ترقّب صيداوي لخطاب “14 شباط”… ونقاش حول إعادة ترتيب الوضع الداخلي
يترقب جمهور “تيار المستقبل” في مدينة صيدا كما اللبنانيون في مختلف المناطق اللبنانية، باهتمام بالغ المواقف السياسية التي سيطلقها الرئيس سعد الدين الحريري، في الذكرى السنوية الخامسة عشرة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، اذ يكتسب هذا العام أهمية خاصة بعد تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس حسان دياب، وتحول “التيار الازرق” الى “المعارضة” خلافاً لمعظم السنوات الماضية.
تدريجياً، بدأ “تيار المستقبل” يتقبل وجوده خارج الحكم، وتحوله الى “المعارضة”، وبين الاثنين ثمة مسافة شاسعة سيكون اعلان انتهاء “التسوية” مع “التيار الوطني الحر” أولى النتائج المتوقعة، في الخطاب المنتظر، الذي سيحدد “خريطة طريق” لنهج “المستقبل” في المرحلة المقبلة، وربما امتداداً لنهاية ولاية “العهد القوي” في العام 2022، ارتباطاً بالتطورات السياسية الاخيرة، واندلاع “الحراك الشعبي”، حيث كان التيار “مراقباً” في ايامه الاولى، يقرأ متغيرات المشهد، ثم “مشاركاً” بطرق مختلفة، في اعقاب تقديم الرئيس الحريري استقالته بعد 12 يوماً على شرارته في 17 تشرين الاول الماضي.
ترتيب ومراجعة
اليوم، يتوزع الاهتمام “المستقبلي” على مسارين: داخلي لاعادة ترتيب الوضع داخل “التيار” وإجراء مراجعة لكل المرحلة السابقة بمحكاتها المفصلية بعد اعوام 2005، 2010 و2016 وباتجاه الشأن العام وإعادة الحرارة للعلاقة مع الحلفاء. والوجهة بالاتجاهين سيحدد معالمها خطاب الرئيس الحريري في 14 شباط ومن بيت الوسط، حيث تعتبر أوساطه لـ “نداء الوطن”، ان حجم المشاركة سيشكل مؤشراً لعودة الزخم للتيار الأزرق و”ان ما بعد 14 شباط 2020 لن يكون كما قبله”. يؤكد المنسق العام لتيار “المستقبل” في صيدا والجنوب الدكتور ناصر حمود لـ “نداء الوطن”، ان “اختيار بيت الوسط هذا العام له رسالة بحد ذاته، ان البيت السياسي سيبقى مفتوحاً وسيكون شعبياً بعدما كان ذا طابع رسمي في السابق، ناهيك عن خطاب الحريري الذي نعتبره مفصلياً في تاريخ التيار وكل لبنان، حيث سيعلن موقفه بصراحة من “التسوية الرئاسية” الاخيرة التي انكسرت مع “التيار الوطني الحر”، ويفتح صفحة جديدة من العمل السياسي الذي نصبو اليه، والذي تتمسك به “الحريرية السياسية” وعنوانه “لبنان اولاً”، وقد وضع الرئيس الحريري خلافاته جانباً مع كل الافرقاء، من اجل مصلحة لبنان، ولكن للاسف بعض هؤلاء الفرقاء استخدموا التسوية لمصالح شخصية وفئوية”. وتوقع حمود، ان يدعو الرئيس الحريري الى تشكيل “جبهة معارضة” عريضة، اساسها الشباب الذي عاش همومهم وفهم مشاكلهم ومطالب الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في 17 تشرين الاول، حيث استقال نزولاً عند رغبتهم، وتقوم على اساس لبنان الحر ذي السيادة، بعيداً من الهيمنة بأنواعها، وسيكون للوضع الاقتصادي حيزاً كبيراً من الخطاب لان الوضع لم يعد يحتمل وبات مخيفاً، وعلى جميع الطبقات، لوقف الانهيار ووضع خطة طريق لتطبيق ورقة إصلاح اقتصادي على اعتبارها خشبة الخلاص”.
نقاش وموقف
ويدور في أروقة “التيار” وفق معلومات “نداء الوطن”، حوار ونقاش يتسمان بالكثير من المصارحة والشفافية، حول مجمل القضايا الوطنية والسياسية والاقتصادية والحياتية التي تقدمت الى واجهة الاحداث خلال الأشهر الأخيرة، ومقاربة “التيار” لها، وصولاً الى وضع “خريطة الطريق” الاستراتيجية لعمله، بدءاً باستقالة الرئيس سعد الحريري التي جاءت تلبية واحتراماً لإرادة الناس بالتغيير، مروراً بما حصل بعد الاستقالة وظروف تكليف الرئيس حسان دياب ثم تأليف الحكومة الجديدة، وانتهاء بجلستي الموازنة والثقة وسبب مشاركة “تيار المستقبل” فيهما رغم تصويته ضد “الموازنة والثقة”، على قاعدة أنه يؤمن بالإعتراض من داخل المؤسسات وليس من خارجها وحريص على استدامة عملها، وفق ما تؤكده رئيسة كتلة “المستقبل” النيابية النائبة بهية الحريري التي أعلنت خلال لقاء في مجدليون مع منسقية “تيار المستقبل” في صيدا، “اننا اليوم أمام مرحلة جديدة لا تشبه أي مرحلة سابقة، تتطلب منا كتيار ان نجدد ايماننا بالثوابت الوطنية التي آمن بها واستشهد من أجلها الرئيس رفيق الحريري وأن نفعّل حضورنا أكثر في كل الاستحقاقات ونعزز علاقتنا أكثر بالناس الذين لم نتعاط يوماً معهم إلا كشركاء، وان نذهب الى أطر ومبادرات وآليات عمل جديدة انطلاقاً من مراجعة وافية لكل الفترة السابقة لنؤسس لرؤية اكثر وضوحاً للمستقبل نتابع من خلالها مشروع رفيق الحريري مع سعد رفيق الحريري”.
والحريري التي توقفت عند ذكرى 14 شباط، اعتبرت ان “الحريرية هي نهج وقيم وثوابت وطنية ارساها الرئيس الشهيد ومدرسة في نبذ العنف ورفض الاحتكام الى السلاح وفي محاربة الجهل بالعلم وفتح الآفاق للأجيال، مدرسة آمنت بأن العلم هو الباب الوحيد للتغيير نحو الأفضل، وبالعدالة الانسانية والاجتماعية وعملت ولا تزال على ارسائها عبر مؤسسة الحريري على مساحة الأرض اللبنانية كلها، ومشروعنا هو مشروع بناء وطن ودولة المواطنة”.
شعلة التحرير
في المقابل، يستعد “التنظيم الشعبي الناصري” ومعه “جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية” و”القوى التقدمية” في المدينة لاحياء الذكرى الخامسة والثلاثين لتحرير المدينة من الاحتلال الاسرائيلي في 16 شباط من العام 1985، باحتفال يقام عند “ساحة الشهداء”، حيث يضيء “شعلة التحرير” هذا العام تحت شعار “من ثوار المقاومة الوطنية.. إلى ثوار الانتفاضة الشعبية.. الكفاح مستمر”، حيث سيلقي الأمين العام للتنظيم النائب الدكتور أسامة سعد كلمة بالمناسبة، سيجري خلالها مقاربة بين “المقاومة الوطنية” التي حررت الارض من دنس الاحتلال الصهيوني وقدمت التضحيات الجسام من شهداء وجرحى ودماء، وبين “المقاومة الشعبية” التي اندلعت في 17 تشرين الاول الماضي، بهوية وطنية جامعة، ثورة تطلب محاسبة كل مَن تسلّط على السلطة لسنوات، وتطلب الحقوق التي أهدرتها السلطات المتعاقبة وتطلب التغيير وحياة سياسية جديدة، ليخلص ان “الناس يريدون حلاًّ وطنياً وسياسياً آمناً لأزمات وانهيارات سياسية ومالية واقتصادية واجتماعية استفحلت واستحكمت.. فالكوارث والمآسي تتوالى فوق رؤوس الناس.. جميعها مؤشرات قوية لانفجار اجتماعي؟؟ الانفجار إن وقع لن يُبْقيَ أحداً في مكانه.