الحرب الدولية على «داعش» خلال أيام في العراق وسوريا
المنطقة تدخل مرحلة جديدة وخطرة و«تنظيم الدولة» مهدد
رئيس الأركان الاميركي : واشنطن قد تنزل جيشها في ساحة المعركة
المنطقة على فوهة بركان، وتنتظرها احداث كبرى وسيناريوهات ترسم عن حدود دول جديدة وازالة دول قائمة، حيث رائحة «البارود» و«قرقعة السلاح» تعبق في اجواء المنطقة «مبشرة» بحرب دولية جديدة في المنطقة وتحالف اميركي تحت شعار القضاء على الدولة الاسلامية – «داعش» بقيادة الولايات المتحدة الاميركية، فيما هذا الشعار يثير قلق «وهواجس» المعارضين للتحالف وان يطال القصف تحت ذريعة القضاء على «داعش» في سوريا قواعد النظام السوري ومنصات صواريخه وهذا ما حذرت منه روسيا وايران وموسكو.
التحالف الدولي العسكري الذي بدأ حربه عام 1990 في 2 آب جاء بعد دخول صدام حسين الى الكويت، وكان التحالف يحظى بدعم دول العالم الذي كان يعيش تداعيات سقوط الاتحاد السوفياتي واحادية الموقف الاميركي وشاركت فيه سوريا ومعظم دول العالم، وادى الى ضرب الجيش العراقي وانسحابه من الكويت وسقوط مئات الاف القتلى العراقيين بعد استخدام جميع أنواع الاسلحة من قبل قوات التحالف الدولي يومها.
اما التحالف الدولي العسكري الثاني وبقيادة الولايات المتحدة الاميركية ضد العراق فبدأ التحضير له بعد احداث 11 ايلول 2001، حيث بذل الرئيس الاميركي جورج بوش كل جهوده لتأمين اكبر حشد دولي لضرب الارهاب في العراق واتهام القاعدة بالوقوف وراء الهجوم واتهام صدام حسين بايواء القاعدة، وبدأ الهجوم الدولي الجوي والبحري والبري في 20 آذار 2003، واستمرت تداعياته حتى 15 ايلول 2011 وادى الى الاطاحة بصدام حسين وسقوط الاف القتلى وحل الجيش العراقي وبداية عهد جديد في العراق. كما ان التحالف الدولي الجديد يشبه التحالف الدولي ضد القاعدة في افغانستان.
لكن المفارقة ان واشنطن تسعى الى التحالف الدولي الحالي عبر مؤتمر جدة ومؤتمر باريس، وهي تدرك ان العالم يشهد انقسامات وعودة الى الحرب الباردة وتدخل روسيا في معظم شؤون دول العالم مع ايران، بدءاً من اوكرانيا وصولا الى سوريا، وان الدعم الروسي والايراني للرئيس الاسد سمح له بالتصدي للارهابيين والصمود رغم المواقف الاميركية والدولية.
ولذلك، فان الحرب الدولية تشهد مناخا مختلف عن التحالف الدولية عامي 1990 و2003، ولذلك فان المواجهة ستكون كبيرة، خصوصاً ان الحرب ستكون مفتوحة على كل الاحتمالات مع تأكيد رئيس الاركان الاميركي ان الجيش الاميركي قد ينزل الى ساحة المعركة، وهذا اول تأكيد اميركي عن هجوم بري بالتزامن مع القصف الجوي، كما ان التأكيد الاميركي على دعم المعارضة السورية ضد نظام الرئيس بشار الاسد قد يفتح الامور على مواجهة مباشرة بين «الجبارين» في ظل وجود القواعد العسكرية الروسية في اللاذقية وطرطوس وتعزيزها مؤخراً ووجود الحرس الثوري الايراني في سوريا واللذين لن يسمحا بسقوط النظام السوري. وبالتالي فان الامور مفتوحة على كل الاحتمالات أذ ستدخل المنطقة مرحلة جديدة وخطرة، خصوصاً ان وجود «تنظيم الدولة الاسلامية» بات مهدداً في العراق وسوريا، وان التحالف الدولي اطاح القاعدة في افغانستان وسيطيح «داعش» في العراق وسوريا، رغم ان التنظيم بدأ استعداده للمعركة عبر توزيع مقاتليه لخوض «حرب عصابات»، بالاضافة الى بدء مغادرة الاهالي من مناطق تواجد «داعش». لكن السؤال ماذا بعد «داعش» وهل سيكتفي التحالف الدولي بالقضاء على «داعش» فقط، ام أن الامور ستتدحرج، باتجاه تصعيد القتال في سوريا وتسليم مناطق «داعش» التي سيتم القضاء عليها الى المعارضة السورية وعندها ستتوسع دائرة المواجهة وربما تطال لبنان ايضاً وجرود عرسال ودخول المنطقة كلها في حرب دولية جديدة. خصوصاً ان كل المؤشرات تؤكد ان الحرب الدولية قد تبدأ خلال ايام في العراق وسوريا وان الادارة الاميركية نفذت اول غارة على قواعد «داعش» بالقرب من بغداد.
المنطقة على فوهة بركان والجميع يتحضر، والاستنفار يطال الجيوش القريبة والبعيدة، وقد بدأت الدول المشاركة بالتحالف الدولي بارسال معداتها وستنفذ واشنطن غارات جوية على العراق وسوريا وارسلت 1000 استشاري عسكري وحاملة طائرات تحمل 65 طائرة، من بينها طائرات مقاتلة من طراز اف ـ اي ـ 18 وطائرات اباتشي ودون طيار، كما ستعمل على تدريب المعارضة السورية المسلحة. كما ارسلت بريطانيا طائرات تورنادو وهركليز وريفر جوينت الاستطلاعية وامدت الاكراد بالسلاح. اما فرنسا فأرسلت طائرات رافال القتالية، وسلمت الاكراد سلاحاً، اما النمسا فارسلت 600 استشاري و10 طائرات من طراز اف اي 18 وشاحنات وطائرات دعم جوي فيما تتحضر العديد من الدول لإرسال مزيد من الطائرات والجنود والاسلحة، في وقت بدأ الجيش العراقي و قوات البيشمركة الكردية امس هجوما عسكريا ضد داعش في محافظتي الانبار ونينوى بموازاة اول غارة نفذتها الطائرات الاميركية، اعلن البنتاغون ان الإجراءات التي سيستخدمها ضد داعش لن تحدها الحدود لأن مقاتلي التنظيم يتنقلون بحرية بين العراق وسوريا بحيث ستقدم الولايات المتحدة الدعم الاستراتيجي للقوات العراقية في مواجهة داعش وعلاوة على ذلك اشار البنتاغون الى ان القوات الاميركية ستضرب لاحقا معاقل للتنظيم في سوريا كما انه سيتم تدريب خمسة آلاف مقاتل من المعارضة السورية لمساعدته في مواجهة هذا التنظيم الارهابي. كما حذرت الإدارة الأميركية الحكومة السورية من عواقب اعتراض الجيش السوري للطائرات الأميركية التي تهاجم مواقع لتنظيم الدولة داخل الأراضي السورية. من جهة اخرى، اكد الرئيس بشار الاسد مع مبعوث رئيس الوزراء العراقي حيدرالعبادي أن مكافحة الإرهاب تبدأ بـ«الضغط على الدول التي تدعم وتمول التنظيمات الإرهابية في سورية والعراق وتدعي حاليا محاربة الإرهاب» و قد اعرب عن ارتياحه لمستوى التعاون القائم مع القيادات العراقية في مواجهة التنظيمات الإرهابية مشيرا الى أن هذا التعاون أثمر نتائج إيجابية على البلدين والمنطقة. ويذكر ان العراق كان قد ابدى اسفه لعدم مشاركة ايران في مؤتمر باريس.
من جهته، دعا تنظيم «القاعدة» الجماعات «الجهادية» في كل من العراق وسوريا إلى توحيد صفوفها لمواجهة ما وصفته «حلف الصليبيين والمرتدين»، الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم داعش.
في غضون ذلك، نقلت مصادر اعلامية تركية ان الجيش التركي عازم على اقامة منطقة عازلة محتملة على الحدود الجنوبية لتركيا حيث تواجه تهديدا من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.
وأعلن قائد عمليات الأنبار الفريق رشيد فليح أن الجيش العراقي بدأ عملية عسكرية واسعة النطاق لاستعادة السيطرة على قضائي عانة وراوة من يد تنظيم الدولة الإسلامية، مشيرا إلى أن العملية انطلقت من قضاء حديثة باتجاه القضاءين الواقعين غربي محافظة الأنبار.
و لفت القائد العسكري إلى أن مواجهات واشتباكات عنيفة دارت بين القوات العراقية والبيشمركية وعناصر تنظيم داعش لا تزال مستمرة امس على أطراف قضاء عانة لتحريره من يد التنظيم، ثم للانطلاق بعد ذلك باتجاه راوة لتحريرها أيضا. وفي السياق ذاته، قال ضابط برتبة نقيب في قوات البيشمركة الكردية امس، إن قواته تتقدم باتجاه مدينتين يسيطر عليهما التنظيم ، وتقطنهما أغلبية مسيحية، في محافظة نينوي، شمالي العراق. وتابع ان قوات البيشمركة تشن هجوما شرق الموصل بدعم جوي أميركي عراقي مشترك، وتستهدف مركز قضاء قراقوش ومركز ناحية برطلة. كما اشار الى ان قوات البيشمركية استعادت السيطرة على عدة قرى ابرزها قرية حسن شامى وقرية الشاقولية.
وزارة الدفاع الاميركية
بعد اول غارة نفذتها الطائرات الاميركية على داعش امس، صرحت القيادة المركزية الأميركية في بيان رسمي أن «الضربة الجوية جنوب غرب بغداد كانت الأولى في إطار جهودنا الموسعة التي تتجاوز حماية شعبنا والمهمات الإنسانية، إلى مرحلة ضرب أهداف داعش تزامنا مع مواصلة القوات العراقية هجماتها.»
قال وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل ان وزارته ستزيد الضربات الجوية ضد التنظيم وسترسل مستشارين وأفراد دعم إلى مشيرا إلى أن إجمالي عدد المستشارين وعناصر المخابرات والتقييم بالعراق سيصل إلى 1600 أميركي. وعلاوة على ذلك، اشار هيغل الى ان قواته ستضرب مواقع تابعة لتنظيم داعش في سوريا لافتا الى تدريب خمسة آلاف مقاتل من المعارضة السورية لقتال التنظيم.
وفي شهادة مشتركة مع رئيس هيئة الأركان المشتركة مارتن دمبسي أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، قال هيغل: «إن قادة الجيش يوافقون على التحرك فورا ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وإن التحالف ضده يجب أن يستخدم كل الأدوات المتاحة له». واكد هيغل ان داعش يشكل خطرا حقيقيا على الشرق الاوسط و على الدول الاوروبية الحليفة لواشنطن بما ان هذا التنظيم يستعمل اساليبا عسكرية وحشية.
واكد هيغل على وجود تحالف يضم أكثر من أربعين دولة عبرت كلها عن رغبتها في المشاركة بالحملة العسكري ضد داعش، لافتا إلى أن الاجتماع الإقليمي بجدة اتفق على معركة شاملة على جميع المستويات. وفي السياق ذاته، شدد وزير الدفاع الاميركي على: «اهمية المشاركة العربية والإسلامية لنجاح المواجهة ضد التنظيم والتطرف الذي يريد السيطرة على بلدانهم… لا بد أن تقوم شعوب المنطقة بتنقية أرضها من هذا اللون من الإسلام».
من جهته، قال رئيس هيئة الأركان بالجيش الأميركي، مارتن ديمبسي: «إن داعش يهدف للسيطرة على المناطق من جنوب إسرائيل وصولا إلى الكويت، مشيرا إلى أن بلاده ستقوم بضرب أهداف لتنظيم داعش في سوريا. واضاف: «أن المعارك المستقبلية في العراق قد تتطلب وجود قوات أميركية على الأرض للمساعدة في توجيه الضربات الجوية الأميركية لقوات المسلحين في تنظيم داعش».
وقد رحب الجيش العراقي بالغارة الاميركية واعتبر مسؤول عسكري ان الضربة مهمة. وان الغارة اصابت هدفا للتنظيم في منطقة صدر اليوسيفية جنوب غرب بغداد، وقال العميد قاسم عطا ان هناك تنسيقاً مع الاميركيين لتحديد الاهداف المعادية وضربها.
تحذير اميركي لسوريا
وقال مسؤولون أميركيون إن الطائرات الأميركية سوف ستستهدف أنظمة الدفاع الجوي السورية في حال هاجمتها خلال قصفها مواقع التنظيم الدولة في سوريا. واكدوا على ضرورة عدم تدخل الرئيس السوري بشار الأسد في المواجهات مع تنظيم الدولة الإسلامية، مشددين على أن واشنطن تعرف جيدا مواقع تمركز الدفاع الجوي السورية.
على صعيد آخر، نشرت عدة مواقع إلكترونية بياناً منسوباً لفرعي القاعدة في «المغرب الإسلامي» وفي «جزيرة العرب»، دعا فيه شعوب الدول العربية والإسلامية المشاركة في ذلك التحالف، إلى «البراءة من دعوات الحكام المرتدين، وعلمائهم الضالين المضلين، لمناصرة الأمريكان الكافرين على المجاهدين»
كما اوضحت تركيا، العضو بحلف شمال الاطلسي، انها لا تريد دورا على خط الجبهة في ائتلاف عسكري تحاول الولايات المتحدة تجميعه لقتال متشددي الدولة الاسلامية في كل من العراق وسوريا.
الى ذلك، اعتبر هنري كيسنجر ان هدف داعش هو إذلال أميركا وإظهارها بمظهر العاجز أمام كل شعوب الشرق الأوسط حتى عن حماية مواطنيها. وحذر في الوقت عينه من بذل الجهود لجمع تحالف دولي من أجل مقاتلة التنظيم الذي قلل من أهميته معتبرا أنه لا يضم سوى مجموعة من المطرودين من القاعدة
سجال اميركي ـ ايراني
من جهة ثانية تواصل السجال الاميركي – الايراني على خلفية اصرار واشنطن على ابعاد ايران عن اي تحالف دولي لضرب الارهاب والتأكيد بانها ترفض التنسيق مع ايران فيما حذر قائد الحرس الثوري الايراني واشنطن من انها ستندم لمشاركتها في الهجوم على سوريا.
شكك قائد الحرس الثوري الايراني اللواء محمد علي جعفري، في جدية ما تعلنه الولايات المتحدة من نيتها القضاء على «داعش»، واشار الى ان اميركا اعلنت الحرب على «داعش» وما زالت تقدم الدعم لجماعات مسلحة اخرى، مؤكدا انها ستندم لمشاركتها في الهجوم على سوريا.
وقال اللواء جعفري، في مؤتمر صحافي امس في اجواء ذكرى تأسيس القوات الجوية والبرية والبحرية للحرس، ان الجمهورية الاسلامية عارضت «داعش» منذ اليوم الاول وقدمت الدعم لسوريا لمواجهته، واكد ان ايران لم تكن لتشارك في تحالف بقيادة اميركا فيما لو دعيت لذلك.
واعتبر القائد العام للحرس الثوري ان التواجد الاميركي في العراق يهدف لدعم الاكراد في شماله.