Site icon IMLebanon

الحدت: عندما يحنّ العونيون إلى «حرب الإلغاء»!

لم يُلغِ فارق المسافة بين جونيه والحدت، حقيقة سعي الثنائي العوني ـ القواتي إلى حجبها قدر الإمكان لكي يبقى «التفاهم المسيحي» بخير.

كان يفترض بمنطق التحالفات، بعد موقعة زحلة، أن يُقدِم أولياء دفن أحقاد الماضي على تقديم نموذج إضافي عن «سحر» اتفاق معراب في توليد اللوائح، بحيث يخوض العونيون والقواتيون حرب تحديد الأحجام المسيحية، لكن هذه المرّة سويا بوجه الآخرين.

لجونيه أسرارها وقطبها المرئية والمخفية التي منعت تلاقياً، يجزم مقرّبون من ميشال عون أنه كان يمكن أن يُترجم على أرض الواقع لولا «تعنّت» جوان حبيش. لا انتصار نظيفا في عاصمة كسروان، لكن النتيجة جنّبت الرابية «الكارثة» فأبقت مفتاح جونيه بيد «الجنرال» وظهّرت أولى معارك العميد شامل روكز السياسية، وإلا كان ثمّة من سيخرج من صفوف العونيين ليجاهر بأن ليس فقط المال السياسي من أسقط عون على أرضه، إنما عناد مرشح جرّ «زعيماً» الى الهاوية. بالنتيجة، هناك سقط «تفاهم معراب»، كما لم يُكتب له النور في الحدت لاعتبارات وأسباب مختلفة تماماً عمّا جرّ كسروان الى «الحرب الكونية».

في بعبدا للأرقام دلالاتها، وتحديدا في الحدت، في وقت تلحّف فيه القضاء، بغالبية بلداته وقراه، بالعباءة العائلية والحسابات الشخصية والمناطقية والغرائزية. هنا يمكن القول ليس فقط إن تفاهم عون وجعجع وكأنه لم يكن، بل كأن عقارب الساعة عادت الى الوراء، تحديداً إلى «حرب الإلغاء» عام 1989!

كل ما رافق «محاولات» التوافق في الحدت التي سقطت سريعا كان يدلّ على أمرين أساسيين: سعي العونيين لبقائهم متحرّرين من كل التزامات التوافق «الفوقي»، ولولا «الحياء» لكانوا استغنوا حتّى عن المرشّح روجيه شرتوني المقرّب من «القوات» (غير ملتزم) الذي انضمّ الى لائحتهم. ثانياً، سعي القواتيين لمعركة إثبات الوجود مهما كلّف الأمر، فيما تردّد أنها معركة فرضها «قواتيو» الحدت على سمير جعجع وليس العكس.

وهكذا كان، لكن «التيار الوطني الحر» تجاوز بأشواط ما كان يمكن أن تبلغه التوقعات حيال نتائج الصناديق في الحدت. لنقل إنها «حرب إلغاء». فيوم كانت المواجهة في عزّها عام 2010 بين «التيار» و «القوات» ومشروع التفاهم كابوسا يقضّ مضاجع الطرفين، وحين كان «العوني» يشيطن «القواتي» والأخير يخوّن «اتباع الجنرال»، بلغ فارق الاصوات بين اللائحتين 600 صوت لمصلحة رئيس البلدية جورج عون الذي أخرج انطوان كرم من المجلس البلدي وجلس مكانه.

بعد ستّ سنوات، وفي ظل مسلسل «العشق المسيحي» والتفاهمات «الرومانسية» في بعض المواقع الحسّاسة، على رأسها زحلة وبيروت، سجّلت لائحة جورج عون، المدعومة من ميشال عون ونواب القضاء وهيئته الحزبية، في مرمى انطوان اسكندر المدعوم من «القوات» و «الكتائب» و «الاحرار»، هدفا ذهبيا بحيث بلغ فارق الاصوات 2185 صوتا، من أصل 6129 مقترعا جيّروا لعون نسبة 68% من الاصوات فيما نالت لائحة كرم نسبة 32%.

فارق هائل مقارنة بعدد المقترعين الذين سجّلوا نسبة عالية وصلت الى 50% مع ان المعركة محسومة سلفا، وهو واقع عادة ما يدفع الناخبين الى عدم الاقبال بكثافة على صناديق الاقتراع، لكن ليس في الحدت التي سُمع فيها العديد من العونيين يقولون: «بشري ليست عونية.. وعليهم أن يعرفوا ان الحدت ليست قواتية».

لا تنفي أوساط «التيار» طابع «الرسالة السياسية في البلدة التي شهّدت ألف حالة توقيف لشبابها». لكن أكثر ما استفزّ «البرتقاليين» ما اعتبروه «محاولة سرقة التيار من أهله».

يقول جورج حداد، عضو المجلس البلدي الفائز، والمعروف بكونه أحد مناضلي «التيار» أيام الوصاية السورية: «اعتقدوا أنهم بأخذهم ستّة عونيين على اللائحة سيترجمون تفاهم معراب على لائحتهم محاولين سرقة التيار من ميشال عون، لكن الردّ أسقط محاولتهم وحدد حجمهم وأكّد لهم بأن لا معارضة هنا والقرار واحد وفي مكان واحد»، مشيرا الى «ان من أسباب الفارق الكبير في الاصوات أيضا حملة التجنّي التي قامت ضد رئيس البلدية مما خلّف ردّة فعل لدى الناس».

ما زالت اللائحة الثانية في طور استكشاف أسباب «النكسة» من خلال القراءة الدقيقة للأرقام، إلاّ أن مصادرها تؤكّد ان المعاينة البسيطة على الارض كشفت ان رئيس البلدية سخّر كل طاقات البلدية من أجل إنجاح معركته، فيما كان عدد المندوبين هائلا، والمال لعب دوره في رفع نسبة التصويت والتحفيز على الانتخاب، ويكفي النظر الى اللافتات الاعلانية وعددها ونوعيتها».