائق الميدانية يعلمون تماما، ان المقاومة متواجدة في الجولان بالتنسيق مع القيادة السورية، كما حصل لدى دخول حزب الله الى سوريا والقتال ضد داعش وجبهة النصرة، فان هذا الامر تم بالتنسيق مع القيادة السورية، وبات محور القتال بين معادلة حزب الله وسوريا وايران وروسيا مقابل اسرائيل و«داعش» و«جبهة النصرة» وواشنطن.

من هنا، فان قواعد الاشتباك تغيرت الآن، ذلك ان الصراع الاسرائيلي مع حزب الله كان غير مباشر على الاراضي السورية، من خلال قيام اسرائيل بقصف ما تسميه امدادات سلاح من الأراضي السورية الى لبنان. وكانت تعتدي على السيادة السورية وتدعي انها قصفت أسلحة مرسلة الى حزب الله. اما بعد عملية الاغتيال التي تمت في الجولان، فان قواعد الصراع تغيرت. وقد قال السيد حسن نصرالله امين عام حزب الله ان الاعتداء على سوريا، هو اعتداء على محور المقاومة. وبالتالي، من حق محور المقاومة من حزب الله الى سوريا وايران الرد على اسرائيل، فكيف الامر اذا اغتالت اسرائيل 6 شهداء من حزب الله واغتالت ضابط اًمن الحرس الثوري الايراني برتبة عميد في هضبة الجولان المحررة؟

لذلك، فان الرد انما يكون ضمن دراسة وشجاعة وحكمة، وقد يكون من الجولان باتجاه الجولان المحتل والمستعمرات الاسرائيلية. انما للمقاومة حساباتها ودراساتها، فلا بد من التنسيق مع القيادة السورية في كيفية الرد واحتمال اندلاع الحرب على مدى الجبهة الشمالية كلها لاسرائيل، اي لفلسطين المحتلة من الناقورة الى مقابل جبل الشيخ وحرمون.

وعندما قصفت اسرائيل شحنة اسلحة لحزب الله ردت المقاومة بوضع عبوة متفجرة كبيرة في منطقة مزارع شبعا، ادت الى جرح ضابط وجندي من دورية اسرائيلية، واعلن السيد حسن نصرالله مسؤولية المقاومة عن هذه العملية ولم ترد اسرائيل عليها.

خطأ بشري واستهتار ام عوامل غير معلومة وسرية؟

في منطقة مكشوفة في الجولان، وعلى مدى نظر الجيش الاسرائيلي على التلال ووجود ردارات واحدث الاجهزة الالكترونية، مرت سيارات حزب الله على القوات الدولية والمسماة «اندوف» والتي تفصل منطقة فك الاشتباك بين الجيش السوري والجيش الاسرائيلي، واجتازت هذه السيارات حاجز القوات الدولية، متجهة نحو بلدة مزرعة الامل. وكانت طائرات من دون طيار تراقب المنطقة على مدى الساعات كلها. ثم انطلقت طائرة هليكوبتر من طراز اباشي الاميركية والتابعة للسلاح الجوي الاسرائيلي لتقصف بالصواريخ مع اجهزة الليزر، سيارات شهداء حزب الله التي كانت تمر في وضح النهار عند الواحدة والنصف ظهراً، فاصيبت السيارات بالصواريخ واستشهد من فيها.

يجري حاليا تحقيق حول الموضوع، عما اذا كان خطأ بشرياً ام عوامل سرية يعرفها القادة الميدانيون، عن سبب اجتياز سيارات الشهداء في وضح النهار هذه الطريق، وما هي الاسباب التي دعت الشهداء الى الذهاب في وضح النهار الى منطقة مكشوفة من الجيش الاسرائيلي الذي يمتلك احدث الاسلحة الالكترونية والطائرات من دون طيار وطائرات هليكوبتر حربية. وأغلب الظن حتى الان، ان المنطقة هي منطقة عربية سورية محررة، والسيارات مرت على القوات الدولية «الاندوف» ولا تحمل صواريخ كاتيوشا أو رشاشات ثقيلة، أو أي اشارة للقيام بعمل ضد اسرائيل. والمعلوم ان المقاومة متواجدة في الجولان، وستظهر النتائج ما اذا كان خطأ بشرياً ام عوامل سرية لن يتم الكشف عنها، دعت القادة والشهداء الى سلوك هذه الطريق في وضح النهار.

انما نحن الآن أمام مرحلة جديدة، فاسرائيل بعد هذه العملية فتحت جبهة مع المقاومة في الجولان، واصبح حزب الله طليق اليد في الرد والاشتباك مع الجيش الاسرائيلي على جبهة الجولان، لأن حزب الله كان متواجدا فقط على الحدود اللبنانية ـ الاسرائيلية، انما اليوم بعد العملية الاسرائيلية، بات موجوداً من الناقورة الى جبهة الجولان، والاشتباك الصاروخي مـع العدو الاسرائيلي مفتوح في كل لحظة وعلى كل الاحتمالات.

قائد الحرس الثوري: الرد سيكون مدمراً

نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية عن مسؤول أمني إسرائيلي كبير تحدث لوكالة «رويترز» أن إسرائيل لم تكن تقصد استهداف الجنرال الإيراني الذي استشهد في الغارة على منطقة القنيطرة السورية يوم الأحد بالاضافة إلى كوادر «حزب الله» الخمسة. وأوضحت الصحيفة أنها كانت تعتقد استهداف مقاتلين من «حزب الله» على مستوى قيادي أقل، وليس الجنرال الإيراني» على حد قولها.

وتعقيبا على الغارة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان التي أودت بحياة عميد في الحرس الثوري الإيراني و6 من عناصر حزب الله اللبناني، أصدر القائد العام للحرس الثوري الإيراني، محمد علي جعفري، بيانا جاء فيه أن على إسرائيل أن تنتظر «عاصفة مدمرة».

وحسب وكالة فارس للأنباء المقربة من الحرس الثوري الإيراني، أكد جعفري أن «الحرس الثوري لن يتخلى عن هدفه بالقضاء على جرثومة الفساد الإسرائيلي»، على حد تعبيره. وأضاف جعفري أن مقتل أحد قادة الحرس الثوري في سوريا يؤكد عدم جواز الابتعاد عن «الجهاد». وأكد أن الحرس الثوري «كان حاضرا في ساحات القتال في لبنان وفلسطين من قبل».

وهذه المرة الأولى التي يؤكد فيها قائد إيراني حضور قوات بلاده في معارك لبنان وفلسطين، وقبل ذلك كانت إيران تنفي حضور قواتها في المعارك، وتؤكد أن دعمها يقتصر على الدعم السياسي والتقني لما يسمى «محور المقاومة».

وكان وزير الدفاع الإيراني، العميد حسين دهقان، أيضا قد دان ما وصفه «بالعمل الإرهابي الذي قامت به إسرائيل في الجولان السوري». وقال الوزير الإيراني خلال استقباله وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، في طهران، يوم الثلاثاء، إن هذا الهجوم هو «استمرار للجرائم الإسرائيلية في فلسطين وسوريا والعراق ولبنان، ويشكل دعما صريحا للإرهابيين التكفيريين».

وكان أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، الأميرال علي شمخاني، قد أكد، أن المقاومة سترد بقوة على العدوان الإسرائيلي في القنيطرة في المكان والزمان المناسبين لها. واعتبر شمخاني، خلال استقباله وزير الداخلية العراقي، محمد سالم الغبان في طهران، أن اعتداء القنيطرة يأتي في إطار «استمرار التعاون بين الكيان الإسرائيلي والجماعات الإرهابية، على حد تعبيره.

كيف تتعاطى الصحف الاسرائيلية؟

في غضون ذلك، نشرت إسرائيل وحدات نخبة مختصة في تحرير الرهائن والاشتباك السريع، في محيط المستوطنات الاسرائيلية الشمالية. ويأتي ذلك وسط مخاوف اسرائيلية من ردود فعل انتقامية من حزب الله ردا على هجوم جوي في الجولان السوري، قتل فيه ستة من كوادر حزب الله وضباط في الحرس الثوري الإيراني.

هذا وتجتمع الحكومة الأمنية المصغرة في إسرائيل للبحث في الواقع الميداني على الجبهة الشمالية، عقب عملية الاغتيال التي نفذتها إسرائيل الاحد الماضي في منطقة القنيطرة السورية.

وفرضت إسرائيل قيودا على تحليق الطيران المدني في الأجواء الشمالية، ونشرت بطاريات القبة الحديدية، الى جانب رفع حالة التأهب، خاصة في الثكنات العسكرية بهضبة الجولان المحتلة، التي شهدت أيضا نشر المزيد من بطاريات المدفعية الثقيلة والدبابات. كما ألغيت الإجازات للجنود الإسرائيليين الموجودين في المنطقة الحدودية الشمالية.

إسرائيل رفعت حالة التأهب العسكري داخليا وخارجيا، خاصة انها تستعد لإجراء انتخابات عامة بعد أقل من شهرين. وقال المحلل العسكري الإسرائيلي، إيال عليمة: «لم تسقط إسرائيل من حساباتها على الأغلب أن توجيه ضربة موجعة ونوعية إلى حزب الله، قد يوّلدُ رداً تمتد احتمالاته من عمليات حدودية محدودة، مرورا بهجمات في الخارج، وصولا الى السيناريو الأخطر اندلاع حرب شاملة، ومن هنا تم اختيار الجولان السوري لتنفيذ الاغتيال، لا الأراضي اللبنانية، لمنع تدهور الأمور سريعا إلى حرب».

وتابع: «تخشى إسرائيل أن يحاول حزب الله استهداف آليات عسكرية في الجولان أو مزارع شبعا تحديدا، كما سبق وفعل في آذار الماضي. وتدعي إسرائيل منذ فترة بعيدة أن حزب الله ينشط على جبهة الجولان، لكنها تميل إلى الاعتقاد بأنه غير معني بحرب، حاليا. واللافت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يكرر ما حدث في المعركة الانتخابية الماضية حيث اغتالت إسرائيل احمد الجعبري وشنت حربا على غزة حملته الى سدة الحكم». وأضاف: «تبدو إسرائيل كمن يلعبُ بالنّار إن جاز التعبير، بدون أن تعرف إن كان ذلك سيشعل حريقا شاملا أم يتسبب بحرائق صغيرة هنا أو هناك، لكن الواضح أن ما يجري يشكل وقودا للمعركة الانتخابية في إسرائيل».

الى ذلك، أكدت مصادر إطلاق الجيش الإسرائيلي طائرة صغيرة بدون طيار تحلق فوق معبر القنيطرة مخترقة خط وقف إِطلاق النّار.

ويبدو أن الطائرة أطلقت بهدف القيام بمهمة تصوير في المنطقة، وذلك يعد خرقا لاتفاق الهدنة الذي يحظر على الطرفين السوري والإسرائيلي اقتراب أي طائرات أو آليات عسكرية منه بحسب الأمم المتحدة.

وكان فرحان حق المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أكد أن القوات الدولية المكلفة مراقبة خط الهدنة، قد لاحظت عبور طائرتين من دون طيار من الجانب الإسرائيلي باتجاه الجانب السوري قبل تصاعد سحب دخان في العمق السوري، معتبراً أن الغارة الأخيرة تمثل انتهاكا لاتفاقية فصل القوات بين الإسرائيليين والسوريين الموقعة بين الجانبين عام 1974. وتجنب المتحدث الأممي -الذي كان يتحدث في مؤتمر صحفي بمقر الأمم المتحدة في نيويورك – الإشارة إلى مصدر أو جنسية الطائرات المغيرة، مؤكدا أن الأمم المتحدة في حاجة إلى مزيد من المعلومات بشأن جنسية الطائرات التي نفذت الغارة، داعيا إلى التزام الهدوء في المنطقة التي تشهد حالة من التوتر.

كذلك افيد أن الجيش الإسرائيلي وضع منتجع جبل الشيخ بالجولان السوري المحتل تحت السيطرة الأمنية الكاملة، مضيفا أنه نشر تعزيزات في محيط المنتجع ومدفعية ثقيلة وراجمات الصواريخ شمال هضبة الجولان المحتلة تحسبا لرد محتمل من قبل حزب الله.

بري: حزب الله يحدد المكان والزمان للرد

قال الرئىس نبيه بري امام زواره: «ما حصل في القنيطرة ان نتانياهو يقترع بدم اللبنانيين بعد ان اقترع في فرنسا بدم اليهود الفرنسيين، وقد يربح الانتخابات النيابية في اسرائىل لانه يعتمد هذا الاسلوب.

واضاف بري: «لقد تظاهر ضد الارهاب في باريس، بينما مارسه في القنيطرة».

وقال بري أمام زواره: «ان حزب الله لا يقدم ورقة سياسية او امنية لاسرائىل وهو الذي يقرر تحديد المكان والزمان للرد، وليس اسرائىل».

تشييع الشهداء في قرى الجنوب

على صعيد آخر، شيع حزب الله شهداءه الذين سقطوا في الغارة الاسرائىلية وسط حشد شعبي. فبعد تشييع الشهيد جهاد مغنية امس الاول، شيع حزب الله امس الشهيد القائد محمد احمد عيسى في عربصاليم في حضور رسمي وشعبي. كما شيعت الخيام الشهيد غازي علي الضاوي، وودعت بلدة يحمر ـ الشقيف الشهيد حسن ابراهيم. اما بلدة الغازية فستودع اليوم ابنها الشهيد حسين حجازي ووالده عباس حجازي الذي توفي بعد استشهاد ابنه.

على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة

اما اسرائيل، فقد رفعت من منسوب استنفارها على الحدود الجنوبية. واكد رئيس الاركان الاسرائيلي ان الجيش الاسرائيلي انهى استعداداته وجهوزيته لكل الاحتمالات على الحدود مع لبنان وسوريا، كما حلقت طائرات مروحية ليلا والقت بالونات حرارية وقنابل مضيئة. وقد حوّلت اسرائيل سير الطائرات المدنية فوق المنطقة الشمالية ونصبت المزيد من بطاريات صواريخ نظام القبة الحديدية، كما نشرت وحدات من قوات تحرير الرهائن واتخذ الجيش الاسرائيلي احتياطات، بعد سماع اطلاق رصاص من الجانب اللبناني تبين فيما بعد أنه ابتهاجا بتشييع الشهداء، وهذا يدل على مدى التوتر الاسرائيلي.

تقارير امنية: لا تحركات غير عادية على الحدود

وبحسب مصادر امنية لبنانية، فان الساعات الماضية لم تسجل اي تحركات غير عادية من جانب قوات الاحتلال الاسرائيلي على طول الحدود مع لبنان. ولاحظت المصادر وفق التقارير التي جمعتها الجهات المعنية، ان الجانب الاسرائيلي خفف من تواجده ودورياته على طول الخط الازرق مع لبنان، باستثناء بعض الدوريات في مزارع شبعا. كما أن حركة المستوطنين باتجاه المناطق القريبة، بما في ذلك باتجاه المناطق الزراعية، سجلت تراجعا في الـ 24 ساعة الماضية. واشارت الى ان قوات اليونيفيل عززت من تحركاتها ودورياتها في الساعات الماضية، في سياق الاحتياطات التي تقوم بها، تحسبا لاي تطورات. واعتبرت المصادر ان استمرار الهدوء على الجبهة الجنوبية يتوقف على مدى التزام قوات الاحتلال بعدم القيام بأي خروقات او اعتداءات على لبنان.