IMLebanon

الحريري لم يتبلغ بمخارج باسيل الحكومية ولقاؤه النواب الستة مرهون بما بعده 

بيروت – وليد شقير
قال مصدر مقرب من الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري لـ”الحياة” إن الأفكار التي يطرحها رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل كمخرج من عقدة اشتراط “حزب الله” توزير أحد النواب السنة الستة حلفاءه، ليست واضحة حتى الآن وفي كل الأحوال لم يصل منها شيء إلى الحريري نفسه.

وأوضح المصدر أن هناك تواصلا دائما بين باسيل وبين الرئيس الحريري الذي يعتبر مسعى الأول “جيدا وتحركا حميدا، لكنه لم يثمر للآن” (مساء أمس). ولم يستبعد المصدر أن يلتقي باسيل بعد عودته من زيارته الرسمية إلى صربيا، الحريري، “لكن ما يبدو حتى اللحظة أنه يحاول تسويق الأفكار التي يطرحها لدى الفريق الآخر قبل أن يتداول فيها مع الرئيس المكلف، إلا أن ظاهر الأمور يدل إلى أن العقدة ما زالت تراوح مكانها”.

ويلفت المصدر إياه إلى أن رئيس البرلمان نبيه بري لم يوضح للنواب الذين التقاهم أمس ماهية الاقتراح الذي قال إنها “آليات جديدة لحل المسألة”، آملا بأن تصل إلى نتيجة. لكن بعض التسريبات يشي بأن الاقتراح الذي أوحى بإمكان العمل عليه هو توزير عضو كتلة “التنمية والتحرير” التي يرأسها بري، النائب السني الوحيد في الكتلة قاسم هاشم، الذي هو في الوقت نفسه في عداد “اللقاء التشاوري” للنواب السنة الستة الذين يصرون على توزير أحدهم، ويدعم “حزب الله” موقفهم. إلا أن لا دلائل على أن الحريري يقبل بهذه الصيغة.
ودعا المصدر إلى التدقيق بما يقصده أحد النواب الستة، جهاد الصمد، بقوله أمس إنه “يمكن أن تتألف الحكومة اليوم إذا تنازل باسيل عن المطالبة بـ11 وزيرا وقبل بعشرة ونتمثل نحن بوزير”، موحيا بذلك أن المخرج عند رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

وحين سألت “الحياة” المصدر المقرب من الحريري عن صحة ما يتردد بأن الرئيس المكلف قد يستقبل نواب “اللقاء التشاوري” الذين طلبوا موعدا منه الأسبوع الماضي، من ضمن تصور مسبق لمخرج يمكن أن يحظى بموافقته، أجاب: “إذا كان استقبالهم مناسبة ليتحول إلى اعتراف بهم ككتلة قائمة بذاتها شيء وإذا كان استقبالهم من ضمن مخرج للحل شيء آخر”. وأضاف المصدر: “أما الكلام فوق السطوح بأن عليه أن يجتمع بهم وليصبح الأمر أشبه بالتحدي، فإن النواب الستة و”حزب الله” يحولون مسألة استقبالهم من وسيلة للحل إلى وسيلة لتفاقم الأزمة. فالحريري لن يرضخ لهذا المطلب تحت سيل الضغوط التي يتعرض لها والحملات التي توجه ضده. وعندما يقول أحد النواب الستة (الوليد سكرية الذي هو عضو في كتلة الوفاء للمقاومة أي “حزب الله”) أنه يعمل بإمرة المخطط الأميركي الإسرائيلي فكيف يركض هؤلاء النواب ليصبحوا وزراء في حكومة يرأسها من يتهمونه بالعمالة لإسرائيل وأميركا؟ وإذا كان هو مسؤولا عن الأزمات المالية والاقتصادية في البلد كما يقول هؤلاء ومعهم قياديون في الحزب، لماذا يريدونه رئيسا للحكومة”؟

واعتبر المصدر المقرب من الحريري “أنهم يحولون استقبال الحريري للنواب الستة مادة تصعيد للاشباك السياسي والصدام في البلد، وليس للحل. فهم يطلبون لقاءه ويدفعون أبواقهم إلى القول بأنه ليس مؤهلا لأن يكون رئيسا للحكومة”.

وعما إذا كان خيار الاعتذار من قبل الرئيس الحريري واردا في حال طالت الأزمة وبقي “حزب الله” على شرطه، أوضح المصدر لـ”الحياة” أن “هذا الخيار ليس أمامه أو على جدول أعماله المقبل، لكن يمكن أن يأتي وقت قد يفكر فيه”.

أوساط باسيل و”التيار”

في المقابل يقول مصدر في “التيار الحر” مطلع على تحرك باسيل، إن “المسعى المتواصل لرئيسه لن يتوقف، وإن الأمور ليست مقفلة، وما زلنا عند اعتقادنا بأن هناك حكومة قبل أعياد الميلاد ورأس السنة”. وأضاف: “هناك أمور تحتاج إلى معالجة بالشكل، وتعني الرئيس المكلف، تقود إلى معالجة المضمون. لا شك أن النواب الستة يتمتعون بتمثيل شريحة من الناخبين، لكن بالشكل مطلبهم غير محق لأنهم حين شاركوا في الاستشارات النيابية لتسمية الرئيس المكلف، ثم التي قام بها الأخير لتشكيل الحكومة، حضروا مع كتلهم النيابية التي فاوضت على حصص التوزير، ولا يمكن القول أن “اللقاء التشاوري الذي أنشأوه هو كتلة. فهم ما زالوا بمعظمهم في كتلهم الأساسية. ولا يمكن أن نتصور أن يخرج النائب قاسم هاشم من كتلة التنمية والتحرير ليصبح على الدوام في “اللقاء التشاوري” فهو السني الوحيد في كتلته، وهذا أمر له رمزيته التي يصر عليها بري وليس مستعدا لخسارتها. وكذلك الأمر بالنسبة إلى النائب الوليد سكرية الذي هو النائب السني الوحيد في كتلة “حزب الله” الذي عن طريق انضمامه إليها يرغب الحزب بالقول أن نوابه لا يقتصرون على الشيعة”.

ويسأل المصدر: ” بالشكل كيف تطلب من الرئيس المكلف أن يعين وزيرا كتلته حصلت على حصتها في الحكومة”؟ وهذا ينطبق على النائبين فيصل كرامي وجهاد الصمد اللذين ينتميان إلى “التكتل الوطني” بقيادة “تيار المردة”. والنواب الستة ليسوا كتلة حتى هذه اللحظة وتسمية “اللقاء التشاوري” لا تعني وجود كتلة نيابية”. وذكر المصدر ل”الحياة” أنه لا بد من مخارج تتناول الشكل أولا، وقد يكون استقبال النواب الستة أو بعضهم، واحدا من هذا المخارج، لكن لا بد للرئيس الحريري أن يعرف ماذا بعد إذا قرر أن يلتقيهم”.

وكانت أوساط مطلعة أفادت “الحياة” أن بري نصح الحريري باستقبالهم حتى لوكان سيبلغهم تعذر تمثيلهم، للأسباب التي سبق أن عرضها، ليجري بعدها العمل على المخرج بمسعى يشارك فيه رئيس البرلمان.

3 مخارج؟

ويرى وزير في حكومة تصريف الأعمال لـ”الحياة” أن هناك 3 مخارج ممكنة: الأول هو رفع عدد أعضاء الحكومة من 30 إلى 32 وزيرا، بحيث يتمثل العلويون والأقليات المسيحية، فتحصل كتلة الرئيس نجيب ميقاتي على الوزير العلوي (النائب علي درويش) من كتلته الرباعية، بدل اتفاقه مع الحريري على الوزير السني الذي توافقا على تسميته، ويحصل الرئيس عون على الوزير المسيحي الإضافي. لكن الحريري لا يوافق على زيادة عدد الوزراء (ويتردد أن بري أيضا ليس متحمسا لذلك). والمخرج الثاني هو أن يسمي الرئيس عون الوزير السني الذي يمكن أن يكون قاسما مشتركا بينه وبين “حزب الله” والنواب السنة حلفاءه، بدلا من الوزير السني الموالي له، وأن يحصل الحريري على وزير مسيحي بدلا منه. لكن عون ليس بوارد التخلي عن وزير من حصته. والثالث أن يتخلى عون عن الوزير السني الذي كان بادله مع الحريري مقابل مسيحي للأخير، على أن يعين هو وزيرا من النواب الستة أو من يوافقون عليه.

واعتبر الوزير نفسه أنه لا يمكن الطلب إلى الحريري التنازل أكثر مما فعل. فهو عند بدء المفاوضات انطلق بمطلب الحصول على 7 وزراء بينهم مسيحي إضافة إلى 6 سنة، ثم انخفضوا إلى ستة، ثم إلى خمسة بعد توزير من اقترحه ميقاتي. فهل يعقل أن يقتصر عدد الوزراء من حصته على أربعة الآن؟ في هذه الحال يكون عدد وزرائه مع الوزراء الحلفاء المفترضين له، أي مع “القوات اللبنانية” و”الحزب التقدمي الاشتراكي” 10 وزراء فقط، بحيث تتأمن أكثرية الثلثين للتحالف العريض الآخر. وهذا أمر يشل قدرته على الحركة في مجلس الوزراء بما فيها مسألة التعيينات الإدارية”.

ويسأل الوزير نفسه:” إذا كان تنازل الحريري مطلوبا للانتهاء من الفراغ الحكومي الذي يضع البلد أمام مخاطر كبرى اقتصاديا وماليا، فمن يضمن ألا تنشأ عقد أخرى تعطل تأليف الحكومة بعدها؟

ويتخوف الوزير نفسه من أن الكلام العالي النبرة من قبل “حزب الله” يدل إلى أن الهدف من تعطيل الحكومة في هذه الحال هو “أكثر من المطالبة بوزير إضافي، لأن الأمر مرتبط بحسابات تتعدى لبنان إلى قرار بتعطيل البلد في مواجهة الضغوط الأميركية على إيران، التي ترد في الساحات العربية كلها بما فيها لبنان. ولهذا بعد آخر قد لا ينفع معه البحث عن مخارج”.