“التشاوري” يحمل على الحريري ويغمز من قناة عون و”المستقبل” يدعو إلى “الصبر“
حملة قوى 8 آذار لتأجيل قمة بيروت وأزمة الحكومة تؤسس لاشتباك سياسي مع رئيس الجمهورية
يوما بعد يوم تتداخل المواقف حيال أزمة تأليف الحكومة مع الحملة المتصاعدة لقوى 8 آذار الحليفة لسورية الداعية إلى تأجيل القمة العربية الاقتصادية التي تستضيفها بيروت في 19 و20 الجاري، بسبب عدم دعوة سورية إليها، وتتعمق القناعة لدى أوساط سياسية معنية بأن سبب تأخير الحكومة خارجي، لا سيما بعد قول رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس إنه “يأسف لعدم تخلصنا من التأثيرات الإقليمية داخليا”.
وتقول مصادر سياسية واسعة الاطلاع ل”الحياة” إن الحملة لتأجيل القمة والإصرار من قبل فريق 8 آذار يتقدمه رئيس البرلمان نبيه بري على دعوة سورية، ترسم ملامح اشتباك بين هذا الفريق وبين فريق الرئيس عون الذي أكد مطلع الأسبوع انعقادها في موعدها على رغم أن الحكومة في حالة تصريف الأعمال، خصوصا أنها تتزامن مع انتقادات موجهة إلى فريق الرئيس و”التيار الوطني الحر” في شأن الأزمة الحكومية، لسعيه إلى الحصول على الثلث المعطل في الحكومة كأحد أسباب تأخير المخارج التي طرحت لتمثيل النواب السنة الستة الحلفاء لسورية و”حزب الله”.
ويضاف إلى موضوعَي الاشتباك هذين، حسب المصادر، دعوة بري إلى اجتماع حكومة تصريف الأعمال لإقرار موازنة 2019، مستندا إلى سابقة عام 1969، في وقت لا يبدي “التيار الوطني الحر” حماسة للخطوة التي انتقدها مجلس المطارنة الموارنة ودعا إلى تشكيل الحكومة بدلا من الإقدام تفعيل الحكومة المستقيلة.
ولفتت المصادر “الحياة” إلى أن “ما يعزز الاستنتاجات التي تربط بين المطالب التوزيرية لقوى 8 آذار التي تسبب الأزمة الحكومية، وبين إلحاحها على انفتاح لبنان الرسمي على سورية، ما صدر من معلومات صحافية عن انزعاج سوري وإيراني من الرئيس عون لأنه لم يزر طهران أو دمشق منذ توليه الرئاسة قبل أكثر من سنتين”.
ويتخذ الرئيس المكلف سعد الحريري موقفا حذرا إزاء الدعوة إلى عقد جلسة لحكومة تصريف الأعمال إذ أن الحاجة إلى إقرار الموازنة في ظل الوضع المالي الصعب مبررة لضبط المالية العامة، فيما يحسب حساب موقف الرئيس عون الذي من صلاحياته الاطلاع على جدول الأعمال وبالتالي هو شريك في الأمر. وقال الحريري أمس، ردّاً على سؤال حول إمكانية تفعيل الحكومة: “كل شيء ممكن”. وعن جلسات حكومية لاقرار موازنة 2019، قال الحريري “الموضوع قيد التشاور”.
“حزب الله” ومقاطعة “إن بي إن”
ونسبت “وكالة الأنباء المركزية” إلى اكدت مصادر “حزب الله” قولها في شأن دعوة بري إلى تأجيل القمة الاقتصادية “إننا دائماً نؤيّد مواقف الرئيس بري، الا اننا لا نريد الدخول في سجال في هذا الموضوع”.
وأوضحت مصادر الحزب “أننا مع تفعيل حكومة تصريف الاعمال، لكن بجدول اعمال من بند وحيد: اقرار الموازنة”، مشيرةً في هذا المجال الى “ان مشاورات تشكيل الحكومة مكانك راوح”.
وذهب تصعيد بري ضد انعقاد القمة الاقتصادية إلى درجة إعلان رئيس مجلس ادارة قناة nbn (الناطقة باسم حركة “أمل”) قاسم سويد، في بيان بأن “إدارة القناة اتخذت قرارا بمقاطعة التغطية الاعلامية للقمة التنموية الاقتصادية العربية في حال انعقادها في بيروت في 19 من الشهر الجاري كما هو مقرر”.
وأشار الى أن “قرار الـnbn بالمقاطعة الاعلامية لفعاليات القمة يأتي انسجاما مع الدعوات لتأجيلها بسبب عدم دعوة الشقيقة سورية إليها وعدم الدخول في لعبة التجاذبات والترويج الإعلامي لتصفية الحسابات العربية العربية على أرض لبنان”.
أحمد الحريري و”التروي والصبر ”
وقال الأمين العام ل”تيار المستقبل” أحمد الحريري إن “اللحظة السياسية في لبنان والمنطقة صعبة، تتطلب التروي، وأي قرار يأخذه الرئيس سعد الحريري هو لحماية الناس، من ضمن القراءة الواسعة لأوضاع المنطقة والجوار”.
وشدد على “ثوابت الرئيس الحريري في تأليف الحكومة بأنه “لن يشكل إلا حكومة ائتلاف وطني تراعي مقتضيات المرحلة، ولن يقبل بأي مساس بصلاحيات رئيس الحكومة، والتأليف يتم وفق شروط الدستور بالتنسيق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف”.
وأكد أن “الرئيس المكلف لن يرضخ لأي ابتزاز في تأليف الحكومة”، مشيرا إلى محاولات لفرض أعراف جديدة من خارج الدستور”، وإلى ان “الرئيس الحريري تصدى لكل المحاولات التي كان هدفها ضرب العلاقةبين الرئاستين الاولى والثالثة”.
ضمانة “سيدر”
وشدد على “أن الرئيس الحريري أثبت أنه حاجة وطنية، لضمان الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والامني. وأثبت أيضا أنه ضمانة مؤتمر “سيدر”، بخلاف ما يقول البعض بإن الحكومة حاجة حريرية، وأن الحريري بحاجة لها ويمكن أن نأتي به ضعيفا وفق شروطنا”.
واعتبر أن “حصة الطائفة السنية ليست مشاعا لأحد كي يقرر فيها، وخيرا فعل الرئيس الحريري باستعادة العلاقة مع الرئيس نجيب ميقاتي، لأن جمع الصفوف يعطينا زخما وقوة”.
وشدد على أن “كل الحملات على الرئيس الحريري لن تقدم ولن تؤخر، واي اقتراحات أو أفكار تخرج عن خارطة الطريق التي حددها لا حياة لها، كتلك التي يتم ترويجها مؤخرا عن حكومة الـ 32 وال 36. المهم الثبات، والتحلي بالنفس الطويل. ورأى أن تحميل الرئيس المكلف مسؤولية التأخير محاولة لحرف الانظار عن الخلاف الذي تصاعد بين “حزب الله” والتيار الوطني الحر”.
وختم بالدعوة إلى “الصبر والهدوء والحكمة والالتفاف حول الرئيس سعد الحريري . مررنا بظروف اصعب . هذه المرحلة ليست أصعب من 14 شباط، ورغم ذلك استطعنا ان نبقى واقفين على اقدامنا بعد 14 شباط”.
“التشاوري”: تأجيل القمة والتنازل المشروط
وتدرجت المواقف في موضوعي الحكومة والقمة أمس فعقد “اللقاء التشاوري” للنواب السنة المستقلين اجتماعا في دارة الرئيس عمر كرامي في حضره الى النائب فيصل كرامي، النواب عبد الرحيم مراد، جهاد الصمد، الوليد سكرية، قاسم هاشم، وعدنان طرابلسي. وأكد بيان صدر عن النواب الستة أن “عقد القمة العربية الاقتصادية التنموية تحت شعار الازدهار للسلام وتجنب دعوة سورية بذريعة أن المسؤولية تقع على الجامعة العربية في دعوة الدول للحضور، أمر لا يخدم لبنان الذي اعتمد سياسة النأي بالنفس ظاهرا في الخلافات العربية، وهو ذو مصلحة في العلاقة المميزة مع سورية كما نص اتفاق الطائف، وبناء عليه ان اللقاء يرى انه لا بأس في تأجيل القمة الاقتصادية ريثما تستعيد سورية مكانها الطبيعي في جامعة الدول العربية”.
وعن أزمة تأليف الحكومة أوضح “اللقاء التشاوري” أنه “لم يطالب رئيس الجمهورية بالتنازل عن وزير من حصته، وإنما أتت المبادرة من فخامة الرئيس، لكن فوجئنا بأن التنازل كان مشروطا، ما ينفي عنه صفة التنازل. وبعد تعثر المبادرة حاول البعض إحياءها بأشكال وتوليفات متعددة دون أن يجري الاتصال بنا ومن دون اطلاعنا على اي طروحات جديدة”. (المقصود رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل)
وأكد “التشاوري” أنه “غير معني بأي أفكار أو طروحات أو مبادرات قبل أن تطرح عليه ويناقشها ويبدي رأيه فيها، والمفتاح الوحيد للأبواب الموصدة أمام الحكومة هو بيد الرئيس المكلف”. ووانتقد “التشاوري” الحريري و”عدم ممارسة صلاحياته الدستورية، متمنين على سعاة الخير وأصحاب الافكار أن يكفوا عن مساعيهم الحميدة ويتركوا الرئيس الحريري يحل مشاكله بما يمليه عليه الدستور”.
لكن “اللقاء التشاوري” أشار إلى أن “موقفه ايجابي تجاه المبادرة الرئاسية، التي تقضي بتوزير أحد الأسماء الثلاثة التي طرحها اللقاء من خارجه، وإلا العودة الى اختيار أحد أعضاء اللقاء السنة، على أن يكون الممثل الحصري للقاء التشاوري في الحكومة”.
وقال كرامي:”نحن لا نعلم أي شيء عن المبادرة، وأين اصبحت؟ لم نبلغ بأي شيء”.
وطالب الحريري بأن أن يبادر “فهو الرئيس المكلف، والحريري خلاق وقادر على إيجاد الحلول”.هو المسؤول عن تشكيل الحكومة، ورئيس الجمهورية يوافق على التشكيلة التي يضعها الرئيس المكلف،
وعما إذا كلامه يعني أن لا حكومة؟ أجاب: “لسنا مسؤولين عن الأمر، فالمسؤولية تقع على غيرنا، ولست أنا من يشكل الحكومة، فاسألوا لرئيس المكلف”.
وختم بالتساؤل: “ما المشكلة اذا تأجلت القمة الاقتصادية أسبوعين او ثلاثة فاتفاق الطائف يقول بأفضل العلاقات مع سورية، التي يجب دعوتها إلى القمة الاقتصادية”.
تحرير لبنان من التزامات عربية
وصدر عن “لقاء الاحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية” الذي يضم “حزب الله” وحركة “أمل” وسائر أحزاب 8 آذار، بيان شدد على أن “عقد القمة العربية الاقتصادية في بيروت من دون دعوة سورية إليها، لاقيمة له وليس من مصلحة لبنان السياسية والاقتصادية في الوقت نفسه، فلبنان بأمس الحاجة لهذا الحضور لتكون القمة هي المدخل لمشاركته في إعادة إعمار سورية ودعوة العرب إليها من البوابة اللبنانية، بحيث يقطف لبنان ثمار هذه العودة ولا يكون بالتالي آخر من يعود إلى سورية.
ودعا “لقاء الأحزاب” الرئيس عون إلى المبادرة لتحرير لبنان من أية إلتزامات عربية تتعارض مع مصلحته المباشرة، بما خص عقد قمة على أراضيه لا تدعى إليها سورية، لا سيما أن لبنان نأى بنفسه عن قرار الجامعة العربية بفرض الحصار على سورية”.
حرب وسعيد
وغرد الوزير السابق بطرس حرب عبر حسابه على موقع “تويتر” قائلا: “سامح الله من ورط لبنان باستضافة القمة العربية الاقتصادية في هذا الظرف السياسي العربي الدقيق. إنه زمن الارتجال وقصر النظر بكل أسف”.
أما النائب السابق فارس سعيد فغرد قائلا: “يجب عدم دعوة سورية الى القمة الإقتصاديّة العربية في بيروت وعلى نظام الأسد أن يفعل الكثير حتى يقبل به نظام القيم الإنساني”.