دخل لبنان مرحلة جديدة ترفع من نسبة المخاطر سياسياً واقتصادياً مع تسمية الوزير السابق الدكتور حسان دياب رئيساً مكلفاً تأليف الحكومة.
هو حاز اللقب، فكيف سيمارس السلطة، إثر تغييرات كبيرة حصلت في المشهد السياسي الداخلي ستنعكس حكماً على طريقة تعاطي الخارج مع الوقائع الجديدة؟
التغيير الأبرز هو امتناع رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري عن تسمية من يخلفه، وهي القاعدة التي كان يصر عليها “الثنائي الشيعي” إذا لم يقبل هو بالقاعدة الأولى، أي عودته لتبوؤ المنصب، حرصاً على العلاقة معه بصفته الممثل الأقوى للسنة، ولأن تجربة التعاون معه في السنوات الثلاث الماضية كانت مرضية.
الأصوات الـ69 التي حصدها دياب تؤشر إلى عودة الاصطفاف القديم، بين “8 و14 آذار”، كان رئيس البرلمان نبيه بري يتجنبه. وفي انتظار تركيبة حكومة الرئيس المكلف، فإن التكليف جاء من لون واحد من خلال الكتل التي صوتت له، بما يشبه أمر عمليات كالسابق، فلا يشذ نائب عن التوجه المطلوب.
ما الذي حصل حتى انقلبت الأمور فتغيرت المقاربات بعد أن كان اجتماع الحريري مع بري انتهى إلى توزّع المهمات لتذليل العقبات من أمام تكليفه عقب تأجيل استشارات الإثنين الماضي بطلب من الأول نتيجة امتناع حزب “القوات اللبنانية” عن تسميته؟
وفق رواية الثنائي الشيعي أن بري عاتب الحريري على عدم استماعه لنصائحه منذ بداية الأزمة بعدم الاستقالة. وكرر بري للحريري طلبه أن يستمر في تولي المسؤولية، لكن الأخير شرح مدى الصعوبات التي عاناها في المرحلة السابقة جراء شروط رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل الذي لم يعد يحتمل، لأنه يعرقل عمل الحكومة والمعالجات المطلوبة، فضلاً عن العامل الجديد المتمثل بالحراك الشعبي. وجدد القول إنه ما زال على تفضيله حكومة اختصاصيين. استخدم بري حججه بدوره، ومنها أن الحريري كان وافق على المرشح سمير الخطيب ولم يمانع حيال صيغة حكومية تكنو- سياسية توصل إليها.
وانتهى السجال بينهما إلى توافق مبدئي على أن الحريري أكد تقديره الظروف التي يمر فيها البلد نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تحتاج حلولاً كبرى، وأنه لا يمانع الاستمرار في المسؤولية إذا كان تكليفه سيمر بموافقة مسيحية ولا سيما من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وإلا فلتتم تسمية غيره كما سبق أن اقترح. استبق “التيار الوطني الحر” جهود بري معه لإقناعه بالتصويت للحريري، بتأكيد عدم مشاركته في حكومة برئاسة الأخير، ما دفعه إلى إصدار بيانه بأنه غير مرشح لرئاسة الحكومة. فالحريري وجد يوم الأربعاء أن الذهاب إلى الاستشارات من دون وضوح في موقف الكتلتين المسيحيتين الرئيستين، يعني أن الكتل ستبقى خاضعة لتجاذب لا يضمن تسميته.
تقول رواية أوساط الثنائي الشيعي أن موفديهما وزير المال علي حسن خليل ومعاون الأمين العام لـ”حزب الله” حسين الخليل، التقيا زعيم “المستقبل” واقترحا عليه اسمين هما الوزير السابق الدكتور خالد قباني، لكنه لم يقبل به، ثم عرضا عليه إسم وزير التربية السابق الدكتور حسن منيمنة، فلم يوافق عليه. وحين اقترحا إسم الوزير السابق حسان دياب اعتبر أنه “قد يكون خياراً جيدا بالنسبة إليكم أنتم في انتظار رأي الحراك الشعبي”، ويتوقف إعطاء الثقة له على نوع حكومته.
في وقت يرى ناقلو الرواية أنه كان على الحريري أن يقبل بقباني أو بمنيمنة، فإن لأوساط “المستقبل” رواية أخرى بأن ما ينقل عن لقائه بري ليس دقيقاً. فهو كان اتخذ قراره ألّا يسمي بديلا منه لأنه إذا وضعت أمامه عراقيل عبر حكومة تكنو- سياسية، تؤدي إلى فشله، سيتم تحميله هو المسؤولية. ولذلك امتنع عن تأييد مقربين منه تاركاً الخيار للفريق الآخر.
فهل أراد “حزب الله” رمي التسمية في وجه ديفيد هيل رداً على ما يشاع أن واشنطن لا تريده في الحكومة بالتلويح بالاصطفاف القديم؟