Site icon IMLebanon

بعد «إخراج» الفاخوري.. من يملك السر؟

 

قبل ساعات على إطلالة الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، وبعد ساعات على إخراج عامر الفاخوري من لبنان، تلاحقت المواقف الدراماتيكية وتقدّمتها استقالة رئيس المحكمة العسكرية العميد الركن حسين عبدالله، على وقع حملات إعلامية واتهامات متبادلة، بعدما تبرأ السياسيون من قرار الإفراج عنه وتجاهلوا ما يقول به القانون. وعليه ما الذي يمكن استشرافه، ومن يملك السر؟

 

في غياب الشفافية التي رافقت قضية الفاخوري منذ دخوله لبنان وحتى توقيفه والإفراج عنه، لا يمكن الفصل بين ما هو سياسي وما هو شعبوي وما هو قضائي وقانوني. ووسط هذه «المعمعة» لم تتوقف المناقشات الحامية، بما رافقها من تهديدات، امام الظروف القانونية والقضائية التي احترمتها المحكمة العسكرية حتى النهاية شكلاً ومضموناً.

 

لا يخفي احد الخبراء القانونيين، الذي امضى سنوات عدة يلاحق ملفات الموقوفين امام المحكمة العسكرية، امتعاضه من بعض المواقف التي تؤلّب الرأي العام على المحكمة، والتي قادت الى استقالة رئيسها. وكذلك لا يخفي أسفه للتهديد بإجراءات قد يُقدم عليها «حزب الله».

 

ويدعو هذا الخبير القانوني، إلى التوقف ملياً امام مضمون تغريدة نائبة رئيس الحكومة وزيرة الدفاع زينة عكر عبر «تويتر»، والتي تعهّدت بالسعي الى «إعداد وإقرار تعديل لقانون العقوبات، بما يحول دون تطبيق مرور الزمن على أعمال العدوان على لبنان (المواد 273-274-275)، وأيضاً إدخال الجرائم ضد الإنسانية ضمن أحكامه، وهي بالمفهوم القانوني العام غير مشمولة بمرور الزمن».

 

ويضيف: «انّ فهم ما قالته الوزيرة عكر يستدعي الرجوع الى الظروف التي تزامنت، وعودة الفاخوري الى بيروت مطلع ايلول الماضي، متسلّحاً بإسقاط الملاحقة بحقه بفعل مرور الزمن العشري للجرائم المُرتكبة، وشطبه من لائحة المطلوبين. فالقانون وفرّ له العودة الآمنة. واكثر ما كان يمكن ان يتعرّض له، حضوره راضياً امام مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، وإذا ارادت مديرية المخابرات الاستماع الى إفادته فلا حرج. لكن كل ذلك لا يؤدي الى توقيفه. ولذلك، فإنّ ما حصل شكّل خروجاً على ما يقول به «الإنتظام العام». فالضجيج الاعلامي وما قاد اليه من ضغوط، ذهب بالبعض الى ابعد مما يقول به القانون عند توقيف الفاخوري، من اجل استيعاب ردّات الفعل التي قد تكون منطقية وربما العكس».

 

ولا يتجاهل الخبير القانوني التشديد على نظرية، انّ تمييز حكم المحكمة العسكرية الدائمة، الذي أقدم عليه مفوض الحكومة لدى محكمة التمييز العسكرية القاضي غسان الخوري، بناءً لطلب المدّعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، لا يمنع تنفيذ قرار اخلاء سبيل الفاخوري بعد وقف التعقبات في حقه، ولا قرار قاضي الأمور المستعجلة في النبطية احمد مزهر له اي مفاعيل قانونية، في اعتباره صادراً عن جهة غير صالحة، وهي نظرية لا يختلف رجلا قانون على دقّتها وصحتها بكل مفاعيلها القانونية والقضائية».

 

ويختم الخبير القانوني بالقول: «انّ المخرج يكمن في تغيير القوانين، خصوصاً ان عاب عليها البعض التناقض مع ما تقول به الاتفاقات والمواثيق الدولية بدلاً من ملاحقة رئيس المحكمة العسكرية والتهديد المبطن بإحياء النقاش حول كل ما رافق وصول الفاخوري الى لبنان وخروجه منه، وكأن هناك جهازاً آخر غير أجهزة الدولة ومحكمة غير المحكمة العسكرية».

 

والى هذه المعطيات القانونية والقضائية التي لا يجب تغييبها عند النقاش في ملف شائك مثل هذا الملف، فإنّ الكواليس السياسية تعج بتقارير ديبلوماسية بدأت تلقي الضوء على كثير مما هو غامض في هذه القضية، وتعتبر انّه من الخطأ حصرها بأبعادها الداخلية اللبنانية، وكأنّ الامر تمّ التخطيط له في بيروت، وانّ ما جرى كان محصوراً بتلبية طلب اميركي للإفراج عن مواطن يحمل الهوية الاميركية، بعدما اعتبره الرئيس الأميركي دونالد ترامب «محتجزا» في بيروت»، وقال آخرون، انّه «مخطوف» لدى «حزب الله».

 

وتضيف التسريبات الدبلوماسية، «انّ المفاوضات كانت جارية بين طهران وواشنطن وعواصم وسيطة أخرى. وقال احد التقارير، انّ السفير السويسري في طهران السيد ماركوس كيتنر زار واشنطن مرات عدة أخيراً، ضمن مبادرة يمكن ان تؤدي الى ترتيبات، تسهّل حصول ايران من صندوق النقد الدولي على 5 مليارات دولار لمواجهة ازمة الكورونا، بالإضافة الى امكان تزويدها مساعدات للتخفيف من وقع الكارثة التي تعيشها، وربما شملت المبادرة قضايا أخرى، لا يقتصر تنفيذها على ما جرى في لبنان، لتزامن ما حصل مع الإفراج عن اميركي آخر في ايران.

 

واياً كانت ردّات الفعل على خطاب نصرالله، فإنّه ليس مستغرباً انّ ما جرى سينعكس على علاقات الحزب بكثير من حلفائه من اهل الحكم والحكومة، وربما امتدت التداعيات الى مؤسسات اخرى. فحذارِ من التمادي في اللعب بالنار في زمن الكورونا والإفلاس. فالعالم يشهد سنوياً على عمليات مماثلة. ومن أراد الإطلاع على بعضها فليستخدم «غوغل» ويخفّف من اجواء التعبئة الداخلية التي تُنذر بالأسوأ.