إذا كنت سعودياً تدافع عن السعودية بما أوتيت من إخلاص، وتبعاً لذلك أنت لا تثق في المتلونين من أرباب سوابق الاصطفاف إلى جانب أعدائها أو المحرضين على استقرارها، ولا تنطلي عليك حيل اعتذاراتهم، فإنك «وطنجي» بامتياز.
وطنجي، هي وصف استحدث أخيراً للتنفير من السعوديين الشرفاء، بعد خسارة معركة نبذهم بـ «الذباب الإلكتروني» و «الجامية» قبلها. إنها معركة خبيثة ضد كل كاشف لغطاء الخديعة، ممّن ضيّق الخناق على من اتخذوا وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي أداة تنخر مفاصل الوطن، تارة بالتهكم والانتقاص، وأخرى بالشائعات المغرضة التي تغتال ترانيم الأمل في المستقبل.
وطنجية، هم من غرسوا أقدامهم في تراب السعودية حتى الثبات، يوم أن عصفت في قلوب الآخرين رياح الشهوات والشبهات. إنهم الذين برهنت سنوات الربيع العربي الخدّاعة على أصالة معدنهم. هم السد المنيع الذي واجه بإمكانات فردية سيل الهجمات المنظمة العنيفة، التي باءت وتبوء أمام بنيانه الشاهق بالفشل.
هل تريد أن تعرف عنهم أكثر؟ هم أولئك الذين كانوا يشكلون الحلقة الأضعف حين كان صوت الإخوان المتأسلمين ورعاياهم من المناضلين «المترفين» هو الأقبح. هم الذين لم تزحزحهم أضواء الديموقراطية الزائفة إلى حيث ظلام التشرذم وتقطيع أواصر الوطن. إنهم الذين استقبلوا سهام البهتان بصدور عارية، واتُهموا بالسطحية والجهالة ونقص في «التمدن»، فقط لأنهم قالوا: «الله ثم الوطن والملك»، و «اللهم لا تغير علينا». هم نقيض أولئك المحللين من على سررهم المرفوعة في أبراج عاجية، فلا تجدهم إلا على الأرض يبذرون الانتماء بلا تعقيدات. هم الذين إن دعت الحاجة تقدموا صفوف الولاء والعطاء، ليقطف «المتسلقون» ثمار صلابتهم وقت الرخاء. إنهم أصحاب الرؤوس «اليابسة» حين يكون الوطن هو المحك، فلا تأخذهم في هتك أستار الملوثين لومة لائم.
هل عرفتهم؟ إنهم أولئك الذين لا يُعجبون «المتثيقفين»، لا لقلة في علمهم أو تدني معرفتهم، إنما بسبب أن الوطن عندما يعاني فإنه بالنسبة إليهم لا يقبل القسمة على التنظير ولا على «الفلسفة». قاعدتهم: «انصر وطنك ظالماً أو مظلوماً» ثم لكل حادث حديث.
بعد كل هذا يبرز سؤال مُلح وهو: هل هذا «الوطنجي» مضر بالوطن؟ يقولون إنه يخوّن مخالفيه، كما أنه متهور لا يقيس السياسة بالمسطرة والفرجار، وبأن فلتات لسانه تسببت في بُغض السعوديين! لا تصدق من يردد هذه «الترهات» وإن تعلق بأستار الحكمة، وإليك الأسباب، أولاً: مسطرة السياسة وفرجارها وأدواتها الهندسية جميعها في يد أولي الأمر من الساسة، وبناء عليه فإن «الوطنجيين» ليسوا مطالبين بالقياس من خلالها أصلاً. وإذا كنت جاداً في محاولة فهمهم فإن عليك العودة إلى قانون نيوتن الثالث، حيث كل فعل له رد فعل يساويه في الشدة ويعاكسه في الاتجاه، لتعلم بأنهم حربٌ على من حارب وطنهم في أي شكل من الأشكال، وسلم للمهتدين. ثانياً: بخصوص مسألة التخوين، فإن «الوطنجي» ليس له من سلطة على أحد، هو فقط «من فمك يدينك»، وقد قالت العرب قديماً: «يداك أوكتا وفوك نفخ»، فلا تلمه بل لُم أنفس أولئك الذين «يتنططون» بلا مبدأ بين أزقة المنتصرين.
ثالثاً وأخيراً: قل لي بربك متى كان السعودي والخليجي عامة مرضيّاً عنه؟ تعال أيها المتنطع بالعقلانية، من أصل 22 دولة عربية حدثني عن السبب الذي جعل 7 دول «فقط» بينها 4 خليجية، تقف مع السعودية في قرار الحرب «العادلة» في سبيل تحرير الكويت؟ وقل لي، لماذا كان «بعض» العرب يهتف: «بالكيماوي يا صدام من الخفجي للدمام»، يرجونه قصف السعودية بالغاز السام! ولماذا طعن «إخونج» السعودية بلادهم في ظهرها بحجة القواعد الأجنبية، ثم هم يحجون إلى قطر يسبحون بحمد أميرها من جوار أكبر قاعدة جوية أميركية في العالم!
دعك يا صديقي من القوالب المبتذلة والتصنيفات الرخوة، ثم تمسك بوصية الشيخ الأعرابي الحكيم إلى بنيه: و «اقتل قاتل الكلب» حبّاً في الوطن.