والسلطات السياسية والقضائية مطالبة بأجوبة عن «الفضيحة»
لا يتوقع أن تهدأ تداعيات العاصفة التي أحدثتها صفقة الإفراج عن «جزار الخيام» العميل الإسرائيلي عامر الفاخوري الذي يرجح أنّ تكون أقلته طائرة أميركية خاصة من السفارة بعوكر، أمس، بالنظر إلى خطورة ما جرى، حيث برز بوضوح أن العهد استجاب للضغوطات الاميركية لكي يتم إطلاق سراح مجرم متهم بتعذيب وقتل لبنانيين أثناء الاحتلال الاسرائيلي للبنان، في حين طرحت أسئلة عديدة عن حقيقة موقف «حزب الله» وأطراف أخرى من هذه «الفضيحة» المدوية، وبالتالي فإن السؤال الذي يطرح، هل كان يمكن أن يفرج عن الفاخوري، لو كان الحزب معارضاً لهذه الخطوة؟ ولماذا استجابت السلطة للضغوطات الاميركية؟ وما هو دور وزارة العدل في ما خَص هذا الموضوع؟ ومن هو المسؤول عن انتهاك الاميركيين السيادة اللبنانية، وقيامهم بإخراج العميل الفاخوري بهذه الطريقة، بالرغم من صدور قرار قضائي بمنعه من السفر؟
وإذا كانت السلطة التي شاركت الأميركيين بهذه الصفقة المعيبة، تريد إبعاد كأس عقوبات كانت واشنطن تحضر لها ضد شخصيات مسيحية متعاطفة مع «حزب الله»، كما بات معلوماً، إلا أن ما جرى خلّف موجة استياء عارمة، ستأخذ أبعاداً متعددة في المرحلة المقبلة، بعد تجاوز مرحلة كورونا، سيما وأن طريقة تعاطي السلطات السياسية والقضائية مع هذا الملف، أثارت ردود فعل رافضة ومستنكرة لهذا التعاطي غير المفهوم من جانب الذين يفترض بهم أن يكونوا أمناء على سلامة وكرامة جميع اللبنانيين، لا أن يتم الزج في السجون لموقوفين، ظلماً وعدواناً وأن لا تجري محاكمتهم، بعد سنوات من توقيفهم، في حين يجري تهريب مجرمين من أمثال الفاخوري وغيره، ممن تعاملوا مع العدو الاسرائيلي، وارتكبوا أبشع الجرائم بحق اللبنانيين، فهذا لا يمكن أن يمر، ولا يمكن القبول به مهما كانت المبررات.
وتسأل أوساط سياسية، هل أن بهذه الأساليب الملتوية، نعزز الثقة بالقضاء وبدولة المؤسسات؟ وبالتالي ما هو مبرر الإبقاء على المحكمة العسكرية التي أساءت في قرارها إلى جميع اللبنانيين، بإفراجها عن الفاخوري المتهم بقتل لبنانيين بعد تعذيبهم على أيدي سيده الاسرائيلي؟ مشيرة إلى أن التداعيات لهذه الفضيحة لا يمكن التكهن بالنتائج التي ستتمخض عنها، باعتبار أن هناك الكثير من المتضررين مما جرى، ولذلك لا بد من إيلاء ملف الإسلاميين الموقوفين في السجون دون محاكمة، الاهتمام الذي تستحق. إذ لا يجوز أن يبقى هذا الملف دون معالجة، وأن يبقى هؤلاء دون محاكمة، في الوقت الذي تجرى وللأسف «مكافأة» العملاء بالإفراج عنهم، على شاكلة الفاخوري وسواه.
وتشدد الأوساط على أن موقف «حزب الله» يكتنفه الكثير من الغموض في ما يتصل بقضية الإفراج عن الفاخوري، بعدما كان الجميع يلحظ تشدده غير المسبوق من هذا العميل بعد توقيفه، وبالتالي فإن هناك تساؤلات كثيرة عن أسباب عدم اتخاذ الحزب موقفاً أكثر حزماً من هذه القضية، خاصة وأنه كان لدى الحزب كما تقول المعلومات، معطيات بإمكانية أن يصار إلى الإفراج عن «جزار الخيام»، بعد سلسلة الضغوطات التي تعرض لها لبنان في الفترة الأخيرة، وهو ما كان يثيره العديد من الموفدين الأميركيين لدى كبار المسؤولين، وآخرهم السفيرة الجديدة دوروثي شيا. فهل أن لملف العقوبات الأميركية على الحزب ومحسوبين على العهد، لها علاقة بهذه الفضيحة التي سترخي بثقلها على الوضع الداخلي في المرحلة المقبلة؟
وبالرغم من كل ما قيل ويقال في هذه القضية، فإن المطلوب من السلطات السياسية والقضائية، الإجابة عن كل التساؤلات التي طرحت، بشأن ملف الفاخوري، وكي لا يكون ما جرى مبرراً لعملاء آخرين على غرار الفاخوري، بأن يحذو حذوه بالعودة إلى لبنان، طالما أن هناك من يحميهم ويوفر لهم الأسباب الموجبة للخروج من السجن في حال توقيفهم.