IMLebanon

الحريري في “الوقت الضائع”: العواصف ستهبّ كلّ يوم!

 

 

تدلّ الجولة السريعة في أرجاء حساب نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، على موقع تويتر، على كمّ وطبيعة المهمات التي توكل إلى نجل العاهل السعودي. كأن يحمل رسالة مباشرة من ولي العهد محمد بن سلمان إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أو أن يلتقي أبرز وزراء الدفاع في العالم. أما لبنان، فيغيب نسبياً عن سرب التغريدات التي يطلقها الأمير السعودي، باستثناء ما جاء على لسانه في ذكرى “14 شباط”. للمناسبة، اختار خالد بن سلمان استذكار رفيق الحريري “القائد الوطني” موجهاً أصابع الاتهام إلى “ميليشيات الغدر الإيرانية”. لكنه أهمل نجل الشهيد، سعد الحريري، في أصعب أيامه وأكثرها تأويلاً.

 

تغريدة ترفع من منسوب الالتباس – اللغز حول حقيقة موقف المملكة من رئيس حكومة لبنان السابق. كثيرة هي الروايات التي تنسج حول حيثيات “الجفاء” الذي يزيد من المسافات الفاصلة بين الحريري والديوان الملكي، في لحظة مصيرية يعيشها الرجل، طرحت السؤال حول مصير المظلة الاقليمية التي كانت تغطيه وتحميه منذ “ولادته سياسياً” قبل خمسة عشر عاماً.

 

ولكن العودة قليلاً إلى الوراء، وتحديداً إلى 24 كانون الثاني الماضي تظهر ما قاله نائب وزير الدفاع السعودي عن الحريري الأب والابن خلال مقابلة تلفزيونية حيث اعتبر أنّ “سعد الحريري ووالده (رفيق الحريري) كانا حلفاء للسعودية، وهما حلفاء للسعودية بالفعل، وسيستمران كحلفاء للسعودية”. لا يكتمل “بازل” المشهد السعودي إلّا من خلال إبراز حركة سفير المملكة في لبنان وليد البخاري الذي زار بيت الوسط مرتين متتاليتين خلال أقل من 48 ساعة، في خطوة أعادت ترميم صورة العلاقة المتصدّعة مع السعودية، لا سيما وأنّها ترافقت مع تسريبات تحدثت عن مواعيد قد تحدد من جديد لرئيس “تيار المستقبل” في الديوان الملكي.

 

بعد 15 عاماً على وقوع زلزال اغتيال رفيق الحريري، تكاد تكون المرة الأولى التي يكون فيها مصير وريثه السياسي، على المحكّ. بينما تمرّ المنطقة والبلاد في مخاض عسير من شأنه أن يغيّر كل المشهد الداخلي، بدت العواصف التي تحيط ببيت الوسط، لا تقلّ شأناً عن تلك التي تهدد كل “منظومة الطائف”. لا يعني خروجه من السلطة، ومن السراي الحكومي بالذات، في اللحظة التي تمرد فيها المارد الشعبي على كامل الطبقة السياسية حيث من شأن الانهيار المالي – الاجتماعي الكبير أن يأكل أخضر القوى التقليدية ويابسها، إلا بكون مصير الحريرية السياسية لم يعد مضموناً.

 

ولهذا توزّع التركيز يوم السبت الماضي، على ضفتين: مشهد بيت الوسط المتفجّر غضباً على العهد بـ”رئيسيْه”، ومشهد سوريالي نقيض لا تماس بين مكوناته سوى نفَسها المعارض لسعد الحريري. أمام ضريح رفيق الحريري، وقع “اشتباك الأخوين”، بهاء وسعد، وتحديداً بين مناصري الشقيقين، تزامناً مع بيان مكتوب سطره النجل الأكبر للحريري لم يوفّر فيه شقيقه من سيل الانتقادات ولكن من دون أن يسميه. اللافت أنّ هذا الحراك قاده المحامي نبيل الحلبي الذي سبق له أن تقدّم بترشيحه للانتخابات النيابية وحين قرر الانسحاب توجه إلى بيت الوسط ليعلن انسحابه عن دائرة بيروت الثانية بحضور النائب السابق عقاب صقر، داعياً “كافة الأهل والإخوة والأصحاب الذين وضعوا ثقتهم بنا، سواء في بيروت أو في المناطق، أن يبقوا مع هذا الخط”.

 

يقول مستشار بهاء الحريري، جيري ماهر (دانيال أحمد الغوش المحكوم غيابياً بالسجن سنة ونصف السنة بسبب اثارة النعرات الطائفية) إنّ “مفتعل الإشكال عند الضريح معروف تظهره الصور والفيديوات التي تم تصويرها، ولا علاقة للشيخ بهاء بمثل هذه الأفعال”، مشيراً إلى أنّ “المتظاهرين في ساحة الشهداء لم يصلوا إلى جانب الضريح بسبب وجود مفتعلي المشاكل والقوى الأمنية التي فصلت بين الجانبين”، موضحاً أنّ “الشيخ بهاء أصدر بيانه بعد التحركات وليس قبلها، وهذا يؤكد أننا لم ندعُ أي شخص للنزول إلى الساحة”. ونفى أي علاقة لبهاء الحريري “بمسألة الانقضاض على شقيقه سعد واسقاطه في الشارع”.

 

موقع الكتروني “أنتي – سعد”

 

في مقلب مختلف كلياً، كانت ولادة موقع “أساس ميديا” الالكتروني الذي انضمّ إلى باقة المواقع السياسية ولكن من باب معارضة الحريري، الواسع، نظراً لكونه يضمّ مجموعة لا بأس بها من الكتاب الذين وثّقوا منذ مدّة اعتراضهم على رئيس “تيار المستقبل”، و”على راس السطح”.

 

فهل من تقاطع بين “انبعاث” بهاء الحريري إلى الواجهة السياسية وبين انطلاق المنصة الالكترونية المعارضة لسعد الحريري؟ ولماذا هذا الانقضاض على رئيس “تيار المستقبل” يوم 14 شباط؟

 

يقول رئيس تحرير الموقع الزميل زياد عيتاني إنّ الموقع اختار يوم 14 شباط كونه حدثاً مفصلياً في تاريخ لبنان يرتبط بجريمة الاغتيال والتداعيات التي لا تزال تحاصرنا وتتحكم بيومياتنا، ولذا لا يمكن مقاربة هذا الحدث من دون المرور على تجربة سعد الحريري وسياساته طوال هذه الحقبة، بانجازاتها واخفاقاتها. ومن هنا كانت انطلاقة الموقع على شكل ملف متكامل تناول تلك المرحلة.

 

ولكنه يؤكد أنّ “الموقع الذي يعود تمويله إلى بعض المساهمين الذين يلتقون عند خط سياسي مشترك، منهم الوزير السابق نهاد المشنوق، لا يشكل جزءاً من حملة تشنّ ضدّ رئيس الحكومة السابق، ولو أنّ العديد من كتابه لهم ملاحظاتهم على الحريري. لكن اعتراضاتهم سابقة لنشوء الموقع ولأي تقهقر سياسي يتعرض له رئيس “تيار المستقبل” في هذه المرحلة”.

 

ولفت إلى أنّ “التحضير للموقع بدأ منذ أشهر، وتحديداً قبل 17 تشرين الأول، ما يؤكد عدم ارتباطه بأي أجندة خارجية أو داخلية”.

 

وفي هذا السياق نفى وجود أي تقاطع مع بهاء الحريري، كما يؤكد أيضاً جيري ماهر. يقول عيتاني: “لا بل يكاد يكون الموقع هو الوحيد الذي سجّل انتقاده لـ”العراضة” التي شهدتها ساحة الشهداء، بشكل يطيح بالنظرية حول مساهمة بهاء الحريري في المنبر الاعلامي الحديث الولادة”.

 

الردّ من بيت الوسط

 

بالنسبة إلى مؤيدي الحريري، أكثر ما يتوقفون عنده هو المزايدة في هذا اليوم الاستثنائي لاستثماره في السياسة. ولذا يعتبر الحريريون إنّ “مشهد بيت الوسط الذي اتسع يوم السبت لأكثر من عشرين ألف شخص، هو أكثر الردود تعبيراً على كل مظاهر الاعتراض من الأقربين قبل الأبعدين”. واذ يرفضون التعليق على الاشكال الذي وقع أمام الضريح، يعتبرون أنّ المنبر الاعلامي الجديد هو مساحة تعبير عن الرأي، لا يُنظر إليها على أنها جزء من حملة منظّمة، لينهوا بالقول: “كُثر حاولوا سابقاً اللعب على وتر العوامل المتغيرة داخلياً وخارجياً انتهى بهم المطاف يعترفون بزعامة سعد الحريري ومكانته، على أمل أن يتعلموا من هذه الدروس”.