حذّر الرئيس اللبناني ميشال عون «من تداعيات أي انفجار قد يحصل في لبنان، في حال تعذّر حل الأزمة في سورية وعودة النازحين إليها، لأن نتائجه لن تقتصر على لبنان فقط، بل قد تمتد إلى دول كثيرة»، مشيراً إلى «وجود مناطق سورية باتت آمنة تستطيع أن تستوعب جزءاً من النازحين في لبنان»، فيما اعتبر رئيس الحكومة سعد الحريري من روما، حيث التقى نظيره الإيطالي باولو جنتيلوني، أن «التدخلات في الشؤون الداخلية العربية غير مقبولة، وأن على إيران أن تلعب دوراً إيجابياً، وألا تساهم في الإخلال بالاستقرار» (للمزيد).
ووجّه عون رسائل إلى رؤساء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية التي التقى سفراءها أمس، مشدداً على معالجة لبّ أزمة النزوح وتداعياتها وعدم ربط عودة النازحين بالتوصل إلى حل سياسي في سورية. ونقل المكتب الإعلامي في الرئاسة اللبنانية عن عون قوله للسفراء: «كلما طالت مدة الأزمة السورية، تحوَّل ذلك سبباً لخلافات داخلية، حيث تظهر التباينات في الآراء حوله (النزوح السوري) وتتطور إلى خلاف حول الإجراء الذي سنتخذه لإعادتهم».
ورأى عون أنه «أصبح لزاماً على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بذل الجهود وتوفير الشروط الملائمة لعودة آمنة للنازحين إلى بلدهم»، مؤكداً أن «التعامل معنا بتعابير جيدة تكتفي بشكرنا لاستضافة النازحين لم يعد كافياً». كما عبّر عن خشيته من «ألا يتمكن لبنان من تحمّل أزمة النزوح أكثر مما تحمّله حتى اليوم». وقال: «لسنا مسؤولين عن الحرب في سورية، فلماذا نتحمّل نتائجها؟».
وكان الحريري قال لصحيفة «لا ريبوبليكا» الإيطالية: «أكبر خطأ سيكون ترك الأسد في القيادة، هذا أمر غير ممكن. يمكن التفكير بمرحلة انتقالية أو حلول أخرى، لكن عليه أن يذهب». وأمل «في خضم المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران، أن نتفادى أي تداعيات سلبية على بلدنا».
وجاءت مواقف عون والحريري في ظل تلبد الأجواء السياسية حول السياسة الخارجية والسجال حولها بين وزيري الداخلية نهاد المشنوق والخارجية جبران باسيل، وبين الأخير وبين نواب في «الحزب التقدمي الاشتراكي» و «اللقاء النيابي الديموقرطي» برئاسة وليد جنبلاط، أثارتهم تصريحات باسيل حول مصالحة الجبل، حين اعتبر أنها لم تتم بالعودة السياسية لمهجّري الحرب اللبنانية. وكان المشنوق انتقد إعطاء باسيل تعليمات بتصويت لبنان للمرشح القطري لإدارة «اليونيسكو» الجمعة الماضي، مقابل المرشحة المصرية، وفق أنباء نُشرت في هذا الصدد.
وتُضاف هذه الخلافات إلى تباينات علنية بين عون والحريري وفريق كل منهما وحلفائهما، حول مسألة التواصل مع الحكومة السورية من أجل إعادة النازحين، لتعكس افتراقاً جذرياً في الخيارات الخارجية بين أركان التسوية السياسية التي أتت بعون رئيساً، على رغم أن الحريري كان كرّر في روما قوله: «قرّرنا معاً أن نضع خلافاتنا جانباً، ونعمل سوية على الأمور الكبيرة أو الصغيرة التي يمكنها خدمة لبنان»، في حديثه عن وجوده و «حزب الله» كحليف لإيران، معاً في الحكومة التي يرأسها.
ويُنتظر أن ينعكس السجال حول القضايا الخلافية خلال الجلسة النيابية المنتظر عقدها اليوم على مدى 3 أيام لمناقشة مشروع موازنة العام الحالي وإقراره. وهي المرة الأولى التي يقر فيها البرلمان موازنة سنوية بعد انقطاع دام أكثر من 11 سنة، نتيجة الخلافات السياسية على مدى السنوات السابقة.